توصية باستكمال إجراءات فتح بنك "نيشتمان" الحكومي.. هل تشارك بغداد احتياطاتها النقدية مع أربيل؟
انفوبلس/ تقرير
خلال الجلسة السابعة عشرة لسنة 2023 للمجلس الوزاري للاقتصاد في حكومة بغداد، صدرت توصية بأن يقوم إقليم كردستان باستكمال إجراءات فتح بنك نيشتمان (الوطني) الحكومي من أجل ربط جميع المصارف في العراق وفق منظومة موحَّدة، ذلك بحسب بيان لوزارة الخارجية العراقية.
"نيشتمان" سيلعب دوراً مهماً في إنعاش القطاع المصرفي في إقليم كردستان وإعادة تنظيم عمل جميع المصارف في إطار بنك وطني واحد متطور وعصري.
وقال البيان الذي ورد لـ"انفوبلس"، إن " نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجيَّة فؤاد حسين، ترأس يوم الإثنين المُوافق 5 أيار 2023، الجلسة السابعة عشرة للمجلس الوزاري للاقتصاد، بحضور نائب رئيس مجلس الوزراء وزير التخطيط ووزراء الماليَّة والتجارة والصناعة والزراعة والعمل والشؤون الاجتماعية ومحافظ البنك المركزيّ العراقيّ ورئيس الهيئة الوطنيَّة للاستثمار ومستشاريّ رئيس الوزراء للشُؤُون الإقتصاديَّة والقانونيَّة ورئيس هيئة الأوراق الماليَّة".
وناقش المجلس الفقرات المُدرجة على جدول أعماله واتخذ القرارات المناسبة بشأنها، كما استضاف المجلس وفد إقليم كردستان برئاسة الوزير عبد الحكيم خسرو ومدير عام المصارف الخاصة في الإقليم ومدير عام تسجيل الشركات في وزارة التجارة الاتحاديَّة لمناقشة فتح مصرف حكومي في الإقليم.
المركزي العراقي يُشرف على ربط مصارف بغداد وأربيل ويمنح إجازة تأسيس بنك وطني بكردستان
وتابع البيان، إنه بعد مناقشات مستفيضة ومن أجل ربط جميع المصارف في العراق وفق منظومة موحّدة أوصى المجلس بأن يقوم الإقليم باستكمال إجراءات فتح بنك نيشتمان (الوطني) الحكومي، وأن يقوم البنك المركزيّ العراقيّ وفق قوانينه النافذة بمنحه الإجازة وأن يقوم بعمليَّة الإشراف والمراقبة وأن تودّع الوثائق والمستندات لدى وزارة التجارة الاتحاديَّة دائرة مسجّل الشركات.
كما قرر المجلس تعديل مبلغ الغرامات المتعلقة بالمخالفات في دوائر أمانة بغداد والبلديات في المحافظات من أجل الحفاظ على الممتلكات العامة والشوارع والنظافة والبيئة والتصميم الأساسي للمدن، وفقا للبيان.
*توحيد الحساب المصرفي لمصادر إيرادات إقليم كردستان
وفي الشهر الماضي، أشرف رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني وبحضور نائب رئيس الحكومة قوباد طالباني، على اجتماع خاص بإعادة تنظيم المالية العامة في الإقليم، وقرر توحيد الحساب المصرفي لجميع مصادر الإيرادات في أنحاء الإقليم في حساب مصرفي واحد.
واستعرض الاجتماع قرار إعادة تنظيم المالية العامة في جميع أنحاء الإقليم الذي صادق عليه مجلس الوزراء، والذي جرى فيه تخويل رئيس مجلس الوزراء ونائبه بتحديد آلية مناسبة من أجل الإسراع في تنفيذ القرار.
كما شهد الاجتماع مناقشات تتعلق بصياغة آلية خاصة بإعادة تنظيم الإيرادات والنفقات العامة في جميع أرجاء إقليم كردستان، والتأكيد على أن تمويل الرواتب ــ بوصفها أولوية في النفقات واعتبارها نفقات سياديّة ــ يشكّل أولوية في عمل حكومة إقليم كوردستان. أما بالنسبة إلى النفقات العامة الأخرى، فيجب توزيعها توزيعاً عادلاً وفق عدد السكان في المحافظات والإدارات المستقلة.
وبناءً على ذلك وبعد المناقشات، تقرر في الاجتماع توحيد الحساب المصرفي لجميع مصادر الإيرادات في أنحاء الإقليم في حساب مصرفي واحد، وإنهاء التوزيع النسبي.
كذلك قرر الاجتماع الشروع بعملية الربط بين مصارف وخزائن إقليم كوردستان بأسرع وقت بواسطة نظام إلكتروني، وذلك حمايةً للإيرادات العامة وتعزيزاً للشفافية في إدارة الإيرادات والنفقات، والسعي نحو صياغة خطة إنفاق تهدف لتحقيق التوازن بين الإيرادات والنفقات.
وبهذا الصدد، أشار رئيس الحكومة إلى أن جهوداً تجري لإنشاء نظام مالي ومصرفي متقدّم وعصري في إقليم كوردستان، بالتعاون مع الخبراء المحليين والأجانب.
يشار إلى أن مجلس وزراء إقليم كردستان، قرر منتصف العام الماضي، استكمال شروط البنك المركزي العراقي لتأسيس بنك (نيشتمان) في إقليم كردستان، والذي سيلعب دوراً مهماً في إنعاش القطاع المصرفي في الإقليم وإعادة تنظيم عمل جميع المصارف في إطار بنك وطني واحد متطور وعصري، إذ سيُسهم في توفير التسهيلات المصرفية اللازمة للمواطنين والقطاع الخاص.
يأتي ذلك، بالتزامن مع الخلافات القائمة بين حكومتي بغداد وأربيل حول مشروع قانون الموازنة الاتحادي والذي حدد مجلس النواب العراقي أن الخميس المقبل موعدا رسمياً للتصويت عليه.
وكان كل من الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الإسلامي الكردستاني قد انسحبا من اجتماعات اللجنة المالية احتجاجا على تعديل طرأ على المادتين 13 و14 من قانون الموازنة والمرتبطة بحصّة إقليم كردستان وآلية وطرق تسويق النفط ورواتب موظّفيه، بما عدّه الحزب الديمقراطي الذي يتزعمه مسعود البارزاني انقلابا على الاتفاقيات السياسية التي أفضت لتشكيل تحالف إدارة الدولة وتشكيل الحكومة الحالية التي يتزعمها محمد شياع السوداني.
وفي كانون الثاني/ يناير من العام الجاري 2023، أصدرت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، حُكماً يقضي بإلغاء كل القرارات الخاصة بتحويل الأموال من قبل الحكومة في بغداد إلى إقليم كردستان.
وعلّلت المحكمة قرارها بأن الإجراء يأتي خلافاً للقانون، وذلك بناءً على دعوى أقامها النائب مصطفى جبار سند.
وقال سند، في مؤتمر صحافي عقده في مبنى مجلس النواب العراقي: "كسبتُ الدعوى القضائية التي أقمتُها ضد مجلس الوزراء والمتعلقة بتحويل الأموال إلى إقليم كردستان بهدف تمويل الرواتب الشهرية للموظفين والعاملين في القطاع العام هناك، وصدر قرار يقضي بإلغاء كل القرارات الخاصة بتحويل الأموال خلافاً للقانون وخلافاً للدستور".
وأضاف النائب، إن "قرار المحكمة الاتحادية سيكون معياراً ومرجعاً قانونياً لجميع الحكومات اللاحقة ومن ضمنها الحكومة الحالية في عدم دستورية تحويل الأموال إلى الإقليم".
المحكمة الاتحادية العليا في بغداد قالت، في بيان، إن "المحكمة قررت الحكم بعدم صحة القرارات الصادرة من قبل مجلس الوزراء، في 15/6/2021 وما بعدها". معتبرة الحكم "باتّاً ومُلزِماً للسلطات كافة، استناداً إلى أحكام المادتين (93/ ثالثاً و94) من دستور جمهورية العراق لعام 2005 والمادتين (4 / ثالثاً و5 / ثانياً) من قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم (30) لسنة 2005 المعدل بالقانون رقم (25) لسنة 2021 وأُفهم علناً".
وكانت الحكومة السابقة قد قررت إرسال دفعات من مرتّبات موظفي الإقليم، على أن تُستقطع لاحقاً من أموال الموازنة المالية للدولة، لكن تعثُّر التوصل إلى اتفاق حيال عائدات تصدير النفط من إقليم كردستان العراق، تسبّب في عدم إرسال الإقليم مستحقات عائدات النفط إلى بغداد، وهو ما اعتبرته المحكمة مخالفة قانونية ارتكبتها الحكومة.
كما أن إرسال الحكومة الاتحادية رواتب إقليم كردستان، أمر ضروري، باعتبار أن الشعب الكردي يعيش في ظل أوضاع اقتصادية بغاية الصعوبة، إلا أن ذهاب الأموال للأيادي الفاسدة وضرب الاتفاقيات السياسية المُبرمة بين بغداد وأربيل يمثل الهاجس الأول لدى الأكراد قبل العرب، باعتبار أن أي خلل سيؤثر على الشعب قبل السلطة الحاكمة.
وتُعد الملفات العالقة بين بغداد وأربيل من أبرز المشاكل التي تواجهها الحكومات العراقية المتعاقبة، ومن أهم تلك الملفات التي تحتاج إلى حوارات وتفاهمات مشتركة، رواتب موظفي إقليم كردستان العراق، والاتفاق على آلية تصدير النفط من حقول الإقليم.