جدل المستشفى التركي في بابل ينتهي.. جلسة ليلية استثنائية تبرهن "شبهات الفساد"

انفوبلس/ تقارير
يُخيّم عقد المستشفى التركي على أحداث بابل منذ شباط الماضي حتى وصل الأمر إلى النزول إلى الشارع لرفضه، وهو ما دفع مجلس المحافظة إلى عقد جلسة استثنائية لإلغائه بعد أن أُحيل إلى النزاهة، فما قصة هذا المستشفى بالضبط؟ ولِمَ كل الرفض هذا؟
ما القصة؟
منذ شباط الماضي، يحتج أهالي بابل على عقد المستشفى التركي في مدينة الحلة بسبب ما وصفوه بسوء الإدارة من قبل الشركة المستثمرة.
استمرت التظاهرات منذ شباط حتى يوم الجمعة الماضي (14 آذار 2025)، إذ نظّم أهالي بابل تظاهرة أمام المستشفى التركي مطالبين بإلغاء عقد الشركة التركية التي تدير المستشفى.
ورفع المتظاهرون لافتات تطالب بإلغاء العقد المبرم مع الشركة وتسليم المستشفى لإدارة محلية، معتبرين أن ذلك سيُحسّن الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين.
وأكد المشاركون في التظاهرات أن المستشفى ورغم أهميته الكبيرة، لم يرتقِ إلى مستوى التوقعات في تقديم الرعاية الصحية، بسبب ما وصفوه بسوء الإدارة من قبل الشركة المستثمرة.
كما دعوا الجهات الحكومية المعنية إلى التدخل العاجل لإنهاء التعاقد وإيجاد حلول تضمن تشغيل المستشفى بكفاءة أعلى لخدمة أهالي بابل.
لماذا الاعتراض بالضبط؟
تقصت انفوبلس عن أسباب التظاهرات على العقد آنف الذكر ووصلت إلى جملة من الاعتراضات والآراء الرافضة له ستستعرضها في قادم الأسطر.
وبهذا الصدد، قال عضو مجلس محافظة بابل محمد المنصوري، إن "محافظة بابل أُهملت وسُرقت خلال العشرين عاماً الماضية، واليوم تتم إحالة عقد تأهيل المستشفى التركي (مستشفى الإمام الصادق) إلى شركة تركية بمبلغ 81 مليون دولار، وهي سرقة علنية مشرعنة وأتحمل مسؤولية ذلك".
وأضاف كاشفا سبب الاعتراض، أن "الشركة التركية التي أحيل اليها مشروع التأهيل غير مختصة بالقطاع الطبي، وكل ما ستقوم به هو الطلاء والدهان، وأبلغت رئاسة مجلس الوزراء بكتب رسمية عن هذه الصفقة، وأتحمل المساءلة القانونية عما تقدمت به من معلومات".
وأكد، أن "المبلغ المخصص لتأهيل المستشفى التركي كان من الأفضل تخصيصه لبناء مستشفيات جديدة، فمن غير المعقول أن يقرر المسؤولون في بغداد نيابة عنا، فأهل مكة أدرى بشعابها، وعليهم استشارتنا قبل اتخاذ مثل هذه القرارات" وفق قوله.
وختم المنصوري، "يمكن استثمار المبلغ المخصص لتأهيل المستشفى التركي في مشاريع استثمارية لاحتواء الخريجين المعتصمين في المحافظة منذ 45 يوماً، فهناك 4 وحدات إدارية تخلو من أي مستشفى وهي النيل وأبي غرق والإسكندرية والطليعة، وأما باقي الوحدات فمستشفياتها أكل عليها الزمان وشرب".
80 مليار دينار بلا نتائج ملموسة
من جانبه، كشف النائب أمير المعموري، عن وجود عقد قيمته أكثر من 80 مليار دينار لشركة تركية لاستثمار مستشفى في المحافظة، مشيرا إلى أن المشروع لا يحقق الهدف المطلوب على أرض الواقع.
وقال المعموري في مؤتمر صحفي تابعته شبكة انفوبلس، إن "هناك عقدًا موقعًا من وزارة الصحة بمشاركة القطاع الخاص لغرض الاستثمار في مستشفى الإمام الصادق بعقد يتجاوز 80 مليار دينار"، مشيرًا إلى أن "هذا العقد يحتوي على الكثير من الملاحظات".
وطالب المعموري: "رئيس الوزراء ووزير الصحة، ومحافظ بابل بإعادة النظر في فقرات العقد كافة وتغيير هذا العقد بما يخدم الواقع الصحي للمحافظة"، مبينًا أن "القيمة الشهرية لهذا العقد حوالي 5 مليارات دينار تقريبًا، إلا أنه لا يؤدي الهدف المطلوب على الواقع الموجود".
وأشار إلى أن "المستشفى كان يُصرف لها في السنة مليار و500 مليون دينار، بينما في الوقت الحالي شركة أجنبية تدخل إلى العراق ويُصرف لها في الشهر الواحد 5 مليارات دينار".
لا فروع في العراق وعدد الموظفين 20 من أصل 295!
من جانبه، قال النائب حيدر المطيري، إن "قرار مجلس الوزراء الذي أقر التعاقد مع هذه الشركات كان يتضمن أن يكون لهذه الشركة فرع في العراق منذ 3/1، ولكن حتى الآن لا يوجد فرع".
وأضاف أن "السيرة الذاتية للأخصائيين التابعين للشركة، الذين يعملون داخل المستشفى، لم تُزود بها دائرة الصحة إلى الآن".
بدوره أكد النائب حيدر السلامي "وجود اقل من 20 موظفا من كادر الشركة التركية في حين ان الملحق (هـ) من العقد الفقرة 22 يشير الى اجمالي عدد المعينين من قبل الشركة (295) بين موظفين رئيسيين واطباء وممرضين وفنيين بدوام كامل".
وتابع، "وكما علمنا من الجانب التركي بأنهم سيطالبون الجانب العراقي بالدفعات الشهرية ابتداء من منتصف شهر آب الماضي في حين ان الخدمة غير مقدمة لغاية الآن وهم بحاجة الى ما يقارب 6 اشهر وحسب حديثهم معنا خلال لقائنا بهم مما يعني ان الجانب العراقي مطالب بدفع ما يقارب 27 مليار دينار بدون تقديم خدمات صحية فعلية”.
إحالة إلى النزاهة
واصل النائب السلامي حديثه عن الموضوع، وأعلن يوم أمس الأحد، إحالة عقد المستشفى التركي في بابل إلى هيئة النزاهة، مؤكداً وجود العديد من السلبيات التي تؤدي إلى هدر المال العام.
وقال السلامي في حديث له تابعته شبكة انفوبلس، إن "عقد المستشفى التركي في بابل يتضمن الكثير من السلبيات التي تذهب باتجاه هدر المال العام، ولذلك تمت إحالته بالكامل إلى النزاهة للتحقيق في جميع النقاط المثارة وفق تقرير موسع"، مشيراً إلى أنه "يقف مع مطالب أهالي بابل وتظاهراتهم السلمية التي تطالب بإلغاء العقد ومحاسبة الجهة المتعاقدة".
وأضاف أن "من الضروري أن يتفاعل مجلس محافظة بابل مع مطالب الأهالي عبر عقد جلسة للتصويت على إلغاء العقد الذي يحوي الكثير من شبهات الفساد المالي والإداري، ومن ثم رفع القرار إلى مجلس الوزراء لمنح الضوء الأخضر لإلغائه".
وأكد أن "ملف المستشفى التركي أصبح على طاولة التحقيق من قبل النزاهة"، لافتاً إلى أن هناك "ضغوطاً شعبية كبيرة لإلغاء العقد في أسرع وقت ممكن".
إلغاء العقد لجلسة استثنائية
بعد كشف كافة تفاصيل العقد وما يشوبه من فساد، عقد مجلس محافظة بابل، مساء أمس الأحد جلسة استثنائية برئاسة أسعد المسلماوي، وبحضور المحافظ عدنان فيحان وعدد من النواب واعضاء المجلس، لمناقشة عدد من الملفات وفي مقدمتها إلغاء عقد التشغيل المشترك لمستشفى الإمام الصادق (المستشفى التركي) لما يشوبه من شبهات فساد وهدر في المال العام.
وأقر المجلس رفع توصيات رسمية إلى رئيس الوزراء ووزارة الصحة لإلغاء عقد الشركة التركية الخاصة بالمستشفى التركي في بابل، نظرًا لما تشوبهُ من فساد على أن يتم تشكيل وفد رسمي من نواب المحافظة وأعضاء المجلس والمحافظ للقاء رئيس الوزراء ومتابعة تنفيذ هذه القرارات.
بدوره، قال محافظ بابل عدنان فيحان، بعد الجلسة، إنه فيما يتعلق بعقد تشغيل مستشفى الإمام الصادق (التركي) والمخالفات المسجلة بحقه – وفقاً لما أشار إليه رئيس لجنة الصحة في المجلس – فقد تم الاتفاق على رفع توصية إلى مجلس الوزراء بإنهاء العقد خدمةً للمصلحة العامة ، مع مناقلة المبالغ المخصصة لهذا العقد إلى موازنة دائرة صحة بابل .
وختم فيحان، "كما تقرر تشكيل وفد حكومي من المحافظة للقاء رئيس مجلس الوزراء والضغط باتجاه تنفيذ هذه التوصيات".