حراك أميركي ضد فائق زيدان ومطالب عراقية بموقف رسمي "واضح وحازم".. من هو "مايكل والتز"؟
انفوبلس/ تقرير
الكشف عن حراك ضد رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان في مجلس النواب الأميركي، أثار غضباً في أوساط حكومية وبرلمانية وشعبية عراقية وسط مطالبات بموقف رسمي "واضح وحازم"، والدفاع عن المؤسسة القضائية، فماذا قال عضو الكونغرس الامريكي "مايكل والتز" ومن هو؟
يُعرف القاضي فائق زيدان، بشخصيته الهادئة والمتزنة، وله علاقات جيدة مع الشخصيات والكتل السياسية العراقية كافة، تولى رئاسة مجلس القضاء الأعلى في 15 كانون الثاني 2017، خلفاً للقاضي مدحت المحمود.
* الحراك الأميركي ضد فائق زيدان
ووفقًا لتقرير نشرته "واشنطن فري بيكون"، فإنّ النائب مايك والتز (جمهوري من فلوريدا)، عضو لجنتي القوات المسلحة والشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي، يعتزم تقديم تعديل على مشروع قانون المخصصات الخارجية يوم الخميس، سيصنف مجلس القضاء الأعلى في العراق ورئيسه، فائق زيدان، على أنهما أصول تسيطر عليها إيران. من المتوقع أن يحظى هذا الإجراء بدعم من كلا الحزبين ويشمل في التشريع النهائي.
في حال تبني هذا الإجراء، ستكون هذه المرة الأولى التي يُسمي فيها الكونغرس، وبالتالي إدارة بايدن، "القادة العراقيين الذين يمكّنون إيران من السيطرة على حكومة بغداد واستخدام العراق لإشعال الإرهاب"، على حد تعبير الصحيفة، إذ قالت مصادر في الكونغرس إنهم يعولون على أن يكون هذا الإجراء بمثابة جرس إنذار لحكومة العراق حيث يتحول البلد إلى دولة تابعة لإيران.
وتقول الصحيفة، إنّ "زيدان ومجلسه القضائي هما القوى الرئيسية التي تدفع بمصالح إيران في العراق وتساعد مجموعات جماعات التابعة لطهران على الحصول على موطئ قدم في البلاد، في إشارة إلى قرار المحكمة الاتحادية العليا المثير للجدل في شباط/ فبراير 2022، الذي نص على أنّ انتخاب رئيس الجمهورية يتطلب أغلبية الثلثين، والذي "منع فعليًا العناصر المناهضة لإيران في العراق، مثل الأكراد، من تشكيل حكومة أكثر وديّة مع الولايات المتحدة".
ونقلت الصحيفة عن والتز ومصادر في الكونغرس يعملون على القضية قولهم، إنّ "الجهد هو خطوة أولى نحو عزل أصول إيران في الحكومة العراقية والعودة عن النفوذ المتزايد للنظام الإيراني".
وقال والتز، "يحتاج النظام الإيراني إلى أن يفهم أن الكونغرس الأميركي لن يسمح للمرشد الأعلى بتحويل العراق إلى دولة تابعة". وأضاف: "يجب على المتعاطفين مع إيران في العراق مثل فائق زيدان وغيرهم أن يأخذوا ذلك في الاعتبار".
وانتقدت الصحيفة موقف حكومة بايدن المتراخي تجاه "استقطاب إيران للقادة العراقيين واستخدامهم لفرض نفوذها في التحالف الحاكم في البلاد"، مشيرة إلى أنّ "الولايات المتحدة تعاملت مع حكومة العراق واتبعت سياسات لم تفعل الكثير لإبعاد بغداد عن طهران"، على حد تعبير الصحيفة.
واستدلت الصحيفة الأميركية بتحليل نشره معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى عام 2023، خلص إلى أنّ "الفصائل حققت من خلال الحرب الناعمة واستخدام (وسوء استخدام) النظام القانوني والمحاكم، مجموعة ناجحة تستخدم إلى حد كبير الأدوات غير الحركية لبناء ثلاثية من القوة تشمل السلطة القضائية والجوانب المدنية والعسكرية للفرع التنفيذي، بالإضافة إلى السلطة التشريعية، من خلال هذا الجهد، نجحت إيران فعليًا بتغيير النظام في العراق".
*ردود الفعل
أثار مقترح السيناتور الأميركي "مايكل والتز"، بمعاقبة مجلس القضاء الأعلى العراقي ردود فعل غاضبة وإدانات واسعة في الأوساط السياسية والمجتمعية العراقية. وقد وصف العديد من المدونين العراقيين هذا التوجه بأنه اعتداء سافر على ركيزة من ركائز العملية الديمقراطية في العراق.
وفي أول تعليق حكومي، رفضت وزيرة الهجرة والمهجرين إيفان فائق جابرو، هذه التصريحات، واعتبرتها "تجاوزًا على الدولة العراقية".
وقالت الوزيرة في تدوينة على منصة "إكس"، إنّ "السلطة القضائية العراقية رمز سيادتنا الوطنية"، مبينة أنّ "المساس بها من أية جهة يُعد تجاوزًا على الدولة العراقية وإساءة لكل فرد عراقي". وأكّدت جابرو، أنّ "مجلس القضاء الأعلى سيبقى مؤسسة نفتخر بها وبمهنيتها وبتوجهاتها الوطنية ومواقفها المشرفة خصوصًا في الظروف الصعبة والأزمات التي مرَّ بها العراق".
نيابيًا، عدَّ رئيس مجلس النواب بالنيابة محسن المندلاوي، مشروع الكونغرس الأمريكي بحق رئيس السلطة القضائية "سابقة خطيرة".
وقال المندلاوي في بيان، إن: "ما تناقلته وسائل إعلام أميركية بشأن تقديم عضو الكونغرس الجمهوري (مايك والتز) مشروع تعديل قانون وتضمينه بندًا يمس رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان "سابقةً خطيرة" تضاف لسجل أعمال حكومة بايدن التي ساندت وبشكل علني أبشع مذبحة جماعية اقترفتها العصابات الصهيونية بحق شعب غزة، واليوم تلوّح بالمساس بسيادة الدول ورموزها دون مسوغ قانوني يُبيح لها ذلك".
وطالب المندلاوي، وزارةَ الخارجية بـ"التحرك عبر وسائلها الدبلوماسية وإيصال رسالة مباشرة برفض العراق بجميع سلطاته لمثل هكذا تدخلات مسيئة لها، جاءت على لسان عضو الكونغرس الأمريكي، بوصفها أدوات نفوذ لدول أخرى"، مؤكدًا أن "العراق بلد ذو سيادة، وعلاقاته مع جميع البلدان مبنية على أساس الاحترام المتبادل"، مشددا على أن "مشروع القانون المزمع تقديمه للكونغرس من قبل النائب الجمهوري وفي حال إقراره سيشكل منعطفا خطيرا يؤثر بشكل أو بآخر في طبيعة العلاقات الثنائية بين البلدين".
وأكد، "دعم مجلس النواب الكامل لرئيس السلطة القضائية، ورفضه المطلق لأية إساءة لسلطته ولجميع السلطات"، مشددا على "حرص رئاسة المجلس على متابعة هذه الأفعال غير المشروعة واتخاذ كل ما يلزم لرفضها".
واستنكر رئيس اللجنة المالية عطوان العطواني كلام النائب الاميركي الجمهوري، مايكل والتز، عن رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، وأكّد "الرفض القاطع لأي تدخل خارجي يمس بسيادة العراق واستقلال مؤسساته".
وقال العطواني في بيان، إنّ "مجلس القضاء الأعلى ورئيسه القاضي فائق زيدان هما ركيزة أساسية لضمان سيادة القانون واستقلال القضاء العراقي، لذا نعتبر هذه التصريحات المستهجنة تستهدف عرقلة بناء دولة المؤسسات، التي تُحترم فيها سيادة القانون، وتعمل على ترسيخ الديمقراطية".
ودعا العطواني، الحكومة العراقية إلى "اتخاذ موقف واضح وحازم تجاه هذه التصريحات، والدفاع عن استقلالية مؤسساتها القضائية، وعدم التعاطي أو الرضوخ لسياسة الضغوط والعقوبات".
فيما حذر، من أنّ "من هكذا تصريحات لها عواقب وخيمة على مستقبل العلاقات الثنائية الأميركية - العراقية، فالقضاء العراقي خط أحمر، ولن نسمح بأي تطاول عليه أو على رموزه، وفي مقدمتهم القاضي الشجاع".
الى ذلك، اعتبرت عضو مجلس النواب سروة عبد الواحد، "الإساءة" إلى المؤسسات الرسمية من قبل الخارج وعلى رأسها القضاء الأعلى أمرٌ مرفوض، داعية وزارة الخارجية الى "كسر صمتها" والرد على الاتهامات الامريكية بالولاء الى دول الجوار بطريقة رسمية.
وقالت عبد الواحد في بيان، إن "الإساءة إلى المؤسسات الرسمية من قبل الخارج وعلى رأسها القضاء الأعلى أمرٌ مرفوض"، مضيفة، "يُفترض بالخارجية العراقية كسر صمتها وسكوتها، وأن ترد على الاتهامات الموجهة بطرق رسمية، وعلينا جميعاً دعم القضاء العراقي وإبعاده عن الصراعات الإقليمية والسياسية".
النائبة عالية نصيف، كذلك ردت، حيث كتبت في تدوينة على منصة X، "عندما تكون الإساءة صادرة من عضو في الكونغرس الأمريكي إلى أعلى سلطة قضائية في العراق، يجب أن يأتي الرد من الخارجية العراقية أولاً، ثم من السلطة التشريعية، وبالطريقة التي تحفظ هيبة مجلس القضاء الأعلى باعتباره مؤسسة دستورية".
وتابع، "نحن في السلطة التشريعية نعبّر عن كل الاحترام والتقدير والدعم للقاضي فائق زيدان وندين التدخلات الأمريكية في الشأن العراقي".
بينما عضو مجلس النواب النائب محمد الزيادي، ذكر أن "تجاوز عضو الكونغرس الامريكي مايكل والتز على رئيس السلطة القضائية مرفوض وتصرف خارج حدود الأعراف السياسية والدبلوماسية وتدخل سافر بالشأن الداخلي للدولة العراقية".
وأضاف، إننا "كأعضاء في مجلس النواب ننتظر رد وزارة الخارجية لكونها الجهة المعنية بالرد الرسمي وكذلك لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب لكون السلطة القضائية خطاً أحمر لا يمكن لأي جهة خارجية التجاوز عليها"، مشددا أنه "في حال عدم الرد أو التأخر سيكون لنا رد قاس".
*صديق لوزير عراقي سابق
في السياق نفسه، علّق الأمين العام لكتائب الإمام علي، الحاج شبل الزيدي، في منشور على منصة إكس: "مايك والتز الذي يطالب بوضع رئيس القضاء الأعلى في دائرة الاتهام الامريكي هو عضو كونغرس جمهوري متطرف وصديق لوزير عراقي سابق تابع لحزب سياسي عريق يشكل جزءاً من العملية السياسية".
أما محمد الباوي، فقد قال، في منشور على منصة إكس، "عضو في الكونغرس الامريكي يتدخل بالشأن العراقي تدخل فاضح وغير مسموح ويتحدث عن دور مجلس القضاء فيما يتعلق بنصاب الثلثين لانعقاد جلسة مجلس النواب العراقي بعيدا عن تدخله غير المقبول فإن هذا النصاب محدد بموجب المادة 7/ أولا من الدستور العراقي".
في المقابل، استنكرت الاوساط العراقية هذا التصريح بشدة، مؤكدة أن مجلس القضاء الأعلى ورئيسه القاضي فائق زيدان هما ركيزة أساسية لضمان سيادة القانون واستقلال القضاء في العراق. وأعربت العديد من الشخصيات السياسية والاجتماعية عن رفضها القاطع لأي تدخل خارجي يمس بسيادة العراق واستقلال مؤسساته.
وأكدت أن العراق يسعى لبناء دولة مؤسسات تحترم فيها سيادة القانون وتعمل على ترسيخ الديمقراطية، مشيرة إلى أن التصريحات الأميركية تشكل تهديدًا لهذه الجهود. كما دعت الحكومة العراقية إلى اتخاذ موقف واضح وحازم تجاه هذه التصريحات والدفاع عن استقلالية مؤسساتها القضائية.