دور الكشف لـ"مؤنس وحنون".. مسلسل جديد لسرقة القرن بطله "الحلبوسي" وهذه أسراره
انفوبلس/..
عملية كبرى واستثنائية نفذتها هيئة النزاهة الاتحادية في مديرية التسجيل العقاري بمحافظة الأنبار، لتكشف عن سرقات ضخمة بطلها رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي الذي يملك اليد الطولى في المحافظة الواقعة أقصى غربي العراق.
أسفرت تلك العملية النوعية التي تمّت بإشراف رئيس هيئة النزاهة حيدر حنون، عن القبض على مدير التسجيل العقاري في الأنبار و5 مسؤولين في المديرية بتُهمة التلاعب والتزوير في أضابير تمليك عشرات الآلاف من الأراضي، مع التحرُّز على ما يقارب سبعين ألف إضبارة عقار تمّ تمليكها بصورةٍ مخالفة للقانون، وضبط أربعمئة هـوية مزوّرة تعـود إلى إحـدى النقابات ومخشّلات ذهبيَّـة ثمينة، فيما أن مجموع الأموال المضبوطة ناهزت مليوناً وستمئة ألف دولار أمريكي وقرابة ستمئة مليون دينار عراقي.
*بلاغ مؤنس
الخطوة الأولى لكشف الجريمة انطلقت من النائب حسين مؤنس (رئيس حركة حقوق) على شكل بلاغ مسنود بأدلّة ووثائق، وليس من طرف حكومي.
*النزاهة تفصّل
في بيان صدر قبل أربعة أيام، وتحديداً في 4 نيسان الجاري، قالت هيئة النزاهة، إنها تمكنت من تنفيذ عملية كبرى في مديرية التسجيل العقاري في الأنبار، بإشراف مباشر من رئيس الهيئة القاضي حيدر حنون، ومعلومات من وزير العدل، والتعاون والتنسيق العاليين مع محكمة جنايات مكافحة الفساد المركزية، وجهود مُضنية لملاكاتها في التقصّي والتحرّي.
ونقل البيان، عن دائرة التحقيقات في الهيئة تأكيدها، أن العملية أسفرت عن إلقاء القبض على مدير التسجيل العقاري في الأنبار وعدد من المسؤولين والموظفين فيها، فضلاً عن ضبط مئات الهويات المزوّرة العائدة لإحدى النقابات، والتحرّز على عشرات الآلاف من أضابير العقارات التي تم تمليكها خلافاً للقانون، فيما تم الكشف عن وجود تضخّم في أموال المتهمين الذين تم إلقاء القبض عليهم.
وأفادت الدائرة، بمعرض حديثها عن تفاصيل العملية، التي تمت بناءً على مذكرة قضائية، أن مديرية تحقيق الهيئة في بغداد بعد تلقيها معلومات تفيد بأن كلاً من مدير مديرية التسجيل العقاري في الأنبار وبعض المسؤولين فيها وعددا من الموظفين أقدموا على تمليك أراضٍ من ناحية الوفاء، وإفراز آلاف العقارات بشكل غير أصولي، وإنجاز معاملات التسجيل العقاري من قبل الموظفين في محالّ سكناهم، فضلاً عن تحويل العقارات وتثبيت التواقيع بختومات و"ليس تواقيع حيّة"، وطباعة معاملات التسجيل والاستمرار بالتسجيل، بالرغم من إيقافه حسب كتاب مديرية بلدية الأنبار.
وتابعت الدائرة، أن مديرية تحقيق الهيئة في بغداد، وبعد إجرائها عمليات التقصّي والتحرّي عن المعلومات واستحصال الأوامر القضائية من قاضي تحقيق محكمة جنايات مكافحة الفساد المركزية، قامت بتأليف سبعة فرق ميدانية أسفرت عن إلقاء القبض على مدير مديرية التسجيل العقاري في الأنبار وخمسة من المسؤولين والموظفين فيها، كما أسفرت العملية عن ضبط ما يقارب أربعمئة هوية مزوّرة تعود إلى إحدى النقابات، وقرابة (1،500،000) مليون وخمسمئة ألف دولار، و(600،000،000) ستمئة مليون دينار عراقي، فضلاً عن أختام وحواسيب وأجهزة لوحية، وأجهزة استنساخ تستخدم لغرض تزوير أضابير العقارات، ومخشّلات ذهبية ثمينة.
وأردفت، أن عمليات التحرّي والتحقيقات الأولية تشير إلى أن ناحية الوفاء تقع في المنطقة ذاتها التي من المُزمع إقامة مطار الأنبار الدولي فيها، مبينةً أن مديرية البلدية قامت منذ العام 2019 بعمل مرتسمات إفراز واستحصال موافقة محافظة الأنبار ومديرية التخطيط العمراني فيها على المخططات بواقع من (900 إلى 1000) قطعة سكنية لكل إفراز، من أجل الاستفادة من الموقع الاستراتيجي المستقبلي للأراضي التابعة للناحية، لافتةً إلى أن ذلك العمل استمرّ تباعاً لغاية تنفيذ عملية الضبط، إذ خُصِّصت تلك القطع السكنية المفروزة لتوزيعها بين شرائح محدّدة من المجتمع، موضحةً أن ذلك تم بناءً على محاضر تخصيص الأراضي السكنية بكتب مديرية ناحية الوفاء الموجّهة لمديرية التسجيل العقاري في الرمادي.
ونوّهت بأن المتهمين سيقوا رفقة المحاضر الأصولية والأضابير والمبالغ المالية والمخشّلات الذهبية وبقية المبرزات والمضبوطات، إلى قاضي التحقيق المختص، الذي قرر توقيفهم على ذمة التحقيق، استناداً إلى أحكام المادة (298/289) من قانون العقوبات، والتحرّز على ما يقارب سبعين ألف إضبارة عقار تم تمليكها بصورة مخالفة للقانون، مضيفةً أن الإجراءات التحقيقية ستنتهي إلى متهمين مهمّين شُركاء في الجريمة.
*ملفات جديدة
كشف مصدر مطلع في الأنبار، عن مباشرة هيئة النزاهة بفتح ملفات جديدة بشأن سرقة أراضي الدولة، مبيناً أن أصابع الاتهام تتجه نحو الحلبوسي وقيادات حزب "تقدّم".
وقال المصدر : إن "النزاهة تحقق في آلية بيع وتوزيع وجبة جديدة من ملفات سرقة أراضي الدولة والاستحواذ عليها من قبل الحلبوسي وقيادات حزبه (تقدّم) تضم الوجبة نحو 89 ألف سند وُزِّعت بطريقة غير قانونية بعد تحرير المحافظة من إرهابيي داعش بينها مساحات كبيرة مخصَّصة كمناطق خضراء تم الاستيلاء عليها من قبل رئيس مجلس النواب بالاتفاق مع قيادات حزب تقدّم التي تتولى مهام مديري دوائر التسجيل العقاري والبلديات والضريبة".
وأضاف: إن "فتح ملفات توزيع أراضي الدولة ستُطيح بشخصيات بارزة في الأنبار بعد الانتهاء من عمليات التحقيق مع مدير التسجيل العقاري وخمسة موظفين تم اعتقالهم قبل أيام". مؤكداً، إن "الأيام القليلة المقبلة ستشهد صدور أوامر وجبة جديدة من المديرين العامين بتهمة اختلاس أموال تعود للدولة لم تُفتح ملفاتها منذ 20 عاماً".
*علاقة الحلبوسي
ومنذ سنوات، تعاني المؤسسات في الأنبار من الفساد المستشري فيما تؤشر أصابع الاتهام نحو الأحزاب المهيمنة على المحافظة خاصة حزب "تقدم" الذي يرأسه محمد الحلبوسي.
وفي 4 مارس/ آذار الماضي، قال القيادي في تحالف الأنبار الموحّد محمد دحام، إن أتباع رئيس البرلمان محمد الحلبوسي المتنفّذين في محافظة الأنبار قاموا بتحويل الأراضي الزراعية المحيطة بمطار الرمادي المزمع إنشاؤه إلى أراضي بلدية والمتاجرة بها، مؤكداً أن ما يزيد عن 3000 آلاف قطعة أرض تم بيعها عن طريق مكاتب غير معروفة.
وأضاف دحام، إن " تحويل الأراضي الزراعية بمحيط المطار أصلاً تعود إلى العشائر ولديهم مستندات رسمية تؤكد أحقيتهم بتلك الأراضي، فضلا عن أن تحويلها سيُسبّب تهديدا للواقع الزراعي بالمحافظة". مردفاً: "إن قضية تحويل الأراضي المحيطة بالمطار ربما ستشعل فتنة مستقبلاً في المحافظة إن لم يكن هناك تدخل حكومي من المركز".
من جهته، يلفت المتحدث باسم الحراك الشعبي ضاري الدليمي، إلى أن "الحلبوسي ومحافظ الأنبار علي الدليمي وشخصيات متنفذة متورّطة بأكبر عمليات تزوير للأراضي وبيعها على المواطنين". مبيناً، أن "الأراضي في الحبانية والرمادي وأطراف الفلوجة تعود ملكياتها للدولة أو لعشيرة البو جليب تم تزويرها وتقطيعها ثم بيعها". منوّهاً إلى أن "مجموع ما تم بيعه من الأراضي يصل إلى 181 ألف قطعة بنحو 4 ملايين متر وتُقدَّر قيمتها السوقية بـ 280 مليار دينار".
*استحواذ عملاق
إلى ذلك، كشف مصدر مسؤول في حكومة الأنبار المحلية، عن استحواذ قيادات حزب "تقدّم" بزعامة الحلبوسي على مشاريع الإعمار العملاقة في الأنبار.
وقال المصدر، إن "قيادات حزب تقدّم الذي يتزعمه رئيس مجلس النواب الحالي محمد الحلبوسي تستحوذ على مشاريع الإعمار كافة في الأنبار من خلال مديري الدوائر الحكومية في المحافظة التابعين للحزب والذين يقومون بعملية تسهيل الإجراءات القانونية كافة لرسو مشاريع الإعمار لهذه القيادات دون رقيب". مشيراً إلى، أن "قيادات حزب تقدّم أصبحوا أصحاب مليارات بعد أن كانوا ذو وضع معيشي متدنٍّ".
*أوامر اعتقال
قبل ثلاثة أيام، كشف مصدر في حكومة الأنبار المحلية، عن صدور أوامر اعتقال بحق أربعة موظفين كبار من حزب "تقدّم" لتورّطهم بعمليات فساد مالي وإداري واستحواذهم على مبالغ مالية ضخمة خلال تسلّمهم مهام عملهم الوظيفي في الأنبار.
وقال المصدر، إن "أوامر اعتقال صدرت بحق 4 موظفين جدد من قيادات حزب تقدّم على خلفية وجود تلاعب وتزوير في آلية بيع أراضٍ تابعة للدولة بطريقة غير قانونية فضلاً على أن الأراضي التي تم بيعها استحوذ عليها متنفذون في الحكومة المحلية ومقرّبون من الحلبوسي وتمت بطريقة منفردة دون مخاطبة الحكومة المركزية وإعلامها".
وأضاف، إن "رئيس مجلس النواب الحالي استحوذ على مساحات واسعة من الأراضي التابعة للحكومة المركزية بحجّة استثمارها".
جاء ذلك عقب يوم واحد فقط من اعتقال شقيق مدير دائرة ضريبة الفلوجة على خلفية تورّطه بعمليات فساد مالي في آلية بيع أراضي للدولة بطريقة غير قانونية.
وقال مصدر، إنه "تمكنت قوة أمنية من اعتقال شقيق مدير دائرة ضريبة الفلوجة أحمد كامل طناش على خلفية تورطه بملفات فساد وأخذ رشى في آلية تسجيل الأراضي بصورة غير قانونية". موضحاً، إن "مدير دائرة ضريبة الفلوجة عبد الرزاق كامل طناش استقطب عددا من إشقائه وأبنائه في إدارة ضريبة الفلوجة وتمكن وخلال فترة قياسية قليلة من شراء أملاك تُقدّر بمليارات الدنانير في مدينة الفلوجة ومناطق أخرى".
*أعلى من سرقة القرن
يرى مراقبون للشأن العراقي، أن ما يحصل من نهب لممتلكات الدولة في الأنبار على يد "ربع" الحلبوسي، قد يكون أعلى مستوى من سرقة القرن.
وقال الكاتب فلاح المشعل، إن "فضيحة أخرى تنافس سرقة القرن تتداولها التسريبات، موضوعها بيع 60 ألف قطعة سكنية من أراضي الدولة في الأنبار للمواطنين بسندات عقارية غير قانونية، الأراضي قرب مطار الأنبار وتبلغ قيمتها نحو 2.5 ترليون دينار بغطاء شخصية نافذة بالدولة، سرقات كأنها أساطير خرافية تمرّ بلا رادع، تحت غطاء سياسي".
وتشير إحصائيات متداولة إلى أن نسبة الفساد المالي والإداري في دوائر الدولة ومشاريع إعادة إعمار البنى التحتية المتضررة جراء العمليات الإرهابية في الأنبار وصلت إلى 80%.