ديالى على حافة الانهيار مرة أخرى.. صراع سياسي سُني متصاعد وتهديد بالقتل لأعضاء مجلس المحافظة.. تعرف على ما يجري في ديالى بعد سنوات من الاستقرار القلق
انفوبلس..
يبدو أن الصراع السياسي في محافظة ديالى وصل إلى مراحل بالغة الخطورة خصوصاً مع عودة مظاهر العنف والفوضى لتوجيه دفّة المحافظة وسياسييها لاختيار المحافظ، الأمر الذي أجَّج الوضع بشكل كبير في ديالى عموماً وبين كتل وعشائر المكون السني بشكل خاص، حيث وصلت التطورات لدرجة تهديد أعضاء مجلس المحافظة بالقتل وحرق المنازل، في وقت توعدت فيه عشيرة "بني تميم" بتصعيد جماهيري كبير خلال الأيام المقبلة في حال اختيار محافظ من خارج العشيرة، ما زاد أصابع الاتهام الموجهة إلى بعض المجاميع التميمية بالمسؤولية عن تهديد أعضاء مجلس المحافظة.
يؤكد تلك الاتهامات تصريح للنائب صلاح زيني التميمي، أمس الاثنين، والذي طالب خلاله "القيادات الأمنية بردع المجموعات المسلحة الخارجة على القانون التي قامت بتهديد اعضاء مجلس محافظة ديالى بأسلوب منحط واتخاذ الاجراءات القانونية بحقهم وردعهم فوراً والا فليتركوا مناصبهم لانهم غير مؤهلين لتوفير الحماية للمواطنين ولا يحق لهؤلاء الذين قاموا بهذا الفعل التحدث باسم قبيلة بني تميم وليتحدثوا بأجندتهم السياسية".
وبالتزامن مع المحاولة الفاشلة لعقد جلسة مجلس محافظة ديالى، مساء الاحد الماضي، بدأت ازمة ديالى تصل لمراحل خطيرة وخارج الأُطر القانونية، حيث جابت عجلات مسلحة ومظللة مناطق ديالى ومنازل اعضاء مجلس المحافظة، وتهديدهم بـ"القتل وحرق المنازل"، لغرض التصويت لصالح جهة معينة او مرشحين معينين لمناصب رئاسة المجلس وكذلك منصب محافظ ديالى المختلف عليه منذ اشهر.
عضو مجلس محافظة ديالى عن تحالف السيادة عمر الكروي قال في منشور عبر صفحته الرسمية، ان "عشرات السيارات المظللة تتواجد مع مسلحين ورسائل التهديد امام مضيف الديرة الآن في جلولاء وتهديد شخصي لي من قبل جهات مسلحة".
واضاف: "أقول لكم، جذورنا عميقة في هذه الارض ورسائل التهديد المبطنة لن تكسر ارادة من يخاف الله ويشعر بمسؤولية ازاء اهله من كل الاطياف، نحن لها وارواحنا فداء لهذه الارض المعطاءة، سنواصل المسيرة للحفاظ على الحقوق مهما كانت التحديات، لن نرضخ لاصحاب الاجندة المشبوهة وسنحافظ على الامانة".
وفي ذات السياق، قالت عضو مجلس محافظة ديالى من تحالف الاساس دريا خير الله رشيد في منشور ايضا متسائلة: "اين دور قيادة العمليات والقوات الامنية عندما يجوب المسلحون بسياراتهم على بيوت اعضاء مجلس محافظة ديالى لغرض تهديهم؟ اين دور قيادة شرطة ديالى؟ ننتظر اجابتهم عن هذا التقصير الواضح والا سيكون لنا موقف اخر تجاه هذا الوضع المزري".
واضافت انها "وسائل رخيصة يتم ممارستها من اجل الضغط على اعضاء المجلس للتصويت لصالح جهة معينة".
من جانبه، قال عضو لجنة الامن النيابية النائب عن عصائب اهل الحق، احمد رحيم الموسوي في بيان: "ننتظر موقف قيادة العمليات وقيادة الشرطة من الاحداث التي حصلت اليوم من قبل مجاميع مسلحة قامت بتهديد اعضاء مجلس المحافظة وتتوعد بالقتل وحرق البيوت".
واضاف: "اساليب رخيصة وهمجية وتدل على مستوى الانحطاط الاخلاقي الذي وصل اليه هؤلاء"، مشيرا الى ان "السؤال لأجهزتنا الامنية ما هو دوركم في حفظ الامن في المحافظة ماذا تفعل قيادة العمليات وقيادة الشرطة والاستخبارات والامن الوطني هل دوركم هو التفرج على هؤلاء".
واكد: "ننتظر موقفا صريحا منكم والا سيكون خلال هذا الاسبوع استجواب لكم جميعاً في لجنة الامن والدفاع النيابية والمطالبة بإقالتكم جميعاً لتقصيركم بواجباتكم المكلفين بها".
بدأت تتعالى المواقف الصادرة من عدة جهات في محافظة ديالى وخارجها، ضد التطور المخيف الذي طال عددا من اعضاء مجلس محافظة ديالى، بالتزامن مع اشتداد الأزمة وعدم انعقاد المجلس او تشكيل الحكومة المحلية حتى الان جنبا الى جنب مع كركوك، مقابل تشكيل المحافظات الـ13 الاخرى حكومتها منذ اشهر.
إلى ذلك، دعا رئيس تحالف العزم في محافظة ديالى النائب رعد الدهلكي، الأجهزة الامنية بالمحافظة الى تحمل مسؤولياتها الكاملة والمتابعة الفورية للكشف عن الجهات التي هددت عددا من أعضاء مجلس محافظة ديالى.
وقال الدهلكي في بيان:" ان "هنالك بعض الجهات الخارجة عن القانون وجماعات السلاح المنفلت قامت بإسلوب همجي ورخيص جدا بتهديد عدد من أعضاء مجلس محافظة ديالى في سيناريو خطير سيعيد المحافظة الى المربع الأول في حال عدم اتخاذ الجهات الامنية موقفا عاجلا لإيقاف هذه الخروقات والقصاص العادل من الجهات المتورطة في هكذا تصرفات غير مسؤولة وغير قانونية".
وأضاف الدهلكي:" اننا في تحالف العزم وفي الوقت الذي نستنكر فيه هكذا ممارسات شاذة من اشخاص لا يملكون ادنى مستوى من الاخلاق فإننا نؤكد على خطورة مروره دون الكشف عن الجهات المتورطة فيه امام الرأي العام واخضاعهم لسلطة القانون"، متسائلا "اين هي السيطرات الامنية وقيادة عمليات ديالى ونحن نرى عشرات العجلات المظللة التي يقودها المسلحون تجوب شوارع المحافظة وتهدد علنا أعضاء مجلس محافظتها".
وأكد:" انه بحال عدم لمسنا لإجراءات رادعة وفورية فستكون لنا وقفة جادة وعاجلة داخل قبة البرلمان لاستضافة واستجواب جميع المتورطين في هكذا اهمال كانت نتيجته انتكاسة بما تعني الكلمة من معنى".
أما رئيس مجلس النواب الأسبق، سليم الجبوري فقد كتب على صفحته الشخصية: الطريقة التي تنتهجها اطراف سياسية بمعيتها مجاميع مسلحة تهدد وتتوعد كل من خالفها ليس فقط يدعو الى الاستهجان والاستنكار بل الغرابة ايضا من صمت المكلفين بالحفاظ على امن محافظة ديالى ما يحصل هو سلب للاراء ومصادرة للمواقف ومحاولة لجعل الاطراف المعارضة ادوات ليس الا وهو مانرفضه.
كما اكدت النائب عن محافظة ديالى، نورس محمود العيسى، ان هناك عصابات مأجورة تسعى لإشاعة الفوضى في المحافظة.
وذكرت العيسى في بيان: "لم نكن بحاجةٍ لموقفٍ جديد حتى تُزاح الاقنعة وتظهر الحقيقة "المافيوية" "العصاباتية" التي تملأ نفوس البعض، وتسيطر على عقولهم وتفكيرهم، والتي سلبوا من خلالها بالأمس مقدرات المحافظة وخيراتها، ويحاولون اليوم سلب حقوق اهلها واستحقاقهم".
وأضافت، ان "ما جرى من استهداف لمضيف عضو مجلس محافظة ديالى عمر الكروي، مؤشرٌ خطير يكشف جانبًا من حقيقة الوضع الأمني في المحافظة، وما تسعى له بعض العصابات المأجورة لإشاعة الفوضى فيها".
وأضافت، ان " هذا الامر يستدعي تدخلًا مباشرًا وعاجلًا من القائد العام للقوات المسلحة، ووزيري الدفاع والداخلية ،لوأدِ نار الفتنة التي تسعى بعض الاطراف لإشعالها، وردع المسيئين والخارجين عن القانون، ومحاسبة المقصرين الذين تقاعسوا عن اداء واجباتهم والسماح للعصابات المنفلتة بالتنقل دون مساءلة".
ويضم مجلس محافظة ديالى، 7 جهات واحزاب سياسية مختلفة، يتصدرهم بالمرتبة الاولى تحالف ديالتنا الوطني بـ4 مقاعد من اصل 15 مقعدًا، وهذا التحالف يعود لمحافظ ديالى السابق مثنى التميمي وهو احد اعضاء التحالف الفائزين بمجلس المحافظة، ويضم التحالف ايضا عضوا تميميا اخر، وهو رعد التميمي، وكذلك نائبين اخرين.
ويضم المجلس ايضا، كلا من حزب تقدم 3 مقاعد، والسيادة 3 مقاعد، وعزم مقعد واحد، وهي كتل سنية، فضلا عن تحالف الاساس مقعد واحد، وتحالف استحقاق ديالى وهو يعود لهادي العامري بمقعدين، بالاضافة الى الاتحاد الوطني الكردستاني بمقعد واحد.
وفي قراءة للخلفيات السياسية للاعضاء الذين تم تهديدهم او الذين اصدروا بيانات ومواقف ضد التهديدات، فهم كل من عضو مجلس محافظة ديالى عمر الكروي وهو من تحالف السيادة، ودريا خير الله من تحالف الاساس، كما اصدر رعد الدهلكي من تحالف العزم موقفا ضد الحادثة والتهديد، بالاضافة الى اعلان ناهدة الدايني تعرضها لتهديد وهي من تحالف السيادة فضلا عن رشيدة الدايني عضو مجلس محافظة ديالى من السيادة ايضا تعرضت للتهديد، كما اصدر عضو لجنة الامن النيابية احمد الموسوي عن كتلة صادقون، موقفا ضد التهديد وطالب القوات الامنية باخذ دورها فورًا.
اما حزب تقدم، فلقد ظهر منه موقف ايضا قبل ايام من قبل عضو مجلس محافظة ديالى عن تقدم نافع مظهر الجبوري والذي طالب بحل مجلس محافظة ديالى، وهو ما يشير الى "اليأس" من ان يمضي المجلس بطريقه.
يتضح مما سبق ان هنالك 4 جهات تعرضت للتهديد من اصل 7 جهات، كما ان جهة واحدة "يائسة" من المجلس، فيما تبقى كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني وتحالف ديالتنا الوطني التابع للمحافظ السابق مثنى التميمي، مواقفها غير واضحة، لكن يظهر بالمقابل اصرار كبير من قبل عشائر بني تميم على ضرورة تجديد المنصب للمحافظ السابق مثنى التميمي، مع فشل مبادرات هادي العامري ونوري المالكي في تقديم اسم شخصية توافقية للمنصب الذي تصر عليه بني تميم للابقاء على المحافظ السابق، مقابل رفض القوى السنية التجديد للتميمي، كما تطالب ايضا بمنصب المحافظ، على اعتبار ان القوى السنية حاصلة على 7 مقاعد وهو ذات العدد الذي حصلت عليه القوى الشيعية في مجلس ديالى والبالغ 7 مقاعد ايضا، مقابل مقعد واحد للكرد.
وعلى الرغم من وصول الأزمة إلى ذروتها، اكد رئيس السن في مجلس ديالى تركي العتبي، أمس الاثنين، الاقتراب من حسم ولادة حكومة ديالى.
وقال العتبي وهو قيادي في ائتلاف دولة القانون ان "ائتلافه ماض في مشروعه لتشكيل حكومة ديالى المحلية بعد طرح مرشح لمنصب المحافظ وبدء المشاورات مع بقية القوى السياسية".
واضاف، ان "هناك حسم قريب وولادة حكومة المحافظة المحلية بعد تجاوز العديد من العقبات والوصول الى توافقات مبدئية مهمة ستخرج نتائجها في الايام المقبلة".
واوضح، ان "هناك 3 ثوابت وطنية في طرح رؤيته في اللقاءات مع بقية القوى وهي تشكيل حكومة توافقية خدمية تشمل المكونات الاساسية وتسعى الى وضع خارطة اعمار حقيقية مع دعم التغير الذي يقود الى اعطاء رسائل تعزز الخدمات والاعمار".
واشار الى ان "عقد جلسة التصويت على حكومة ديالى بات قريبا جدا في ضوء ما تحقق من نتائج ايجابية في اللقاءات خلال الايام الماضية".