رئاسة البرلمان تدافع عن أربيل.. هجوم على قرار طيف سامي وتصدٍ من نواب الوسط والجنوب

انفوبلس/ تقارير
في بيان مفاجئ وُصِف بالمهزلة السياسية، شنّت رئاسة البرلمان هجوماً لاذعاً على قرار المركز بوقف تمويل رواتب الإقليم نظراً لتجاوز حصته في الموازنة، بل ذهبت بعيداً لتدافع عن أربيل على حساب بغداد، خطوة أثارت جدلا واسعا أصدر على إثرها نواب الوسط والجنوب بياناً تبرّأوا فيه من الرئاسة وأكدوا أن موقفها هذا لا يمثل النواب، فماذا كان موقف باقي الكتل؟ وما تفاصيل بيان البرلمان بالضبط؟
بيان البرلمان
رغم عدم التزام الإقليم بتسليم ما عليه من مستحقات، فاجأت رئاسة مجلس النواب الجميع يوم أمس عندما شنّت هجوماً لاذعاً على قرار وزارة المالية الاتحادية الأخير والقاضي بوقف تمويل رواتب موظفي كردستان كون الأخير تجاوز حصته في الموازنة.
وأعربت رئاسة مجلس النواب، عن "أسفها لقرار وزارة المالية في الحكومة الاتحادية بقطع رواتب موظفي إقليم كردستان، فيما أشارت الى أن ذلك سيضرّ بالمواطنين".
وقالت الرئاسة في بيان ورد لشبكة انفوبلس، إنها "تعرب عن أسفها الشديد لقرار وزارة المالية في الحكومة الاتحادية بقطع رواتب موظفي إقليم كردستان العراق"، مبينة أن "هذا الإجراء سيضر حتماً بالمواطنين في الإقليم ويخلق أزمة اقتصادية".
وأضافت، إن "ذلك هو مخالف لقرارات المحكمة الاتحادية وللدستور الذي ضمن حقوق كافة المواطنين في جميع المحافظات"، داعية "الحكومة الاتحادية الى العدول عن القرار سيما نحن على أعتاب عيد الأضحى المبارك، ويجب عدم ربط قوت الشعب ومستحقاته بالقضايا السياسية والمسائل الفنية".
وتابعت، إن "الجلوس على طاولة الحوارات والتفاهمات هو الطريق الأمثل لحل المشاكل والملفات ومعالجة القضايا بين بغداد وأربيل".
وأثار هذا البيان سخطا شعبيا كبيرا لاسيما وأن أربيل لم تسلم الإيرادات النفطية وغير النفطية للمركز لهذا العام وأغفل البرلمان عن ذكر ذلك مكتفياً بالاعتراض على قرار وزارة المالية.
انتقاد نيابي لبيان البرلمان: لا يمثلنا
عقب بيان رئاسة مجلس النواب، انتقد نواب الوسط والجنوب ما جاء به معتبرين أنه لا يمثل نواب المجلس.
وقال النواب في بيان ورد لشبكة انفوبلس، "نستغرب ونستهجن بيان رئاسة مجلس النواب بشأن قضية رواتب موظفي الاقليم"، مؤكدين أن "البيان لا يمثل نواب المجلس ولا ممثلي الشعب ويبين انتقائية واضحة بتشخيص الازمة وهي خيانة للأمانة التي اوكلت اليهم وسنقوم بمقاضاتهم امام المحكمة الاتحادية لحنث اليمين واما القضاء الجزائي لسوء استخدام السلطة".
وحمل بيان النواب رئاسة المجلس "المسؤولية التقصيرية للواجبات الرقابية والتشريعية بشأن الخروقات التي تحصل من سلطات الاقليم غير الشرعية وعدم التصدي لمعالجتها في مجلس النواب العراقي"، مضيفا "بيان ما يسمى رئاسة مجلس النواب تغافل عن عمليات التهريب المنظمة للنفط ومشتقاته من ثروات العراق رغم قرارات محكمة باريس والمحكمة الاتحادية اي لم يشر الى التقصير القانوني المتعمد لحكومة الاقليم غير الشرعية بالاستيلاء على اموال الشعب وعدم تسديدها للخزينة العامة بل حتى عدم تسديدها لخزينة الاقليم وتوضع بحسابات شخصية خارج العراق".
مقارنة بين الإقليم والبصرة
وأشار البيان الى أنه "لو افترضنا أن البصرة او المحافظات المنتجة للنفط او الفقيرة تأخرت بإرسال مواردها للخزينة العامة للدولة وقطع موازنتها هل سيكون هناك ردة فعل مشابهة لرئاسة المجلس كما حصل مع قضية موظفي الاقليم"، مردفا "لم نسمع الرئاسة تكلمت بقضية خور عبد الله او الاعتداء الذي وقع على التربويين والفلاحين والتدخل في ايجاد بدائل لساكني العشوائيات من الطبقات الفقيرة".
-
جبهة الوسط والجنوب
وشدد البيان "أننا نرى ان قيام الحكومة بضرب القوانين لصالح الاقليم رغم خروق حكومة الاقليم قد تسبب بهذه الكارثة لا سيما عدم توطين رواتب موظفي الاقليم بالمصارف الحكومية وبقائها تحت سلطة الحزب الديمقراطي"، مؤكدا أنه "بحسب مصادرنا من الموظفي الاقليم ان المشكلة هي فنية ومالية بعدم وجود اجراءات كمسك السجلات وموازين المراجعة للحسابات والموازنات في الاقليم وعدم الرد على بيان المالية الاتحادية بلغة الارقام وانما ذهبوا للتهويل السياسي والحزبي للتغطية على سرقاتهم وفشلهم في معالجة رواتب الموظفين".
وتابع بيان نواب الوسط والجنوب "نشد على قرارات وزارة المالية بالحفاظ على حقوق وثروات البلاد وشعبنا الصابر في اقليم كردستان"، داعيا "حكومة الاقليم غير الشرعية والمعطلة لتشكيل الحكومة الجديدة رغم مضي عام على اعلان النتائج والالتزام بالدستور والقوانين الاتحادية التي تنظم ثروات البلد".
دولة القانون تصف بيان البرلمان بـ"المهزلة"
بدوره، وصف ائتلاف دولة القانون، اليوم الخميس، بيان رئاسة مجلس النواب الذي دعا الحكومة الاتحادية إلى العدول عن قرار حجب رواتب موظفي إقليم كردستان بأنه "سابقة خطيرة" و"مهزلة سياسية"، معتبراً أن صرف الرواتب دون التزام الإقليم بتسليم الإيرادات الاتحادية يمثل انتهاكا صارخا للقوانين.
وقال القيادي في الائتلاف والنائب السابق جاسم محمد جعفر في حديث له تابعته شبكة انفوبلس، إن "صدور بيان من رئاسة مجلس النواب يطالب بصرف رواتب الإقليم، في وقت يمتنع فيه الأخير عن تسليم عائدات النفط والمنافذ الحدودية، يعد استهانة بالقانون وتجاوزاً على حقوق بقية المحافظات".
وأضاف، أن "بيان الرئاسة صدر عن جهة يفترض أن تكون ضامنة لتنفيذ القوانين، لا داعية لتجاوزها، خاصة وأن عضوين من هيئة الرئاسة ينتميان للمكون الكردي، ما يطرح تساؤلات عن الحيادية والموقف الوطني"، واصفًا البيان بـ"المهزلة التي أثارت استياءً شعبياً وسياسياً واسعاً".
وأشار جعفر إلى أن "الأولى برئاسة البرلمان أن تطالب بصرف مستحقات المحافظات النفطية من أموال البترودولار، وتحسين الواقع البيئي ومكافحة الأمراض الناتجة عن استخراج النفط، بدلاً من المطالبة بصرف أموال الإقليم دون غطاء قانوني".
جذور الأزمة
وتعود جذور الأزمة إلى الخلاف المزمن حول آلية توزيع الثروات والتزامات الطرفين، إذ تتمسك الحكومة الاتحادية في بغداد، بموقفها الذي يربط تحويل الأموال إلى الإقليم بتسليم كامل إيرادات النفط من حقول الإقليم، فضلا عن الجباية، والجمارك، والضرائب المحلية، باعتبارها من موارد الدولة السيادية التي يجب أن تدخل ضمن حسابات وزارة المالية.
وبموجب قانون الموازنة العامة الاتحادية للسنوات 2023–2025، خُصص لإقليم كردستان نسبة 12.67% من إجمالي الإنفاق العام، مقابل التزامه بتسليم 400 ألف برميل نفط يومياً إلى شركة التسويق الوطنية “سومو” فضلاً عن تحويل الإيرادات غير النفطية، والتي تشمل الضرائب والجباية والرسوم الجمركية المحلية.
تؤكد وزارة المالية الاتحادية، أن الإقليم لم يلتزم بهذه الضوابط، مشيرة إلى أن الإيرادات الكلية التي حققها الإقليم منذ بداية عام 2023 حتى نيسان 2025 بلغت نحو 19.9 تريليون دينار، في حين لم يتم تسليم سوى 598.5 مليار دينار منها إلى الخزينة الاتحادية.
في المقابل، تزعم حكومة الإقليم إنها لم تتسلّم سوى 4.22 تريليونات دينار فقط من أصل 13.33 تريليون دينار مخصصة لرواتب الموظفين، أي ما يعادل 31% من مستحقاتها المالية، محذّرة من استخدام ملف الرواتب أداة للضغط السياسي.
ويتخذ الخلاف بين أربيل وبغداد، حول قطع الأخيرة تمويل رواتب موظفي الإقليم، أبعادا سياسية واقتصادية معقدة، وسط خلافات متراكمة، أبرزها ملف النفط والاتفاقيات الثنائية مع شركات أمريكية، بحسب مختصين.
يأتي ذلك، بعد أيام من تفجر أزمة بين الجانبين إثر توقيع حكومة إقليم كردستان، اتفاقيتين نفطيتين مع شركتين أميركيتين لاستثمار حقلي ميران وتوبخانه – كردمير في محافظة السليمانية، وهو ما رفضته وزارة المالية داعية إلى الالتزام بالدستور الذي ينظم العلاقة النفطية بين بغداد وأربيل.
وإثر ذلك، دخلت العلاقة بين حكومتي بغداد وأربيل، منعطفا خطيراً بقرار وزيرة المالية وقف صرف رواتب موظفي إقليم كردستان، بسبب عدم حسم ملف عائدات النفط من حقول الإقليم المتوقفة منذ عامين، وقد تسبب القرار بردود فعل غاضبة من الجانب الكردي، وسط تلويح بإمكانية الانسحاب من العملية السياسية في بغداد.