زيارة مرتقبة لأردوغان إلى العراق.. تخطيط لزيادة الإطلاقات المائية.. تعرف على أسباب الزيارة وأبرز ملفاتها
انفوبلس/ تقارير
بالتزامن مع زيارته المرتقبة إلى بغداد، يخطط الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لزيادة الإطلاقات المائية إلى العراق عبر إطلاقتين تكون الأولى قبل الزيارة والثانية بعدها، في خطوة عدَّها مراقبون بالمخادعة للعراقيين وذلك بعد تسبب أنقرة بتعطيش العراقيين وأهوارهم وتهديد ثروتهم الحيوانية إثر قطعها للمياه عن نهري دجلة والفرات. فما هي ملفات هذه الزيارة وهل ينخدع العراقيون بكرم "الباشا"؟.
*زيارة أردوغان للعراق وأبرز ملفاتها
وبهذا الصدد، كشفت مصادر خاصة، عن زيارة مرتقبة سيجريها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى العراق بعد انتهاء مراسم زيارة العاشر من محرم الحرام في الأسبوع المقبل.
وذكرت المصادر، أن "الزيارة ستناقش جملة من القضايا إلا أن القضية الأساس فيها ستكون ملف المياه".
وتابعت، "هناك رغبة تركية للمساهمة في طريق التنمية فضلا عن مناقشة ملف إعادة تصدير نفط الإقليم عبر جيهان التركي وملف حزب العمال الكردستاني".
وأوضحت المصادر، "ستكون هناك إطلاقتين للمياه الأولى زيادة نسبية قبيل زيارة أردوغان والأخرى بعد أو خلال الزيارة"، مشيرة إلى أن "تركيا تعاني من حرج في خزن المياه وما له من تأثيرات على قشرة الأرض".
*السوداني يناقش الزيارة مع السفير التركي
من جانبه، استقبل رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، صباح اليوم الثلاثاء، السفير التركي لدى العراق علي رضا كوناي.
وذكر المكتب الاعلامي لرئيس الوزراء في بيان ورد لشبكة انفوبلس، أنه "جرى خلال اللقاء، استعراض أوجه التعاون بين العراق وتركيا وسبل تعزيز العلاقات الثنائية وتطويرها، بما يخدم مصلحة الشعبين الصديقين".
وأضاف البيان، أن "اللقاء شهد البحث في الزيارة المرتقبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى العراق، وإقامة منتدى العمل الاقتصادي المشترك بين البلدين في البصرة، فضلاً عن التداول بشأن مساهمة تركيا في مشروع طريق التنمية إلى جانب بقية دول الجوار، وملف المياه المشتركة وخطط إقامة مركز قياس مشترك على الحدود العراقية التركية".
وأكد السوداني خلال اللقاء "دعمه للتوجه الاقتصادي والتجاري بين البلدين، بما يطور مستوى الشراكة والترابط الاقتصادي والاستثمار، وضرورة تفعيل اللجان المشتركة لمتابعة تنفيذ مذكرات التفاهم والاتفاقيات الثنائية بين البلدين الجارين".
*وعود أردوغان ومبعوثيه
لقد حرص أردوغان على إطلاق الوعود دون تنفيذها، وهذا ما يبرهنه حديث مبعوثه فيسيل أوروغلو عندما أبدى قبل عام من الآن استعداده للتعاون مع العراق بـ"الإيعاز لمؤسسة المياه والسدود التركية لزيادة الإطلاقات المائية خلال الأيام القليلة القادمة وحسب الخزين المتوفر لديهم".
لكن حديث المبعوث التركي بقي حبراً على ورق، إذ وعلى العكس تفاقمت المشكلة بعدها وزاد قطع المياه عن العراق وتعطيش أهواره حتى وصل الأمر إلى جفاف حتى دجلة والفرات بفترة من الفترات.
*أنقرة: دجلة والفرات نهران تركيان!
تستند تركيا في تفسيرها لطبيعة نهري دجلة والفرات إلى نظرية قديمة تمنح الدولة السيادة المطلقة في التصرف بما يقع ضمن أراضيها، بما في ذلك مياه الأنهار، دون قيد أو شرط. وطبقا لذلك، فمن حقها إقامة ما تشاء من مشاريع للانتفاع بهذه المياه، وإحداث أي تغييرات فيه، بما في ذلك تغيير مجرى النهر بغض النظر عما يترتب عليه من أضرار بمصالح الدول الأخرى.
وعلى هذا الأساس، ترى تركيا أن نهري دجلة والفرات ليسا نهرين دوليين كي تنطبق عليهما أحكام القانون الدولي للمياه، وتطلق عليهما في المقابل وصف المياه العابرة للحدود وذلك كونهما ينبعان ويتغذيان ثم يجريان عبر الأراضي التركية.
وتُصر تركيا على اعتبار حوضي دجلة والفرات مجرى مائيا واحدا، وليس حوضين منفصلين بحكم أن النهرين يلتقيان عند المصب. ولهذا تعتبر أنه على العراق الاستغناء عن مياه الفرات، والاقتصار على الاستفادة من مياه نهر دجلة لتغطية وتعويض النقص الحاصل في مياه الفرات، باعتبار أن نهر دجلة لوحده كافيا للتنمية، حسب الرؤية التركية!.
*بغداد: دجلة والفرات نهران دوليان
تستند وجهة النظر العراقية إلى مبادئ القانون الدولي بشأن تنظيم استغلال المياه. فنهرا دجلة والفرات دوليان طبقاً لتعريف الأمم المتحدة الذي يقول إن النهر الدولي هو "المجرى المائي الذي تقع أجزاء منه في دول مختلفة".
ويرى العراق أن حوضي نهري دجلة والفرات مستقلان عن بعضهما، فلكل منهما حوضه ومساره ومنطقته. ويشدد أيضا على ضرورة التوصل إلى اتفاق ثلاثي، بين تركيا وسوريا وإيران، لتحديد الحصص المائية لكل دولة على أسس عادلة، وبالاعتماد على القانون والعُرف الدوليين.
وتدعو بغداد إلى اقتسام مياه نهري دجلة والفرات بين الدول الثلاث وفقا لمعادلة رياضية، تقوم فيها كل دولة بالإبلاغ عن حاجتها من المياه اللازمة لمشاريعها، وتشرف على العملية لجنة فنية مشتركة.
*اتفاقيات مع وقف التنفيذ
عقدت البُلدان المتشاركة في مياه نهري دجلة والفرات، العراق وتركيا وسوريا، العديد من الاتفاقيات والمعاهدات الجزئية طيلة السنين الماضية. كانت أولى هذه الاتفاقيات بين كل من تركيا من جهة، وبين فرنسا وبريطانيا الدولتين المنتدبتين على العراق وسوريا حينها من الجهة الأخرى. ونصت معاهدة لوزان في تموز 1923، في المادة 109 منها، على "المصالح والحقوق المكتسبة" التي يجب الحفاظ عليها من خلال اتفاق يُعقد بين الدول المعنية، كما أشارت إلى أنه "في حال تعذر الاتفاق بين الدول المعنية بشأن هذا الموضوع فإنه يُحال إلى التحكيم".
وفي آذار 1946 عقد العراق مع تركيا معاهدة صداقة وحسن جوار ألحقت بها ستة بروتوكولات، تضمن الأول منها أحكاما تتعلق بتنظيم الانتفاع بمياه نهري دجلة والفرات وروافدهما. تضمن البروتوكول أربع قواعد رئيسية، هي: المحافظة على مياه نهري دجلة والفرات وروافدهما بصفة منتظمة، وتفادي حصول أضرار بسبب الفيضان في أوقات ارتفاع مستوى المياه، وأن للخبراء العراقيين الحق في زيارة المواقع التي تقوم عليها أعمال المحافظة على المياه، وأيضا إقامة أي مشاريع تثبت ضرورة إقامتها، وأن على تركيا تزويد العراق بالخرائط والمعلومات الخاصة بالمشاريع والأعمال التي تنوي تركيا أن تقيمها في المستقبل على نهري دجلة والفرات.
وفي عام 1972، وقّع العراق مع تركيا بروتوكولا للتعاون الاقتصادي والفني، تعهدت فيه تركيا باطلاع الجانب العراقي على برنامج ملء خزان سد كيبان، من أجل تأمين احتياجات العراق من المياه، وأن يباشر الطرفان في أسرع وقت ممكن مباحثات حول المياه المشتركة ابتداءً بنهر الفرات وبمشاركة جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك سوريا.
وتم توقيع بروتوكول آخر للتعاون الاقتصادي والفني بين العراق وتركيا في عام 1980، قضى بتشكيل لجنة فنية لتحديد الكمية المناسبة والمعقولة من المياه التي يحتاجها كلا البلدين، وعلى اللجنة أن تقدم تقريرها خلال مدة سنتين.
ومنذ ذلك التاريخ، عقدت اللجنة 16 اجتماعا، إلا أنها لم تسفر عن توقيع اتفاق ثلاثي بين العراق وسوريا وتركيا، ولم تحدَّد الحصة النهائية لكل دولة. ولم تتمكن أيضا من وضع خطة لعملها بسبب اختلاف وجهات النظر بين الأطراف.
واستمرت المفاوضات تراوح مكانها بين البلدين، حتى أعلنت وزارة الموارد المائية العراقية عن توقيع بروتوكول لتوزيع مياه دجلة في 16 أكتوبر 2021، اعتبرته الوزارة حينها الأول من نوعه.