سنجار تختنق مجددا بعد اتفاقية الكاظمي الفاشلة.. وثيقة للوئام الوطني دون علم الإيزيديين.. هل يقف القجقجي بارزاني خلف الموقّعين؟
انفوبلس/ تقارير
لم تهدأ الأوضاع في سنجار منذ الاتفاقية المشؤومة التي وقّعتها حكومة الكاظمي مع حكومة الإقليم والمعروفة باسم "اتفاقية سنجار" والتي عُدَّت بأنها إذعان للإقليم وخنوع له. فاليوم شهد القضاء توقيع ما تم تسميته بوثيقة "الوئام الوطني" وذلك تزامناً مع فتح باب الترشيح لمنصب القائممقام وانسحاب حزب بارزاني من اجتماع خاص بهذا الشأن. فما هي هذه الوثيقة؟ وهل هي تنفيذ جديد لاتفاقية سنجار الفاشلة؟ أم إنها محاولة جديدة للسيطرة على القضاء وإبعاد المكون الإيزيدي الذي عبّر عن استغرابه من توقيعها وأكد أنه لا يعلم بها، فماذا حدث؟ ولماذا انسحب حزب القجقجي مسعود من الاجتماع آنف الذكر؟ ولماذا أغفلت بنود الوثيقة عن العدوان التركي المستمر على القضاء رغم زعم الموقِّعون أن هدف الوثيقة هو حماية سنجار لاسيما على الصعيد الأمني؟
*وثيقة الوئام الوطني
انطلقت في شمال قضاء سنجار، اليوم السبت، مراسيم مؤتمر إعلان «وثيقة الوئام» والذي تقيمه جمعية التحرير بالتعاون مع المعهد الوطني الأمريكي للسلام وبمشاركة محافظ نينوى عبد القادر الدخيل.
وقال عبد القادر الدخيل محافظ نينوى خلال توقيعه ومصادقته على «وثيقة الوئام المجتمعي»، "نتعهد كحكومة محلية من خلال التوقيع على هذه الوثيقة بأننا سنقدم دعماً حقيقاً للمنطقة بالكامل بعد أن قدمنا مشروعاً متكاملاً لرئيس الوزراء يشمل خدمات المناطق المحرومة في مناطق غرب نينوى وخصوصاً أقضية تلعفر وسنجار والبعاج".
وفي إطار إجابته على سؤال آخر، نوّه الدخيل إلى أن مشاكل سنجار "حددت بالاتفاقية الموقَّعة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردسان، ولم يصدر شيء من الحكومة الاتحادية لحد الآن يلغي مضمون اتفاقية سنجار".
*ماذا تضمنت وثيقة الوئام؟
أعلنت قيادات مجتمعية وحكومية عن “وثيقة الوئام المجتمعي في شمال سنجار”، التي تضمنت 11 بنداً يلزم الأطراف بنبذ العنف واللجوء إلى القانون لتسوية النزاعات، كما يدعو إلى توحيد الملف الأمني وربط جميع القوات بقيادة موحدة، ونظم الاتفاق معهد الولايات المتحدة للسلام إلى جانب شركائه العراقيين.
*بنود الوثيقة
يزعم الموقعون على الوثيقة، أنها تهدف الى دعم سلطة الدولة والعمل التفاعلي لدعم مؤسسات الدولة بما يجعلها بدرجة عالية من الأهلية لتأمين متطلبات المحليين الرئيسية وإسعاف احتياجاتهم اللازمة.
وأيضا، دعم سلطة القانون وجعلها المرجع الرئيسي لإدارة الأمور في المنطقة وعدم اللجوء او القبول او دعم أي ممارسات من شأنها أن تتقاطع وقوة القانون. دعم القوات الامنية وتنمية الشعور بالمسؤولية لدى الأفراد المحليين بما يجعل مساهمتهم منتجةً في رفد القوات الأمنية بالدعم اللازم لإنفاذ القانون. . إشاعة روح المحبة والتسامح والعيش المشترك وتقبُّل ثقافة الرأي والرأي الآخر وجعل لغة الحوار اللغة السائدة في الوصول الى الأرضيات المشتركة.
وكذلك، نبذ العنف بكل صوره وأشكاله ومواجهته بالأفكار الصحيحة والمعتدلة والسعي لعدم منح أي فرصة تعمل على توليد الأفكار الراديكالية سواء كانت هذه الافكار دينية او قومية او أي سلوك ممكن أن يولّد بوابة للتطرف.
فضلا عن "التصدي لأي محاولة لزراعة الفتنة والتفرقة وتهديد اللحمة الاجتماعية".
وأضافوا، "في سبيل دعم الالتزامات المجتمعية المشار إليها أعلاه ودعم الوئام المجتمعي في شمال سنجار فإن المجتمعين يطلبون الدعم من مؤسسات الدولة العراقية والمجتمع الدولي في تنفيذ التوصيات التالية؛
. حسم ملف الإدارة في قضاء سنجار وإنهاء معاناة المحليين بتحمل عناء وتكاليف التنقل لمسافات بعيدة لإنجاز معاملاتهم الضرورية وذلك لكون الوحدة الإدارية حاليا خارج جغرافية المنطقة وتبعد مسافة طويلة عنها.
. توحيد الملف الأمني وجعل جميع القوات الأمنية ترتبط بإدارة واحدة تأتمر بأوامر الحكومة وتسير ضمن منهجيتها الامنية.
. تنظيم حملات فعَّالة لإسعاف ما واجهته سنجار من خراب ودمار إبان سيطرة التنظيم الارهابي أو من خلال العمليات العسكرية، فإن حجم الدعم والإسناد في مجال إعادة الإعمار كان خجولا ولا يتناسب وحجم الدمار.
. إنجاز وعلى وجه السرعة معاملات التعويض والاستحقاق للشهداء والمفقودين الذين قضوا نتيجة الإرهاب أو أثناء عمليات عمليات التحرير لازال الغالبية الكبرى من أهالي شمال سنجار لم يحصلوا على التعويض المناسب لما لحق بممتلكاتهم من تدمير وخراب ويواجهون تحديا بارزا في الإجراءات الروتينية التي تحول دون الحصول على استحقاقاتهم ولذلك نرى أن الخيار الأمثل في إيجاد تسهيلات قانونية تضمن إنجاز معاملات التعويض بالسرعة الممكنة.
. بالنظر للتغير المناخي وتهديد المعيشة التي تعاني منه المنطقة نتقدم بالطلب الى الحكومة الاتحادية والحكومة المحلية لإسعاف المحليين بمشروع إيصال ماء الشرب وكذلك مشروع إروائي يستثمر المناطق الواسعة بعمليات الزراعة وهذا يرفد الاقتصاد الوطني بأكثر من جانب.
*الإيزيدون يبدون موقفا من الوثيقة: لم تتم دعوتنا!
وعقب توقيع الوثيقة وإعطائها أهمية من الموقعين مشابهة لأهمية اتفاقية سنجار الفاشلة، بين ممثل الكوتا الإيزيدية في مجلس محافظة نينوى عيدان الشيخ كالو، موقفه من وثيقة الوئام المجتمعي التي تم توقيعها اليوم بين العشائر العربية والإيزيدية التي تسكن شمال جبل سنجار.
وقال كالو، "إنني كممثل عن المكون الإيزيدي في مجلس محافظة نينوى (عيدان الشيخ كالو) لم يتم دعوتي للاجتماع الذي عُقد في الموصل بخصوص إعلان مايسمى بوثيقة الوئام المجتمعي في شمال سنجار".
*تحذير من إهمال دور التمثيل الإيزيدي في سنجار
وأشار ممثل الإيزيديين إلى، أن "أي إهمال من قبل أي جهة حكومية أو غير حكومية لدور التمثيل الإيزيديفي المحافظة مرفوض وهذا الموقف ليس لأمور شخصية متعلقة بي لكن متعلقة بكوني ممثل الكوتا الايزيدية في مجلس المحافظة وبغض النظر عن مضمون الوثيقة سواء أكانت إيجابية أم سلبية".
وتابع، "هذا الموقف اتخذه ليعلم الشارع الإيزيديبأنني لن أتخذ أي قرار انفرادي وأدافع بقوة عن حق التمثيل الشرعي للإيزيدية في جميع المحافل. بالرغم من أن ماجرى هو نشاط لمنظمة إلا أنني أُعلن هذا الموقف لكثرة الاتصالات بي منذ الصباح من داخل وخارج العراق وبناءً على ذلك أعلن عن موقفي هذا".
*توقيع بالتزامن مع اختيار قائممقام سنجار
لقد أثار توقيع الوثيقة في الوقت الراهن العديد من الشكوك بصدق نوايا موقِّعيها، حيث تزامن التوقيع بالتزامن مع الحراك الجاد لحسم منصب قائممقام سنجار والذي أكدت مصادر خاصة أن تنصيب قائممقامجديد لقضاء سنجار في نينوى سيُحسم بداية الأسبوع المقبل.
وأضافت، أن "رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أمر باختيار قائممقام جديد لسنجار خلال الأسبوع المقبل، مشيرة الى أن توجه حكومي بقيادة السوداني لاختيار قائممقام جديد لسنجار والمباشرة بإعمار القضاء وإعادة النازحين إليه".
*انسحاب البارتي
المصادر أكدت أيضا، أن ممثلي الحزب الديمقراطي الكردستاني انسحبوا من اجتماع حسم منصب قائممقام سنجار بحضور اليكتي وممثلي العرب والإيزيديين.
وأضافت، أن ممثلي حزب مسعود بارزاني طالبوا بتطبيق اتفاقية سنجار بين بغداد وأربيل ثم انسحبوا من اجتماع حسم منصب قائممقام سنجار.
*اتفاق سنجار
في عام ٢٠٢٠، أعلنت الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان توصلهما لاتفاق حول إدارة مدينة سنجار، وصفه الطرفان بـ"التاريخي،" وذلك بعد سنوات من الخلاف الذي حال دون عودة عشرات آلاف النازحين الذين شرَّدهم تنظيم داعش عند سيطرته على المنطقة عام 2014.
وينص الاتفاق على اختيار إدارة محلية جديدة لقضاء سنجار وتسلم الشرطة المحلية للملف الأمني، بالإضافة إلى تعزيز هذا الملف بتوظيف 2500 عنصر أمني جديد وإخراج أي جماعات مسلحة، ومن بينها منظمة حزب العمال الكردستاني التي تصنفها تركيا بأنها إرهابية من القضاء.
لكن الاتفاق حُكم عليه بالفشل، وهو ما حدث كون بنوده كانت أمام الرأي العام فقط وأنه يهدف الى تسليم سنجار للإقليم ومنحها صلاحية التحكم بكل ما في داخله وهذا ما رفضته القوى الشيعية وأجهضت الاتفاق بكل طرق.
وحول ذلك، عبَّر عضو مجلس النواب أحمد الكناني عن استغرابه من وصف الاتفاق بالتاريخي، متسائلا عن مدى إمكانية أن يصب الاتفاق بمصلحة الإيزيديين.
من جانبه، رفض السياسي الإيزيدي فهد حامد، اتفاق سنجار الموقَّع بين بغداد وأربيل، مؤكداً أن، تصريحات مسعود بارزاني محاولة بائسة لتأجيج الرأي العام.
في المقابل، رفض محمد مهدي البياتي، عضو تحالف الفتح، ما حصل في سنجار، واصفاً الاتفاق بأنه خضوع وخنوع لـ"دولة كردستان" غير المعلنة.
*الوئام الوطني.. تنفيذ جديد لاتفاقية سنجار الفاشلة!
بعد توقيع الاتفاقية، وترامنها مع جملة أحداث سياسية بارزة في البلاد، كالخلافات على منصب قائممقام سنجار والهجمة التي تتعرض لها المحكمة الاتحادية من قبل مسعود بارزاني، رأى مراقبون أن الأخير هو مَن يقف خلف التوقيع هذا.
وأضافوا، إن الوئام الوطني همَّش مجددا الإيزيديينفي سنجار ولم ينصفهم بل إن توقيعه جاء لتنفيذ اتفاقية سنجار الفاشلة واضطهاد المكون الايزيدي بدرجة أكبر.
وبينوا، أن بارزاني يسعى لتكريد سنجار بالكامل من خلال تهجير الايزيديين كما فعل في دهوك، مشيرين الى أن محاولاته عقد اتفاقيات ومواثيق جديدة ما هي إلا رغبات حقيقية لإعادة تنفيذ اتفاقية سنجار التي تمنح له كل أحلامه في القضاء.
*إغفال العدوان التركي على سنجار
تتعرض منطقة سنجار، الذي تتركز فيه الأقلية الإيزيدية في العراق، لهجمات تركية متكررة بزعم استهداف مقار حزب العمال الكردستاني.
وقال محللون، إن الإجراءات التي تتخذها حكومة الإقليم تجاه الاعتداءات التركية تكاد معدمة في حين تقابلها الحكومة المركزية بإجراءات جيدة لكنها "غير كافية".
ورغم أن موقِّعي وثيقة الوئام الوطني زعموا أن هدفهم الأول هو حماية سنجار وتوفير الأمن فيها، إلا أن اللافت هو عدم تطرق الوثيقة في بنودها الى العدوان التركي المستمر على القضاء.
ولم تتضمن بنود الوثيقة أي نقطة أو اتفاق ينص على ردع العمليات العسكرية التركية في القضاء ومحاسبة أنقرة على ذلك، وهذا ما جعل الكثير يحكم على هذه الوثيقة بالفشل كما اتفاقية سنجار السابقة كونهما واضحتَي المآرب والمطامع.