صدام بالذكرى الـ 17 لإعدامه.. هكذا حاول القذافي تهريبه وهكذا وجد المالكي "تخريجة" وأعدمه.. إليك ما لا تعرفه عن أسرار "حبل المشنقة"
انفوبلس/ تقارير
مرّ 17 عاما على إعدام الطاغية صدام، إلا أنّه ما زال يحمل تفسيرات وتأويلات متباينة إلى حدٍ ما، مع جملة من الخفايا والأسرار ما زالت ترافقه دون إجابة واضحة عليها، أبرزها يدور حول نيّة أطراف خارجية تهريب صدام وقصة مليارات الدولارات من قبل القذافي لتنفيذ ذلك، إضافةً إلى أسباب اختيار هذا التوقيت تحديدا لتنفيذ الحكم. انفوبلس سلّطت الضوء على الذكرى السابعة عشرة لإعدام الطاغية وستجيب على العديد من الأسئلة التي بقيت عالقة تنتظر من يزيح غبار الغموض عنها.
*كواليس قرار الإعدام و"تخريجة" المالكي لتنفيذه
كان هناك تسعة قضاة في محكمة التمييز - في وقتها - اثنان منهم قالا صراحة: "لن نوقع على حكم الإعدام"، وسافر أحدهما إلى السعودية والآخر لأربيل، أما السبعة الباقون، فكان من رأي أربعة من القضاة تنفيذ حكم الإعدام بحق صدام، وثلاثة قضاة مع تأجيل الحكم لفترة بعيدة، لكن وبعد المناقشة وقّع القضاة السبعة على الإعدام. وذلك وفق القاضي منير حداد الذي أشرف على عملية إعدام الطاغية.
وفي رده على سؤال عما إذا كان القضاة الراغبون بإعدام صدام من طائفة واحدة، أكد حداد، أن "القرار ليس له علاقة بالسنة أو الشيعة، بل أصبحت هناك قناعة لإعدامه".
وتم إرسال الطلب - بحسب القاضي حداد - إلى رئيس الوزراء وقتها نوري المالكي، الذي أرسله بدوره لرئيس الجمهورية جلال طالباني، لكن الأخير بعث رسالة مفادها، أنه "بمرور المدة القانونية لا يحتاج الإعدام إلى مرسوم جمهوري".
لذلك قامت رئاسة الوزراء بإيجاد "تخريجة" باتفاق القاضي حداد مع نوري المالكي ومدير مكتبه طارق نجم عبدالله بإصدار أمر ديواني بتوقيع رئيس الوزراء لتنفيذ حكم الإعدام باعتباره رئيس السلطة التنفيذية في ذلك الوقت، وتم التوقيع على حكم إعدامه في يوم 26، وتم التنفيذ يوم 30 من الشهر نفسه.
*حداد والمالكي
نُقل صدام إلى سجن كان مقراً لمديرية الاستخبارات العسكرية في السابق بمنطقة الكاظمية في بغداد، لتنفيذ حكم الإعدام فيه، وكان من المفترض أن ينفذ الحكم بحق صدام قاضي جنح من منطقة الكاظمية أو قاضي تحقيق.
لكن رئيس مجلس القضاء الأعلى في ذلك الوقت مدحت المحمود، رفض ترشيح قاضي تحقيق أو قاضي جنح من المنطقة، وقال إن القضاء منفصل عن المحكمة الجنائية العراقية العليا، لذلك ليست له علاقة بهذه القضية، وفق ما نقله القاضي حداد عنه.
من جهتهم، لم يقبل القضاة في المحكمة الجنائية العراقية العليا تنفيذ حكم الإعدام بحق صدام، إذ قال القاضي حداد: "لذلك ذهبت أنا شخصياً ونفذت الحكم لتحقيق العدالة، ولولاي ولولا المالكي لما أُعدم صدام حسين".
*تهريب صدام.. قطر أولاً ثم القذافي
كانت هناك محاولة لتهريب صدام من السجن، حيث قال زعيم ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي في عام 2016، إن دولة قطر حاولت تهريب صدام حسين قبيل تنفيذ حكم الإعدام فيه.
وتابع المالكي، "كنت مدركاً جيداً للمؤامرة التي كانت تُحاك حول إعدام صدام.. والجانب الأميركي طلب تأجيل الإعدام 15 يوما أو إمهالهم لبعد العيد، ولكنني رفضت"، مشيرا إلى أن "الكثيرين من الذين كانوا معي خائفين من الإعدام.. ولكنني قلت هامساً إذا لم نعدمه اليوم فسيخرج الليلة من العراق".
واستطرد "أخيرا ظهرت محامية صدام، بشرى خليل، واعترفت بأنهم كانوا متفقين مع قطر والتي بدورها اتفقت مع مجلس الأمن الدولي لإصدار قرار بطعن المحكمة العراقية ونقل صدام للخارج".
وأكمل، "كان إصرارنا على الإعدام كبيرا وواجهنا تحديات كبيرة.. منها من رفض التوقيع ووزير العدل الذي هرب من التوقيع والذين كانوا يخشون من أن قرار الإعدام خطأ"، مبينا أن "الاعترافات الأخيرة أشارت إلى وجود مخطط وأموال ضخمة مدفوعة لتهريب صدام من العراق".
أمّا عن محاولة الرئيس الليبي الراحل معمّر القذافي تهريب صدام، فقد أكد حداد ذلك، مؤكدا أن المعارضة الليبية نشرت وثائق بهذا الخصوص بعد الإطاحة بالقذافي، كما أكدت مستشارة القذافي إعطاء البعثيين ملايين الدولارات لتهريب صدام، وقالت إنهم تسلّموا الأموال لكن لم يفعلوا شيئاً.
وأشار حداد، في هذا الصدد، إلى أن القذافي تنبأ في خطابه بإحدى القمم العربية بألّا يفرحوا بإعدام صدام لأن مصير رؤساء العرب سيكون مشابهاً لمصير صدام، وفعلاً هذا الذي حصل.
وأكد، بحسب معلومات حصل عليها أن "الرئيس الليبي السابق معمر القذافي كان يسعى إلى رشوة الحراس الأمريكيين بمبالغ طائلة لتهريب صدام حسين".
ولم تكن هذه المحاولة الوحيدة لتهريب قادة النظام السابق - كما يؤكد حداد - حيث كانت هناك محاولة لتهريب عبد حمود (السكرتير الخاص لصدام)، من قبل أحد الموظفين بصفقة 25 مليون دولار.
*سبب التعجيل بإعدام صدام
القاضي حداد، قال أيضا، إنه بالرغم من أن القانون العراقي لا يجيز إعدام أي شخص يوم عيده وأنه عندما تصادف الحكم مع عيد الأضحى أوقف الحاكم المدني الأمريكي آنذاك، بول بريمر، عقوبة الإعدام لكن "نحن الذين أعددناها بسبب معلومات وصلتنا عن محاولة تهريبه".
وأكد، بحسب معلومات حصل عليها أن "الرئيس الليبي السابق معمر القذافي كان يسعى إلى رشوة الحراس الأمريكيين بمبالغ طائلة لتهريب صدام حسين".
وشدد على أنه بسبب هذه المعلومات صدر الحكم بالإعدام على صدام من دون علم المستشارين الأمريكيين، خاصة أنهم كانوا يماطلون وحاولوا إرجاء الحكم 14 يوما.
*جرائم ضد الإنسانية
واتُّهم صدام بارتكاب عدّة جرائم ضد الإنسانية على مدى ربع قرن من حكمه للعراق (1979-2003)، إلى أن أُطيح به بالغزو الأميركي للبلاد.
ورغم أن القضاء العراقي اتهم صدام بتنفيذ جرائم بشعة ضد الإنسانية، ولاسيما المجازر التي ارتكبها بحقّ الكرد والشيعة، فإن محاولة اغتياله بالعام 1982 بقضاء الدجيل هي التي أوصلته الى حبل المشنقة.
فقد وقعت مجزرة الدجيل مطلع ثمانينيات القرن الماضي في بلدة تحمل هذا الاسم شمال بغداد، بعد هجوم على موكب الطاغية، وقُتل في المجزرة 143 شخصاً من سكان البلدة، ودُمّرت ممتلكات عديدة.
*ديكتاتور وطاغية
وفي هذا السياق، قال المؤرخ علاء لازم العيسى، إن "حادثة إعدام صدام رافقها الكثير من الجدل محلياً وعربياً ودولياً في وقتها، وقسم كبير كان فرحاً بإعدام صدام لأنه طاغية ومجرم، وبذكره تُستذكر المقابر الجماعية والاعتقالات، ولمجرد ذكر اسمه يثير الخوف والذعر، فقد كان مثالاً للدكتاتورية والطغيان".
وأشار العيسى إلى أن "قسماً من المعترضين كانوا يثيرون شبهة اعتبار صدام أسير حرب، وضرورة معاملته بطريقة مختلفة بهدف تخليصه من عقوبة الإعدام".
ورأى، أن "سرعة تنفيذ الحكم انقسمت فيها الآراء أيضاً، حيث إن بعضهم كان متوقعاً هذا المصير لصدام، والآخر أصابه الدهشة والذهول، فلم يكن يتصور في يوم ما أن يشاهد في حياته إعدام صدام".