ضربة اقتصادية للكيان تلوح بالأفق.. المنتجات الأميركية تتكدس وحملات المقاطعة تبدأ بحصد ثمارها.. هل يشرّع البرلمان قانونا لحظرها؟
انفوبلس/ تقارير
بعد فترة ليست بالطويلة من انطلاق حملات مقاطعة المنتجات الأميركية، ونبذها، وانتفاض العشائر ضدها، بدأت تلك الحملات بحصد ثمارها، وانخفضت أسعار السلع الداعمة للكيان الصهيوني عقب انعدام شبه كلي للإقبال عليها، ووسط كل ذلك نشطت مطالبات شعبية بضرورة تشريع قانون داخل قبة البرلمان يحظر التعامل مع تلك المنتجات. فما إمكانية ذلك؟ وكيف تضاعفت حملات المقاطعة بعد تدوينة العسكري؟
أهداف رئيسية وفرعية
كشف المسؤول عن حملات المقاطعة، عباس العطار، للجزيرة نت، أن الهدف الرئيسي للحملة هو المساهمة في الضغط لإيقاف حرب الإبادة في غزة ومساندة القضية الفلسطينية وجمع وتوحيد كلمة العراقيين وإظهار موقفهم الرافض لهذه الحرب الاجرامية.
ووفق العطار، فإن للحملة أهدافا أخرى منها نشر وتعزيز ثقافة المقاطعة وآثارها الاقتصادية على "الكيان الصهيوني" بين أوساط المجتمع العراقي، وبيان أهمية المقاطعة ودورها في قلب موازين القوى، فضلاً عن السعي إلى إحداث تأثير على المستوردين والتجار العراقيين للامتناع عن استيراد البضائع والمنتجات الداعمة للاحتلال.
وبحسب العطار، تستهدف الحملة الضغط على الحكومة العراقية لإصدار قرار يمنع دخول هذه البضائع إلى السوق العراقية، والتواصل مع قادة الرأي المجتمعي من قادة دينيين واجتماعيين وإعلاميين ومدونين وغيرهم من القوى الاجتماعية المؤثرة من نقابات واتحادات ومنظمات حقوقية لتثبيت المقاطعة.
مقاطعة بدأت بـ3 أشخاص ووصلت لـ4800
وعن التفاعل الشعبي مع حملة المقاطعة، أشار العطار إلى أنها بدأت بـ3 أشخاص ثم اتسعت لتصل إلى 4800 شخص في عموم العراق والتحاق ممثلين من 15 محافظة عراقية والعدد في تزايد.
ولفت العطار إلى، أن "صفحتنا على الفيسبوك نالَت ثقة كبيرة حتى أصبحت من صفحة لنشر أسماء المنتجات والبضائع الداعمة للكيان والدول الداعمة لهم، إلى صفحة استشارات وأسئلة تردنا من المواطنين للسؤال عن بعض المنتجات وما هي البدائل الوطنية".
وأشار العطار، إلى إعلان جمع كبير من العراقيين موقفهم المساند للحملة عبر اشتراكهم في العمل الميداني بالنزول إلى الشوارع والأماكن العامة وعمل ملصقات تبين المنتجات والشركات الداعمة.
وكشف العطار، عن إصدار قرار قضائي يمنع استيراد المنتجات الداعمة لإسرائيل.
الأمر قد يصل إلى البرلمان
وفي خضم كل ذلك، طالب عضو الحراك القانوني الشعبي أحمد شهيد، مجلس النواب بالإسراع بإعداد مقترح قانون حظر الشركات الامريكية والغربية الداعمة للكيان الصهيوني.
وقال شهيد في تصريح صحفي تابعته شبكة انفوبلس، إن "مقاطعة الشركات الداعمة للكيان الصهيوني سيكون ردا على استمرار استهداف المدنيين في قطاع غزة ".
واضاف، إن "القانون العراقي النافذ يحظر التعامل مع الشركات الصهيونية"، مشيرا إلى أن "المقاطعة يجب أن تشمل عشرات الوكالات والعلامات التجارية".
وأوضح شهيد، بأن "أهمية مثل هكذا تشريعات سيكون ردا على الجرائم والانتهاكات الوحشية الصهيونية على قطاع غزة".
بدأ جني الثمارإلى ذلك، كشفت الحملة أبرز المنتجات والشركات الداعمة لإسرائيل والمنتشرة في الأسواق العراقية. وأكدت أن ثمار المقاطعة بدأت بالظهور بعد رصدها البضائع الداعمة لإسرائيل تتكدس في المحال التجارية.
وبهذا الصدد، يقول أحد أصحاب محلات العطور والمواد التجميلية، إنه منذ الاحداث التي شهدتها غزة تراجعت مبيعات البضائع لشركات داعمة لإسرائيل، مشيرا إلى أن "هناك حملات مقاطعة للكثير من المنتوجات المتوفرة في السوق حيث شهدت كسادا كبيرا".
ورغم ذلك، أعرب صاحب المحل، عن سعادته بحملات المقاطعة الشعبية التي أطلقها عدد من الناشطين، معتبرا ذلك دلالة على وقوف الشعب العراقي مع معاناة الشعب الفلسطيني المنتصر بعزيمته وشهامته.
الحملة تضاعفت بعد تدوينة العسكري
في المقابل، قال متابعون للشأن المحلي، أن حملة مقاطعة المصالح الأميركية الداعمة للكيان الصهيوني زادت بعد التدوينة الأخيرة للمسؤول الأمني لكتائب حزب الله أبو علي العسكري.
ورأى هؤلاء، أن تدوينة العسكري أثمرت بالفعل، وزادت المقاطعة بعد أن استجاب الشباب الواعي لها.
وتابعوا، إن الحملات التي أُطلقت مؤخرا من قبل لواء حيدريون، وكذلك الاحتجاجات الرافضة لتواجد الوكالات والمطاعم الأميركية في العراق، وانتفاضة وجهاء وشيوخ عشائر البصرة، كلها جاءت بعد تدوينة العسكري وأَتت بثمارها الآن.
خسائر المقاطعة
تختلف خسائر المقاطعة وتعتمد على حجم المشاركة وتأثيرها، لكن الخسائر المتوقعة تعتمد على حجم المنتجات المستهدفة، ويمكن أن تتراوح بين فقدان فرص الاستثمار الأجنبي وانخفاض في الإيرادات التجارية، وفق حديث الخبراء في الاقتصاد الدولي.
من جهتها، قالت الأكاديمية والأستاذة في جامعة بغداد نهلة عبد الله نجاح، إنه عند متابعة الأسواق الكبرى في العراق نلاحظ هناك تخفيضات على بضائع الشركات الداعمة نظراً لقلة الإقبال عليها.
وأضافت: "الحملة ذات عمل جماعي ومنظم، وباشرت كلية الإعلام/ جامعة بغداد بحملة وانطلقنا بعدها بحملات هنا وهنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وكانت لها حملات إلكترونية في التواصل الاجتماعي على مستوى المنشورات والتصاميم وانتشرت حتى تطبيقات يتم بواسطتها تمييز الشركات الداعمة للاحتلال من عدمها مثل تطبيق "قضيتي".
وعن تجربتها تقول نهلة، إنها وزميلاتها وعائلاتهم مقاطعون للسلع الداعمة للاحتلال ويحرصون عند ارتياد أي مركز تسوق أو مطعم على إبلاغهم بضرورة الاستعانة بمنتجات بديلة لتلك الداعمة لإسرائيل إلى جانب أن الخطوة ستُعد دعماً للصناعة المحلية العراقية.
نبذ المنتجات الأميركية والتوجه نحو المحلية
من جهته قال أستاذ الاقتصاد الدولي نوار السعدي، إن المقاطعة سيكون لها تأثير على العديد من العوامل التي قد تؤثر بشكل مباشر على المنتج المحلي في الأسواق العراقية، مبينا أنه يمكن للوعي الاستهلاكي الذي يتم تعزيزه من خلال هذه الحملة أن يشكل دافعا للمستهلكين العراقيين للتحول نحو دعم المنتجات المحلية كجانب أخلاقي وطني؛ خاصة أن العراقيين سابقا قاطعوا بضائع دول الجوار لدعم المنتج المحلي.
وأضاف السعدي، إن المستهلكين يرون في اختيار المنتج المحلي فرصة للمساهمة في التضامن الاقتصادي مع الفلسطينيين ورفضا للمنتجات المرتبطة بالشركات الإسرائيلية، لذا فإن من شأن ذلك أن يسهم في تحسين سلسلة التوريد المحلية، وهو ما يؤدي إلى زيادة الطلب على المنتجات المحلية التي بدورها تحفز الاقتصاد المحلي وتخلق فرص عمل إضافية، وهذا يدفع نحو استقرار اقتصادي أكثر في العراق.
في المقابل، يكشف الباحث الاجتماعي، نور أحمد، بأن حملات المقاطعة لمنتوجات داعمة لإسرائيل باتت تأتي بثمارها.
وقال أحمد، إن الشعب العراقي داعم للقضية الفلسطينية وسجل الكثير من المواقف الخالدة عبر التاريخ، معتبرا أن حملات المقاطعة ليست بالجديدة على الشعب العراقي، ومبينا أن هذه الحملات تشكل دعما معنويا لما يعانيه إخواننا في فلسطين وغزة.