طموحات نهرو الكسنزان الجديدة.. تحركات مريبة وتقارب من الشيعة.. ما هو تاريخ وأهداف شيخ الطريقة الصوفية؟
انفوبلس..
في الآونة الأخيرة، بدأ شيخ الطريقة الكسنزانية في العراق نهرو الكسنزان بتحركات مريبة تهدف لمغازلة الشيعة والتقرب منهم، بانقلاب واضح على مواقفه السابقة وبخطة يعدُّها مراقبون إنها محاولة اختراق وكسب ود المجتمع الشيعي لغايات سياسية واقتصادية بعد أن فشل بالحصول على مقبولية في المجتمع السني، فماذا نعرف عن نهرو الكسنزان؟ وهل هو عميل للـCIA؟
تنصيبه زعيماً
إثر وفاة والده محمد المحمد عبد الكريم الكسنزاني الحسيني، في الولايات المتحدة الأميركية عن عمر ناهز الـ82 عاما، تولى نهرو الكسنزاني زعامة "الطريقة العلية القادرية الكسنزانية" في العراق والعالم، والتي تعتبر من الجماعات الصوفية المعروفة.
أتباع الجماعة بايعوا نهرو الكسنزاني، زعيماً لهم في 10 يوليو/ تموز 2020، بالتزامن مع مراسم دفن والده في مدينة السليمانية بإقليم كردستان، امتثالا لوصية والده قبل 25 عاما بأن يخلفه ولده نهرو بعد مماته في قيادة "الطريقة القادرية".
من هو؟
شمس الدين نهرو محمد عبد الكريم الكسنزاني، كردي الأصل من مواليد مدينة كركوك عام 1969، كان عضوا في البرلمان العراقي والأمين العام لـ"تجمع الوحدة الوطنية"، قبل أن يخلف والده في زعامة "الطريقة العلية القادرية الكسنزانية".
نهرو الكسنزاني الحاصل على الدكتوراه في التاريخ وشهادة أخرى مختصة باللغة الإنجليزية من المملكة المتحدة، ينحدر من عائلة ذات خلفية دينية صوفية تنسب أصولها إلى الإمام الحسين بن علي عليهما السلام، ويؤمن بفصل الدين عن الدولة.
أما تسمية الكسنزان فهي كلمة كردية تعني "لا يعلم به أحد" أُطلقت كلقب على أسرة الشيخ محمد بعد أن لُقِّب به جدهم الأول عبد الكريم بسبب انقطاعه لمدة 4 سنوات عن الناس مختلياً في أحد جبال قرداغ بضواحي مدينة السليمانية، وحينما كان يُسأل عنه يُجاب بـ (كسنزان).
بعد عودته من الخلوة، جرى اللقب "الكسنزان" على أَلسِنَةِ الناس، أما العشيرة التي ينتمي لها الشيخ محمد الكسنزان فهي البرزنجية، والأب الأعلى لها هو الشيخ عيسى البرزنجي أول من سكن في برزنجة شمالي العراق.
سجن نهرو الكسنزاني وإخوانه في عهد صدام حسين، ما دعاهم للجوء إلى الأميركيين للحصول على المساعدة في الفترة التي سبقت غزو العراق عام 2003، وانتهى بهم المطاف بمساعدة مسؤولي المخابرات الأميركية.
عداؤه لإيران
يفصح نهرو الكسنزاني عن آرائه السياسية بشكل علني، وينادي بمواجهة عسكرية أميركية ضد إيران، وذلك من خلال رسالة وجهها إلى مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون، ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو.
وحسب تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية في يونيو/ حزيران 2019، فإن نهرو الكسنزاني عبّر من خلال رسالته عن أمله "في تحقيق الهدف المشترك المتمثل في إضعاف نظام الملالي في إيران والقضاء على نفوذ ذلك البلد".
ويعارض الكسنزاني، الهجوم الأميركي متعدد الجوانب على إيران، ويقترح سلسلة هجمات دقيقة على المؤسسات العسكرية والاستخبارية الإيرانية بدلا عنه، ويقول عن موقفه المتشدد من إيران: "يسألوننا لماذا تريدون الحرب، في حين أننا لسنا في سلام، فالعنف ضد السنة في العراق لم يتوقف أبدا".
لم يقف عند هذا الحد، وبعد 4 أشهر من رسالته تلك، ذهب في أكتوبر/ تشرين الأول 2019 إلى فندق ترامب الدولي في واشنطن ليقضي فيه 26 ليلة في جناح بالطابق الثامن من الفندق، وتقدر تكاليف إقامته تلك بعشرات الآلاف من الدولارات.
دارت شكوك في حينها على أن ذهابه إلى فندق ترامب في واشنطن هو لإجراء مقابلات سياسية والتحشيد لهدف معين، إلا أنه نفى ذلك في تصريحه لـ"واشنطن بوست" بالقول: "في الغالب نقيم في فندق (هي آدمز) لكننا سمعنا عن فندق ترامب الجديد في واشنطن، وتوقعنا أن يكون مكانا جيدا للإقامة".
الشكوك جاءت لكون الفندق تابع لمنظومة ترامب، وأضحى مكانا لاجتماع السياسيين والشخصيات التي تتعاطى مع العمل الحكومي، ومعروف أنه محل إقامة للشخصيات الأجنبية التي تريد عرض أجنداتها على إدارة الرئيس ترامب.
لكن "تجمع ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴﺔ"، الذي يترأسه نهرو الكسنزاني، أصدر بيانا في 8 يونيو/ حزيران 2019، بشأن ما نقلته صحيفة واشنطن بوست الأميركية، وفيما اعتبر ما ورد "أكاذيب ملفقة"، أكد أن أي عمل عسكري ضد إيران سيجعل العراق في أتون الأزمة.
وقال البيان: "نھرو الكسنزان لم يكن قد صرح للصحيفة المذكورة أنه حث وشجع الإدارة الأميركية على تضييق الخناق على الجمھورية الإسلامية وإسقاط النظام السياسي فيھا، إضافة إلى إلصاقھا بعض الأكاذيب الملفقة لشخصه بشأن طموحه السياسي الرامي إلى رئاسة جمھورية العراق".
مخبر للأمريكان
الشيخ نهرو محمد عبد الكريم الكسنزاني، الذي يعتبر مرشد الطريقة العلية القادرية الكسنزانية، أعلن للصحيفة الأميركية أنه عمل خلال فترة الهجوم الأميركي على العراق عام 2003 مخبرا لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إيه".
وفي كتاب "خطة هجوم" طبعة عام 2004، يشير الكاتب بوب وودوارد إلى أن فرقة دينية في إقليم كردستان، كان لها لقاءات متعددة ومتقاربة مع مسؤولي وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، وكان الأميركيون في تلك الفترة يعملون على وضع خطة هجوم 2003.
وأوضح الكاتب أن عائلة الكسنزاني شكلت شبكة مخبرين من أتباعها، وأن المعلومات كانت نادرة جدا وتصدم العقول، الأمر الذي أدى إلى منحهم لقب "روكستار".
الكتاب لم يسمِّ الكسنزانيين، لكن الشيخ نهرو الكسنزاني يؤكد أن العائلة التي يشير إليها الكتاب هي عائلته، ويقول: إنهم كانوا يتقاضون مليون دولار شهريا من واشنطن كمصاريف للشبكة التي كانوا يديرونها.
وأطلع نهرو الكسنزاني صحيفة "واشنطن بوست" على مجموعة وثائق للجيش الأميركي تبين أن اسم شبكة الشيخ تغير في فترة الحرب إلى شركة "حماية المؤسسات العراقية" التي أبرمت عدة عقود لحماية القواعد العسكرية الأميركية والمؤسسات النفطية، وكان أحد تلك القواعد بالقرب من كركوك.
وفي هذه النقطة تحديدا، من المهم الإشارة إلى أن عزت الدوري الذي غاب عن الأنظار منذ احتلال العراق عام 2003 وكان يظهر بين مدة وأخرى بمقاطع فيديو، كان أحد أتباع "الطريقة الكسنزانية" ويقدم لهم الدعم المطلوب للتمدد ونشر فكرهم على حساب الحركات الأخرى.
طموح الرئاسة
طموحات نهرو الكسنزاني ليست تجارية فقط، إذ تقول "واشنطن بوست": إنه يعتبر نفسه خيارا ملائما لرئاسة العراق ويرى أن التصوف، الذي يجمع الشيعة والسنة، يمكن أن يكون بديلا يمنع توسع رقعة النفوذ الإيراني وعنف الارهاب.
لم يسمح للشيخ نهرو الكسنزاني، أمين عام التحالف "من أجل وحدة العراق"، بالترشح في انتخابات الرئاسة عام 2005، لكنه جاء بأكبر المكاسب السياسية لتلك العائلة في العراق عام 2014، عند ترشيح أخيه ملاس محمد عبد الكريم، لوزارة التجارة.
وبعد عام من توليه الوزارة، أقيل ملاس الكسنزاني من منصبه، وصدر أمر بإلقاء القبض على الأخوين، بتهمة تلقي الرشاوى في عقود شراء الأرز للحصة التموينية.
وأبلغ المتحدث باسم مؤسسة القضاء العراقية، عبد الستار بيرقدار، "واشنطن بوست" بأن نهرو الكسنزاني أيضا مطلوب و"سيلقى القبض عليه حال عودته إلى العراق"، بينما ينفي الكسنزاني اتهامه بالفساد ويقول: إن تلك القرارات وراءها أهداف سياسية.
وفي تصريحاته قال الكسنزاني: إنه كانت له حوارات مع عدد من خبراء شؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الأميركية، ومنهم الكولونيل عباس دهوك. لكن مسؤولين بوزارة الخارجية الأميركية ينفون علمهم بأي اجتماعات رسمية بين كوادر وزارتهم وبين الكسنزاني، كما لم يفصحوا عن عقد اجتماعات غير رسمية أيضا.
دهوك الذي تقاعد قبل 4 أعوام وكان مستشارا في مكتب شؤون الشرق الأوسط بوزارة الخارجية الأميركية، وعمل في السابق بالشؤون العسكرية بالسفارة الأميركية بالسعودية، يقول عن الكسنزاني: "لديه من يستمع إليه، وملاحظاته محل اهتمام عدد كبير من المسؤولين المعنيين".
ويدير نهرو الكسنزاني في مجموعة شركات خدمات أمنية، وخدمات حقول نفطية وإنشائية، افتتحها في الولايات المتحدة، وفي إصراره على العمل التجاري مع إدارة ترامب، يقول هو: "نحن نبحث عن فرص".
وعقب إصدار مذكرة قبض بحق نهرو الكسنزاني، استقر الأخير في قصره بالعاصمة الأردنية عمّان، إلا أنه عاد في 2020 إلى مدينة السليمانية لتأبين والده، وأخذ البيعة من أتباع "الطريقة القادرية".
خريطة جديدة للتحالفات
في آذار من العام الماضي، اتهمتجهات كردية وسنية، قادة الكسنزانية في العراق، بالتخطيط لأهداف سياسية، والتحالف مع جهات شيعية، لتحقيق نفوذ سياسي واسع بين الاكراد في السليمانية، بشكل خاص، ويمتد الى أربيل، والمكون السني في المناطق المحاذية لكردستان.
وقالت مصادر كردية للحركة، ان الكسنزانية تسعى الى المشاركة في الانتخابات المقبلة، وهي تعمل في الباطن على شق الصف الكردي، فضلا عن عملها على جذب اعداد كبيرة من الجمهور السني.
واعتبر مراقب كردي في السليمانية، ان الحركة ستكون في المستقبل القريب، في موقع المنافس لعائلة طالباني في السليمانية، وقد تشكل تهديدا لها، وللسلطة في اربيل ايضا.
وقالت المصادر الكردية ان نهرو زعيم الطائفة الكسنزانية في العراق يعمل على توسيع زعامته الروحية والسياسية على طريق تحقيق نفوذ اكبر في دائرة الحكم والسلطة في العراق.
وفي اذار من عام 2022، قال المتحدث باسم الطائفة الكسنزانية عبد الوهاب البرزنجي إن عدة شخصيات تنتمي للطريقة الكسنزانية بصدد إنشاء كيان سياسي جديد والاستعداد للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة في اقليم كردستان. وأكد البرزنجي المقرب من الشيخ نهرو رئيس الطائفة، أن “بعض المقربين من زعيم الطريقة بصدد تشكيل كيان كيان سياسي، لكنه نفى أن يكون نهرو نفسه جزءًا من المشروع”.
وأضاف، أنه “قد يشكل بعض الأشخاص المقربين منه قائمة للمشاركة في الانتخابات لكنني استبعد تدخله في هذا الموضوع”.
ويقدر أتباع التكية الرئيسية للطريقة الكسنزانية في السليمانية بالآلاف، وينتشر أتباع الطائفة في أجزاء مختلفة من كردستان والعراق وإيران وباكستان وأفغانستان وبعض الدول الأخرى.
وبحسب المصادر، فان فعاليات الطريقة واهدافها، باتت مصدر قلق لزعماء الاحزاب في السليمانية الذي يرون تنامي نفوذ الحركة بين الاكراد في السليمانية والمناطق من حولها.
وفي محاولة لايقاف انتشار الكسنزانية، بدات تنتشر بين اوساط الشعب الكردي ان زعيم الطريقة يؤمن بالتشيع، على رغم كونه زعامة دينية محسوبة على المكون السني.
ووفق المصدر فان الطريقة السنية الكسنزانية لها علاقات وثيقة مع مراجع شيعية مهمة.
كما تدور ملامح صراع بين الكسنزانية وأتباع الطريقة الرفاعية، ويتركز ذلك في كردستان والمناطق المحاذية للاقليم.
وتختلف ممارسات الكسنزانية و هي حركة دينية وفلسفية تأسست في القرن الثامن عشر عن بعض الحركات الدينية الأخرى، حيث تشمل التأمل والصمت والانصراف عن الدنيا، لهذا فان اقحامها في الصراعات السياسية، قد يثير الانقسام في صفوفها.
وكان رئيس الطريقة الكسنزانية نهرو الكسنزان قد هاجم الجهات التي تدعم مسلسل معاوية بقوله : انتبهوا الى “ذيول الدجال” الذين يجمعون بين حب علي وقاتله .
دعم حكومة السوداني
في تموز من العام الماضي، شهدت محافظة الانبار توافد وتجمهر اعداد كبيرة من المتظاهرين من اتباع ومريدي الطريقة الكسنزانية في محافظة الانبار، بناء على دعوى من شيخ الطريقة نهرو الكسنزان.
وقال المتحدث باسم الطريقة العلية القادرية (الكسنزانية) نوري جاسم، ان "التظاهرة التي خرج بها أبناء الطريقة العلية القادرية الكسنزانية في محافظة الأنبار، هي من أجل دعم جهود وتحركات رئيس الوزراء محمد شياع السوداني للقضاء على الفساد والفاسدين مهما كبرت واختلفت عناوينهم".
وأكد ان "التظاهرة كانت تهدف الى محاكمة كل من تورط بملفات الفساد، دون أي استثناء لأي سبب كان، وكما قلنا الهدف الأساسي لهذه التظاهرة دعم جهود السوداني في مكافحة الفساد في الأنبار، وتأييد له ما تقوم به الجهات المختصة من كشف ملفات الفساد وملاحقة الفاسدين".
وفي أواخر عام 2022 أعلن رئيس الطريقة الكسنزانية شمس الدين محمد نهرو الكسنزان، الانسحاب من تحالف تقدم"، عازيا ذلك إلى عدم وجود شراكة حقيقية لدى التحالف، وبعدها بأيام أعلن الانضمام إلى تحالف الأنبار الموحد.