طهران تطلق مياه "الكارون".. والعراق يتعاون مع "جايكا" اليابانية لتوفير مياه الزراعة
انفوبلس..
في ظل الأزمة المائية التي يعاني منها العراق في السنوات الأخيرة والتي استوجبت تحركات حكومية عاجلة وجادّة على المستويَين الداخلي والخارجي لمعالجة هذا الملف الخطير والحساس، أعلنت إيران استمرار إطلاقات مياه نهر الكارون من أراضيها تجاه الأراضي العراقية بالتزامن مع إعلان الحكومة العراقية توقيع اتفاقية مع منظمة جايكا اليابانية لبحث تشكيل جمعيات مستخدمي المياه.
مصدر مطلع كشف إن وزارات الموارد المائية والزراعة والمالية والخارجية وبإشراف مباشر من رئاسة الوزراء تسعى جميعها للعمل على التواصل مع دول الجوار ليحصل العراق على حصته المائية من جهة، وكذلك العمل داخليا لدعم وتطوير قطاعات الزراعة ومنظومات الري والتعاون مع المزراعين والمواطنين لتخفيف آثار الجفاف الملازم للعراق منذ أعوام والعمل على تحقيق الأمن المائي.
استمرار إطلاقات الكارون
يوم أمس، قالت وزارة الموارد المائية إنّ إطلاق إيران لمياه نهر الكارون إلى شط العرب، وحوض نهر ديالى شمال البلاد، المستمرة منذ أشهر، أسهم بتوفير كميات كبيرة من خزين العراق المائي للشرب وسقي المزروعات، كاشفة عن إعادة إدخال محافظة ديالى إلى الخطة الزراعية الشتوية بعد رفعها منها لعامين متتاليين، بسبب الجفاف الذي ضرب البلاد.
وقال الوزير عون ذياب عبد الله، إن الإطلاقات المائية لجمهورية إيران الإسلامية إلى شط العرب مستمرة منذ بداية الموسم الربيعي الماضي وحتى الآن والبالغة حاليا 50 م3/ثا، أثرت إيجابا في الواقع المائي للبلاد، إذ أسهمت الحصص المطلقة من نهر الكارون إلى شط العرب، بخفض نسب الأملاح في الأخير، ومنع تقدم المد الملحي القادم من الخليج، ما حدا بالوزارة إلى الاستفادة من الكميات التي كانت تُطلق إلى شط العرب، لأغراض الشرب والاستخدامات البشرية إضافة إلى سقي البساتين والمزروعات.
وتابع، إن الوزارة وبناءً على ذلك، فقد أوقفت إطلاقات المياه من أعالي نهر دجلة إلى شط العرب، ما وفّر كمية لا تقل عن 50 م3 /ثا، وحوّلها إلى مناطق متعددة تشكو الجفاف والشح، لاسيما في العمارة وهور الحويزة بشكل جزئي، من أجل المحافظة على ديمومة المناطق العميقة منه، لافتا في السياق ذاته، إلى أنه ونتيجة المد العالي لمياه نهر الكارون، فقد تم تحويل جزء منه إلى منطقة الجبايش والأهوار الوسطى التي تشكو من جفاف كبير للعام الحالي.
وأكد الوزير، إن إطلاق مياه نهر الكارون، أسهم بارتفاع الخزين المائي في حوض نهر الكرخة الذي كان يشكو من قلة الأمطار فيه للأعوام الماضية، فضلا عن إسهام الجانب الإيراني بإطلاق حصص إلى حوض نهر ديالى والمستمرة حتى الآن في منطقة سيروان والتي تغذي بدورها سد دربندخان، ما أسهم بارتفاع خزين بحيرته بمقدار 600 مليون م3، ليصل إلى مليار و800 مليون م3.
وبشأن خزين سد حمرين المُشيّد على نهر ديالى، فقد أوضح أنه ارتفع من 100 مليون م3 العام الماضي إلى 300 مليون م3 حاليا، مؤكدا أن ذلك حدا بالوزارة إلى إعادة محافظة ديالى من جديد إلى الخطة الزراعية الشتوية التي لم تُقَر حتى الآن، بعد أن رُفِعت منها لعامين متتاليين بسبب الجفاف الذي أصاب البلاد.
جاء ذلك بعد شهر على تصريحات مستشار وزارة الموارد المائية طه درع، والتي ذكر فيها إن "هناك تطوراً في ملف المياه مع الجارة إيران ولأول مرة منذ سنوات تجري المياه في نهر الكارون ما أسفر عن انخفاض نسب الملوحة في البصرة "، لافتاً الى أن "رئيس الوزراء داعم لوزارة الموارد المائية لاسيما على مستوى المباحثات مع دول الجوار".
وأشار الى أن "هناك توجيهاً من قبل رئيس الوزراء لجميع الوزارات على أن يكون لملف المياه أولوية في أي مباحثات تُجرى مع دول الجوار، وهذه لأول مرة تحدث في تاريخ رئاسة الحكومة. إضافة الى ذلك فإن رئيس الوزراء وجه القوات الأمنية للتعاون مع كوادر وزارة الموارد لإزالة التجاوزات".
وبيّن درع، أن "العراق مقبل على شح مياه كبير، وما موجود في الخزانات العراقية وسدودها هو أقل ما موجود في تاريخ الوزارة"، مبيناً أن "الوزارة تعمل على إزالة التجاوزات والتي تتسبب بهدر كبير للمياه من خلال استغلال عشرات الدونمات المغطاة ببحيرات الأسماك، ويكون التبخر كبيراً فيها، وهي غير مجازة، إضافة الى ذلك يجب أن تكون الخطة الزراعية مقنّنة بناءً على ما موجود من الخزين المائي".
وأضاف، أن" الوزارة تستخدم حوض الثرثار لضخ إطلاقات مائية لنهري دجلة والفرات وبحدود 80 متراً مكعباً في الثانية، وسيتم الوصول الى 100 متر مكعب في الثانية لتقليل الملوحة وتصفية النهرين".
وشدد درع على ضرورة أن "تكون هناك ثقافة استهلاك للمياه على مستوى المواطن والفلاح والمؤسسات لأننا نعيش شح مائي والمطلوب من جميع الفعاليات الاجتماعية الرسمية تثقيف المجتمع وتوعيته لأهمية ترشيد المياه لأنها ستجعلنا نعبر الأزمة".
المالية تتفق مع جايكا
وزارة المالية أعلنت، يوم الأربعاء الماضي، توقيعها اتفاقية تمويل مشروع تطوير مصفاة البصرة ضمن قروض وكالة "جايكا" الياباني، فيما أكدت أن اتفاقية القرض الخامس سبق أن تم إدراجها ضمن قانون الموازنة الاتحادية العامة لسنة 2023، ونوهت إلى أن تطوير هذا المشروع سيُسهم في رفد السوق العراقية بالمشتقات النفطية التي يقوم باستيرادها وسد الفجوة بين العرض والطلب.
هذا وجرت عملية التوقيع على اتفاقية تمويل مشروع تطوير مصفاة البصرة (المرحلة الخامسة) ضمن اتفاقية القرض الياباني الخاصة بوحدة التكسير بالعامل المساعد FCC.
ووقّع المذكرة عن الجانب العراقي وزير المالية طيف سامي، وعن الجانب الياباني اوساكي متسوهيرو ممثل الوكالة اليابانية للتعاون الدولي JICA بحضور السفير الياباني لدى بغداد فوتوشي ماتسوموتو ومدير عام دائرة الدَّين العام في الوزارة.
وأوضحت وزير المالية في مؤتمر صحفي عقدته على هامش توقيع المذكرة، أن "لدى الحكومة العراقية اتفاقية مع الجانب الياباني متضمنة عدة قروض منها (المرحلة الخامسة) المدرجة ضمن الموازنة الاتحادية 2023" وعملاً بقرار مجلس الوزراء الذي خولها صلاحية التوقيع، مشيرةً الى أن "العراق سينتفع من تلك القروض لإدامة وتطوير البنى التحتية والمشاريع الاستراتيجية الى جانب الحفاظ على مستوى عالٍ من النمو والتنفيذ الأمثل للمشاريع الحيوية والخدمية".
وتابعت الوزيرة بالقول، إن المشروع يهدف إلى زيادة الكمية والجودة للمنتجات النفطية بما في ذلك البنزين والديزل والكيروسين من خلال تركيب مصنع تكرير جديد يسمى مجمع تكسير السوائل التحفيزي FCC في مصفاة البصرة ، إذ يعتبر هذا المشروع من المشاريع ذات الأولوية العالية بما يتماشى مع أحدث برنامج حكومي للعراق لزيادة حجم المنتجات النفطية عالية القيمة وبالتالي تنشيط مشاركة القطاع الخاص في صناعة الطاقة وتوفير فرص العمل ضمن المشاريع الواعدة التي يزخر بها العراق.
خطط جديدة لتوفير مياه الزراعة
إلى ذلك، أعلنت وزارة الموارد المائية، أمس الأحد، عن اجتماع مع وزارة الزراعة ومنظمة جايكا اليابانية لبحث تشكيل جمعيات مستخدمي المياه، مبينة أن هذه الجمعيات ستوفر المياه وتزيد من الغلة الزراعية.
وقال وزير الموارد المائية عون ذياب في مؤتمر صحفي عقده في مقر الوزارة بمشاركة وكيل وزارة الزراعة والسفير الياباني، إن "اجتماعاً عُقِد اليوم، مع وزارة الزراعة والسفارة اليابانية لمناقشة تشكيل جمعيات مستخدمي المياه، وهو أسلوب جديد لتوفير المياه وزيادة الغلة الزراعية"، مبينا أن "ذلك نتيجة عمل طويل منذ عام 2014 لنشر جمعيات مستخدمي المياه واتباع أحدث التقنيات البسيطة وغير المكلفة والتي كان لها أثر كبير في العملية الزراعية مثل استخدام التقنية الليزرية في الأراضي الزراعية لتسوية الأرض بما يسهل إروائها بشكل سريع واستخدام المروز في زراعة المحاصيل والطريقة الميكانيكية بأجهزة غير مكلفة ما أعطت نتائج إيجابية وقد اشرت الدراسات التي اجريت على إحدى الجمعيات في محافظة البصرة".
وأضاف ذياب، أن "هذه التجربة كان لها تأثير كبير في تقليص كميات المياه المستخدمة وزيادة الإنتاج الزراعي في آن واحد وهي جهود مشتركة"، مشيراً الى أن "هذه المرحلة الاولى لنشر جمعيات مستخدمي المياه، والآن نحن بصدد الاستمرار في المرحلة الثانية لاحقا للتوسع بنشر هذه الجمعيات التي لها تأثير كبير على توفير الموارد المائية للتناسب مع حاجة العراق للمياه".
بدوره، ذكر وكيل وزارة الزراعة ميثاق عبد الحسن في المؤتمر الصحفي، "نحن اليوم متواجدون في وزارة الموارد المائية لنتشاور من اجل اتخاذ إجراءات التكيف مع شحة المياه والتغيرات المناخية، وكان اليوم هناك اجتماع مع منظمة جايكا اليابانية التي رعت بدورها بتعاون مع وزارتي الموارد المائية والزراعة مشروعا في إقامة جمعيات لمستخدمي المياه التشاركية مما يؤدي الى استخدم اقل للموارد المائية والحصول على أعلى إنتاج زراعي".
وأوضح أن "منظمة جايكا اليابانية قدمت نموذج ناجح"، لافتاً الى أنه "سيكون هناك دعما مباشرا للجمعيات ومشتركيها من المزارعين لتطوير المشروع".
من جانبه، أكد السفير الياباني في العراق فوتوشي ماتسوموتو في كلمة لها خلال المؤتمر، ان "اجتمعنا اليوم مع خبراء في منظمة جايكا الذين يعملون منذ سنوات في هذا المجال لادخال طريقة جديدة لاستخدام المياه في الزراعة"، مشيراً الى أن "النظام الزراعي في العراق حاليا يستخدم مياه كثيرة ويؤدي الى عدم الكفاءة في الإنتاج الزراعي والعراق يواجه جفافا وشحة في المياه وبالتالي هذا المشروع هو أسلوب جديد يحقق حلا مثالي وسريع وأقل كلفة".
وتابع أن "تشكيل جمعيات مستخدمي المياه هو أمر مهم ونحن في اليابان نستخدم هذه التجربة منذ 130 سنة في المزارع اليابانية"، موضحا أن "هناك ثلاث طرق يجب إدخالها في العراق لتسوية الأراضي والتقليل من المياه وإنتاج زراعي أكثر".