علي علاوي في موقف محرج بعد استدعائه من قبل النزاهة لتدوين أقواله حول فضائح فساد.. ماذا عن استدعاءات القضاء له مسبقا؟
انفوبلس/تقرير
وضع وزير المالية السابق علي عبد الأمير علاوي، نفسه في ورطة قد تكون تبعاتها "مدوية" على الساحة السياسية العراقية، بعدما ادَّعى وجود أكثر من ثلاثين شخصية سياسية اقتصادية أو اقتصادية سياسية تجاوزت ثرواتهم مليار دولار في العراق.
النزاهة تدعو وزير المالية السابق للإدلاء بإفادته عن إثراء بعض المسؤولين على حساب المال العام
دعت هيئة النزاهة الاتحادية وزير المالية السابق (علي عبد الأمير علاوي) للحضور إلى مقر الهيئة والإدلاء بإفادته عن معلومات أدلى بها عبر برنامج تلفزيوني من إحدى القنوات الفضائية.
المدير العام لدائرة الوقاية في الهيئة محمد علي مفتن أوضح أن دائرته خاطبت وزارة المالية لتبليغ وزيرها السابق (علي عبد الأمير علاوي)، من أجل الحضور إلى مقر دائرة الوقاية؛ وذلك بغية الإدلاء بإفادته حول المعلـومات التي أدلى بها في تصريحه لإحدى الفضائيات والتي أشار فيه لوجود أكثر من ثلاثين شخصية سياسية اقتصادية أو اقتصادية سياسية تجاوزت ثرواتهم مليار دولار، لغرض الاستيضاح حول أسماء تلك الشخصيات ومناصبهم او أية دلالات تعرفهم وماهيّة تلك الأموال (نقدية لبيان مصارف إيداعها، أو عقارية لبيان مواقعها، وما يملكه من معلومات أخرى).
وظهر وزير المالية السابق (علي عبد الأمير علاوي) يوم أمس الاثنين في برنامجٍ تلفزيوني أشار فيه لوجود أكثر من ثلاثين شخصيَّة سياسيَّة اقتصادية، أو اقتصادية سياسية، تجاوزت ثرواتهم مليار دولار، لافتاً إلى أنَّ مصدر الإثراء الكبير في العراق هو الدولة، حيث إنَّ الموارد الأساسيَّة في الدولة تتوزَّع بالمفهوم العريض وقسم لا بأس به يُسرَقُ.
وخلال الحديث ذاته، أكد علاوي أن "دولة الليل في العراق يتم خلالها إبرام صفقات الفساد"، مضيفاً أنه “لا يوجد رجل دولة في العراق منذ 2003 لغاية الآن". وأشار إلى أن "بعض السياسيين بارعون لكن ماكو لهم (ليس لدى جميعهم) فرصة وهنالك صفقات بالليل تختلف عن النهار".
يُشار إلى أنَّ الهيئة أطلقت في نيسان من العام المنصرم حملة "من أين لك هذا؟" للإبلاغ عن تضخُّم الأموال والكسب غير المشروع في قطاعات مُؤسَّسات الدولة المُختلفة، حـاثـَّة المواطنين للإبلاغ عن أيّ زيادةٍ في أموال المُوظَّفين والمُديرين في هذا القطاع، أو أزواجهم أو أولادهم لا تتناسب ولا تنسجم مع مواردهم الاعتياديَّة.
*بالأرقام.. أثرياء العراق
ويوضح الخبير في الشأن الاقتصادي نبيل المرسومي، أن "ربع سكان العراق يعيشون تحت خط الفقر، وثلث شبابه يعانون من البطالة".
ونقل الخبير الاقتصادي عن مركز دراسات فرنسي إحصائية بشأن التفاوت الاقتصادي بالعراق، بيَّن من خلالها أن "36 مليارديراً ثروة كل منهم أكثر من مليار دولار، فضلا عن 16 ألف مليونير ثروة كل منهم أكثر من مليون دولار"، بحسب تدوينة تابعتها شبكة "انفوبلس".
فيما "بلغ عدد المليارديرات في العراق ما يعادل عدد الدول التالية مجتمعة وهي: الإمارات والكويت ولبنان ومجر ورومانيا والبرتغال وهولندا والدنمارك ونيجيريا"، على حد قول المرسومي.
وتتراوح نسبة الفقر في العراق بين 22-25%، وتتصدر محافظة المثنى (جنوب غرب) المحافظات الأشد فقرًا بنسبة 52%، تليها محافظتا الديوانية وذي قار جنوبًا بنسبة 49%، بحسب إحصائية لوزارة التخطيط.
وتشير أرقام متفرقة، أن إجمالي الأموال المنهوبة تتجاوز 300 مليار دولار، فيما أوردت وسائل إعلام العام الماضي، أن إجمالي الرقم يبلغ 360 مليار دولار، بينما يقدرها برلمانيون بـ 450 مليار دولار.
ويصنَّف العراق ضمن الدول الأكثر فسادا في العالم، إذ احتل المرتبة 154 عالميا بين 180 دولة ضمن مؤشرات مدركات الفساد الذي أصدرته منظمة الشفافية الدولية، مما يؤكد أن البلاد تعاني من مشكلة متفاقمة دون أن تحدد المنظمة أرقاما دقيقة لحجم الفساد في البلاد.
* تورطه بسرقة القرن
وفي العام الماضي 2023، أصدر مجلس القضاء الأعلى في العراق أوامر قبض بحق وزير المالية العراقي السابق عبد الأمير علاوي وثلاثة آخرين مقربين من رئيس الحكومة العراقية السابق مصطفى الكاظمي، وأمر بملاحقتهم خارج العراق وإلقاء القبض عليهم.
ونشر مجلس القضاء الأعلى في العراق أمر إلقاء القبض على عبد الأمير حسون علي طه علاوي وزير المالية العراقي السابق، موجهاً بإلقاء القبض على المتهم وملاحقته خارج العراق عن التهم المسندة إليه وفق أحكام المادة 444/11 ق.ع.
وأتت إصدار مذكرات القبض هذه على خلفية حادثة "سرقة القرن" التي أثارت جدلا في العراق خلال المدة الأخيرة واختفت وفقا لمسؤولين عراقيين مبالغ تُقدر بـ2.5 مليار دولار أمريكي.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2022، تم الكشف لأول مرة عن هذه القضية التي تورط فيها مسؤولون سابقون كبار ورجال أعمال، وأثارت سخطا شديدا في العراق الذي شهد في السنوات الماضية احتجاجات واسعة تطالب بوضع حد للفساد.
يذكر أن وزير المالية العراقي علي علاوي في حكومة مصطفى الكاظمي قدم استقالته من منصبه في آب من العام 2022، فيما قال إن سبب الاستقالة يعود لأسباب مرتبطة بضعف الحوكمة اقتصاديا وماليا في البلاد.
من هو "علي علاوي"؟
وُلد سنة 1947 في مدينة بغداد عاصمة العراق وخالهُ هو رئيس المؤتمر الوطني العراقي أحمد الجلبي كما أنهُ يمتلك الجنسية البريطانية.
يقدم الوزير نفسه في كتاب استقالته كوزير مستقل اقترح اسمه رئيسُ مجلس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، وعارضت ترشيحه للوزارة -كما يقول هو نفسه- قوى سياسية كبيرة، ولو لم يؤيد ترشيحه التيار الصدري لما قُدِّر له أن يكون وزيراً للمالية في تلك الحكومة.
ولكنَّ المدقق في تفاصيل الماضي وسيرة الوزير الذاتية يجد أنه ليس جديداً أو مستقلاً أو غريباً عن نظام المحاصصة الذي جاء به الاحتلال الأميركي عام 2003 بل هو من مسؤولية ومؤسسية الأوائل؛ وهو أيضاً ابن أخت السياسي المعروف والمثير للجدل ومبتكر ما سُمّي لاحقاً "البيت السياسي الشيعي" أحمد الجلبي، وهو من عائلة علاوي التي ينتمي لها السياسي ورئيس الوزراء السابق لفترة ما بعد الاحتلال إياد علاوي، فهو ابن عمه، وقد سبق لعلي علاوي نفسه أن كان وزيراً للتجارة ووزيراً للدفاع ووزيراً المالية في حكومات ما بعد الاحتلال، ومنها أنه كان وزيراً للمالية في عهد الحكومة الانتقالية برئاسة إبراهيم الجعفري عام 2006.
من المعلومات الأخرى التي توضح لنا خلفية علاوي الأُسرية، إنه غادر العراق عام 1958 مع عائلته بعد ثورة 14 تموز 1958 التي أطاحت بالنظام الملكي التابع لبريطانيا، وذلك بسبب صلات عائلته بالنظام الملكي، فقد كان والده عبد الأمير علاوي وزيراً للصحة في عدة وزارات في العهد الملكي بينما كان جده -من جهة والدته- عبد الهادي الجلبي رئيساً لمجلس الشيوخ.
وقد التحق الشاب علي علاوي بالمدرسة في بريطانيا وتخرج من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في الولايات المتحدة بدرجة البكالوريوس في الهندسة المدنية في عام 1968، ثم أكمل ماجستير في إدارة الأعمال من كلية هارفارد، ودرس الاقتصاد في كلية لندن.