عودة مبيعات نفط إقليم كردستان القريبة تصب في مصلحة "الكيان الإسرائيلي".. هل ستفعل بغداد شيئا؟
انفوبلس/ تقرير
توقع وزير النفط العراقي حيان عبد الغني، اليوم الأحد 12 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، التوصل إلى اتفاق مع حكومة إقليم كردستان وشركات نفط أجنبية، لاستئناف إنتاج النفط من حقول نفط الإقليم خلال 3 أيام، ما يعيد السؤال عن المستفيد الأكبر منه "إسرائيل" ودور حكومة بغداد حيال ذلك الأمر، في وقت لا يزال العدوان الصهيوني يمارس أبشع المجارزة والمذابح بحق الشعب الفلسطيني.
العراق يتوقع إبرام اتفاق لاستئناف تصدير نفط كردستان خلال 3 أيام
وأكد وزير النفط - خلال زيارة إلى أربيل (عاصمة الإقليم) - الحرص على استئناف الإنتاج والتصدير من حقول الإقليم "لأهمية ذلك في رفد الموازنة الاتحادية بالإيرادات المالية"، متوقعاً "التوصل إلى اتفاق مع حكومة إقليم كردستان وشركات نفط أجنبية لاستئناف إنتاج النفط من حقول نفط الإقليم خلال ثلاثة أيام".
وكانت شركة النفط النرويجية DNO، قد أعلنت، الجمعة الماضية، امتناعها عن إنتاج النفط وتصديره عبر خطوط الأنابيب في إقليم كردستان حتى يتم حل مشكلة المدفوعات المتأخرة التي تُقدر بنحو مليار دولار.
وبدأ عبد الغني وكبار مسؤولي النفط الاتحاديين، اليوم الأحد، اجتماعات مع مسؤولين في وزارة الثروات الطبيعية ومسؤولين من قطاع الطاقة في إقليم كردستان لمناقشة الوضع.
وقال عبد الغني للصحفيين في أربيل، "الغرض من هذه الزيارة هو حلحلة جميع الأمور التي من شأنها أن تسهّل عملية الإنتاج وتصدير النفط". واعتبر أن "الزيارة تأتي استكمالا للمباحثات التي جرت في بغداد لبحث استئناف عمليات الإنتاج وتصدير النفط من حقول الإقليم لأهمية ذلك في رفد الموازنة الاتحادية بالإيرادات المالية". وأضاف، إن "الخطوة الأولى هي أن نتفق مع الشركات والإقليم حول تكييف هذه العقود القائمة لتتلاءم مع الدستور العراقي".
وتمثل عائدات تصدير النفط نحو 80% من الميزانية السنوية لحكومة إقليم كردستان، ويعتمد الاقتصاد العراقي بشكل كبير على صادرات النفط الخام التي تشكل أكثر من 90% من عائدات البلاد.
*تفاصيل كسب العراق قراراً دولياً ضد تركيا
في 25 مارس/ آذار الماضي 2023، توقفت صادرات نفط كردستان العراق إلى ميناء جيهان التركي عبر خطوط الأنابيب - والتي تصلها في المعتاد، ثم تحملها ناقلات عملاقة إلى مناطق متفرقة - وذلك إثر حكم من غرفة التجارة الدولية في فرنسا، لانتهاكها اتفاق خط أنابيب عام 1973 بالسماح بتصدير نفط الإقليم دون موافقة بغداد بين عامي 2014 و2018.
وكانت السلطات العراقية قد حرّكت دعوى اتّهمت فيها تركيا بالحصول على النفط الخام من إقليم كردستان دون موافقتها، الأمر الذي استندت عليه غرفة التجارة الدولية في حكمها الصادر بوقف الصادرات، وفق ما طالعته "انفوبلس".
وأدى قرار الغرفة إلى انقطاع إمدادات تبلغ نحو 450 ألف برميل يوميًا من النفط الخام، كانت تأتي من المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة إقليم كردستان، بخلاف 70 ألف برميل يوميًا تسوّقها الحكومة الفيدرالية في العراق.
في الوقت نفسه، تتمسك بغداد بالحصول على تعويضات ضخمة من تركيا، تبلغ نحو 1.47 مليار دولار، وذلك تعويضًا عن خرق أنقرة صفقة خط الأنابيب الثنائية.
ويُعَد خط أنابيب النفط الذي يمتد من منطقة كركوك العراقية إلى ميناء جيهان، طريق التصدير الوحيد للخام الذي تنتجه حقول النفط في شمال العراق.
واجتمع مسؤولون حكوميون يعملون في قطاع النفط العراقي مع ممثلين عن رابطة صناعة النفط في كردستان (ابيكور) للمرة الأولى الأربعاء الماضي لمناقشة استئناف الصادرات إلى تركيا.
وذكرت رابطة صناعة النفط في كردستان (ابيكيور)، أن إغلاق تركيا لخط الأنابيب الرابط بينها وبين العراق في مارس الماضي، جعل العراق وحكومة إقليم كردستان ومنتجي النفط، يخسرون كلهم نحو سبعة مليارات دولار من عائدات التصدير.
وتضم الرابطة شركات نفط وغاز عالمية لها مصلحة مباشرة أو غير مباشرة في عقود النفط والغاز في إقليم كردستان العراق. واضطر عدد كبير من هذه الشركات إلى وقف الإنتاج بسبب إغلاق خط الأنابيب.
"إسرائيل" المستفيد الاكبر
تشكّل واردات "إسرائيل" من نفط كردستان العراق جزءًا مهمًا لتلبية الطلب المحلي وتأمين الإمدادات، في ظل تنامي الطلب على مصادر الطاقة، ومن المتعارف عليه أن حكومة إقليم كردستان العراق تُصدّر مزيج كردستان، المعروف بـ"كيه بي تي"، عبر ميناء جيهان التركي.
وبلغت واردات "إسرائيل" من نفط كردستان قرابة 167 ألف برميل يوميًا في شهر مارس/آذار 2023، وفقًا لشركة كبلر لتحليل البيانات.
ويبدو أن "إسرائيل" واجهت معضلة ناجمة عن وقف صادرات نفط كردستان العراق عبر تركيا خلال الاشهر الماضية، بعدما حكمت محكمة التحكيم الدولية التابعة لغرفة التجارية الدولية -ومقرّها باريس- لصالح العراق، بعد خلاف بين البلدين دام لمدة 9 سنوات.
وفيما يتعلق بمصير واردات "إسرائيل" من نفط كردستان العراق، قال كبير محللي السلع في شركة كبلر لتحليل البيانات همايون فلكشاهي: "استوردت إسرائيل 40% من النفط من إقليم كردستان العراق منذ بداية العام وحتى الآن، ارتفاعًا من 23% في عام 2022". ويرى فلكشاهي أن مهمة إسرائيل للبحث عن بديل لخام كردستان العراق لن تكون سهلة لأسباب فنية وسياسية.
ويوضح الرسم التالي حجم واردات إسرائيل من النفط الخام:
*معارضة في بغداد
على صعيد متصل، عارض مسؤولون في بغداد تصدير نفط كردستان العراق إلى "إسرائيل"، وخلال عام 2022، أقرّ البرلمان العراقي قانونًا يجرّم التطبيع، وإقامة علاقات مع "إسرائيل".
ورغم أن "إسرائيل" تستورد النفط الخام من عدّة دول، مثل أذربيجان وقازاخستان ونيجيريا والبرازيل وغيرها، فمن غير المرجح أن تستبدل إمدادات نفط كردستان العراق بنوعيات أخرى على الفور.
وفيما يتعلق بواردات إسرائيل من النفط الأذربيجاني والكازاخستاني، قال فلكشاهي، إنه لا يتوقع زيادة ملحوظة في صادراتهما، مُرجعًا ذلك إلى القدرات المحدودة غير المستغلة في أذربيجان، والتباين في نوعية النفط الكازاخستاني مقارنة بنفط كردستان العراق.
وأضاف أنه يمكن لـ"إسرائيل" اللجوء إلى دول أخرى، مثل البرازيل والولايات المتحدة، لكنها ستواجه عدّة معوقات، أهمها الأسعار وتكاليف الشحن ونوعية الخام. واستطرد موضحًا: "أيًا كان البديل لواردات إسرائيل من نفط كردستان العراق، سيكون أكثر كلفة بسبب ارتفاع تكاليف الشحن، وأسعار الخام المرتفعة مقارنة بنفط كردستان العراق الرخيص".
*النفط في "إسرائيل"
على الجانب الآخر، استهلكت إسرائيل قرابة 210 آلاف برميل من النفط يوميًا في السنوات الأخيرة، بحسب بيانات شركة النفط البريطانية بي بي.
وتُعدّ تركيا المصدّر الأول لشحنات النفط الخام في إسرائيل، والتي تأتي عبر خطوط الأنابيب من أذربيجان والعراق، وتحديدًا من إقليم كردستان العراق. كما تعدّ نيجيريا وكازاخستان والبرازيل والغابون من بين كبار المصدّرين إلى "إسرائيل".
*واردات إسرائيل من نفط كردستان العراق
كانت واردات "إسرائيل" من نفط كردستان العراق محلّ جدال واسع خلال السنوات الماضية، منذ أن كشفت مجلة فوربس في يونيو/حزيران (2014) بيع نفط كردستان العراق إلى "إسرائيل"، مع ظهور ناقلة تحمل النفط من ميناء جيهان ترسو في مدينة عسقلان.
كما نشرت صحيفة فايننشال تايمز تقريرًا في أغسطس/ آب 2015، يفيد بأن "إسرائيل" استوردت قرابة 77% من إمداداتها النفطية من إقليم كردستان العراق. وخلال المدة من مايو/ أيار و11 أغسطس/ آب (2015)، بلغت واردات "إسرائيل" من نفط كردستان العراق نحو 19 مليون برميل.
وأشار التقرير إلى أن جميع صادرات نفط كردستان العراق عبر ميناء جيهان تركي اتجهت إلى إسرائيل، وبلغت قيمة المعاملات نحو مليار دولار.
ويُعدّ تصدير نفط كردستان العراق عبر ميناء جيهان مهمًا لـ"إسرائيل"، خاصة أن الناقلات تستغرق في الإبحار يومًا واحدًا للوصول إلى ميناء عسقلان.
*نفط كردستان العراق
باعت حكومة إقليم كردستان العراق 12 مليونًا و255 ألف برميل من النفط خلال شهر ديسمبر/ كانون الأول (2022)، وفقًا لبيانات نشرها موقع "درو ميديا" الكردي في يناير/كانون الثاني2023.
ومن بين هذه الكمية، باع الإقليم 4 ملايين و450 ألف برميل لإسرائيل، أي ما يعادل 38% من النفط المباع خلال أواخر العام الماضي 2022، في حين اشترت كرواتيا 2.23 مليون برميل، أي نحو 18% من نفط إقليم كردستان العراق، وبلغت مشتريات إيطاليا 1.7 مليون برميل، أي ما يعادل 14%.
واشترت تايوان 2 مليون برميل من إقليم كردستان العراق، وبلغت واردات الصين من نفط كردستان العراق 1.25 مليون برميل، بينما بلغت الصادرات إلى رومانيا 650 ألف برميل.
*بغداد مطالَبة بموقف حازم تزامناً مع طوفان الأقصى
وفي حال التوصل إلى اتفاق مع حكومة إقليم كردستان وشركات نفط أجنبية، لاستئناف إنتاج النفط من حقول نفط الإقليم، فإن حكومة بغداد لا بد من بيان موقفها من ذهاب النفط الى الكيان الصهيوني، تزامناً في الاحداث الجارية حاليا في فلسطين المحتلة.
ولليوم الـ37، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حرباً مدمرة على غزة، خلّفت أكثر من 11 ألفاً ومئة قتيل، بينهم ما يزيد على 8 آلاف طفل وسيدة، إضافة إلى أكثر من 28 ألف جريح، وفقاً لمصادر رسمية فلسطينية.
بينما قتلت حركة "حماس" 1200 إسرائيلي وأصابت 5431، بحسب مصادر رسمية إسرائيلية. كما أسرت نحو 242 إسرائيلياً، بينهم عسكريون برتب رفيعة، ترغب في مبادلتهم مع أكثر من 7 آلاف أسير فلسطيني، بينهم أطفال ونساء، في سجون "إسرائيل".
ومنذ اندلاع الحرب، تقطع "إسرائيل" إمدادات الماء والغذاء والأدوية والكهرباء والوقود عن سكان غزة، وهم نحو 2.3 مليون فلسطيني يعانون بالأساس من أوضاع متدهورة للغاية؛ جراء حصار إسرائيلي متواصل منذ أن فازت "حماس" بالانتخابات التشريعية في 2006.