فساد فرحان الفرطوسي يخنق رئة العراق.. سرقة جديدة تفوق "سرقة القرن" بـ7 أضعاف.. البرلمان يشكل لجنة "حديدية" للتحقيق
انفوبلس/ تقارير
كثيرة هي صفقات الفساد التي تُكشف بين الحين والآخر حول الموانئ ومديرها فرحان الفرطوسي، فلم تمض إلا أشهر قليلة على فسخ عقد الإدارة الالكترونية مع شركتي مجموعة الريا ومنارة أم قصر والشبهات التي أُثيرت حولها، حتى عاد الحديث عن شبهات فساد جديدة لكن هذه المرة ثقيلة جدا لدرجة أنها فاقت "سرقة القرن" بنحو سبعة أضعاف وهو ما قاد مجلس النواب إلى تشكيل لجنة نيابية حديدية تضم 12 نائبا للتحقيق في ملابسات القضية. فما هي تفاصيل الـ20 تريليون دينار التي ابتلعها الفرطوسي؟ وهل تُعجّل هذه السرقة من إقالة مَن نُصِّب مديرا بقوة السلاح؟ إليك كامل التفاصيل.
*سرقة القرن الأكبر
اليوم الاثنين، كشفت لجنة الاقتصاد النيابية، خفايا ما أسمتها "سرقة القرن الأكبر" في البلاد، فيما أشارت الى رصد خروقات مثيرة للقلق بشركة الموانئ العراقية.
وقال عضو اللجنة ياسر الحسيني في حديث له تابعته شبكة انفوبلس، إن "لجنته تجري جولات على العديد من مؤسسات الدولة ومنها شركة الموانئ العراقية وقد تم رصد خروقات إدارية وتعاقدية بمستوى مثير للقلق في ظل وجود شركات مجهولة الهوية ما يترتب عليه هدر في الأموال العامة تصل إلى 20 تريليون دينار على أقل تقدير".
وأضاف، إن "ما يحدث في الموانئ العراقية هي سرقة القرن الأكبر في العراق وهي الأخطر"، لافتا الى أن "ما يحدث من تعاقدات تكبّل الحكومة في تسديد ديوان وفوائد بمبالغ مالية طائلة رغم أنها مورد اقتصادي مهم للبلاد".
ولفت إلى، أن "الموانئ باتت خارج السيطرة القانونية والإدارية لبغداد"، مشيرا الى "ضرورة إجراء تحقيقات في كل الملفات التي طرحناها والسعي لإيقاف شبهات الفساد وهدر المال العام واتخاذ قرارات جريئة تُسهم في تصويب ما يحدث في الموانئ العراقية على نحو يُسهم في إيقاف هدر الأموال".
*لجنة حديدية للتحقيق من 12 نائبا
الكشف عن السرقة لم يكن اليوم بل في الشهر الماضي، لكن خفاياها سُردت اليوم، وذلك بالتزامن مع قرار رئيس مجلس النواب بالنيابة، محسن المندلاوي، تشكيل لجنة نيابية للتحقيق في مخالفات الموانئ العراقية.
وجاء في وثيقة مذيلة بتوقيع المندلاوي، وردت لشبكة انفوبلس، إنه "استنادا للصلاحيات المخولة لنا بموجب أحكام المادة (35/ رابعاً) من النظام الداخلي لمجلس النواب، تقرر:
-تشكيل لجنة برئاسة النائب ياسر هاشم الحسيني وعضوية أعضاء المجلس (فالح الخزعلي، حسن سالم، عبد الرحيم الشمري، منى السبيل، سيبان عزيز، سوران عمر، موفق حسين، سعود الساعدي، عبد الأمير المياحي، علاء الحيدري، علي المكصوصي، ورفيق الصالحي) تتولى التحقيق في المخالفات في الموانئ العراقية على أن تسند اللجنة بموظفين من الوزارة والهيئات المختصة بحسب حاجة اللجنة.
-عرض نتائج التحقيق على مجلس النواب.
*الفرطوسي على رادار البرلمان
وأعلن رئيس المجلس بالإنابة محسن المندلاوي، في 25 آذار الماضي، عن نيته تشكيل لجنة لاستضافة الفرطوسي واستجوابه في البرلمان العراقي، وفقا للمادة 17 من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم 14 لسنة 1991.
وفي 27 فبراير شباط الماضي، كشفت مصادر موثوقة في البصرة، عن امتلاك شركات “الرفيف للنقل العام”، ”هلال البصرة” و”الرحيل للتجارة العامة”، مستثمرون لهم علاقات مع الفرطوسي، حيث تم تقاسم الأموال المنهوبة من المال العام وتلقي العمولات بشكل غير مشروع.
من جانبه، كشف عضو مجلس النواب، فالح الخزعلي، عن وجود شبهات فساد داخل الموانئ في محافظة البصرة.
وقال الخزعلي في حديث صحفي، إن "مجلس النواب يدعم مشروع ميناء الفاو لأنه سيادياً ومهماً من الناحية الاقتصادية ويسهم في تعزيز إيرادات الدولة بـ6 مليارات دولار سنوياً من خارج الموازنة عدا الإيرادات النفطية".
وأضاف، إنه "بحسب تقارير ديوان الرقابة المالية تبين وجود بعض المخالفات التي تحتاج الى تصحيح وتصليح ومنها مثلاً في عقود التشغيل المشترك والمشاريع الاقتصادية المهمة في ميناء الفاو (للعقود الستة التي كلفتها 2 مليار و 620 مليون دولار) كما أن هنالك مخالفات بالكُلف والإحالة وتجاوزات مالية أخرى".
ودعا الخزعلي، رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني إلى أن "يكون ارتباط هيئة ميناء الفاو بمكتبه بدل ارتباطها بشركة الموانئ العراقية لإخفاقهم بهذا الملف".
وأصبح من المعروف سيما لدى مراقبي النزاهة، وخبراء شؤون الموانئ، أن الفرطوسي صاحب سوابق في ممارسة الفساد في المناقصات والمشاريع الفاشلة، حيث حصل على أموال طائلة من المال العام.
ويُعتبر استجواب فرحان الفرطوسي مطلبًا جماهيريًا، إذ يرى العراقيون أنه يجب وقفه عند حده لحماية المال العام، نظرا لكونه واحدًا من أقطاب الفساد، الذين يستفيدون من العلاقات التخادمية وتقاسم الأموال المنهوبة، وهو ما ينبغي أن يُوقف عن طريق الإجراءات القانونية.
*فساد عقود ساحبات البواخر
في عام 2020، كشفت لجنة النزاهة النيابية، عن صفقات فساد كبيرة وهدر للمال العام، تمثلت هذه المرة بعقود مبرمة بين شركة الموانئ العراقية بمحافظة البصرة مع شركات خاصة لتشغيل ساحبات البواخر والحفارات التابعة للشركة، فيما أشارت إلى أن هناك إجراءات تعسفية لإخراج وتجميد قرابة 15 ألف موظف.
وقامت شركة الموانئ العراقية حينها، بالإعلان عن مناقصة مشروع تشغيل الساحبات، فتقدمت 3 شركات خاصة بعروضها وهي شركات (الرفيف للنقل العام، هلال البصرة، الرحيل للتجارة العامة)، والغريب في الأمر أن تلك الشركات غير متخصصة بالملاحة البحرية.
وكشف تقرير ديوان الرقابة المالية لعام 2020، بخصوص شركة الموانئ، عن تعاقد الشركة مع إحدى الشركات لشراء وتشغيل أجهزة فحص الحاويات، ومنحها 50 في المائة من إيرادات الفحص المتحققة بقيمة (1.626) مليار دينار، بالرغم من عدم التزام الشركة المتعاقدة بتجهيز أجهزة سونار منذ سنة ٢٠١٨، وقامت باستخدام أجهزة شركة الموانئ العراقية.
*تنصيبه مديرا بقوة السلاح
يوم 20 حزيران 2020 قام نائبان من سائرون وهما مظفر الفضل وأسعد العبادي مع قوة من سرايا السلام اقتحمت الموانئ العراقي وأخرجت المدير السابق للموانئ بالضرب وإجباره على تقديم استقالته، وقامت بتنصيب فرحان الفرطوسي بقوة السلاح ليوقّع على كل ملفات الفساد التي انتهكتها الحكومة السابقة.
وكان فرحان الفرطوسي من موظفي شركة النقل البحري وليس الموانئ، وباشر بعد سيطرته على منصب الشركة العامة لموانئ العراق، بإجراء العقود دون الرجوع إلى وزارة النقل واستشارتها والحصول على ترخيص منها، رغم كون الموانئ إحدى تشكيلات وزارة النقل.
*مطالبات لاستجواب الفرطوسي
وتُوجّه الدعوات إلى مجلس النواب العراقي لاتخاذ إجراءات سريعة لمحاسبة الفرطوسي وإيقاف تصرفاته الفاسدة والتي تضر بمصالح البلاد.
كما يأمل العراقيون في أن استجوابه من قبل البرلمان سوف يضع حدا لملف فساد الموانئ، بشكل عام.
وتساهم هذه الدعوات في دفع عمليات مكافحة الفساد في العراق، حيث يُعتبر الفساد من أبرز التحديات التي تواجه الدولة العراقية. وباستجواب مدير عام الشركة العامة لموانئ العراق، يمكن تحقيق تقدم في كشف ومعالجة الفساد المتورط في مشاريع البنية التحتية والاقتصادية، وفق ما يراه المراقبون.