قوانين مجلس قيادة الثورة المنحل في طور الاستبدال.. ما تأثير ذلك على الواقع القانوني في العراق؟
انفوبلس/ تقارير
بعد نحو 20 عاما على سقوط نظام الطاغية صدام، يعمل مجلس النواب على إلغاء وتعديل نحو 6 آلاف قرار من قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل، من بينها قرارات وُصِفت بالقاسية إذ تشكلت بموجبها محاكم سياسية وجنائية خاصة، فضلا عن تشديد العقوبات في غالب القوانين العراقية النافذة.
*لجان بين رئاسة الجمهورية واللجنة القانونية لتصفير التشريعات
ولتنفيذ هذا الأمر، شُكِّلت لجان بين رئاسة الجمهورية واللجنة القانونية في البرلمان لتصنيف تلك القرارات تمهيدا لإلغائها أو تعديلها، حسب رئيس اللجنة ريبوار هادي الذي أكد أن عدد القرارات موضوع البحث 5903 قرارات، وأن أغلبها ما زال نافذا.
وأشار هادي في حديث له تابعته شبكة "انفوبلس"، إلى أن لجنته عقدت اجتماعا مع الرئيس عبد اللطيف رشيد وناقشت معه وضع التشريعات في العراق، موضحا أن اللجان المشَكَّلة ستباشر أعمالها بدءا من الأسبوع الحالي، حيث تضمّن الاتفاق وضع تشريعات بديلة عبر سنِّ القوانين.
ولفت رئيس اللجنة القانونية في البرلمان إلى أن القرارات التي لم تكن بحاجة إلى تشريعات بديلة سيتم إلغاؤها وفقا للسياقات الدستورية، مبينا أن البرلمان سبق له أن ألغى عشرات القوانين خلال السنوات والدورات الماضية.
*إعادة النظر بالقرارات
وبهذا الشأن، وجّه رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، الأسبوع الماضي بإعادة النظر بقرارات مجلس قيادة الثورة المنحل.
وذكر المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية في بيان أن" رئيس الجمهورية استقبل في قصر بغداد، وفد اللجنة القانونية النيابية برئاسة رئيس اللجنة ريبوار هادي عبد الرحمن".
وأضاف، أن" رئيس الجمهورية أكد خلال اللقاء، أهمية دور مجلس النواب في سنِّ وتشريع القوانين المهمة التي نص الدستور على تشريعها، سيما تلك التي تتصل بمتطلبات المواطنين والتي تعمل على تحسين الأوضاع المعيشية والخدمية وتوفير أفضل الخدمات لهم".
وأشار البيان إلى، أن" رئيس الجمهورية وجّه هيئة المستشارين والخبراء في رئاسة الجمهورية بالتعاون التام مع اللجنة القانونية في مجلس النواب؛ من أجل تقديم حزمة تشريعات متكاملة ووفق الحاجة الفعلية"، مؤكدا، ضرورة" الإسراع بإعادة النظر بقرارات مجلس قيادة الثورة المنحل".
ولفت رئيس الجمهورية، وفق البيان، إلى" الجهود المبذولة من قبل رئاسة الجمهورية لمتابعة قضايا الموقوفين والمعتقلين ومن انتهت مدة محكومياتهم".
*قرارات نافذة بحكم الدستور
وعن تفاصيل تلك القرارات والأسباب الموجبة لإلغائها، يرى الخبير القانوني علي التميمي أن قرارات ما يُعرف بمجلس قيادة الثورة المنحل ما زال كثير منها نافذا، وهي بمنزلة تشريعات في حينها وهي 5903 قرارات، ومنها قرارات تتعلق بتشديد العقوبات، إذ لا تقبل إطلاق السراح بكفالة.
وأشار التميمي، في حديث له تابعته شبكة "انفوبلس"، إلى أن الدستور السابق المؤقت الذي صدر عام 1970 كان يُتيح لمجلس الثورة إصدار القرارات التي لها قوة القانون وقد استُغِلَّت هذه الفقرة حتى أصبحت القرارات أكثر من قرارات قانون العقوبات العراقي المتكون من 506 مواد فقط، لذلك تحتاج كثير من القرارات إلى الإلغاء.
ولفت التميمي إلى أن قرارات مجلس الثورة تعتبر نافذة بحكم الدستور الحالي وفقا للمادة 130، التي تؤكد أن القوانين تبقى نافذة ما لم تُلغَ أو تُعدَّل بقانون، مشيرا إلى أن المنهاج الوزاري لحكومة السوداني نص على إلغاء تلك القرارات التي تخالف الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية.
*قرارات لقمع المعارضين
وأوضح التميمي، أن أغلب تلك القرارات كان يستخدمها النظام السابق لقمع المعارضين، لذلك فإن البرلمان معني بها اليوم بالدرجة الأساس، ويمكن إلغاؤها جملة واحدة في حين يُعدّل القليل منها بعد دراستها.
وبيّن الخبير القانوني أن من بين أخطر تلك القرارات هو تشكيل المحاكم الخاصة في أوقات متفاوتة، وهي قرارات تخالف القانون الدولي وكذلك القانون العراقي والعهد الدولي، مثل ما يُعرف بمحكمة الثورة ومحكمة الداخلية والدفاع ومحكمة المخابرات التي تعاقب بقسوة على أبسط مخالفة.
*تأثير استبدال القرارات على الواقع القانوني في العراق
وبهذا الشأن، أكد القاضي وائل عبد اللطيف، بأن قرارات مجلس قيادة الثورة ما تزال تحكم العراق وبنسبة كبيرة وما زالت هذه القرارات وقوانين فترة البعث معمول بها بقوة.
وأضاف، "طلبنا من البرلمان تشكيل لجنة مختصة من القانونيين لدراسة قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل ومطابقتها مع الدستور وإلغاء ما يتنافى مع مواد الدستور ولكن لم يستجب لنا أحد."
وأوضح، "هناك قوانين كثيرة شُرِّعت في عهد حزب البعث المنحل قد لا تتطابق مع أحكام الدستور ونطلب إلغاءها ولكن للأسف قاموا بإلغاء قرارات منفردة وقليلة ونحن نطالب بإلغائها بالجملة ذلك أن مجلس قيادة الثورة استمر بإصدار القرارات منذ 1970 وحتى 2003 ولنا أن نتصور حجم هذه القرارات التي لها قوة القوانين، وهذا خلل كبير يرتكبه مجلس النواب والسلطة التنفيذية والوزارات التي تعمل وفق قرارات مجلس قيادة الثورة."
* منير حداد: القوانين بحاجة إلى تعديل
من جانبه، قال القاضي منير حداد إن "هناك قوانين وقرارات لمجلس قيادة الثورة المنحل تم إلغاؤها وبعضها بقيت سارية المفعول، فصدام كانت عنده سلطة مطلقة وأصدر الكثير من القرارات ويجب مراجعتها."، منبّهاً إلى أن، "القرار 160 جنائية الصادر عن مجلس قيادة الثورة لا يزال معمولا به، والمفروض إلغاء هذه القرارات وإلا فلماذا غيّرنا النظام؟."
وتابع، "عدم إلغاء قرارات مجلس قيادة الثورة يعود إلى المُشرِّعين في مجلس النواب، عندهم لجنة قانونية ويجب أن تنظر بكل القرارات والقوانين السابقة، هناك قوانين وقرارات تتعارض مع الوضع الحالي وظروف المجتمع اختلفت كثيرا عن السابق."
*دراسة قبل الإلغاء
يرى أستاذ فلسفة القانون في جامعة بابل هادي حسين الكعبي، أنه من الخطأ أن يصدر إلغاء القرارات بهذا الكم الهائل إجمالا من دون تفصيل، كونها لم تكن من حيث المبدأ ذات موضوع واحد.
وأضاف، أن هذه القرارات مترسخة في جملة من القوانين وغيّرت كثيرا من أحكامها الأصولية، فيجب النظر على وجه الاستقلال في كل قرار منها ودراسة جدوى تعديله، أو على الأقل دراسة القرارات ذات الموضوع الواحد ومحاولة تبويب أحكامها وصولا إلى تعديلها أو إلغائها.
وبيّن الكعبي، أن السعي لمحاولة الإلغاء الكامل من دون تبويب أمر لا يقرّه المنطق ويتعارض مع جدوى التعديل من دون إمعان النظر في آثاره القانونية المباشرة وغير المباشرة.
ويقول الكعبي، إن تلك القرارات لم تصدر عما يُعرف بمجلس قيادة الثورة، بل صدرت عن لجان قانونية متخصصة من الفقه والقضاء العراقي بعد جهد ودراسات مستفيضة، وعدّلت كثيرا من مواضع الوهن والخلل في التشريعات العراقية آنذاك.
يُذكر أن مجلس النواب العراق أصدر في أغسطس/ آب عام 2007 قانونا ينص على إلغاء قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل رقم (172) لسنة 1989 وتعديله وقرار (1177) لسنة 1975، في حين ألغى عشرات القوانين التي تتعارض مع التشريعات الحديثة.