كذبة "معركة مطار بغداد" قبيل إعلان سقوط النظام في 2003.. المحرقة التي وقع فيها الجيش بين نيران الاحتلال وفرق الإعدامات
انفوبلس/..
بدأت القوات الأميركية وحلفاؤها تنفيذ عملياتها العسكرية الهادفة لغزو العراق، في 19 آذار 2003، وانتهت في الأول من أيار من العام نفسه، بإسقاط النظام العراقي، وتخللها السيطرة على العاصمة بغداد في 9 نيسان.
حرب دارت في الحدود وبعض المدن العراقية، وصولاً الى العاصمة بغداد تعرض لها العراق من الولايات المتحدة وحلفائها، تناولتها منصات الإعلام بزوايا مختلفة، وكان أكثر مفاصلها إثارة للجدل ما سُمي بـ "معركة مطار بغداد الدولي" أو "معركة المطار" التي استمرت عدة أيام وكانت ذروتها في 5 نيسان، التي حُسمت لصالح الأميركيين، ومهدت لدخولهم بغداد وإسقاط النظام.
ويزعم ضباط تابعين للنظام الصدامي، أن معركة المطار كانت ضارية وسقط فيها الكثير من قوات الاحتلال، ودمرت خلالها آليات متعددة ولم يجتَزها الاحتلال بسهولة، فيما أكدت وسائل إعلام عالمية كانت قد عاصرت الحدث، أن المعركة حُسمت بسهولة من جانب الاحتلال لتفوقه بالإمكانيات البرية والتفوق الهائل لسلاح الجو الأميركي.
الجيش بين نيران الاحتلال والإعدام
وخلاف ما سوّق له البعثيون بعد سقوط النظام، لم تكن معركة مطار بغداد منجزاً عسكرياً لجيش النظام السابق، ولا أثر لوجود معركة وقعت في المطار أساساً، ولم يكن في المطار بعد سقوط بغداد سوى آثار القصف الأمريكي الذي أباد القطعات العسكرية العراقية.
وأحدث الاحتلال في وسط ومحيط المطار، محرقة كبيرة راح ضحيتها المئات من القوات العسكرية التي كانت مسوّقة الى القتال بلا تخطيط ولا استراتيجيات عسكرية، وقعت فيها أعداد كبيرة من الضحايا الذين حوصروا بين نيران الاحتلال من أمامها، وفرق الإعدامات التي شكلها ضباط النظام الذين هربوا في بداية دخول الاحتلال.
ويقع مطار بغداد الدولي إلى الغرب من العاصمة بغداد على بعد نحو 16 كيلومترا، ويُعد أكبر مطارات العراق، فضلا عن كونه مركز العمليات الرئيسي للخطوط الجوية العراقية.
ويتمتع المطار بأهمية استراتيجية كبيرة على المستوى العسكري، حيث إنه يقع في الخاصرة الجنوبية الغربية للعاصمة، وينفتح على العاصمة من خلال طريق بري سريع يؤدي لمركز مدينة بغداد.
انهيار القطعات العسكرية
يقول قائد فيلق الحرس الجمهوري الثاني في جيش النظام السابق، الفريق الركن رعد الحمداني، في كتابه (قبل أن يغادرنا التاريخ)، إن السبب المباشر الذي مكّن القوات الأميركية من الاندفاع السريع نحو بغداد ومطارها يكمن أنه في 2 نيسان 2003 تلقت القيادة العسكرية العراقية توجيها مباشرا بسحب غالبية القوات من قواطع جنوب بغداد، وتوجيهها نحو شمال العاصمة وغربها من جهة محافظة الأنبار.
ويذكر الحمداني أن هذا التوجيه كان نابعاً من اعتقاد صدام حسين، أن العمليات الأميركية جنوب العاصمة ما هي إلا مخادعة عسكرية بغية شن هجوم أكبر على العاصمة من القاطعين الشمالي والغربي.
ورغم أن الحمداني أكد في كتابه أنه لم يكن موافقا على هذا التوجيه العسكري، إلا أن الأوامر كانت قد صدرت، وهو ما تسبب بتحويل مسار الحرب سريعا، وانهيار القطعات العسكرية العراقية مقابل الأميركية، التي استفادت من التفوق التقني والجوي، وهو ما أدى إلى دخول القوات الأميركية مطار بغداد الدولي، وفق قوله.
الاحتلال أحكم سيطرته في 6 نيسان
ونقلت وكالة رويترز للأنباء، عن مصدر عسكري أميركي قوله، إن "أول طائرة عسكرية أميركية هبطت في 6 نيسان 2003، بمطار بغداد الدولي.
وذكر المصدر، أن "طائرة النقل العسكرية من طراز سي/130 هبطت بعد نحو ساعة من حلول الظلام على الجانب الغربي من المطار الذي يبعد 20 كلم إلى الجنوب الغربي من وسط العاصمة العراقية".
كما أعلن قائد اللواء الأول بفرقة المشاة الأميركية الثالثة، أن "قوات الغزو أوشكت على إحكام السيطرة على كل الطرق المؤدية إلى بغداد". وأعلن أن "قوات سلاح المشاة القادمين من جنوب غرب بغداد حيث يوجد مطار صدام الدولي وصلت إلى شمال المدينة وتعمل على تطويق العاصمة إلى جانب قوات مشاة البحرية (المارينز)".
وقد دخلت إلى مستشفى الكندي في بغداد، أعداد كبيرة من القتلى والجرحى، وقال أحد موظفي الصليب الأحمر، إن "مستشفيات بغداد تستقبل مئات المصابين، وإن عدد القتلى ارتفع بشكل واضح منذ اقتراب القوات الأميركية من المدينة واندلاع المواجهات فيها".
وقال مصابون من حي الدورة إن منازلهم تهدمت بالكامل في القصف الأميركي على بغداد وفي القتال العنيف بين القوات الأميركية والجنود العراقيين.
من جهة أخرى أعلن المتحدث باسم القيادة الأميركية في معسكر السيلية قرب الدوحة، أن القوات الأميركية دمرت موقعا لتدريب المتطوعين العرب في سلمان بك جنوبي بغداد ووصفه بأنه "معسكر تدريب للإرهابيين". وأعلن العميد فينست بروكس أسر عدد من المقاتلين المصريين والسودانيين دون أن يحدد عددهم.
حسمت غزو العراق
ويشير ضابط عسكري عراقي -اشترط عدم الكشف عن هويته- أن معركة مطار بغداد حسمت غزو العراق والعاصمة، وأن القوات العراقية التي شاركت في معركة المطار أُبيدت بالكامل باستخدام أسلحة غير تقليدية.
ويضيف المصدر -كان ضابطا في قوات الحرس الجمهوري- في حديثه، أن معركة المطار أخَّرت سقوط العاصمة بغداد نحو 3 أيام، وأن القوات العراقية المدافعة عن المطار كانت تسقط تباعا؛ بسبب التفوق الجوي الأميركي لطائرات الأباتشي والمدفعية الأميركية، التي كانت تستهدف كل ما يتحرك في المطار ومحيطه.
قائد فيلق الحرس الجمهوري الثاني، الفريق الركن رعد الحمداني، يؤكد أن "عدم حكمة القرارات العسكرية التي اتُخذت خلال غزو العراق، أدت إلى سرعة سقوط المطار وبغداد"، لافتا إلى أن "أحدا لم يكن يتوقع مقدرة القوات الأميركية على دخول بغداد بالسهولة والسرعة التي جرت، خاصة أن القوات الأميركية والبريطانية جوبهت بمقاومة عنيفة جنوب البلاد في الأيام الأولى للغزو".
تسريب خطة مشابهة
أما مدير برنامج الأمن والدفاع في مركز صنع السياسات للدراسات الدولية، اللواء الركن ماجد القيسي، فيؤكد من جانبه أن الهدف الأميركي من الخطة التي استُخدمت في غزو العراق والمسماة بـ"الخطّاف الواسع"، كانت تتمحور في الوصول إلى قلب بغداد من خلال السيطرة على المطار أولاً.
ويضيف القيسي في حديثه، أن "الأميركيين سرّبوا للعراقيين خطة مشابهة للمستخدمة؛ لكنها مخادعة، ما أدى بالقيادة العراقية إلى الاحتفاظ بـ13 فرقة عسكرية شمال بغداد، وبالتالي عدم استخدامها في معارك المطار والعاصمة، ظناً من القيادة العراقية أن الولايات المتحدة قد تبدأ هجوما مباغتا من الشمال"، وفق قوله.
وبسيطرة القوات الأميركية على مطار بغداد الدولي، استطاعت الاندفاع سريعا نحو العاصمة، وفي غضون 3 أيام فرضت القوات الغازية سيطرتها على مجمل العاصمة ليسجل يوم 9 من نيسان 2003 سقوط العاصمة العراقية (بغداد) بيد القوات الأميركية.