لمنع الشذوذ الجنسي.. مجلس النواب يُشرِع بتعديل قانون مكافحة البغاء.. هل يكفي التعديل لمحاربة الآفة؟
انفوبلس..
أنهى مجلس النواب، يوم أمس الثلاثاء، القراءة الأولى لمشروع قانون التعديل الأول لقانون مكافحة البغاء مع إضافة فقرة تتعلق بـ"تجريم الشذوذ الجنسي".
جاء ذلك في جلسته رقم 10 من الفصل التشريعي الثاني للسنة التشريعية الثانية من الدورة الخامسة، التي عقدها برئاسة نائب رئيس البرلمان محسن المندلاوي.
وفي الجلسة، دعا المندلاوي إلى "التصويت على إضافة فقرة على جدول أعمال الجلسة تتضمن القراءة الأولى لمقترح قانون التعديل الأول لقانون مكافحة البغاء رقم 8 لسنة 1988". مؤكداً، "ضرورة تعديل هذا القانون ومعالجة النقص التشريعي في مجال تجريم أفعال الشذوذ الجنسي ومن يروّج لها وفرض عقوبات رادعة على مرتكبيها".
وأعلنت الدائرة الإعلامية لمجلس النواب في بيان، أن المجلس "وبعد التصويت على إضافة فقرة جديدة إلى جدول الأعمال أنهى القراءة الأولى لمشروع قانون التعديل الأول لقانون مكافحة البغاء رقم (8) لسنة 1988".
وبحسب مراقبين، فإن خطوة المجلس يجب أن تكون مجرد خطوة أولى تتبعها العديد من الخطوات الأكثر جدية وحزماً لمحاربة هذه الظاهرة، مؤكدين أن حجم الدعم الذي يتلقاه الشواذ جنسياً من الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا يحتاج إلى قوى ردع تساويه لحماية العراق ومجتمعه من هذه الموجة الغربية المخالفة لجميع القوانين والأعراف السماوية والإنسانية والمنطقية.
وفي مطلع شهر تموز الماضي، أكد عضو اللجنة القانونية النيابية النائب عن محافظة ميسان "رائد حمدان المالكي" إنهاء صياغة التعديلات المقترحة على قانون مكافحة البغاء رقم 8 لسنة 1998".
وقال النائب، إن "التعديل الجديد يتضمن تعديل اسم القانون ليكون (مكافحة البغاء والشذوذ الجنسي) والتجريم بعقوبات رادعة لبعض صور الشذوذ الجنسي ومنها العلاقات المثلية والترويج لها".
وأضاف: "سنمضي بتشريع القانون بعد استئناف جلسات مجلس النواب في فصله التشريعي الثاني من هذه السنة".
وفي منتصف تموز الماضي، قررت رئاسة مجلس النواب إحالة مقترح التعديل الأول لقانون مكافحة البغاء الى اللجنة القانونية النيابية، لمعالجة النقص التشريعي في تجريم أفعال الشذوذ الجنسي ومن يروّج لها وفرض عقوبات رادعة على مرتكبيها.
وقال عضو اللجنة النائب رائد المالكي، الذي تبنّى إعداد مقترح تعديل القانون، إن " اللجنة القانونية ستمضي في تشريع التعديل الجديد وفقاً للسياقات الدستورية".
حظر المصطلحات
وقبل نحو أسبوع، منعت هيئة الإعلام والاتصالات العراقية، استخدام مصطلحات "النوع الاجتماعي" و"الجندر" وقالت إنها وجهت وسائل الإعلام العراقية باستخدام مصطلح "الشذوذ الجنسي" بدلا من "المثلية الجنسية".
وأشارت الهيئة في بيانها إلى "منع استخدام مفردة النوع الاجتماعي والجندر والمثلية في المخاطبات الخاصة بالهيئة كافة".
وامتد المنع ليشمل "جميع الشركات الحاصلة على ترخيص من الهيئة لخدمات الهاتف المحمول والإنترنت وغيرها، من الترويج لهذه المفردات من خلال استخدامها في تطبيقاتها وبرامجها". كما جاء في البيان أن هيئة الإعلام والاتصالات توجه بعدم "استخدام مفردة المثلية الجنسية واستخدام المفردة الحقيقية الشذوذ الجنسي".
وأوضحت الهيئة أنها تهدف إلى "حماية المجتمع وقيمه الأصيلة من المصطلحات الدخيلة التي أصبحت لها مدلولات مخالفة للنظام العام والآداب العامة".
وهذا القرار هو الأحدث في سلسلة من التحركات – والنقاشات التي احتدمت مؤخرا – بشأن استخدام مصطلحات "الجندر" و"النوع الاجتماعي".
وأثار النقاش ظهور فيديو، تبين لاحقا أنه يعود لعامين، يتحدث فيه زعيم تيار الحكمة ورجل الدين، عمار الحكيم، عن ضرورة إشاعة "ثقافة الجندر" ودعمها.
وأشعل الفيديو هجوما واسع النطاق على الحكيم، يندر أن تتعرض له شخصية دينية في العراق، دفع الحكيم إلى نشر تغريدة ينفي فيها أنه "يدعو لتذويب الفوارق بين الجنسين".
تبني أمريكي
وخلال الأشهر الأخيرة، يجري في العراق تحرك محموم للوقوف بوجه الشذوذ الجنسي؛ خاصة بعد انتشارها في العالم الغربي بأمريكا وأوروبا، لاسيما في ظل التطورات الأخيرة وإعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن أن الولايات المتحدة هي "أمة المثليين" وتأكيد دعمه التام للشواذ جنسيّاً.
إدارة بايدن، لا تكتفي بالترويج للمِثليين تحت شعار حمايتهم وحُقوقهم، بل تُريد نشر تلك الثقافة المُخالفة للفِطرة، في دُولٍ إسلاميّة، وعربيّة، ترفض مُجتمعاتها هذه المُمارسة المرفوضة بكُل الدّيانات السماويّة، حيث وصلت إلى حدّ المُجاهرة بالتزامن مع إعلان بايدن بأن بلاده "أمّة المِثليين"، برفع علم المثليّة في كل من سفارتها في لبنان، وقنصليّتها في تركيا، الأمر الذي أغضب الأتراك، واللبنانيين.
السياسات الأمريكيّة الحاليّة لا تقف عند حُدود الحثّ على ما يجري وصفه بتقبّل الشواذ وحُقوقهم، والدعم المُطلق لهم، بل تتجرّأ بفرض العُقوبات على الدول التي تُفكّر بمُحاربة الشذوذ الجنسي، والانحلال الأخلاقي، وآخرهم أوغندا، ورئيسها يوويري موسيفيني، الذي وضع الإعدام للشواذ جنسيّاً كعُقوبة رادعة، الأمر الذي دفع بايدن بالتخطيط لفرض عُقوبات على بلاده أوغندا.
تحذير للعراقيين
الصحفي السعودي حسين الغاوي حيث أعاد نشر تغريدة بايدن بخُصوص أمريكا أمّة مِثليّة، وحذّر في تغريدة ثانية العراقيين من معلومة مفادها بأن الخارجية الأمريكية ستقوم بإرسال منحة ماليّة 12 مليون دولار إلى 3 جامعات عراقيّة لوضع منهج دراسي عن الشذوذ الجنسي، وأضاف الغاوي معلومة نقلها على ما يبدو من مصدرها قائلاً إن عُنوانها دعم التعليم العالي في العراق على الطريقة الأمريكيّة، وأردف، انتبهوا يا أهل العراق، وهو ما يشي بأن سياسات نشر الشذوذ الجنسي تستهدف جميع الدول العربيّة، والإسلاميّة، والإفريقيّة.
في هذا السياق، أكد القيادي في الإطار التنسيقي جبار عودة، أن "نشر الشذوذ في العراق هي أجندة غربية مقصودة تُنفق عليها ملايين الدولارات وهناك ضغط من أجل أن يكون لها موطئ قدم مُعلن بهدف الإساءة للمجتمع بكل أطيافه ومكوناته التي تنبذ هكذا أفعال شاذة".
وأضاف، بأن "هناك 15 منظمة غير معلنة تنشط بهذا الاتجاه في العراق ويجري دعمها من قبل السفارات الغربية خاصة الأمريكية والبريطانية والألمانية بشكل مباشر". لافتاً إلى، أن "هناك طواقم شباب يجري نقلها إلى الخارج من أجل تثقيفهم على كيفية نشر هذا الوباء الفكري في المجتمع العراقي".
وبيّن، أن "الغرب يرى في الشذوذ طريقه لهدم مرتكزات المجتمعات العربية والإسلامية بشكل مباشر، لذا فإنه يعتبر نشرها بُعداً استراتيجياً وهذا ما يفسّر ضغطه المتواصل لنشره حتى في البطولات الدولية من خلال تجنيد كبار مسؤوليه ليكونوا أدوات بهذا الاتجاه".
وتابع عودة، أنه "يفترض بأن يكون للحكومة قرار حيال أي سفارة يثبت تعاطيها مع الشذوذ سواء بالدعم المادي أو المعنوي وأن يمنع رفع إعلامهم على أي سفارة".
الحلبوسي يعارض التجريم
ووسط هذه الضجة، برزت مساعٍ حثيثة لنواب عراقيين من أجل إقرار قانون في مجلس النواب العراقي يجرّم الشذوذ الجنسي، وهو الأمر الذي أكد رئيس البرلمان محمد الحلبوسي على عدم تطبيقه لأنه "يعارض القانون الدولي" على حد قوله.
في 3 كانون الاول 2022 اقترح عدد من أعضاء مجلس النواب، مشروع قانون بخصوص الشذوذ، حيث أظهرت وثائق تقديم النواب لمقترح قانون بعنوان "حظر الدعاية ونشر المثلية"، معنون إلى مجلس النواب.
وقال المقترحون إن القانون يأتي "استنادًا للبند ثانيًا من المادة 60/ ثانيًا من الدستور العراقي والمادة 17/ أولًا من قانون مجلس النواب وتشكيلاته رقم 13 لسنة 2018 والمادة 120 من النظام الداخلي للمجلس".
وذكروا أن الأسباب الموجبة تتمثل بـ"مصلحة الشعب وللحفاظ على الفرد والأُسرة والمجتمع والقيم الأخلاقية".
لكن رئيس البرلمان، أكد بعدم المضي بقانون محاربة الشذوذ الجنسي؛ لأنه "يعارض القانون الدولي".
وقال الحلبوسي في لقاء متلفز، إنه "لن نمضي بتشريع قانون المثلية لأنه يتعارض مع الوضع الدولي العالمي". لافتا إلى، أن "عُرفنا وعاداتنا وتقاليدنا ترفض رفضا قاطعا لمثل هذه الحالات الشاذة".
وأضاف، إن "العُرف الدولي يبيح رفضه لدينا ولكن بدون المضي به تشريعا وفتح أبواب في دول أخرى للمضي بنفس التشريعات". مؤكدا، إنه "نحن الآن مراقَبون دوليا".
وأوضح الحلبوسي، "لا نحتاج أي قانون لتحريم الفاحشة"، منوها إلى أنه "لدينا قانون سماوي ودين يرفض هذه الظاهرة".
لا تشريعات واضحة
العراق عمومًا لا يمتلك تشريعات واضحة وصريحة تجاه هذا الملف، حيث إنّ المواد 393 و394 التي تعاقب بالحبس المؤبد "من واقع أنثى أو لاطَ بذكر دون رضاهم". أي إنّ هذا التشريع لا يعالج مسألة المثلية الجنسية التي تجري بـ"الرضا" بين الطرفين، أو وجود مواد غير صريحة تعاقب الإتيان بـ"أفعال مخلّة بالشرف".
ومن أهم التساؤلات التي تُطرح حول القانون المرتقب، هل أنّ المشرع سيعمد إلى "مكافحة الإعلان والتصريح وتنظيم المنظمات والمجتمعات الفئوية الشاذة في العراق"، أم أنه سيعمد إلى جعل "الإبلاغ" عن هذا السلوك وتقديم الأدلة عليه لمحاكمة أطرافه أمام القضاء.
تشريعات الدول الإسلامية
في 3 نيسان من العام 2019، أقرّت سلطنة بروناي، الواقعة في جنوب شرقي آسيا، تطبيق عقوبات مثل الرجم حتى الموت على الشواذ جنسياً.
وبموجب ذلك القانون، يتم تطبيق عقوبة الرجم على الأفراد إذا اعترفوا بممارسة الشذوذ أو بموجب شهادة أربعة شهود برؤيتهم يفعلون هذا.
وكان الشذوذ الجنسي ممنوع بالفعل في بروناي، وعقوبته كانت السجن التي يمكن أن تصل إلى 10 سنوات.
في 21 مارس، أقرّ البرلمان الأوغندي مشروع قانون مناهضة الشذوذ الجنسي، واعتمد أقسى قانون ضد مجتمعه في العالم. وبموجب القانون، يُعاقب على الشذوذ الجنسي بالسجن مدى الحياة، بينما يُعاقب على "المثلية الجنسية المشددة" بالإعدام. ويحظر مشروع القانون "الترويج للشذوذ الجنسي" ويفرض عقوبات جنائية على كل من "يعلن أو ينشر أو يطبع أو يبث أو يوزع" مواد يمكن اعتبارها تروّج للمثلية الجنسية أو تشجّع عليها. ويعاقب الشخص المدان بارتكاب هذه الجريمة بالسجن لمدة 20 عاماً.
وفي مايو/ أيار الماضي، قضت محكمة الشريعة الفيدرالية في باكستان، وهي محكمة دينية تُعد جزءاً من السلطة القضائية في البلاد، بأن الأحكام الرئيسية لقانون عام 2018 التاريخي، الذي يضمن حقوق "العابرين جنسياً"، بأنها "غير إسلامية".
وحظر قانون، عام 2018، التمييز ضد العابرين جنسياً، وأعطاهم حماية أكبر واعترافا قانونيا. فيما رفض الحكم، الصادر عن المحكمة، أجزاءً من هذا القانون الذي يعترف بـ"العابرين جنسياً"، وحقهم في الحصول على رخصة قيادة أو جواز سفر، وأيضا حقهم في الميراث.
وفي سلطنة عُمان يعتبر النشاط الجنسي الشاذ بين الرجال وبين النساء غير قانوني وفقا للفقرتين 33 و223 من قانون العقوبات، بحيث تصل عقوبة الجريمة بالسجن لمدة تصل إلى 3 سنوات، أما في دولة الإمارات العربية المتحدة تنص المادة 354 من قانون العقوبات الاتحادي الإماراتي على العقوبة "بالإعدام لكل شخص استخدم الإكراه في مواقعة أنثى أو اللواط مع ذكر، كما يعتبر الإكراه قائما إذا كان عمر المجني عليه أقل من أربعة عشر عاما وقت ارتكاب الجريمة"، وفي سوريا تحظر المادة 520 من قانون العقوبات لعام 1949 "العلاقات الجسدية ضد نظام الطبيعة"، وتنص عقوبة السجن لمدة تصل إلى 3 سنوات.
وفي لبنان تدور معارك قانونية قضت من خلالها عدة محاكم بعدم استخدام المادة 534 من قانون العقوبات اللبناني، التي تحظر إقامة علاقات جنسية "تتعارض مع نظام الطبيعة"، لاعتقال أفراد شواذ، إلا أن المادة لا زالت تُستخدم في اعتقال الشرطة للشواذ.
وفي قطر تنص المادة 296 من قانون العقوبات الحالي بالسجن لمدة تتراوح ما بين سنة و3 سنوات لمرتكبي الشذوذ الجنسي بين الرجال، وقد كانت العقوبة في السابق تصل إلى 5 سنوات، وفي الأردن لا توجد قوانين تجرّم المثلية الجنسية بعد إلغاء قانون العقوبات الصادر عن الانتداب البريطاني عام 1951، الذي كان يجرّم الشذوذ الجنسي، ويفرض عقوبة بالسجن تصل إلى 10 سنوات، إلا أن "الإخلال بالأخلاق العامة" يمكن أن يكون ذريعة لمقاضاة الشواذ جنسياً.
ولا يجرّم القانون المصري الشذوذ الجنسي على نحو صريح، إلا أن هناك عدة أحكام تجرّم أي سلوك يمكن أن يُعتبر غير أخلاقي أو فاضح. كذلك فإن القانون المصري يكافح "الدعارة"، ويتضمن مواد تحظر "الفسوق"، وهو ما يمكن أن تفسّره المحكمة المصرية على أنه تجريم للعلاقات الشاذة أو "اعتياد على ممارسة الفجور" وهو ما يقع أيضا تحت طائلة القانون.