لم تقتصر على النفط.. انفو بلس تستعرض تاريخ المساعدات العراقية إلى الأردن
انفوبلس/..
منذ سنوات عدّة، تسند المساعدات العراقية المملكة الأردنية، فالمِنح المالية والنفطية التي قُدِّمت من بغداد إلى عمان تُقدَّر قيمتها بملايين الدولارات، فقد كان النفط العراقي يمثــل دائماً اعتباراً مهماً في علاقات هذين البلدين، ومنذ ثمانينيات القرن الماضي كان العراق من أهم الأطراف في الاقتصاد الأردني.
بعد عام (2003) وسقوط النظام السياسي في العراق استفادت الأردن من تدريب كوادر الشرطة والجيش الجديد على أراضيها ولكن ذلك لم يدُم كثيراً بسبب قيام تنظيم القاعدة الإرهابي بقطع الطريق على القوات الأمنية وتنفيذ مجازر بحق المتدرّبين وحتى المدنيين، ولم تتعاون الحكومة الأردنية مع النظام السياسي العراقي الجديد بعد عام (2003) فيما يخصّ تسليم الهاربين من أعوان النظام البائد (ومن ضمنهم أفراد أُسرة صدام حسين) من الذين قادوا عمليات التفجير الدموية بحق الشعب العراقي، وكذلك عدم الاكتراث بانطلاق قيادات القاعدة من أراضيها أمثال أبو مصعب الزرقاوي من محافظة الزرقاء الأردنية.
تغيّرت نظرة العراق إلى الأردن نتيجة (العمليات الإرهابية) وكما ذكرنا آنفاً، فاحتضان المملكة لأعوان نظام صدام، وأيضاً بعد نشر معلومات عن تورّط أردني في تنفيذ عملية انتحارية بمدينة الحلة عام 2005 التي ذهب ضحيتها المئات، أعقبها قيام أُسرة الانتحاري الذي فجّر نفسه بتنظيم احتفالية بمناسبة ما اعتبروه "استشهاد" هذا الانتحاري، ولقد أدى ذلك إلى نقمة الشعب العراقي على المستويين الشعبي والرسمي متهمين الأردن بإيواء ومساعدة الإرهابيين.
وفي مؤتمر القمة العربية الذي عُقد في الجزائر حدث تحول في العلاقات بين العراق والأردن واحتواء الخلاف بعد أحداث الحلة بعد أن اعتبرت الحكومة الأردنية أن هذا العمل لا يمثل الأردن وشعبه. ومع مرور الوقت ووضوح المشهد السياسي العراقي بدأت العلاقات تعود بين الطرفين منذ العام 2006، لذا فقد شكل هذا التاريخ نقطة تحول في العلاقات وخصوصاً الأردن تجاه العراق.
*تاريخ من المساعدات
لم تكن المساعدات العراقية المقدَّمة إلى الأردن وليدة النظام السياسي الجديد في العراق، بل إنها كانت موجودة منذ سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.
كشف رئيس الوزراء الأردني الأسبق مضر بدران، في مذكراته عن أن العراق أنقذ موازنة الأردن في عام 1977، بعدما صرفت بغداد لعمّان شيكاً بقيمة 30 مليون دولار، حيث كانت الحكومة آنذاك عاجزة عن دفع رواتب الموظفين.
في أيلول 2013، قرر مجلس الوزراء العراقي تقديم مساعدة إلى الأردن بقيمة 25 مليون دولار على شكل كميات من النفط الخام، لاقى ذلك القرار ترحيباً أردنياً، إذ قال آنذاك الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية محمد المومني، "الحكومة الأردنية تعرب عن تقديرها لمواقف الحكومة العراقية الأخوية الصادقة تجاه الأردن وجهودها في مساعدته لمواجهة التحديات الاقتصادية".
سبق ذلك، وتحديداً في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2012، قرار عراقي مماثل، وذلك بتقديم مئة ألف برميل مجاناً للأردن بهدف مساعدته في أزمته الاقتصادية.
وكانت في ذلك الوقت، تعيش المملكة الأردنية ظروفاً اقتصادية صعبة وشح الموارد الطبيعية ودَين عام تجاوز 23 مليار دولار وعجز في موازنة 2003 بلغ نحو ملياري دولار وأعباء فاقمها وجود حوالي نصف مليون لاجئ سوري هناك.
وفي عام 2016، أعلنت الحكومة العراقية منح الأردن مبلغ 8 مليون دولار لمساعدته على مواجهة الأعباء المالية الناتجة عن استضافة اللاجئين العراقيين البالغ عددهم حوالي 500,000 لاجئ.
ثم تنوعت المساعدات العراقية، منذ ذلك الحين وإلى يومنا هذا، أما عن طريق مِنح مالية أو نفط مجاني، أو بيع نفط بسعر أقل من الرسمي بعدّة دولارات.
*مساهمات رجال الأعمال
في أزمة انتشار جائحة كورونا، قُدّمت مساعدات عراقية أيضاً إلى الأردن، عبر رجال أعمال، تمثَّل ذلك في إطلاق رئيس مجلس الأعمال العراقي ماجد الساعدي، مبادرة لدعم جهود وزارة الصحة الأردنية في مواجهة الوباء المستجد بدأها بتبرّعه بخمسين ألف دولار لكنها وصلت فيما بعد إلى 250 ألف دولار.
وأوضح في حينها، أن المساهمة من قِبل رجال الأعمال والمستثمرين العراقيين لا تقتصر على التبرع النقدي بل تتعداها إلى توزيع مواد غذائية للعوائل المتعففة والتي يصعب الوصول اليها بالتعاون مع السفارة العراقية في عمان والأجهزة الأمنية الأردنية.
كما يوجد في الأردن رجال أعمال عراقيين بارزين، ومستوى أموالهم في ذلك البلد هائل جداً وربما خروجهم من المملكة قد يسبب انهياراً اقتصادياً لها، مثل، طارق الحلبوسي مؤسِّس شركة الصقر للنقل البري والتجارة العامة وعضو هيئة مديري مركز الملك عبدالله الثاني للتصميم والتطوير "كادبي" منذ عام 2019، وغيره الكثيرين.
وفي أيلول 2022، قال مجلس الأعمال العراقي في الأردن، أن حجم الاستثمارات العراقية في المملكة وصل إلى نحو 23.4 مليار دينار.
*ورطة
اضطر العراق في عام 2020، إلى تعليق إمدادات النفط الخام اليومية المنقولة برّاً على متن الشاحنات إلى الأردن، لتواجه الحكومة الأردنية ورطة في مسار توفير احتياجات البلاد من النفط، فيما قالت وزارة الطاقة والثروة المعدنية الأردنية في بيان، إن التوقف جاء بسبب "الانهيار غير المسبوق لأسعار النفط العالمية".
وتوفر عمّان معظم حاجاتها من الطاقة عن طريق استيراد النفط والغاز، وتعمل على الحد من الواردات من خلال التنقيب عن النفط الصخري واستغلال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
وكانت الأردن قد تلقت في سبتمبر 2019 أولى شحناتها بموجب اتفاق لشراء عشرة آلاف برميل يومياً من النفط الخام من حقول كركوك لتلبية جزء من الطلب المحلي، قبل أن تتوقف في شهر شباط 2022 نتيجة انتهاء العقد لتتم المباشرة مرة أخرى في نيسان 2022، ثم توقفت أيضا في شهر آب من العام نفسه، لتعاود من جديد في شهر أيلول 2022.
وقالت وزيرة الطاقة هالة زواتي في ذلك الوقت إن “اتفاق توريد النفط الخام سيغطّي سبعة في المئة من الحاجات اليومية للأردن وسيتم احتساب الخصومات المتعلقة بفارق تكاليف النقل والمواصفات على أساس معدل سعر خام برنت الشهري”.
وقدّم العراق خصومات تفضيلية في أسعار الإمدادات النفطية إلى الأردن، في إطار حُزمة واسعة من الشراكات الاقتصادية التي توصّلت إليها البلدان مطلع عام 2019، وبلغ حجم الخصم 16 دولاراً للبرميل حينما كان سعره يفوق الستين دولاراً.
*إحصائية
نهاية عام 2022، كشفت شركة تسويق النفط العراقية "سومو"، أن معدل سعر النفط الخام المصدَّر إلى الأردن بلغ 75.67 دولاراً خلال تشرين الثاني من ذلك العام.
وبهذا يكون العراق قد باع البرميل الواحد من النفط الخام إلى الأردن في شهر تشرين الثاني 2022 بأقل من 6.747 دولارات عن سعر البيع الرسمي المُعلَن من قبل وزارة النفط والبالغ من (82.417 ) دولاراً، بحسب الإحصائية الصادرة عن الوزارة.
وقالت سومو في إحصائية نُشِرت على موقعها، إن "مجموع الصادرات النفطية إلى الأردن خلال شهر تشرين الثاني الماضي بلغت 300 ألف و230 برميلاً"، مبينة أن "معدل التصدير بلغ 10 آلاف برميل يوميا".
وأضافت سومو، أن "معدل سعر البرميل المُباع للأردن بلغ 77.33 دولاراً"، مبينة أن "قيمة الواردات من الصادرات النفطية للأردن خلال شهر واحد بلغت 23 مليوناً و216 الفاً و785 دولاراً".
وأعلنت وزارة النفط، مجموع الصادرات النفطية والإيرادات المتحققة لشهر تشرين الأول الماضية، مبينة أنها بلغت (99) مليونا (867) ألفا و(946) برميلاً، بإيرادات بلغت (8.231) مليار دولار.
ويستمر العراق بتصدير النفط الخام إلى الأردن بأسعار تفضيلية عبر الشاحنات الحوضية بمعدل تقريبي 10 آلاف برميل يومياً.