ما المؤكد رسمياً حول فضيحة "تنصت جوحي" بعيداً عن الإشاعات وحرب التصريحات؟
هل هي كذبة القرن أم حقيقة؟
ما المؤكد رسمياً حول فضيحة "تنصت جوحي" بعيداً عن الإشاعات وحرب التصريحات؟
انفوبلس/..
في ظل أجواء مشحونة بالتوتر السياسي والإعلامي، وفي خضم سلسلة الفضائح التي توالت من مكتب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني من عمليات تنصت وتجسس، برز الأخير خلال استضافته في جلسة مجلس النواب ووصفها بأنها "كذبة القرن".
وبينما تتضارب الروايات حول طبيعة التسريبات وأهدافها، يبقى السؤال الأهم: ما الذي يمكن تأكيده رسميًا بعيدًا عن الإشاعات وحرب التصريحات؟ حتى الآن، لم تصدر الجهات الرسمية بيانًا قاطعًا حول صحة التسجيلات المسربة، لكن القضية فتحت الباب على مصراعيه أمام اتهامات واسعة بالتجسس وسوء استخدام السلطة، مما يهدد بإعادة تشكيل التحالفات السياسية في المشهد العراقي.
*تطور مثير
وفي تطور مثير للجدل، وصف رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الادعاءات حول وجود عمليات تجسس وتنصت داخل مكتبه بأنها "كذبة القرن".
وقال رئيس الوزراء خلال استضافته في البرلمان بناءً على طلبه، إن "قضية التجسس والتنصت والإشكالات التي أُثيرت واتُهمت فيها الحكومة بطريقة لا أخلاقية، لم تستند لأي شيء، وأستطيع القول بضرس قاطع بأنها كذبة القرن".
وأضاف، إن "القضية معروضة أمام القضاء ونحترم قضاءنا المستقل النزيه العادل ونحترم قراره بالتحقيق مع الموظف وننتظر النتائج"، مبيناً: "لكن كمعطيات متوفرة لا وجود لأي أمر كهذا، ويبقى الدور الرقابي للمجلس باستجواب أي مسؤول".
تصريحات السوداني جاءت عقب تداول تسريبات إعلامية تفيد بوجود شبكة تجسس وتنصت تدير عملياتها من داخل مكتب رئيس الوزراء نفسه، وهو ما أثار ضجة سياسية وإعلامية واسعة في البلاد.
*انقسام في الأوساط السياسية
هذه القضية أثارت حالة من الانقسام في الأوساط السياسية، حيث اعتبر البعض أن إثارة هذه الادعاءات في الوقت الراهن قد تكون جزءًا من صراع سياسي بين أطراف متنافسة داخل الحكومة وخارجها. في حين يرى آخرون أن القضية، إذا ثبتت صحتها، تمثل انتهاكًا خطيرًا للخصوصية والثقة داخل مؤسسات الدولة، ما يستدعي محاسبة المسؤولين عنها بشفافية كاملة.
وبينما ينفي مكتب رئيس الوزراء وبشدة صحة هذه الادعاءات، داعيًا إلى عدم الانجرار وراء الشائعات، يستمر القضاء في تحقيقاته التي قد تكشف قريبًا حقيقة الأمر.
وفي الوقت الذي لم يُحدد القضاء موعداً لمحاكمة أعضاء الشبكة والمتهم الرئيس فيها، محمد جوحي، الذي كان يشغل منصب معاون مدير عام الدائرة القانونية في مكتب رئيس الوزراء، لكن القضية تزامنت مع سيل من التسريبات الصوتية التي شملت موظفين كباراً، من بينهم رئيس هيئة النزاهة السابق، ومدير الضرائب، ورئيس هيئة المستشارين في رئاسة الوزراء وأحد مستشاري رئيس الوزراء، الذي لا يزال محتجزاً على ذمة التحقيق.
وظلّت قضية التنصت، والتسريبات الصوتية في إطار تنافس إعلامي محموم بين الفرقاء السياسيين، في حين لم يعلن القضاء عن نتائج التحقيقات المطولة التي فتحها في هذه القضايا.
وفي ظل مرحلة حساسة، تأتي قضية التنصت التي أربكت كثيراً من الكتل السياسية، لا سيما بعد تداول معلومات تشير إلى تسريبات أخرى تطال كثيراً من المسؤولين رفيعي المستوى في العراق.
من جانبه، قال عقيل الفتلاوي، الناطق باسم ائتلاف دولة القانون -في تصريحات صحافية- إن "الائتلاف لا يعرف المبررات التي تدفع مكتب رئيس الوزراء إلى إبقاء المتهم بشبكة التنصت على كبار مسؤولي الدولة في منصبه طيلة الفترة الماضية".
وأوضح الفتلاوي موقف دولة القانون، من قضية التنصت، وقال إن "الائتلاف ما زال يدعم الحكومة الحالية، لأنها انبثقت من (الإطار التنسيقي)، ولم نلمس إلى الآن أي تقصير قانوني من رئيس الوزراء في التعامل مع قضية التنصت".
وتحدث مجلس القضاء الأعلى في مطلع سبتمبر عن "عدم دقة" معلومات على "بعض مواقع التواصل الاجتماعي بخصوص التحقيق بما يعرف بقضية شبكة محمد جوحي".
ونفى قبل ذلك بثلاثة أيام "وجود محاولات تنصت على رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان".
ولدى سؤاله عن شبكة التنصت، قال رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي في مقابلة تلفزيونية في سبتمبر، إنه "تعرّض للمتابعة"، موضحاً "كلّما كنت أنتقل من مكان إلى آخر، كنت أجد فريقاً يتابعني".
"أعمال غير نظيفة"
وكان أول من كشف القضية النائب العراقي مصطفى سند الذي تحدّث في 19 أغسطس/ آب عن توقيف "شبكة" تشمل جوحي وعددًا من الضباط والموظفين "كانت تمارس عدة أعمال غير نظيفة ومنها التنصت على هواتف عدد من النواب والسياسيين" هو أحدهم.
*موعد المحاكمة
وقبل 5 أيام، حددت محكمة جنايات الكرخ في العاصمة بغداد، التاسع من شهر كانون الأول/ديسمبر الجاري، موعداً لمحاكمة المتهم الأول بما تُعرف بقضية "التنصت".
وكتب النائب مصطفى جبار سند في منشور له على منصات التواصل الاجتماعي، إن جوحي ستتم محاكمته "بإحدى الشكاوى المُقامة من قبلنا".
وأضاف، أن "هنالك دعاوى أُخرى ما زالت قيد التحقيق ولم تُحَل للمحاكم المختصة ومنها دعوى التنصت".
وبهذا الصدد، وجهت المحكمة طلباً رسمياً إلى جهاز المخابرات العراقي لتبليغ ذوي العلاقة للمثول أمام القضاء في الموعد المحدد آنفاً في الساعة التاسعة صباحاً.
وكان سند قد أعلن في شهر آب/أغسطس الماضي باعتقال شبكة تنصت وتزوير تابعة لمكتب رئيس الوزراء بينهم موظفون وضباط.
وقال سند في منشور له على موقع التواصل فيسبوك، اطلعت عليه "انفوبلس"، إن محكمة تحقيق الكرخ المختصة بقضايا الإرهاب اعتقلت شبكة من القصر الحكومي لمكتب رئيس الوزراء وعلى رأسهم المقرب (محمد جوحي) وعدد من الضباط والموظفين.
وبين، إن الشبكة كانت تمارس عدة أعمال غير نظيفة ومنها التنصت على هواتف عدد من النواب والسياسيين (وعلى رأسهم رقم هاتفي)، وكذلك تقوم الشبكة بتوجيه جيوش إلكترونية وصناعة أخبار مزيفة وانتحال صفات لسياسيين ورجال أعمال ومالكي قنوات.
وأوضح، إن الشبكة اعترفت على أعمالها وتم تدوين أقوالهم ابتداءً وقضائيةً، كاشفا أن من ضمن الاعترافات الكثيرة انتحال رقم سعد البزاز (مالك قناة الشرقية الفضائية) وإرسال صورة مفبركة لقناة الشرقية تحتوي صورة أربعة نواب (سند وعدي ومحمد نوري وهيثم الزهوان) لخبر كاذب وإرسال الصورة على أرقام هواتف جميع النواب على الخاص.
وأشار سند إلى أن هناك عدة ضغوطات تمارس من أجل إخراجهم لكن لم يخضع القاضي المختص لتلك الطلبات، وبدورهم قام النواب المتضررون بتقديم الشكاوى وصُدّقت أقوالهم.
والمؤكد في هذه القضية هو "ضبط شبكة للتنصت والابتزاز تستهدف السياسيين العراقيين داخل مكتب رئيس مجلس الوزراء يقودها جوحي".