ما طبيعة المشكلة المتفاقمة بين رئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية؟ دعوى من السوداني تستهدف النظام الداخلي والديوان.. تعرف على التفاصيل
انفوبلس/..
في حادثة غير مسبوقة، استهدف رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، ولأول مرة، إحدى الرئاسات الثلاث المهمة في العراق، عندما قام برفع دعوى قضائية ضد رئاسة الجمهورية، موجهاً سلاحه نحو قانون ديوان الرئاسة، والنظام الداخلي، في ظل تباين المواقف الشعبية من اتخاذ هكذا خطوة "جريئة" كما وصفها البعض.
وأظهرت وثائق حكومية أن مكتب رئيس الوزراء قدم دعوى الى المحكمة الاتحادية بالطعن في دستورية قانون ديوان رئاسة الجمهورية والنظام الداخلي للرئاسة.
وبحسب الوثائق التي حصلت عليها "انفوبلس"، فإن "الدعوى التي رفعها رئيس مجلس الوزراء إضافة الى وظيفته، شملت كلاً من رئيس مجلس النواب إضافة إلى وضيفته ورئيس الجمهورية إضافة لوظيفته، حيث أشارت الى طلب رئيس مجلس الوزراء الحكم بعدم دستورية قانون ديوان رئاسة الجمهورية رقم 4 لسنة 1984 وإلغائه لمخالفته دستور جمهورية العراق لسنة 2005".
كما تشمل الدعوى "طلب رئيس مجلس الوزراء الحكم بعدم دستورية النظام الداخلي لرئاسة الجمهورية وإلغائه لمخالفته أحكام الدستور".
وتشير الوثائق الى أن "قانون ديوان الرئاسة لعام 1984 لا ينسجم مع نصوص الدستور العراقي كما أنه يتعارض مع الشكل الاتحادي للدولة ونظام اللامركزية الإدارية، إضافة الى أن ديوان الرئاسة يختلف عن رئاسة الجمهورية بالإضافة الى تحديده منصب رئيس ديوان الرئاسة بمنصب وزير وله وكيلان أو أكثر بدرجة وزير بينما لا وجود لمنصب وزير في الدستور من غير الكابينة الحكومية وطلبت الدعوى من المحكمة الاتحادية سريان الحكم بعدم دستورية القانونين اعتبارا من تاريخ نفاذ الدستور العراقي".
ويفصّل النظام الداخلي لرئاسة الجمهورية، وفقا للدستور العراقي، صلاحيات رئيس الجمهورية لاسيما المتعلقة بترشيح رئيس ديوان رئاسة الجمهورية، ممن يراه مناسبا لمثل هذه الوظيفة، في الوقت الذي ينص الفصل الخامس أولا على أن يتولى رئاسة ديوان رئاسة الجمهورية رئيس بدرجة وزير حاصل على شهادة جامعية أولية في الأقل، وهو أحد أسباب اعتراض رئيس الوزراء، والذي يرى أنه لا وجود لمنصب وزير بالدستور العراقي، من غير الكابينة الحكومية.
الوثائق أدناه:
وتباينت المواقف الشعبية حول مقاضاة السوداني لرئاسة الجمهورية، ففي الوقت الذي اعتبر البعض القرار شجاعا وخطوة بالاتجاه الصحيح، نالَت شخصيات أخرى من موقف رئيس الوزراء؛ نتيجة مواجهة رئيس الدولة، والمحافظ على استقلال العراق وسيادته.
وبهذا الصدد، قال أحد المواطنين والمدعو أمير حيدر تعليقا على قرار مقاضاة رئيس الوزراء لرئاسة الجمهورية: "بحق شهادة الإمام الحسين (ع) يتوفق وتنجح دعوى السوداني إذ قانون رئاسة الجمهورية ظلم كبير بحق ميزانية الحكومة العراقية".
الى ذلك، انتقد مواطن آخر يدعى "السيد العامري"، الخطوة التي اتخذها رئيس الوزراء، قائلاً: "في الوقت الذي يشهد البلد، نوعا من الاستقرار على الساحة السياسية، يفاجئنا رئيس الوزراء بدعوى قد تُربك الوضع لاسيما أنها موجهة ضد رئيس الجمهورية، (شنو وقتها هسه، دخلي الوضع يمشي على حاله)".
وبالمقارنة بين صلاحيات رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء (السلطة التنفيذية الأعلى في البلاد) ومن واقع المادتين رقمي 67، 73 اللتين بينتا أن اختصاصات رئيس الجمهورية تشريفية في إدارة دفّة البلاد وتوجيه العملية السياسية نظرا لكونه منتخبا عن طريق مجلس النواب وليس باستفتاء شعبي، إضافة إلى تقليص حجم صلاحياته بفضل تشكيل مجلس الرئاسة المكون من رئيس ونائبين.
وبالاستناد للدستور، فإن رئيس الجمهورية مهمته احتفالية ورمزية وتشريفية، بينما الصلاحيات الأوسع والأكثر تأثيرًا في البلاد لرئيس الحكومة والمسؤول التنفيذي المُباشر عن السياسة العامة للدولة والقائد العام للقوات المسلحة، ويُدير مجلس الوزراء ويترأس اجتماعاته، وتتبعه هيئات الرقابة والتفتيش كافة، إضافة إلى صلاحياته الاستثنائية في إعلان الحرب وحالة الطوارئ.
ويُعد رئيس الوزراء هو رئيس الحكومة في ذات الوقت، لكن هناك فرقا بين الحكومة والدولة، فالحكومة جزء من مؤسسات الدولة، والدولة عبارة عن مجموعة مؤسسات، والحكومات تتغير لكن الدولة باقية. كما أن النظام البرلماني يقوم على مبدأ الفصل بين السلطات وفق الدستور العراقي، فلا تداخل في الصلاحيات، وفقا لخبراء في القانون.
تاريخيا، وبعد عام 1958، حين جاء العهد الجمهوري، فقدَ منصب رئيس الوزراء رمزيته ودوره معا بسبب استحداث منصب رئيس الجمهورية، بحسب أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر الدكتور سعد نصيف جاسم الجميلي.
ويُحدد الدستور العراقي صلاحيات رئيس الوزراء ويجعله على قدر المساواة مع رئيس الجمهورية في بعض القرارات، مثل حل مجلس النواب وإعلان حالة الطوارئ.