ما وظيفته؟ ويشمل من؟.. استقطاعات متراكمة في "صندوق التربية المركزي" وصفقة فساد سابقة بطلها الحلبوسي وسهى العلي
انفوبلس..
يوم أمس، صوت صندوق وزارة التربية المركزي، على منح 599 من التربويين مستحقاتهم الإنسانية، وقبل نحو شهر منح 900 منهم تلك المستحقات، وبين فترة وأخرى تظهر أخبار مِنَح هذه المؤسسة، فما هو هذا الصندوق؟ وما وظيفته؟ ومن هم المستحقون؟ وهل تعرض للسرقة في زمن الوزيرة سهى العلي؟
مِنَح الفترة الأخيرة
وفي بيان لها، ذكرت وزارة التربية، أمس الاثنين، إن "رئيس وأعضاء صندوق التربية المركزي، صوتوا على منح مستحقات (599) حالة إنسانية مختلفة منها مساعدات مالية لأربع حالات صحية خطرة و(576) عملية جراحية إضافة الى صرف مبلغ مالي لثلاث حالات حريق وحالة واحدة للتميز والإبداع و(15) منحة زواج".
وأكد وكيل الوزارة للشؤون الفنية حسين صبري اللامي الذي ترأس الجلسة، ان "الحالات وردت من المديريات العامة للتربية في عموم العراق".
وبين اللامي، ان "الاستجابة السريعة تهدف الى تعزيز روح الانتماء والتكافل المؤسسي داخل المنظومة التربوية".
وفي الـ20 من أيار الماضي أعلنت وزارة التربية، حصول اكثر من 900 تربوي على مستحقاتهم ضمن تخصيصات صندوق التربية المركزي للشهر الجاري.
وقالت الوزارة في بيان، إن "اكثر من 900 تربوي من المشمولين ضمن صندوق الدعم المركزي لوزارة التربية، حصلوا على مستحقاتهم المالية، بعد مصادقة وزير التربية ورئيس الصندوق إبراهيم نامس الجبوري والأعضاء، على منحهم التخصيصات المُعدة للحالات الإنسانية والصحية شهرياً".
وأضاف، انه "تم منح 904 تربويين مبالغ مالية عن العمليات الجراحية و14 حالة صحية استثنائية وواحدة حريق، إضافة الى 6 آخرين من المقبلين على الزواج".
وبحسب البيان، اكد وزير التربية "حرص الوزارة على ضم اكبر عدد ممكن من المستحقين التربويين وحسب المعاملات الواردة الى الصندوق تعزيزا لمبدأ التكافل الاجتماعي".
وفي الـ27 من تشرين الثاني الماضي، أوعز وزير التربية إبراهيم نامس الجبوري بصرف المستحقات المالية لأكثر من 1000 حالة إنسانية ضمن صندوق الدعم المركزي.
وذكر بيان للمكتب الإعلامي في الوزارة أن "وزير التربية إبراهيم نامس الجبوري أوعز بصرف المستحقات المالية لـ(1380) حالة إنسانية أُدرجت ضمن صندوق التربية المركزي، وذلك بعد تصويت أعضاء الصندوق والوكلاء خلال الاجتماع الدوري المُنعقد دعماً للمستحقين، اليوم".
وأضاف أن "الحالات التي تم شمولها في المساعدات المالية لشهر تشرين الثاني بلغت (1333) عملية جراحية و(23) حالة طبية استثنائية وأربع حالات تميز وإبداع إضافة إلى (10) حالات حريق تقابلها (10) للمقبلين على الزواج"، لافتاً إلى أن "الصرف المالي يتم وبشكل دوري حسب إرسال المديريات العامة للطلبات المنجزة إلى الوزارة من عموم محافظات العراق".
الحالات المشمولة
فيما يلي قائمة بالحالات المشمولة بدعم صندوق التربية المركزي: -
1 - سلفة الزواج بشرط الزواج الاول وكلاهما منتسبون على التربية.
2 - حالات الوفاة للمنتسب مليون دينار للعائلة، تقديم نسخة واضحة من شهادة الوفاة وكتاب ترقين قيد للموظف المتوفي.
3 - حوادث الحريق والسرقة لبيت المنتسب، تقرير الدفاع المدني النسخة الأصلية بالنسبة للحريق. وتقرير من مركز الشرطة مصدق من قاضي التحقيق بالنسبة السرقة.
4 - حالات الابداع وبراءة الاختراع.
5 - حالات اجراء العملية داخل العراق في المستشفيات الاهلية او الحكومية (الجناح الخاص) ويكون التقرير الطبي النسخة الأصلية صادر من المستشفى مصادق من نقابة الأطباء في المحافظة ووصل التكاليف الأصلي.
6 - حالات اجراء العملية خارج العراق ويكون التقرير الطبي مصدق من قبل السفارة العراقية في البلد الذي أُجريت فيه العملية.
7 - المصابون بأمراض السرطان، تقرير من اللجان الطبية يؤيد استمراره بتناول العلاج الكيمياوي.
8 - شمول عملية قص المعدة بسبب السمنة المفرطة بدعم صندوق التربية المركزي.
9 - شمول بعض الأمراض المزمنة والمستمرين على العلاج مدى الحياة بمنحة السرطان والذين يتلقون العلاج بالجرعات الدوائية ( الكيمياوي، الإشعاعي، الهرموني، المناعي، البايلوجي) وهم كالاتي:
أ- زراعة الكبد والكلى وزراعة الأعضاء.
ب- التهاب الأمعاء التقرحي المزمن.
ج- تصلب الأعصاب اللويحي المزمن.
د- مرض الغدة الدرقية (الخبيث).
هـ - الأمراض الروماتيزمية (الرئوي وداء الذئب الاحمراري).
و- أمراض الدم البحر المتوسط التي تحتاج إلى علاج هرموني.
أما العمليات غير المشمولة بدعم الصندوق فهي ؛ عمليات الولادة القيصرية والعمليات التجميلية والعمليات التي يتم إجراؤها في المراكز الصحية (مراكز العيون، مراكز اطفال الانابيب، مراكز القسطرة، مراكز الاورام) وتم اعتبارها كالعيادات.
ولا يحتاج دفتر ضمان صحي او غير ذلك لان الوزارة تستقطع ألف دينار فقط شهريا من راتب المنتسب.
وبالتالي فقط تقديم طلب الى المدير العام بدعم من صندوق التربية المركزي، كما أن الدعم لا يشمل عائلة المنتسب.
فساد صفقة التأمين
في شهر أيار من عام 2020، ظهر خلاف سياسي حول واحد من ملفات الفساد الكثيرة والمعقّدة في العراق. قصة جديدة أبطالها سياسيّون رسميون ورجال أعمالٍ لبنانيون، سلطت جريدة الأخبار اللبنانية الضوء عليها بشكل مكثف في ذلك الحين.
من أوجه التشابك والتشابه، بين الساحتين اللبنانيّة والعراقيّة، الفساد الضارب في العديد من وزارات الدولتين ومؤسساتهما. وفي ذلك التاريخ جرى الحديث عن فضيحةٍ تعكس حجم الخدمات المتبادلة بين الساسة ورجال الأعمال، وسعيهم إلى مراكمة ثرواتهم بعيداً عن النهوض بواقع شرائح لا تملك قوت يومها. وفي شقّها السياسي، شكّل تكليف محمد توفيق علّاوي، برئاسة الوزراء في العراق (قبل اعتذاره) مطلع شباط/ فبراير الماضي، مفصلاً مهمّاً في العلاقة بين رئيس البرلمان محمد الحلبوسي والنائب مثنى السامرائي. علّاوي، فشل في تحصيل دعمٍ «سُنّيٍ» لحكومته؛ حجر العثرة كان التحالف البرلماني الذي يقوده الحلبوسي، بوصفه "ممثّل البيت السُنّي". استطاع علّاوي خرق التكتّل، مبرماً تفاهماتٍ مع السامرّائي. يمنحه الأخير صوته مع 10 نوّابٍ آخرين، في وقتٍ يحفظ الرئيس المكلّف "مكتسبات" السامرائي، وأبرزها وزارة التربية، ومغانمها.
"مكتسبات السامرائي، في حكومة عادل عبد المهدي، كانت محميّةً بتفاهمٍ سياسيٍّ بينه وبين الحلبوسي والنائب محمد الكربولي، وكان واحد منها "عقد تأمينٍ" موقّع بين وزارة التربية من جهة، وشركة التأمين العراقيّة العامةّ وشركة أرض الوطن للتأمين (مقرّها بغداد، ومملوكة لرجال أعمالٍ لبنانيين هم: كريم تحسين خيّاط وبشير الخشن وريتشارد صليبا) من جهةٍ ثانية. كانت وزارة التربية "كعكةً" يتقاسم أرباحها السياسيون الثلاثة.
الحلبوسي، وبالتنسيق مع المؤسسة القضائيّة، حرّك الملف مطلع آذار/ مارس من ذلك العام؛ فأعلن البنك المركزي العراقي تجميده الأموال المنقولة وغير المنقولة لشركة أرض الوطن، ومديرها المفوّض علي نصير جبّار، كما أصدر مذكرات إلقاء قبضٍ بحق خيّاط والخشن، إضافةً إلى عددٍ من العاملين في التربية، بينهم مدير مكتب الوزيرة سهى خليل بك، ومدير الشؤون القانونية، والوكيل الإداري، ومدير العقود، بحجّة "إحداث أضرارٍ بالمال العام".
اللافت أن الحلبوسي، وبعد إيصال الوزيرة إلى التحقيقات، استطاع أن يعيدها إلى كنف فريقه السياسي، مُرجعاً المياه إلى مجاريها مع السامرائي، في وقتٍ يُنقل فيه عن المتضرّرين من الخلاف أن "الشركة دفعت ثمن خلافٍ سياسّيٍ، لا ناقة لها فيه ولا جمل".
تقنيّاً، ثمّة وجهتا نظر؛ الأولى لـ"أرض الوطن"، أما الثانية فلـ"ديوان الرقابة المالية الاتحادي".
ووفق روايته، يؤكّد فريق شركة التأمين دخوله المضمار في العام 2015، إثر قرار مجلس الوزراء برئاسة حيدر العبادي (239/ 2015)، لتشجيع ودعم القطاع الخاص. في الفقرة 6.6، يدعو القرار إلى "اتخاذ خطواتٍ جادّة لجذب كفاءات التأمين العراقيّة الموجودة في الخارج"، وذلك بـ"إلزام الوزارات والداوئر الحكوميّة وشركات القطاع العام والخاص بإنشاء عقود تأمينٍ، وتأمينٍ صحي لموظفيها خلال عامين، بالحدّ الأقصى".
مبكراً، أدرك الفريق اللبناني وجوب العمل في "شركةٍ عراقيّة"، فسارع إلى تأسيس "أرض الوطن" في العام 2010، وقد تم تجديد إجازة ممارستها أعمال التأمين في 30 تموز/ يوليو 2019 لغاية 30 تموز/ يوليو 2020 ما ينفي - وفقهم - ما قيل بأن "الشركة وهمية".
في 26 كانون الأوّل/ ديسمبر 2019، وقّع الطرفان العقد وبقيمة 41 مليار دينار عراقي (34 مليون دولار أميركي)، لمدّة خمس سنوات (قابلة للتجديد)، ويشمل تقديمات متنوّعة لـ620 ألف منتسب للوزارة، إثر مفاوضاتٍ دامت سنواتٍ عديدة، وسط منافسةٍ حادّة بين عددٍ من الشركات التي قدّمت - بدورها - عروضاً وفق المعايير التي «صاغتها» الوزارة.
بداية الخلاف
ثلاثة أشهر وبدأ الخلاف السياسي. سارعت الشركة إلى فسخ العقد، علماً بأنّها - وخلال الأسابيع القليلة - التزمت بـ3500 حالة، بلغت قيمتها 400 مليون دينار عراقي (333 ألف دولار أميركي). وقبضت "أرض الوطن" كامل المبلغ، 34 مليون دولار وعلى دفعتين، في وقتٍ قياسيٍّ، لكنّها سرعان ما شرعت في إعادته وفق ما نصّ عليه العقد المبرم، موضحةً في بيانٍ صادرٍ عنها أنّها "التزمت بكل بنود العقد، لكنّها فضّلت فسخه حفاظاً على مهنيّتها وسمعتها، بعدما ورد كتابٌ من ديوان الرقابة المالية الاتحادي، يلفت نظر الوزارة إلى أن العقد الموضوع يجب أن يكون اختياريّاً وليس إلزاميّاً".
هذه النقطة عُدّت "الثغرة" التي أطاحت بالعقد، وقد أُوجدت إثر الخلاف السياسي، علماً بأن المستفيدين الثلاثة والشركة نالوا ما يريدونه رغم نفي مصادر الشركة ومصادر سياسية أخرى "صحّة بعض الأرقام".
وفي هذا الإطار، أكدت مصادر قضائيّة عراقية، في حديثها لصحيفة "الأخبار"، أن الربح الصافي الذي حازته الشركة لحظة توقيعها العقد بلغ ما نسبته 20 في المئة من قيمته الإجماليّة.
في المقابل، أرسل ديوان الرقابة كتابين إلى مجلس النواب، الأوّل بتاريخ 3 آذار/ مارس 2020 والثاني في الـ11 من الشهر عينه، طارحاً استفهاماتٍ عديدة عن آلية توقيع هذا العقد. في الأوّل، ثمة إشارةٌ إلى أن العقد "ليس من القضايا العاجلة أو المُلحّة، وأن الوزارة لم تقم بإرسال العقد إلى الديوان، وهذا مخالفٌ للقانون"، لافتاً إلى أن التدقيق أثبت "وجود عرضٍ واحدٍ، من دون أن يكون هناك عرض آخر يتيح للوزارة حريّة الاختيار". كذلك، لم يكن هناك مبرّر لمدّة العقد، إضافةً إلى أن عقد المشاركة المبرم بين أرض الوطن وشركة التأمين العراقيّة، جرى بموجب عقد مشاركةٍ بينهما في 17 كانون الأوّل/ ديسمبر من عام 2019، في حين وقّع العقد بين الوزارة وأرض الوطن بعد مرور 9 أيّام فقط، ما يشير إلى أن الشريك المذكور حديث الشراكة مع شركة التأمين العراقية. ويلفت الكتاب إلى أن المبلغ سدّد بالكامل من دون أخذ ضماناتٍ كافية، فيما اكتفت الوزارة بخطاب الضمان المقدم عن حسن التنفيذ (ملياري دينار عراقي)، أي 5 في المئة من مبلغ العقد.
أما الكتاب الثاني، فيسأل عن سبب تفويض شركة التأمين العراقية، الرائدة في هذا المجال، إلى أرض الوطن صلاحيّة تقديم العروض، عدا عن أن الصفقة يجب ألا تكون جماعةً بل طوعاً، وهذا ما يفرض تساؤلاً ثانياً. الكتاب خلص إلى نقاطٍ عديدة، أبرزها:
- إجازة ممارسة أعمال التأمين لشركة أرض الوطن، انتهت في 30 تموز/ يوليو 2019، وتم تجديد الإجازة بموجب كتاب ديوان التأمين في 20 كانون الأوّل/ يناير 2020، للفترة الممتدة من 30 تموز/ يوليو 2019 لغاية 30 تموز/ يوليو 2020، وبأثرٍ رجعي، وعليه فإن توقيع العقد تم بدون منح إجازة تجديد ممارسة أعمال التأمين لأرض الوطن في حينها.
- لم ترسل الوزارة كتاباً إلى ديوان التأمين، الجهة المسؤولة عن شركات التأمين الأهلية، لبيان الملاءة المالية لشركة أرض الوطن والأعمال المماثلة لها قبل إجراء التعاقد معها.
- لم يثبت وجود نشاطٍ يخص الأعمال التأمينية لشركة أرض الوطن، خلال سنة 2018، وقد حقّقت عجزاً ماليّاً قدره 15 ألف دولار أميركي.
- لم يثبت وجود استماراتٍ مالية لشركة أرض الوطن خلال العام 2018.
عمليّاً، فإن العديد من الصفقات في العراق، كما لبنان، منطلقها العلاقات مع ساسةٍ فاسدين، وتنتهي بمساوماتٍ ومقايضات، كصلح الحلبوسي والسامرائي.
المعنيون في شركة أرض الوطن للتأمين أكدوا أن مفاوضاتهم مع وزارة التربية، منذ انطلاقتها قبل أعوام، نالت إعجاب الوزراء الذين تولّوها. لكن وزير التعليم العالي قصي السهيل، الذي كان وزيراً بالوكالة، قبل تعيين الوزيرة سهى خليل بك، رفض الموافقة على العقد، علماً أنّه من صلاحياته، بل وافق على عرض الامر على هيئة الرأي. المفارقة، وفق من واكب السهيل في تلك الفترة، أن الرجل أراد اختيار "العرض الأنسب بناءً على التعليمات والضوابط المتبعة، على أن يتم وضع شروط التعاقد من قبل مجلس إدارة صندوق التربية المركزي". وبحسب المصادر نفسها، لم يُتّبع ما فعله السهيل مع الوزيرة سهى العلي، التي سارعت إلى إبرام العقد من دون الرجوع إلى الهيئة.
كذلك، يلفت بعض الذين واكبوا السهيل، في حديثهم، إلى أن الوزير الوكيل حينذاك أراد أن يحصل منتسبو الوزارات المشمولة بنظام التأمين الصحي، على إصدار لهوية تأمين صحّي بديلة عن "صندوق التربية المركزي" فيكون اقتطاع أجور العمليات الجراحيّة عن طريق وزارة الصحة، بعد مخاطبة الوزارة التي يعمل فيها الموظف، لضمان حقّ المريض وحق الدولة.