متهمو سرقة القرن تحت مجهر محكمة مكافحة الفساد.. هل خرجت القضية من محكمة النزاهة؟
انفوبلس/ تقارير
في تطور جديد بمجريات التحقيق بسرقة القرن، أنذرت محكمة مكافحة الفساد برئاسة القاضي خالد صدام، المتهمين بالسرقة وطالبتهم بالحضور، فيما أصدرت أحكاما مختلفة عليهم وعدَّتهم بالمتهمين الهاربين، الأمر الذي قاد إلى جملة تساؤلات لعل أبرزها، هل تم إخراج القضية من محكمة النزاهة برئاسة ضياء جعفر؟ وهل لمؤتمر حنون "المثير" علاقة؟ إليك تفاصيل وافية عن آخر المستجدات في سياق التقرير الآتي.
دعوات لملاحقة فورية للمتهمين
يوم أمس، دعا المتحدث باسم الحراك القانوني الشعبي محمد الصحاف، مجلس القضاء الأعلى إلى ملاحقة فورية للمتورطين بقضية سرقة الأمانات الضريبية (سرقة القرن).
وقال الصحاف في حديث له تابعته شبكة انفوبلس، إن "قضية سرقة القرن أصبحت على مستوى الرأي العام، مبينا أنها تمثل نقطة سوداء في تاريخ الدولة بسبب طبيعة وحجم الأموال المسروقة".
وأضاف، إنه "يتوجب على القضاء إجراء ملاحقة فورية للمتورطين بسرقة الأمانات الضريبية، مشيرا إلى أن فضيحة سرقة المليارات من أمانات الضريبة تمثل خيانة وطنية كبرى".
وتابع الصحاف، إن "البرلمان مطالب بإجراءات إصلاحية ومحاربة الفساد وتقويم مسار عمل الحكومة والمطالبة بفتح تحقيق في الأموال المنهوبة".
القضاء يطالب المتهمين بالحضور
أما اليوم، فقد خاطب رئيس محكمة جنايات مكافحة الفساد المركزية القاضي خالد صدام
المتهمين الهاربين "نور زهير وهيثم الجبوري ورائد جوحي" بالقول "سنحاكمكم غيابيا وعلنا" في حال لم يحضروا جلسة 21 تشرين الثاني المقبل.
وأظهرت وثيقة رسمية من محكمة مكافحة الفساد، مطالبة القاضي خالد، نور زهير وهيثم الجبوري ورائد جوحي بالحضور إلى جلسة المحاكمة في 21 تشرين الثاني المقبل، كما أنذرهم بالحكم عليهم غيابيا عن جريمة سرقة القرن في حال عدم الحضور لجلسة المحاكمة.
ووصف قاضي محكمة مكافحة الفساد وفق الوثيقة، نور زهير وهيثم الجبوري ورائد جوحي بـ "المتهمين الهاربين" لمجهولية محل إقامتهم وعدم تواجدهم في محل سكنهم.
كما حاكمت المحكمة، المتهم نور زهير وفق المادة 444 من قانون العقوبات المتعلقة بالسرقة، كذلك المتهم هيثم الجبوري وفق المادة 331 من قانون العقوبات المتعلقة بالإخلال بواجبات الوظيفة بقصد تحقيق منفعة شخصية، وفق ما أظهرته الوثيقة الرسمية.
القضاء حاكم أيضا، المتهم رائد جوحي وفق المادة 316 من قانون العقوبات المتعلقة باستغلال الوظيفة والاستيلاء على الأموال.
هي سيحضر المتهمون؟
وعن إمكانية حضور المتهمين إلى المحكمة، كان للنائب مصطفى سند رأي بذلك قبل أيام قليلة، إذ توقع في حديث للجزيرة عدم حضور هيثم الجبوري بنسبة ضعيفة لأنه موجود في العراق ويحاول إثبات عدم تورطه في سرقة القرن.
وقال سند، إن "هيثم الجبوري لديه قضية أخرى وهي تضخّم أمواله التي وصلت إلى 17 مليار دينار عراقي (نحو 12 مليونا و800 ألف دولار) وتم إيقافه ومن ثم كفالته".
وتابع، "أما قضية الأمانات الضريبية، فقد تم تحديد موعدين اثنين أو 3 للجلسة ولم يحضر المتهم فيهما، وستُنشر بالجريدة الرسمية وبعدئذ تستكمل إجراءات "النشرة الحمراء" للإنتربول".
وأوضح سند، أن "هذه النشرة هي طلب يقدَّم إلى أجهزة إنفاذ القانون في جميع أنحاء العالم لتحديد مكان شخص واعتقاله مؤقتا في انتظار تسليمه أو ترحيله أو اتخاذ إجراء قانوني مماثل".
وفيما يخص نور زهير، قال سند "لا نتوقع أن لديه نية بالعودة إلى العراق إلا بحال كانت هناك ضمانات عالية بتخفيف الحكم، وفق مبدأ قانوني أن "من يساعد على كشف جريمة تخفف العقوبة عليه".
وأكمل، "لكننا نستبعد تصنيفه مساعدا كونه السارق الأكبر، وأختلف مع من يعدّه ضحية لأن لديه تاريخ كبير بالفساد منذ 2003 حين سرق معدات شركة "لوك أويل" وهرّبها مع والده عبر ميناء أبو فلوس إلى خارج العراق، إضافة إلى السرقات من الجمارك التي لم تفتح".
معركة حيدر حنون وضياء جعفر
قبل نحو أسبوعين ومن أربيل، خرج رئيس هيئة النزاهة القاضي حيدر حنون، بملامح عصبية، وصرخات “استغاثة” وشكاوى وملفات ربطها برئيس محكمة النزاهة القاضي ضياء جعفر لفتة، ليوجه طلباً إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى، القاضي فائق زيدان، بالموافقة على أن تُعقد جلسة في البرلمان “علنية” لكشف الحقائق.
لكن يوم أمس، تلقى حنون “صدمة”، بعدما قرر مجلس القضاء الأعلى، أن يشكر القاضي ضياء جعفر، ويفنّد ما وصفه بـ “ادّعاءات” حنون التي أطلقها من أربيل بصرخات رافقتها جملة: “نحن مستضعفون”، بأكثر من مرة خلال مؤتمره الصحفي.
لم يكن موقف مجلس القضاء الأعلى، مقتصراً على شكر القاضي ضياء جعفر، بل رأى وفق بيان رسمي، أن حديث حنون “مجرد ادعاءات غير صحيحة القصد منها تضليل الرأي العام وكانت رد فعل لاتخاذ الاجراءات القانونية بحقه عن موضوع قطعة الارض المخصصة لدائرة التسجيل العقاري في ميسان".
كما قرر مجلس القضاء الأعلى أيضاً، “اتخاذ الإجراءات القانونية بحق حنون، لما ورد من إساءة بحق القضاء”.
وكان حنون، قد نفى الأخبار التي ارتبطت به، بأنه استولى على الأراضي في ميسان، وقال إنه “لا يملك سوى قطعتي أرض هناك”، لكنّه وجّه سهامه بنفس الوقت إلى جعفر، وكشف عن استحواذ الأخير على أرضٍ في العامرية ببغداد، قيمتها مليارات الدنانير.
كل ذلك مرتبطا جزءا منه بسرقة القرن سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، حيث كانت آخر تداعيات هذه السرقة ما أصدره القضاء اليوم من إنذارات لمتهمي هذه السرقة عن طريق محكمة مكافحة الفساد برئاسة خالد صدام، في خطوة أثارت العديد من التساؤلات.
ولعلّ أبرز تساؤل طُرح، هو هل خرجت قضية سرقة القرن من محكمة النزاهة برئاسة القاضي ضياء جعفر وأوكلت إلى محكمة مكافحة الفساد برئاسة القاضي خالد صدام؟
لقد ذهب بعض المراقبين نحو هذا الرأي، ورجحوا أن القضاء قد ينقل أو ربما نقل التحقيق بسرقة القرن من محكمة النزاهة إلى محكمة مكافحة الفساد، معللين ذلك إلى المعركة الأخيرة التي حدثت بين رئيس محكمة النزاهة ورئيس الهيئة حيدر حنون.