محاصصة "مرفوضة" في مجلس مفوضية حقوق الإنسان.. الأحزاب ترشح نواباً ووزراء سابقين
انفوبلس/ تقرير
بعد انتهاء عمل مجلس المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق منذ قرابة عامين، تتصارع الاحزاب السياسية للسيطرة على المفوضية، مما أثار استياء وغضب الأمم المتحدة، وذلك بعد ترشيح نواب سابقين يمثلون كتلا سياسية ووزراء، ووكلاء سابقين، بعيدين عن التخصص.
وتُعد المفوضية إحدى الهيئات المستقلة التي تأسست في عام 2008، وترتبط عملياً بالبرلمان، مثل الهيئات المستقلة الأخرى كهيئة الإعلام والاتصالات ومفوضية الانتخابات وهيئة النزاهة.
ومهمة المفوضية تكمن في رصد الانتهاكات الحقوقية في البلاد، وتلقّي الشكاوى والتحقيق فيها، ورفع الدعاوى القضائية ضد المتورطين بجرائم العنف المختلفة، ومراقبة عمل السجون ومراكز الإصلاح، وأداء عمل المؤسسات الأمنية والعسكرية في الجانب الحقوقي.
وتختص أيضا بمتابعة ملفات الهجرة والمهجرين والمغيبين، والمختطفين، وحقوق الأقليات، وضحايا العنف الأُسري، والضحايا جراء الهجمات الإرهابية.
وبرز دور المفوضية خلال فترة التظاهرات الشعبية عام 2019 وما بعدها، فقد كان لها دور في متابعة الانتهاكات التي رافقت التظاهرات كجهة رقابية. كما سجلت إحصاءات يومية بالانتهاكات وأعداد القتلى والجرحى، وتابعت عمليات ملاحقة الناشطين والاغتيالات التي نشطت خلال تلك الفترة، إلا أنها تعرضت لضغوط سياسية لتحجيم دورها.
مجلس النواب العراقي يصوت على تشكيل لجنة لاختيار أعضاء مجلس المفوضين للمفوضية العليا لحقوق الإنسان
وصوت مجلس النواب العراقي، يوم الاثنين 27 شباط 2023، على تشكيل لجنة لاختيار أعضاء مجلس المفوضين للمفوضية العليا لحقوق الإنسان.
وذكرت الدائرة الإعلامية لمجلس النواب في بيان، أن "مجلس النواب صوت على تشكيل لجنة خبراء مختصة باختيار مجلس المفوضين للمفوضية العليا لحقوق الإنسان".
ويشرف على لجنة الخبراء نائب رئيس مجلس النواب شاخوان عبد الله، وتضم في عضويتها النواب، أرشد الصالحي، وانسجام الغراوي، وإيمان عبد الرزاق محمد، وباسم الغرابي، وجوان عبد الله عمر، واسوان الكلداني، وحسين اليساري، ومحمد البلداوي، وعبد الرحيم الشمري، وعبد الكريم عبطان، وعدنان عاشور، ووحدة الجميلي، ولمياء داود كاظم ممثلة عن مجلس الوزراء، وحاتم جبار عودة ممثلاً عن مجلس القضاء الأعلى، وحسين رحمن الفاضلي ممثلاً عن منظمات المجتمع المدني.
لجنة الخبراء المختصة لاختيار الأعضاء الجدد لمجلس المفوضين للمفوضية العليا لحقوق الإنسان تعقد اجتماعها الأول
في 19 آذار 2023، عقدت لجنة الخبراء المختصة لاختيار الأعضاء الجدد لمجلس المفوضين للمفوضية العليا لحقوق الإنسان، اجتماعها الأول، برئاسة نائب رئيس مجلس النواب شاخوان عبد الله أحمد.
وذكر بيان للمكتب الاعلامي، لنائب رئيس مجلس النواب، أن "نائب رئيس مجلس النواب شاخوان عبد الله أحمد، ترأس الاجتماع الأول للجنة الخبراء المختصة لاختيار الأعضاء الجدد لمجلس المفوضين للمفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق".
الأمم المتحدة مستاءة من ترشيح نواب سابقين ووزراء بعيدين عن التخصص في حقوق الإنسان
إن تصارع الاحزاب السياسية في العراق للسيطرة على مفوضية حقوق الانسان، أثار استياء وغضب الأمم المتحدة، حيث قالت مصادر نيابية، إن "الأمم المتحدة مستاءة من ترشيح نواب سابقين يمثلون كتلا سياسية ووزراء، ووكلاء سابقين، ومديري مكاتب نواب للمفوضية العليا لحقوق الأنسان بعيدين عن التخصص في حقوق الإنسان".
وأضافت، إن "هذا النوع من الترشيح يؤكد عدم استقلالية المفوضية وتصارع الاحزاب على السيطرة على تقاريرها"، مشيرة الى أن "الأمم المتحدة أكدت في تقرير لها عدم اعتماد ملفات المفوضية إذا رضخت لجنة الخبراء لهذه الاختيارات".
وفي آب 2021 تمت إحالة أعضاء مفوضية حقوق الإنسان على التقاعد من تاريخ انتهاء عمل أعضاء المفوضية. وتضم مفوضية حقوق الإنسان 11 عضوا من مختلف مكونات وقوميات العراق، وتتولى مهمة الدفاع عن حقوق الإنسان في البلاد.
كما قال عضو لجنة حقوق الإنسان النيابية قصي الشبكي في 2021 إن "رئاسة مجلس النواب وجهت كتابا الى المفوضية أنهت فيه عمل مجلس المفوضية وفق ما منصوص عليه في الدستور العراقي".
مجلس المفوضين اليوم بلا مظلة قانونية وإدارة وصلاحيات
بدوره، يقول عضو مفوضية حقوق الانسان السابق علي البياتي، إن "مجلس المفوضين يأتي عن طريق لجنة تُشكَّل داخل مجلس النواب وبمشاركة مجلس القضاء الأعلى ومنظمات المجتمع المدني وبعد تصويت البرلمان على المجلس يقوم بمهامه وأدواره لمدة أربع سنوات".
وتابع، "من المفترض عند حل المجلس بنهاية المدة المقررة أن يُشكّل مجلس مفوضين جديد إلا أن ما حدث طلب منا عدم أداء الأدوار القانونية والإدارية لانتهاء عمل الدورة وغياب تشكيل مجلس جديد". وأكد أن "الأعضاء المفوضين معلّقين من دون رواتب وامتيازات منذ أكثر من سنة، بسبب عدم حلّها رسمياً ما سبّب مشكلة عدم رجوع المفوضين إلى وظائفهم السابقة لاستحالة ترك المفوضية لعدم وجود كتاب رسمي، وأن صدور الأمر النيابي قانوني وحل مشكلة المفوضين العالقة منذ عامين". ولفت البياتي إلى أن "مجلس المفوضين اليوم بلا مظلة قانونية وإدارة وصلاحيات، ومنذ أكثر من سنة لم تتم إحالة أية دعوى قضائية بخصوص انتهاكات حقوق الإنسان".
ودعا البياتي، إلى "فصل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية والهيئات مثل هيئة النزاهة المعنية بمحاربة الفساد، في حال أردنا بناء نظام ديمقراطي". وذكر، أن "مجلس مفوضية حقوق الإنسان متخصص بالتحقق من الانتهاكات ثم إحالتها إلى القضاء".
بدوره، حذر رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي، النائب أرشد الصالحي، من خطورة استمرار تغييب المفوضية عن العمل.
وأشار إلى أن "هناك حاجة فعلية لإعادة عمل المفوضية، خصوصاً أن غيابها يمثل فراغاً في مراقبة وتغطية القضايا الإنسانية، كما أنه يُعد فراغاً قانونياً". ولفت إلى أن "هناك تراجعاً في الاهتمام بالكثير من الملفات الحقوقية، وهذا لا يعني غياب دور المنظمات، لكن للمفوضية أدواراً مهمة فُقِدت بسبب تعطيل عملها".
ودعا الصالحي مجلس النواب إلى "فتح هذا الملف من جديد، والبدء برسم الخطط لتشكيل مفوضية جديدة". وأكد أن "جميع المؤسسات الكبيرة في البلاد، وتحديداً رئاسة الحكومة والبرلمان، مسؤولة عن وضع حد لهذا التعطيل غير المبرر، الذي لا يخدم أحداً، بل إنه يسهم بمزيد من المشاكل في ملف حقوق الإنسان".
إيقاف عمل مفوضية حقوق الإنسان يعني أن هناك شرخاً كبيراً في العمل الحقوقي في البلاد.
وأوضحت الناشطة سمارة رشيد، العاملة في منظمة "الأمل" المعنية بملف حقوق الإنسان في العراق، أن "مفوضية حقوق الإنسان تمثل جوهر العمل الحقوقي الرسمي في العراق، وهي من أهم قنوات التواصل بين المنظمات المحلية والدولية مع الحكومة العراقية، وإيقاف عملها يعني أن هناك شرخاً كبيراً في العمل الحقوقي في البلاد". وشدّدت على أن "من الضروري للسلطات النظر في عمل هذه المفوضية، فإما أن تشكّل مجلس مفوضين جديدا، أو أن يجري تمديد عمل المفوضين الحاليين". ولفتت رشيد، إلى وجود "عشرات الملفات والمقابلات للمنظمات المحلية والتي هي متوقفة حالياً، بسبب عدم وجود عمل رسمي لمفوضية حقوقية رسمية".
اختيار الأعضاء في مجالس المفوضية، إضافة إلى القرارات التي تصدر بحق المفوضية، تخضع لإرادة سياسية.
بدوره، رأى رئيس المرصد العراقي لحقوق الإنسان في العراق، مصطفى سعدون، أن "عمل مفوضية حقوق الإنسان واختيار الأعضاء في مجالس المفوضية، إضافة إلى القرارات التي تصدر بحق المفوضية، تخضع لإرادة سياسية، لاسيما العراقيل التي تؤدي إلى تراجع العمل أو إيقافه، وهو ما يؤثر سلباً على متابعة ملفات حقوق الإنسان، ومراقبة الأداء العملي والإداري الحكومي في دوائر رسمية كثيرة، من ضمنها السجون ودور الإيواء وغيرها".
وأشار سعدون، إلى أنه "لابد من إيجاد حلّ للتوقف الحالي الذي أصاب المفوضية، واتخاذ إجراءات لعودة عملها، سواء بتمديد مدة عملها مجدداً، أو اختيار مفوضين جدد، إضافة إلى منع التدخل السياسي في العمل الحقوقي، لأنه ينتج إهمالاً وكسلاً وتغاضياً عن كل الانتهاكات والجرائم التي تُرتكب".