محافظة "سامراء" المقدسة قريبا ردا على الإقصاء السني للشيعة.. ماذا حصل في مجلس محافظة صلاح الدين وكيف سترد قوى الإطار؟
انفوبلس/ تقرير
ظهر مصطلح "محافظة سامراء المقدسة" للدلالة على محافظة جديدة "محتملة" في العراق، طالب بها مجلس شيوخ عشائر بلد وجمع من "جماهير الإطار الوطني" في صلاح الدين وكذلك مدونون وناشطون، وذلك بعد التلاعب والإقصاء السني للشيعة في مجلس محافظة صلاح الدين وعودة السياسي السنّي أحمد الجبوري "أبو مازن" الملاحق بشبهات فساد لا تُعد ولا تحصى لمنصب المحافظ.
انتخابات مجلس محافظة صلاح الدين التي جرت نهاية العام الماضي، أسفرت عن فوز حزب الجماهير الوطنية بـ 4 مقاعد، وتحالف الإطار الوطني بـ 3 مقاعد، وتحالف عزم مقعدين، وتحالف تقدم مقعدين، وحزب السيادة مقعدين، والحسم الوطني مقعدين.
صوّت مجلس محافظة صلاح الدين، الأحد الماضي 4 شباط/ فبراير 2024، على رئيس حزب الجماهير النائب أحمد عبد الله الجبوري "أبو مازن" رئيسا للحكومة المحلية في المحافظة، بحضور 9 أعضاء من أصل 15 عضوا، بعد أن انتُخب عادل عبد السلام رئيساً لمجلس المحافظة ومحمد الحسن عطية نائباً للرئيس.
ونظرت جهات سياسية إلى اختيار السياسي السنّي أحمد الجبوري "أبو مازن" لتولي منصب محافظ صلاح الدين مؤشّرا سيئاً على أخذ الانتخابات المحلّية لنفس مسار الانتخابات التشريعية في تكريسها للفساد والتمكين لرموزه، وذلك بالنظر إلى تهم الفساد التي لاحقت الجبوري أثناء توليه نفس المنصب وأفضت إلى ملاحقته قضائيا.
ويُنظر إلى محافظ صلاح الدين الذي يرأس حزب الجماهير باعتباره يمثّل نموذجا عن توظيف أموال الفساد في التمكين السياسي، وعن تخادم الشخصيات والقوى السياسية مختلفة الانتماء والتوجّه دفاعا عن مصالح مشتركة غير مشروعة.
وتقول مصادر محلية في صلاح الدين إنّ الجبوري استفاد من علاقته الوثيقة بقادة أحزاب نافذة ليصمد في الساحة السياسية، بعد أن كان مهدّدا بالخروج من بابها الصغير عندما قررت محكمة النزاهة في بغداد سنة 2022 سجنه على خلفية تورّطه في قضية تلاعب بالدرجات الوظيفية في دائرة الصحّة بصلاح الدين، واختلاس أموال مخصصة لمشروع للتطوير الأمني في المحافظة.
وانتشرت آنذاك تسجيلات صوتية مسرّبة سُمِع فيها صوت الجبوري وهو يتحدث مع أكثر من شخص بشأن صفقات لتوظيف أشخاص في سلك القضاء والصحّة وتحديد المبالغ المالية المطلوبة مقابل ذلك.
وانتهت الأحد الماضي، المهلة القانونية الممنوحة لمجالس المحافظات لعقد أولى اجتماعاتها والمحدّدة بخمسة عشر يوما، بعد مصادقة المفوضية العليا للانتخابات على النتائج النهائية لانتخابات مجالس المحافظات دون أنّ تتمكّن الغالبية العظمى من تلك المجالس من عقد اجتماعاتها، بسبب عدم توافق القوى السياسية على تقاسم مناصبها.
وانفردت محافظة صلاح الدين بالتمكن من اختيار محافظ ورئيس لمجلس المحافظة ونائب له، إثر جلسة عاصفة تمت الاستعانة خلالها بالقوات الأمنية لفضّ الاشتباكات بالأيدي والكراسي بين الأعضاء الجدد في مجلس المحافظة، التي انتهت دون إعطاء أي منصب من مناصب المحافظة للقوى الشيعية.
ويتكون مجلس محافظة صلاح الدين من خمسة عشر عضوا وتوزعت مقاعده بواقع أربعة مقاعد لحزب الجماهير بقيادة أحمد الجبوري، وثلاثة مقاعد لتحالف الإطار الوطني، ومقعدين لتحالف العزم المدني، ومثلهما لكل من تحالف تقدّم وتحالف السيادة وتحالف الحسم الوطني.
كيف سترد قوى الإطار؟
أصدرت كتلة الإطار الوطني (الإطار التنسيقي)، بياناً شديد اللهجة على بعد تشكيل حكومة صلاح الدين المحلية، وانتخاب رئيس للمجلس ونائب له. وذكرت كتلة الإطار، في بيانها الذي ورد لـ"انفوبلس"، أن "ممثلي الاطار في صلاح الدين والقيادات خاضوا غمار المفاوضات على أساس الاستحقاق الانتخابي، كون قائمة الإطار هي بالتسلسل ٢ بعدد الفائزين وعدد الأصوات في الانتخابات المحلية وكما جرت العادة والعرف السياسي هو أن تأخذ الكتلة الأكبر استحقاق المحافظ والكتلة التي تليها رئاسة المجلس وتوزع باقي الاستحقاقات حسب الأوزان الانتخابية لكل كتلة وحسب التفاهمات بين الكتل السياسية".
وأضافت: "لكن كانت هناك طروحات طائفية مقيتة، ومحاولات وعمل على إعادة إحياء نفس وروح الطائفية الموأدة بدماء الشجعان، وطروحات تم طرحها من قبل بعض الكتل التي وزنها الانتخابي يساوي أو أقل من الإطار ثقلاً واستحقاقاً في عدد الفائزين تارة، وتارة أخرى يسوّقون أنهم جزء من الإطار من خلال علاقتهم بأحد القادة الذي خالف قرار وإرادة الإطار لمنفعة شخصية".
*للباطل جولة وللحق دولة
وتابعت: "كان قرار الإطار التنسيقي في بغداد أن رئاسة المجلس استحقاق انتخابي للإطار الوطني في صلاح الدين، وتم إبلاغ الكتل السياسية الفائزة بذلك وكان هنالك تنسيق مع بعض الحلفاء ألّا تمضي الجلسة (تؤجل بالتوافق) لحين حسم الموضوع والدخول باتفاق ويسر، ولكن إصرار بعض الشخصيات المتربحة مالياً من العملية السياسية ومؤسسي المشروع الطائفي المقيت وخذلان بعض الحلفاء بالمضي بالجلسة، وإقصاء الإطار عن التمثيل في المناصب القيادية في المحافظة كان الهدف الأكبر لحرمان جمهور الإطار من التمثيل الصحيح المُنتج وبالرغم من موقف القيادة السياسية للإطار وموقف أعضاء الاطار من عدم حضور الجلسة او حضور أحد الأعضاء لغرض تأجيل الجلسة لحين حسم الموقف، للأسف استمرّ المسلسل الطائفي المقيت الانتهازي الفاسد من الكتل الأخرى بالمضي، وإقصاء كتلة الاطار الوطني ولكن (للباطل جولة وللحق دولة)".
وأشارت الكتلة، إلى أنها تحتفظ بالحق في اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه المخالفات القانونية التي ارتُكبت في إدارة الجلسة واختيار شخصيات غير مؤهلة قانوناً لاستلام المناصب"، مثمنةً موقف دولة القانون، وتحالف نبني.
*"محافظة سامراء المقدسة"
أعلن مجلس شيوخ عشائر بلد وجمع من "جماهير الإطار الوطني" في محافظة صلاح الدين، رفضهم لجلسة انتخاب أحمد الجبوري "أبو مازن" محافظاً لصلاح الدين.
وطالب المجلس في بيان، تلاه عدد من أعضائه، خلال مؤتمر صحفي، تابعته "انفو بلس"، طالب الرئاسات الأربع (الجمهورية والوزراء والبرلمان والقضاء) بالتدخل لإعادة انتخاب رئيس مجلس صلاح الدين والمحافظ". كما طالبوا باستحداث محافظة "جنوب صلاح الدين". الأمر الذي يُعد تصعيداً ربما يؤدي إلى احتمال إقصاء المحافظ المنتخب، وإعادة التصويت، مثلما يتوقع عضو البرلمان العراقي عن المحافظة مشعان الجبوري.
مشعان قال إن "على المحافظ الذي جرى انتخابه، قيوداً جنائية، وهو ما يعطي فرصة للقوى الشيعية التي جرى تهميشها وعدم إعطائها أي منصب من مناصب المحافظة، للتحرك ضده، وقد تنجح في الإطاحة به".
وأضاف، إن "الشيعة في صلاح الدين، كانوا دائماً يأخذون منصب نائب المحافظ، بينما هدف أحمد الجبوري هو أن يعود محافظاً لكون عضويته في البرلمان مهددة بالسقوط بسبب اتهامات سابقة بالفساد، ولا يمكن شموله حتى بالعفو"، مبيناً أن "الجبوري اتفق مع قوى الإطار التنسيقي، على تشكيل مجلس المحافظة، لكنه تراجع بسبب اتفاق مع القوى السنية، وهو ما أدى إلى عدم حصول الإطار على أي منصب من مناصب المحافظة".
تضم المحافظة "المفترضة"، وفقًا للمعطيات، مناطق متنوعة تشمل سامراء والدجيل وبلد، والتي يشكل مواطنوها الأغلبية الشيعية.
ووفقًا للمعلومات المتوفرة، ستكون محافظة سامراء الجديدة شيعية الطابع، وتشمل أقضية سامراء وبلد والدجيل، مع توسيع حدودها لتشمل مناطق جنوب تكريت وصولاً إلى بغداد، وهو ما يبدو أنها تهدف إلى عزل المدن التي تحتوي على مراقد دينية لتشكل محافظة جديدة.
كما أصدر النائب عن كتلة الصادقون محمد البلداوي، بيانا بشأن تعيين محافظ صلاح الدين، متوعدا فيه بأن غدا ستُكشف الأوراق وتسودُّ الوجوه ولا مكان للفاسدين والخونة.
وقال البلداوي، إن "من يأكل حقنا سيتألم كثيرا، كانوا يقولون استحقاق انتخابي ثم يسرقونا ويقولون حقوق المكونات والاستحقاقات ثم يقصون مكونا بأكمله ومناطق بشعوبها"
وأضاف، "ليصل كلامنا إلى اقصاهم، قدّمنا قوافل من الشهداء وحافظنا على مناطقنا وأراضينا ومحافظتنا في وقت كان من يدّعي الآن يتسكع في فنادق أربيل والأردن وإن كان البعض قد خان وباع وتآمر والبعض الذين ضحّينا من أجلهم طعنونا في ظهورنا، إلا أننا قوم أبينا الذل والهوان والخضوع". وأكد، "نقولها كما قالها إمامنا الحسين ع (ألا وإن الدَّعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة) والله لن تهنئوا بها وعد غير مكذوب".
وتابع، "شكرا لكل الكرام أصحاب المواقف المشرّفة، شكرا لشيخنا الأمين العزيز، شكرا لزعيم القانون، شكرا للشيخ الهمام مواقفكم المناصرة الداعمة دَين في أعناقنا ولا عزاء للخونة.. غدا ستُكشف الأوراق وتسودُّ الوجوه".
واختتم البلداوي بيانه بالقول، "صلاح الدين بقلبها النابض ومداد شهدائها، جمهورنا العزيز إن خذلوك الخونة وسرقوك الطائفيين، عهدا لكم أننا سنضحي بكل ما نملك من أجل حقوقكم واستحقاقكم، لا مكان للفاسدين والخونة في صلاح الدين الصادقون، إخوة زينب ورجال الأمين وناصري الحق….. الصادقون قولا وفعلا".
وتتمتع مجالس المحافظات، التي أُنشئت بعد احتلال العراق من قبل أميركا في عام 2003، بصلاحيات واسعة، على رأسها انتخاب المحافظ، ووضع ميزانيات في الصحة والنقل والتعليم عبر موازنات مخصصة لها في الموازنة العامة، وإصدار التشريعات المحلية، بما يمكّنها من إدارة شؤونها وفق مبدأ اللامركزية الإدارية، من دون أن يتعارض ذلك مع الدستور والقوانين الاتحادية التي تندرج ضمن الاختصاصات الحصرية للسلطات.
وشهد العراق، في 18 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أول انتخابات محلية منذ عام 2013 في 15 محافظة، بنسبة مشاركة تجاوزت 41 بالمائة (6 ملايين عراقي من أصل 26 مليون شخص يحق لهم التصويت).