مرحلة جديدة لاحتواء المدونين المبتزين.. التواصل الحكومي يخصص أموالا لمؤتمر "قصة عراقية" لجذب أصوات عبثت بالرأي العام وقادت الجيوش الإلكترونية
انفوبلس/..
تعتزم الحكومة العراقية، إقامة مؤتمر تحت عنوان "قصة عراقية"، وتصفه بأنه المؤتمر الأول للمدونين العراقيين في العاصمة بغداد من أجل بناء صورة عن العراق بحياته الاجتماعية والاقتصادية والعلمية وحركة المواطن والمجتمع والدولة، فيما يشير مراقبون الى أن المؤتمر يهدف الى احتواء المدونين المبتزين، وجذب أصوات لطالما عبثت بالرأي العام، وقادت الجيوش الإلكترونية.
تقول المنصّة الخاصة بالمؤتمر، إن "تشجيع الإعلام الرقمي في العراق هو من صميم عمل فريق التواصل الإلكتروني الحكومي، في مكتب رئيس الوزراء، وإن المؤتمر سيُقيمه الفريق الحكومي بنفسه".
وبحسب المنصّة، فإن المؤتمر الذي يُشرف عليه مكتب السوداني، يستهدف أكثر من 3 آلاف زائر، وأكثر من 200 "مؤثر"، و10 دول مشاركة، وبدعم من مئة مستثمر، وسيناقش المؤتمر "تطوير المحتوى وإخراجه وتسويقه والفائدة من استخدام المحتوى في إيصال الرسائل الهادفة للمجتمع وأثره على المجتمع إضافة إلى محاور أخرى".
وسيتسابق المدونون، وفق مؤيد اللامي رئيس اللجنة العليا للمؤتمر، "في مضمار المحتوى الإيجابي الهادف، من خلال تناول الواقع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والمعرفة العلمية والابتكار والإبداع".
وبإقامة مؤتمر للمدوّنين، يكون هذا رابع تحرك معلن من حكومة محمد شياع السوداني في محاولة كسب المحتوى الإعلامي، إذ سبق لها أن وجهت هيئة الإعلام والاتصالات بتمويل صفحات ووسائل إعلام، كما أطلقت ميزانيات لإنتاج المحتوى الهادف عبر وزارتي الشباب والداخلية.
علاقة شبكية بين المدونين
وأعلنت وكالة الأنباء العراقية الرسمية، أن "المؤتمر الأول للمدونين العراقيين، تحت عنوان (قصة عراقية من المسمارية الى الرقمية) سيُقام في بغداد في 24 نيسان المقبل.
وقال رئيس اللجنة العليا للمؤتمر مؤيد اللامي، إن "المؤتمر سيحقق حضورا واسعا للمدونين العراقيين المؤثرين والمختصين في عالم الرقميات، وسيحتضن المحتوى الإيجابي الهادف لنشر الوعي والثقافة في جميع مجالات الحياة، وسيهتم بنقل الصورة في العراق كما هي ويمهد لإنشاء منصة وطنية للمحتوى الهادف".
وأضاف، إن "اللجنة التحضرية العليا خصصت موقعا للتقديم والمشاركة في المؤتمر من قبل المدونين، ودعت المدونين للتقديم من خلاله والحضور والمشاركة في برنامج المؤتمر وورش العمل والمناقشات وتبادل الأفكار، والتسابق في مضمار المحتوى الإيجابي الهادف من أجل إظهار القصص الحقيقية المعبرة عن العراق وشعبه ومبدعيه وأبنائه المخلصين، ورجاله ونسائه الذين يواصلون الإنجاز ويصنعون الحياة والأمل".
وتابع، إن "المؤتمر سيعمل على بناء علاقة شبكية بين المدونين العراقيين عبر برنامج حافل عن (قصة عراقية) وهي عنوان موقعه الإلكتروني، وسيتناول الواقع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والمعرفة العلمية والابتكار والإبداع والحركة الاجتماعية في المجتمع المحلي، بالإضافة إلى ورش العمل والتدريب الرقمي ما بين المدونين"، لافتاً إلى أن "عدة جهات قطاعية ستشارك أيضاً في المؤتمر فضلاً عن القطاع الخاص".
وانتشرت في الآونة الأخيرة، تغريدات ومنشورات متشابهة تخص المؤتمر، نشرها مدونون وصناع محتوى، تحمل دعوات للانضمام الى ما أسمته "أكبر مؤتمر لصناع المحتوى في العراق، يُشرف عليه فريق التواصل الحكومي الإلكتروني"، مع استمارة المشاركة في المؤتمر الخاص بصناع المحتوى".
واعتبر مراقبون، هذا الخطوة بأنها "محاولة لشراء الذمم وكسب ودّ هؤلاء بعيدا عن المهنية وإخلال كبير في دور الصحافة"، معتبرين أن "هذا النهج يدل على مسار خاطئ للحكومة ومَن يُدير ملفها الإعلامي".
صرف مبالغ لصفحات مبتزة
وفي كانون الأول 2023، أظهرت وثائق صادرة عن مكتب رئيس مجلس الوزراء، موجهة إلى هيئة الإعلام والاتصالات تلزمها بتخصيص جزء من ميزانيتها إلى عدد من الوكالات الإخبارية والصحف والإذاعات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي وقنوات التليغرام.
وبرر الكتاب الصادر، موضوع الدعم المقدم من الهيئة بأن الهدف من تخصيص هذه الأموال هو نشر مواد صحفية تدعم الدينار العراقي ومكافحة تعاطي المخدرات وتساند القوات الأمنية وتحث على عدم تعاطي الرشوة، على أن تجري بالتنسيق مع مدير مكتب رئيس الوزراء.
ووفق المتداول، فإن هذه الجهات تتقاضى شهريا 5 ملايين دينار لكل منها من أجل نشر مواد صحفية داعمة للحكومة وتجنب انتقادها.
وفي هذا الشأن، يقول أحد المراقبين، إن "هذا النهج يدل على مسار خاطئ للحكومة ومن يُدير ملفها الإعلامي، فعملية شراء الذِّمَم وإن كانت ليست وليدة اللحظة في العراق إلا أنها استفحلت في عهد الحكومة الحالية"، مشيرا إلى أن "تبرير تخصيص الأموال بمحاربة الفساد والمخدرات ودعم الدينار حجةً واهية فأغلب وسائل الإعلام تمارس هذا الدور بشكل مستمر".
شراء الذِّمَم
وأضاف، إن "دعم وسائل الإعلام من أجل أداء دورها الحقيقي في تصويب الأخطاء وكشفها يجب أن تكون على رأس أولويات الحكومة إن كانت جادة في محاربة الفساد، لكن اقتصار الدعم على مجموعة محددة يدل على أنها محاولة رخيصة لشراء الذمم وكسب ودّ هؤلاء بعيدا عن المهنية وإخلال كبير في دور الصحافة".
وتأسَّف، أن "يصل حال الإعلام في العراق إلى هذه المرحلة المتدنية"، منتقدا بشدة "القائمين على مثل هذه التصرفات من المقربين من رئيس الحكومة".
واختتم حديثه بالقول، إن "ظاهرة شراء الذمم موجودة في الإعلام المحلي، ومن يفصح عنها فإن مصيره الجلوس في المنزل وعدم العمل مجدداً، في ظل استحكام لوبيات من الصحفيين قريبة من مراكز صنع القرار تعمل على أبعاد من لا تريده".