مصطلح "المساءلة والعدالة" قانوناً يخالف الدستور ويجب العودة إلى "اجتثاث البعث".. حسين مؤنس يفتح النار على عقد من الانتهاكات
انفوبلس..
فتح رئيس حركة حقوق النائب حسين مؤنس ملف إحدى علامات المجاملات السياسية المتراكمة في العراق والمتمثلة بقيام مجلس النواب في دورة سابقة بتغيير اسم هيئة اجتثاث البعث إلى هيئة المساءلة والعدالة.
مؤنس لجأ إلى القضاء ورفع دعوى إلى المحكمة الاتحادية طالب فيها استعادة التسمية الأصلية للهيئة، وذلك بعد عدة أيام من قبول رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني استقالة محافظ نينوى نجم الجبوري بعد عدم إمكانية استثنائه من إجراءات المساءلة والعدالة.
وبحسب بيان صادر عن رئيس حركة حقوق، فإن النائب حسين مؤنس رفع دعوى أمام المحكمة الاتحادية طعن من خلالها بقرار سابق لمجلس النواب، على خلفية قيامه باعتماد تسمية الهيئة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة بديلاً عن الهيئة الوطنية العليا لاجتثاث البعث.
ووفق عريضة النائب، يعتبر قرار مجلس النواب بتغيير الاسم الرسمي لهيئة اجتثاث البعث مخالفاً لنص (المادة 135/ اولاً) من الدستور، فضلاً عن مخالفة (المادة 13) التي تشترط عدم سنِّ وتشريع أي قانون يخالف نصوص الدستور.
وتأتي دعوى النائب بهدف تصويب عمل الهيئة التي ينبغي عليها وفق الدستور القيام بعملية (اجتثاث البعث الصدامي ورموزه)، وليس فقط (المساءلة عن بعض الجرائم)، الأمر الذي يتطلب الحكم بعدم دستورية المادتين (2/ اولاً) و (28) من قانون الهيئة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة رقم (10) لسنة 2008.
عن الهيئة
وتأسست الهيئة الوطنية لاجتثاث البعث عام 2005 بهدف إزاحة كبار أعضاء البعث أو المشتركين بالجرائم في زمن نظام صدام حسين عن الوظائف في القطاع العام وقطاع الدولة ويحق لأي شخص الدفاع عن نفسه أمام لجنة قضائية مستقلة عن طريق الاستئناف. فضلا عن إزالة آثار البعث من الحياة والمجتمع ونذكر منها حب الدكتاتورية والتسلّط وعدم احترام آراء الآخرين أو الاستماع إليهم والقرارات الفردية المتهورة في شن الحروب بدون الرجوع إلى الرأي العام. هذا بالإضافة إلى القسوة المتناهية في إذلال وتعذيب الآخرين إلى حد القتل لأنهم يحملون أفكارا غير أفكار البعث.
بالإضافة إلى ذلك تهدف الهيئة إلى إعادة تأهيل كوادر البعث بأفكار تقدمية ديمقراطية جديدة تحترم حقوق الإنسان والرأي الآخر ونبذ الأفكار القديمة الشاذة من خلال محاضرات قامت الهيئة بإعدادها في دورات مخصصة لهم لغرض إعادتهم إلى الخدمة بشرط أن لا يكونون مدانين في جرائم.
يذكر أن الحكومة العراقية قد طالبت، يوم الاثنين 26 كانون الثاني/ يناير 2010، البرلمان بتضمين قانون العقوبات العراقي رقم (111) نصوصا عقابية تجرّم وتحظر البعث الصدامي ورموزه ومن يمجّد ويروّج لأفكاره وفقا لأحكام المادة (7) من الدستور العراقي.
اتفاق سياسي لإلغاء هيئة اجتثاث البعث
قبل وأثناء تشكيل الحكومة الحالية بقيادة محمد الشياع السوداني جرى الحديث عن اتفاق سياسي ضمن شروط تشكيل الحكومة يقضي بإلغاء هيئة المساءلة والعدالة (اجتثاث البعث) أو إحالتها إلى القضاء تمهيداً لإلغائها، وقد جد الاتفاق المذكور العديد من السياقات القانونية والدستورية تحول دون الإسراع في إحالتها أو إلغائها.
وقد أكدت الهيئة أن نقل أرشيفها أو حلها من صلاحيات البرلمان وليس الحكومة التي تقدمت بطلب وفق البرنامج الوزاري والاتفاق السياسي المبرم بين القوى السياسية المتوافقة على تشكيل الحكومة.
رئيس هيئة المساءلة والعدالة باسم البدري يقول، إن طلب الحكومة إجراء قانوني في إطار الاتفاق السياسي الذي سبق تشكيل الحكومة، لكنه يحتاج إلى أن يكون في المسار الدستوري من خلال تشريع قانون في مجلس النواب ينهي أعمال الهيئة أو ينظّم أعمالها بطريقة أخرى.
وكشفت مصادر في وقت سابق من العام الماضي عن وجود ملايين الوثائق ما زالت في طريقها للتدقيق وتحمل أسماء عدد كبير من المشمولين بإجراءات اجتثاث البعث.
وطبقا للمصادر، فإن تأخر تدقيق أغلب الوثائق لأكثر من 15 عاما لأسباب ربما تكون متعمّدة، أو بسبب تلكؤ إداري، وأن هناك ما لا يقل عن مليون عراقي مشمول بالاجتثاث، 25% منهم على الأقل من الأجهزة الأمنية السابقة.
وفي رده على دعوات المطالبة بحل الهيئة أو إحالة أرشيفها إلى القضاء تمهيدا لحلها، أكد عضو الإطار التنسيقي النائب حسين العامري، أن إحالة ملفات الهيئة إلى القضاء من صلاحيات البرلمان، عبر تشريع قانون خاص بذلك، بعد المناقشة والقراءة ومن ثم التصويت على بقاء عمل الهيئة من عدمه، مشيرا إلى أن الهيئة دستورية وتمت المصادقة عليها في الدستور العراقي.
ويرى العامري أن للهيئة دورا في العمل على الكثير من الأمور المهمة والأساسية خلال السنوات الماضية ومنها إبعاد عناصر حزب البعث ممن يحملون درجات عالية في العديد من المناصب المهمة في الدولة.
وأضاف، أن الهيئة حققت نتائج إيجابية وكان عملها فاعلا ومؤثرا ومنصفا في الوقت نفسه، منوها إلى المعلومات المتوافرة في الاتفاقات السياسية بأنه لن يتم إلغاؤها وإنما إعادة هيكلتها بما يُنصف الجميع، خاصة ممن "لم تتلطخ أيديهم بدماء العراقيين"، وهؤلاء من الممكن أن يمارسوا دورهم وحياتهم الطبيعية بعيدا عن الإقصاء مع أخذ استحقاقاتهم الكاملة.
وتنص المادة 7 من الدستور العراقي على أنه "يحظر كل كيان أو نهج يتبنى العنصرية أو الإرهاب أو التكفير أو التطهير الطائفي أو يحرض أو يمهد أو يمجد أو يروج أو يبرر له، وبخاصة البعث الصدامي في العراق ورموزه وتحت أي مسمى كان، ولا يجوز أن يكون ذلك ضمن التعددية السياسية في العراق، وينظم ذلك بقانون".
وتمكنت هيئة المساءلة والعدالة، من خلال هذه المادة، من استبعاد مئات المرشحين للانتخابات، وفصل الآلاف من وظائفهم بسبب خلفيات انتمائهم لحزب البعث المحظور.
وعن الإجراءات القانونية التي من المفترض أن تسبق إحالة ملفات الهيئة إلى القضاء تمهيدا لحلها، يؤكد الخبير القانوني علي التميمي، أحقية مجلس النواب بحل الهيئة بعد الانتهاء من عملها بالأغلبية المطلقة، وفقا للمادة (135) من الدستور، ومن خلال الرجوع لقانون الهيئة رقم (10) لسنة 2008، حيث أوجبت المادة (19) منه، على أن تقوم هذه الهيئة بتقديم تقرير فصلي إلى مجلس النواب عن الإجراءات التي اتخذتها، كونها ترتبط بمجلس النواب وتخضع لرقابته، لذلك فهي ملزمة بإشعار مجلس النواب بانتهاء عملها أم لا.
وأضاف التميمي، أن المادة (24) من قانون هيئة المساءلة والعدالة ألزمت قيام الهيئة بإعداد أرشيف عن المشمولين ووظائفهم وإحالته إلى البرلمان، حتى يقوم الأخير بتعميمه على الجهات الحكومية والمنظمات.
وأوضح التميمي، أن حل الهيئة لا يحتاج إلى تشريع جديد، لأن طريقة الحل رسمها المشرّع مع كل الإجراءات في قانون الهيئة النافذ، وبالتالي فإذا ما قرر مجلس النواب الحل فإن قراره هذا هو امتداد وتكملة للإجراءات القانونية التي رسمها.