مظلوم عبدي.. حياته في العراق وكيف حكم ثلث سوريا؟
انفوبلس/ تقارير
دأب على التنقل بعدّة أسماء مستعارة، خشية الملاحقة، تصنّفه تركيا على قوائم الإرهاب، وتعتبره المطلوب الأول لها لصلته بحزب العمال الكردستاني المناهض لأنقرة، تردّد اسمه كثيرا خلال الفترة الأخيرة لدوره في الصراع والحرب الدائرة في شمال سوريا، حيث يقود قوات سوريا الديمقراطية.. إنه القائد العسكري الكردي السوري مظلوم عبدي.. فمَن هو؟
اسمه الحقيقي، فرهاد عبدي شاهين، وُلِد القائد العسكري الكردي السوري في قرية حلنج التابعة لمدينة عين العرب (كوباني) عام 1967، ويُعرف بأسمائه الحركية شاهين جيلو، مظلوم كوباني، ومظلوم عبدي. خدم فرهاد لأول مرة مع حزب العمال الكردستاني داخل سوريا واحتُجز عدّة مرات من قِبل السلطات السورية.
*عبدي والعراق
غادر مظلوم عبدي سوريا واختبأ في أوروبا بين عام 1997 حيث كان يعمل في العمل السياسي الكردي حتى عام 2003، عندما سافر إلى مخمور العراقية حيث شارك في عمل عسكري وبقي هناك حتى عام 2004.
خدم عبدي كعضو في القيادة العليا لحزب العمال الكردستاني في عام 2005 وأصبح عضوًا في مجلس العمليات الخاصة لقوات الدفاع الشعبي من عام 2009 حتى 2011 أو 2012، عندما تم إرساله إلى سوريا من قبل حزب العمال الكردستاني لتنظيم أنشطة وحدات حماية الشعب في المناطق التي يعيش فيها أكراد في سوريا وسط تصاعد الحرب الأهلية السورية.
*علاقته مع تركيا
صرّح عبدي بأنه منفتح على العمل مع الحكومة السورية ضمن نظام اتحادي يشمل الاتحاد الديمقراطي القائم بحكم الواقع في شمال سوريا، وفي 29 يونيو 2019 وقّع عبدي، كممثل لقوات سوريا الديمقراطية خطّة عمل الأمم المتحدة الهادفة إلى منع تجنيد الأطفال في القوات المسلحة.
في أعقاب الهجوم التركي عام 2019 على شمال شرق سوريا، عبّر عبدي عن استعداده للتحالف مع النظام السوري وروسيا من أجل حماية السكان الأكراد المحليين والأرمن والأشوريين في شمال شرق سوريا من «الإبادة» المحتملة على يد «تركيا والجهاديين المرتزقة». وكجزء من صفقة مع قوات سوريا الديمقراطية، سُمح لقوات الحكومة السورية بدخول مدينتي منبج وعين العرب بهدف ردع العدوان التركي.
في أكتوبر 2019، اقترحت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي أن تمنح وزارة الخارجية الأمريكية عبدي تأشيرة دخول حتى يتمكن من مناقشة الوضع في سوريا في الولايات المتحدة. وردًا على ذلك، انتقد وزير العدل التركي عبد الحميد غول الحكومة الأمريكية لمعاملتها عبدي على أنه «شخصية سياسية شرعية» وأشار إلى صدور طلب تسليمه لتركيا حتى إذا دخل عبدي إلى الأراضي الأمريكية ـ وهو في المرتبة التاسعة على قائمة الإرهابيين المطلوبين لدى الحكومة التركية ـ وبمكافأة قدرها 9 ملايين ليرة قدمتها تركيا للمساعدة في القبض عليه.
في 9 أكتوبر 2019، كتب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مذكرة إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أرفق بها مذكرة من عبدي، يعرض فيها التوسط بين تركيا ووحدات حماية الشعب، قائلًا إن عبدي «على استعداد لتقديم تنازلات لم يقدموها في الماضي» وأرفق كذلك ملاحظة من عبدي.
وخلال زيارة الدولة التي قام بها أردوغان إلى الولايات المتحدة في 14 نوفمبر، أعاد الرسالة إلى ترامب، وادعى أن عبدي هو ابنٌ بالتبنّي لزعيم حزب العمال الكردستاني المسجون في تركيا عبد الله أوجلان، كما زعم أردوغان أنه قدم لترامب وثائق لوكالة المخابرات المركزية تصنّف عبدي بأنه إرهابي، كل ذلك أدى إلى تزايد أهمية عبدي الإقليمية والدولية إلى توترات بين وحدات حماية الشعب وحزب العمال الكردستاني، حيث يستهجن الأخير «الشعبية الشخصية». تبعًا لذلك، تشعر قيادة حزب العمال الكردستاني بالقلق من «نجاح عبدي وسمعته المزدهرة» وكذلك علاقاته الوثيقة بالولايات المتحدة.
*في قائمة المطلوبين لتركيا
في 28 أكتوبر 2015 صدرت عن وزارة الداخلية التركية «قائمة الإرهابيين المطلوبين»، وورد اسم عبدي في الفئة الحمراء، وكان ترتيبه التاسع.
تضمّنت القائمة معلومات مولِده في عفرين بسوريا تحت اسم «فرهاد عبدي شاهين» وأنه كان عضوًا في حزب العمال الكردستاني، كما أعلنت الوزارة أنها ستمنح ما يصل إلى 4 ملايين ليرة لمَن يُدلي بمعلومات عن أي مطلوب في نفس الفئة.
*عبدي وأمريكا
سلّط طلال سلو، المتحدث السابق باسم ‹قسد›، والذي انشقّ عنها وفرّ إلى تركيا قبل أعوام، عن نشأة وتشكيل قوات سوريا الديمقراطية ‹قسد›، قائلاً: عام 2017، انطلقت عمليات الطائرات المسيرة التركية ضد قسد في منطقة كراتشوك (شرق الحسكة). كان الأمر مرعباً للغاية، حيث فرّ جميع عناصر قوات سوريا الديمقراطية حينها إلى البادية وبدأوا يعيشون هناك، إذ لا يمكنهم اتخاذ أي إجراءات عسكرية للتصدي لهجمات المسيرات التركية، ولا تزود الولايات المتحدة قسد بأسلحة يمكنها مواجهة الطائرات، لذا تطلب قسد هذه الأسلحة من النظام.
ويوضح: "يسافر قادة قسد في مركبات مدنية لتجنب استهدافهم من قبل المسيرات، وبحسب المعلومات التي تلقيتها، فإن كبار هؤلاء القادة، بمن فيهم مظلوم عبدي، يعيشون في القواعد الأمريكية".
*صلته بحزب العمال
لم ينكر عبدي صلته مع حزب العمال الكردستاني في فترة معينة، إلا إن مصادر مقرّبة منه قالت، إن عبدي كان على خلاف سياسي مع العمال الكردستاني منذ عام 2003، ودار الخلاف حول "إمكانية تغيير بعض السياسات الاستراتيجية، وعلى أثرها توجه للاهتمام بالقضية الكردية في سوريا، بحسب "بي بي سي".
وكان مظلوم مقرّباً من الزعيم الكردي، عبدالله أوجلان، عندما كان الأخير يقيم في سوريا في التسعينيات، وكان مظلوم وقتها كادراً سياسياً نشطاً بين أكراد سوريا المؤيدين لحزب العمال الكردستاني.
*زيارة واشنطن
لاحقا عقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اتفاقين بشأن المناطق الحدودية شرقي الفرات، في أقل من أسبوع، الأول مع أمريكا، والآخر مع روسيا، ما يدعم عملية "نبع السلام" في الشمال السوري.
وبموجب الاتفاق الأول، انسحبت بقية القوات الأمريكية من المنطقة، فيما أوقفت تركيا إطلاق النار لمدة 120 ساعة، بهدف السماح للوحدات الكردية بالانسحاب، أما بموجب الاتفاق الثاني فتم تحديد مهلة 150 ساعة جديدة لانسحاب الأخيرة.
وتوصل الزعيمان التركي والروسي إلى اتفاق جديد، يقضي ببقاء الوجود العسكري لعملية "نبع السلام" في المنطقة الممتدة بين بلدتي رأس العين وتل أبيض، وبعمق 32 كيلومترا تقريبا، فيما يتم تنفيذ دوريات تركية روسية مشتركة على امتداد ما يتبقى من حدود كانت خاضعة لسيطرة الوحدات الكردية، وبعمق 10 كيلومترات، باستثناء "القامشلي".
ويشير تقرير نشرته المونيتور، إلى أن القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية "عبدي"، حاول إقناع البيت الأبيض بنشر قوة رمزية، بأن ذلك يعطي الأكراد قوة ضغط على الأسد.
وكان قد حثّ أعضاء جمهوريين وديمقراطيين في مجلس الشيوخ، وزارة الخارجية الأمريكية على إصدار تأشيرة لـ"عبدي" بسرعة لكي يتمكن من زيارة الولايات المتحدة ومناقشة الوضع في سوريا.
وانتقدت تركيا طريقة معاملة الولايات المتحدة لـ"عبدي"، "كشخصية سياسية شرعية"، حيث تنظر أنقرة له باعتباره إرهابيا على صلة وثيقة بحزب العمال الكردستاني المحظور الذي يشن حملة تمرد منذ عقود في تركيا.
وقال مدير الاتصالات بالرئاسة التركية فخر الدين ألتون: "نشعر بقلق بالغ إزاء معاملته، هذا الشخص زعيم بارز في حزب العمال الكردستاني الذي تعتبره الولايات المتحدة وآخرون منظمة إرهابية وهو هارب من العدالة".
وأضاف لرويترز: "صدرت بحقه نشرة حمراء من الإنتربول، وهو مطلوب في العديد من الهجمات الإرهابية التي استهدفت قوات الأمن التركية، أحد جيوش حلف شمال الأطلسي، وكذلك مدنيين".
*عدد قوات عبدي
يقول عبدي إنه يقود 70 ألف جندي، وفي أغسطس 2014، كان عبدي مسؤولًا عن المفاوضات التي أجرتها وحدات حماية الشعب في السليمانية مع إيران والولايات المتحدة من أجل تشكيل تحالف فعال ضد عصابات داعش الإرهابية بعد أن تم الاتفاق على التحالف مع الولايات المتحدة. عُين قائدًا لقوات سوريا الديمقراطية في 2012.
شارك عبدي في القتال الدفاعي في حصار كوباني (من أكتوبر 2014 حتى يناير 2015)، رافضًا الانسحاب رغم توصيات الولايات المتحدة. عندما تم الاستيلاء على منزل عائلته للمرة الثالثة من قبل "داعش" في قتال من منزل إلى منزل، ونظرًا للتعاون المتزايد مع القوات الجوية الأمريكية، فقد طلب غارة على منزله.