معترك تقسيم مجالس المحافظات يبدأ والإطار في اجتماعات "مكثفة".. هل توزعت الحكومات المحلية بين نبني ودولة القانون والحكمة؟
انفوبلس/ تقرير
مع تأدية الفائزين بالانتخابات المحلية، اليمين القانونية، أمام رؤساء محاكم الاستئناف، وقُرب انعقاد أولى جلسات مجالس المحافظات تشهد العاصمة بغداد مشاورات وُصِفت بأنها "مكثفة" بين الأحزاب والتحالفات السياسية الفائزة بالانتخابات، لاختيار الحكومات الجديدة لخمس عشرة محافظة شملتها الانتخابات.
لم يتبقَّ سوى 7 أيام فقط على انتهاء المهلة القانونية لانعقاد الجلسة الأولى لمجالس المحافظات، حيث يفرض القانون أن يتم الدعوة لانعقاد مجالس المحافظات الجديدة بغضون 15 يوما فقط من تاريخ المصادقة على النتائج النهائية وأسماء الفائزين.
وأعلنت المفوضية العليا المستقلّة للانتخابات، الأحد، 21 كانون الثاني الجاري، مصادقتها على نتائج انتخابات مجالس المحافظات، التي شهدها العراق في 18 كانون الأول 2023.
فبعد انقطاع دام لـ10 سنوات، يترقب العراقيون عودة مجالس المحافظات إلى العمل بعد اختيار أعضائها في الانتخابات التي جرت في 18 كانون الأول الماضي، وسط مخاوف من تكرار تجربة الدورات السابقة التي فشلت في تقديم الخدمات المعنية بها، بل كانت جزءاً من الفساد والصفقات والمحاصصة، بحسب مراقبين.
وتُعد مجالس المحافظات بمثابة السلطة التشريعية والرقابية في كل محافظة، وتتمتع هذه المجالس المنتخبة بالحق في إصدار التشريعات المحلية، بما يمكنها من إدارة شؤونها وفق مبدأ اللامركزية الإدارية، دون أن يتعارض ذلك مع الدستور والقوانين الاتحادية التي تندرج ضمن الاختصاصات الحصرية للسلطات.
وتمتد الدورة الانتخابية لمجالس المحافظات 4 سنوات تبدأ مع أول جلسة لها، ويتكون مجلس المحافظة الواحد من 10 أعضاء، يُضاف إليه مقعد واحد لكل 200 ألف نسمة لما زاد على مليون نسمة، وفقا لآخر إحصائية سكانية تم وضع سجل الناخبين من خلالها.
وكان مجلس القضاء الأعلى قد طلب من رؤساء محاكم الاستئناف استقبال الفائزين بانتخابات مجالس المحافظات لتأدية اليمين القانونية أمام رئيس الاستئناف حصراً في مقر رئاسات محاكم الاستئناف، في خطوة أولى قبل التصويت على رئيس المجلس ونائبيه، بالإضافة الى منصب المحافظ.
واليوم الأحد 28 كانون الثاني/ يناير 2024، أدى أعضاء مجالس محافظات ديالى ونينوى والأنبار وصلاح الدين والبصرة، اليمين القانونية أمام رؤساء المحاكم المختصة.
الإطار التنسيقي ينفي توزيع الحكومات المحلية بين قِواه السياسية
كشف الإطار التنسيقي، اليوم الأحد، حقيقة توزيع الحكومات المحلية بين قِواه السياسية في بغداد ومدن الوسط والجنوب. ويقول القيادي في الإطار علي الفتلاوي، إن "الأنباء التي تحدثت عن وجود اتفاق ما بين قوى الإطار التنسيقي على توزيع الحكومات المحلية وفق تقسيم محدد غير صحيحة، وهذه التسريبات هدفها جسّ النبض ليس إلا".
ويبين الفتلاوي، إن "الإطار التنسيقي حتى الآن لم يصل الى أي اتفاق بشأن تسلم الحكومات المحلية ما بين قِواه السياسية والحوارات مستمرة ومتواصلة". ويتابع، إن "حسم هذا الملف سيكون خلال الأسبوع الحالي مع حسم الأسماء المرشحة للمناصب في الحكومات المحلية".
وكانت مصادر سياسة، مقرّبة من الإطار التنسيقي، ذكرت أن قوى الإطار اتفقت على أن يتولى تحالف نبني 4 محافظات، ودولة القانون ثلاث محافظات، وتيار الحكمة محافظتين.
يذكر أن الإطار التنسيقي قرر خوض انتخابات مجالس المحافظات بكتل منفردة، على أن يبقى هيكل الإطار متماسكاً ودون التأثير عليه.
وقد أصدر الإطار، قراراً في 20 كانون الأول/ ديسمبر 2023، يقضي بتوحيد كتله في مجالس المحافظات تحت عنوان "كتلة الإطار"، لغرض المضي بتشكيل المجالس المحلية واختيار المحافظ.
تغيير جميع المحافظين دون استثناء
وفي هذا السياق، يقول عضو الهيئة العامة لتيار الحكمة الوطني، عباس غدير، إن "الإطار التنسيقي اتفق على النزول في الانتخابات بعدة كتل سياسية على أن يلتئم ويجتمع بعد إعلان نتائج الانتخابات تحت اسم (كتلة الإطار التنسيقي) وهذا ما حدث، كما اتفق على أمور أولها مركزية الإطار وقراره واللجنة التفاوضية التي شكّلها".
ويؤكد غدير، إن "الإطار اتفق على تغيير جميع المحافظين خاصة في محافظات الوسط والجنوب، إضافة إلى محافظتي ديالى وبغداد، والاتفاقات الأخيرة للإطار توحي بأنه اتفق على مجمل هذه المحافظات وحتى البصرة وواسط، فهو عازم على تغيير جميع المحافظين دون استثناء، وتشكيل حكومة محلية منسجمة مع الحكومة الاتحادية لاستكمال منهاج حكومة السوداني".
ويوضح، إن "الحكومة الحالية هي حكومة الإطار التنسيقي، ومرجعية السوداني هي الإطار، لذلك يفكر الإطار بإنجاح الحكومات المحلية وانسجامها مع الحكومة الاتحادية المتمثلة بالسوداني".
*تأجيل تسمية محافظي كربلاء والبصرة
بدوره، يشير القيادي في ائتلاف دولة القانون، عبد الرحمن الجزائري، إلى أن "الإطار التنسيقي عقد اجتماعات عدة - بعد المصادقة على نتائج الانتخابات - تبين من خلالها وجود اعتراض من رؤساء كتل بعض المحافظات، ومنهم محافظو البصرة وميسان والنجف وكركوك ونينوى، ولا يزال الخلاف قائماً، كما أن بعض الكتل مُصرّة على بقاء المحافظين السابقين ومنهم كربلاء والنجف والبصرة وديالى".
ويضيف الجزائري، أن "الإطار التنسيقي أصدر قراراً بتغيير جميع المحافظين عدا كربلاء والبصرة في الوقت الحالي، لأن لها خصوصية بفوز محافظيها وأيضاً تهديد الشارع البصري والكربلائي، لذلك تقرر تأجيل تسمية هاتين المحافظتين في الاجتماع الموسّع للإطار التنسيقي لتشكيل الحكومات المحلية المقرر عقده قربياً، إلى حين إكمال تسمية محافظي المحافظات الأخرى".
ويقول ياسر العبادي، عضو ائتلاف دولة القانون في محافظة البصرة، إن "تحالف تصميم أعلن أنه جزء من الإطار التنسيقي، وقرار الإطار هو عدم التجديد للمحافظين الحاليين"، داعيا "تصميم أنه إذا كانوا يريدون المنصب فعليهم أن يجدوا بديلا لمرشحهم أسعد العيداني".
وشدد على أنه "على الإخوة في تصميم أن يلتزموا بقرار الإطار إذا كانوا فعلا هم جزءاً من الإطار كما يقولون". مشيرا الى، أنه "إذا لم يحصل اتفاق بشأن اسم المحافظ الجديد، فإن أعضاء الإطار لن يحضروا جلسة مجلس محافظة البصرة الأولى لانتخاب رئيس المجلس والمحافظ، إلا إذا كان هناك اتفاق على اسم لمنصب محافظ البصرة يتمتع بالنزاهة ويحظى بقبول أعضاء مجلس المحافظة الجدد كافة".
*مرحلة الحسم
من جهته، يقول المتحدث باسم ائتلاف النصر، سلام الزبيدي، إن "الجميع دخل في مرحلة الحسم بعد مصادقة المفوضية على نتائج الانتخابات، حيث هناك مُدد دستورية لعقد جلسة اختيار رئيس المجلس ونائبيه، كما أن هناك مدة دستورية أخرى لتسمية المحافظ داخل المجلس".
ويتابع الزبيدي، "لكن لا يزال الجدل مستمراً في بعض المحافظات، أما المحافظات التي يتمتع فيها الإطار التنسيقي بالأغلبية فإن أمرها محسوم". ويشير إلى أن "للإطار رؤية بتغيير جميع المحافظين رغم صعوبة ذلك في محافظتي واسط وكربلاء، لكن يبدو أن هناك اتفاقات جديدة بتسنم منصب محافظي واسط وكربلاء الحاليَّين رئاسة مجلس محافظتيهما، على أن يُسمّي الإطار المحافظين الجدد في هاتين المحافظتَين".
ويضيف، "أما كركوك ونينوى، ففيهما جدل، بسبب تقارب المقاعد بين الكتل السياسية، ما يتطلب حصول توافقات لتسمية رئيس مجلس المحافظة والمحافظ، وكذلك الحال ينطبق مع محافظة الأنبار".
أما البصرة؛ فإن أمرها محسوم لتحالف تصميم، وفق الزبيدي، وهو بـ"تجديد ولاية مرشحه الوحيد أسعد العيداني على منصب محافظ البصرة، وهذا السيناريو الأقرب رغم معارضته من قبل الإطار".
ويكشف الزبيدي عن وجود "اتفاقات تجري خلف الكواليس في بعض المحافظات بتسمية رئيس مجلس النواب الجديد مع تسمية مجالس المحافظات"، مؤكداً أن "هذا قد يُدخل البلاد بنفق أزمات ويخلق صعوبات بالمرحلة المقبلة".
*آلية انتخاب المحافظ
حددت المادة 7 من قانون مجالس المحافظات اختصاصات مجلس المحافظة، ونصّت على أن مجلس المحافظة ينتخب المحافظ ونائبيه بالأغلبية المطلقة، أي نصف أعضاء مجلس المحافظة زائد واحد، وفق الخبير القانوني، أحمد العبادي.
فيما تتحدث المادة 25 من قانون مجالس المحافظات عن إمكانية اختيار شخصية عامة من خارج مجلس المحافظة ويصوّت عليها أعضاء مجلس المحافظة، وأيضاً بطريقة نصف أعضاء مجلس المحافظة زائد واحد.
لكن رئيس مجلس المحافظة يُشترط أن يكون من ضمن أعضاء مجلس المحافظة الفائزين، بحسب ما قاله العبادي في تصريح سابق.
وكان مختصون في الشأن القانوني قد أشاروا إلى، أنه بعد المصادقة على نتائج الانتخابات يتوجب على المحافظ الحالي وفقاً للقانون أن يحدد موعداً للفائزين الجدد بالانتخابات المحلية بالحضور إلى مبنى مجلس المحافظة للانعقاد خلال مدة 15 يوماً وتحديد موعد جلسة خلال هذه المدة بأمر إداري.
وكان رئيس مجلس المفوضين في مفوضية الانتخابات، القاضي عمر أحمد، قد أعلن في بيان، الأحد الماضي، إن "مجلس المفوضين صادق على نتائج الانتخابات المحلية".
يذكر أنه في 28 من شهر كانون الأول الماضي، أصدرت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، النتائج النهائية لانتخابات مجالس المحافظات.
وفي الـ14 من كانون الأول الماضي، أفادت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، بأنها تسلمت من الهيئة القضائية للانتخابات 248 قراراً بشأن الطعون المقدمة للمفوضية، مشيرة إلى أن الأغلبية العظمى من القرارات كانت بالرد.
وشهد العراق، في 18 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، أول انتخابات محلية، منذ نيسان/ أبريل 2013، في 15 محافظة، بنسبة مشاركة تجاوزت 41%، وفق ما أعلنته المفوضية العليا للانتخابات.
ووفق الدستور العراقي، فإن مجالس المحافظات تتمتع بصلاحيات واسعة، على رأسها انتخاب المحافظ، ووضع ميزانيات في الصحة والنقل والتعليم، عبر موازنات مخصصة لها في الموازنة العامة، وإصدار التشريعات المحلية، بما يمكنها من إدارة شؤونها وفق مبدأ اللامركزية الإدارية.