معهد أمريكي يكشف الأعداد الحقيقية للقتلى الأمريكيين في العراق.. ماذا عن عدد المصابين والمرضى؟
انفوبلس/..
في 20 آذار 2003 بدأت الولايات المتحدة الأميركية عملية عسكرية خاصة في العراق دون موافقة من الأمم المتحدة، ومنذ ذلك الوقت، تغيرت الصورة تماما في العراق نتيجة الحرب الدامية التي استمرت حوالي 8 سنوات، مما أودى بحياة مئات الآلاف وتسبب في تشريد ملايين آخرين من العراقيين.
ورغم مرور 20 عاما، فإن المشهد الذي ما يزال ماثلا في ذاكرة العالم وخاصة العراقيين حتى اليوم، ذاك الذي زعم فيه كولن باول وزير الخارجية الأمريكي آنذاك في 5 فبراير من عام 2003 في جلسة لمجلس الأمن الدولي امتلاك العراق لسلاح كيميائي حاملا في يده أنبوب اختبار مملوء بمسحوق أبيض.
معهد أبحاث السياسات الخارجية الأميركي (fpri) اعتبر أن احتلال العراق "كان بالنسبة إلى الأميركيين أكثر دموية مما كان متوقعًا، لكنها كان بمثابة مغامرة إمبريالية بعيدة المدى، سيكون تأثيرها محدودًا على عرض القوة الأميركية في المستقبل". مشيرًا إلى، أن فكرة "تغيير النظام في "طهران" صارت مقبولة أكثر، وأن ذلك إن حدث، سيكون له تأثير إيجابي على التقدم السياسي في بغداد".
وبعدما أشار التقرير إلى أن الحقيقة التقليدية تتحدث عن نحو: 4 آلاف قتيل من الجنود رجالاً ونساءً، كشف أن هذا الرقم مجرد جزء من الحقيقة، إذ إن الرقم الحقيقي عندما تتم إضافة عدد المقاولين والمدنييّن الأميركيين الذين قُتلوا، فإن العدد يقترب من نحو (8) آلاف قتيل، فيما أُصيب عشرات الآلاف بجروح غيّرت حياتهم وعائلاتهم، كفقدان الأطراف أو العيون أو حروق الوجوه.
وأصبح من الواضح بشكل متزايد أن البيانات الرسمية الخاصة بالأفراد العسكريين الأمريكيين، المنتشرين بمناطق الحرب الأميركية، قد تقلل من العدد الفعلي، وبالمثل فإن الخسائر العسكرية في الخدمة الفعلية تُمثل جزءاً فقط من القتلى الأمريكيين، الذين قُتلوا خلال الحروب المختلفة التي شنتها واشنطن في الخارج خلال العشرين عاماً الماضية.
وتكمن الآلية الرئيسية وراء هذا الخداع الإحصائي في استخدام البنتاغون المتزايد لـ"المتعاقدين المدنيين" الذين يُقتلون بشكل مستمر في مناطق التواجد الأمريكي والمواقع العسكرية.
مئات الآلاف من القوى العاملة التي لا يهتم بها أحد في واشنطن !
وتابع التقرير الأميركي، أن العديد من المحاربين القدامى الذين أُصيبوا بشكل خطيرة، وهناك عشرات الآلاف منهم، وغالبيتهم ينتمون إلى الطبقة العاملة، والتي لا تتفاعل معها النخبة السياسية في “واشنطن”، وبالإضافة إلى كل ذلك، فإن “العراق” نفسه شهد مقتل مئات الآلاف من الأشخاص.
وذكر التقرير، أنه رغم أن حرب “العراق” تُعتبر أهم بكثير مما كان يُفترض من حيث الخسائر الأميركية، إلا أنه ظهر أنها أقل أهمية من الناحية الجيوسياسية. موضحًا أن “العراق” كان بمثابة مغامرة بعيدة المدى شبيهة بالمغامرة الإمبريالية التي انحرفت عن طريقها، رغم ما لدى "الولايات المتحدة" من موارد طبيعية واقتصادية وموقع جغرافي تُحسد عليه، بحسّب زعم المعهد الأميركي.
تقدم "الإمبراطورية الأميركية" على جثة العراق
وبرغم إشارة التقرير إلى أن مؤسسة الدفاع الأميركية ربما تكون قد تأخرت في التخطيط واقتناء الأسلحة اللازمة لردع الصين، بسبب عقد من النشاط في الشرق الأوسط (بما في ذلك أفغانستان) إلا أنه اعتبر أن التقدم الأميركي في هذا المجال كان ثابتًا ويُثير الإعجاب.
وتابع تقرير المعهد الأميركي، أن ما سيكون مثيرًا بالنسبة إلى المؤرخين مستقبلاً عندما ينظرون إلى الوراء، هو أنه برغم الأخطاء الفادحة في العراق وفيتنام، إلا أن الإمبراطورية الأميركية تتقدم إلى الأمام. مشيرًا إلى أن أخطاء فادحة بهذا الحجم كهذه، كانت ستُصيب القوى الصغيرة والمتوسطة بالشلل، لكن ذلك لم يحدث مع الولايات المتحدة.
أزمة أوكرانيا أعادت شهوة الحرب لدى واشنطن
وبعدما أشار إلى الإحباط الموجود في واشنطن، وإلى أن الولايات المتحدة عاشت نحو عقدين من الزمن في ظل الفشل العراقي، إلى أن قامت روسيا بعمليتها العسكرية في أوكرانيا، حيث إن هجوم فلاديمير بوتين على أوكرانيا أدى إلى تجدّد حُمّى الحرب في واشنطن.
ولفت التقرير إلى أن المسألة لا تتعلق بأن دروس العراق قد تم تجاهلها، مشيرًا إلى أن هناك مجموعة من اليمين الجمهوري تشعر بأنه على الولايات المتحدة أن تكون أكثر حذرًا في أوكرانيا، لكن كثيرين في واشنطن يُريدون من إدارة جو بايدن إرسال المزيد من الأسلحة بشكل أسرع.
وتابع قائلاً، إن قيام البيت الأبيض بإرسال أسلحة بعشرات المليارات من الدولارات إلى أوكرانيا، دون المجازفة بحياة جندي أميركي، وفي ظل الحرص أيضًا على عدم السماح بتمدد الحرب، ربما يكون قد حقق التوازن بشكل صحيح.
العراق حكاية تحذيرية
اعتبر التقرير، أنه في حال ظل الوضع قائمًا، فإن ذلك يعني أن دروس حرب العراق قد تم دمجها في عقلية السياسة الخارجية لواشنطن.
وفي حين أن حرب فيتنام، التي حدثت في عصر التجنيد الجماعي، غيّرت أميركا وثقافتها، فإن حرب العراق، التي حدثت في عصر جيش المتطوعين بالكامل، غيرت واشنطن بشكلٍ أساس فقط، نجم صعود دونالد ترامب بشكلٍ هامشي فقط بسبب حرب العراق. (كان السبب الأكبر – ولكن ليس السبب الوحيد – هو الاضطراب في سوق العمل الناجم عن اندماج الصين في الاقتصاد العالمي) ساعدت فيتنام في ولادة موسيقى الروك، والسياسات الراديكالية، وفكرة أن الحكومة، التي حصلت على البلاد خلال فترة الكساد والحرب العالمية الثانية، وأرسلت رجلاً إلى القمر، لم يُعد من الممكن الوثوق بها بالكامل بعد الآن.
وفي حين لفت التقرير إلى التغيير الثقافي والسياسي الذي أحدثه حرب فيتنام، في داخل أميركا، اعتبر أن حرب العراق على النقيض من ذلك، كانت آثارها الثقافية محدودة، لكنه أشار إلى أنها تسببت في ظهور فصائل جديدة في واشنطن، وهو تغيير يمكن أن يكون له تداعيات عالمية.
وتابع قائلاً، إن حرب العراق كانت السبب في انجراف عناصر من اليمين الجمهوري في واشنطن نحو الانعزالية الجديدة، وأن العراق كان هو الذي يُساعد، جزئيًا، في اتباع الرئيس بايدن سياسة الحذر في إرسال أسلحة إلى أوكرانيا، حتى لا يسمح بانتشار الحرب الأوكرانية إلى دول حلف الـ (ناتو). وأكد التقرير، أن: العراق سيظل حكاية تحذيرية لسنوات قادمة.