ملابسات جلسة "الأحوال الشخصية".. خرق للنظام الداخلي بسحب القانون وطعن بقرار رفع الجلسة.. تعرّف على الخلافات ومبرراتها
انفوبلس..
شهدت جلسة مجلس النواب، أمس الأربعاء، الكثير من الضجيج قبل عقدها بسبب إدراج فقرة القراءة الأولى لمشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية، ما اضطر رئاسة البرلمان إلى سحبه من جدول الأعمال بطريقة غامضة والمضي ببقية الفقرات، وهذا ما عدّه أنصار تشريع القانون خرقاً واضحاً للنظام الداخلي لمجلس النواب حيث كانت تجب قراءة القانون قراءة أولى وبعدها يُتاح للمعترضين إبداء أوجه اعتراضهم عليه ومناقشته قبل قراءته قراءة ثانية والتصويت عليه.
وبعد الجلسة، عقد النائب رائد المالكي مؤتمراً صحفياً في الدائرة الإعلامية لمجلس النواب وبيّن فيه وجود خرق للجلسة حيث كانت تجب قراءة القانون قراءة أولى وبعدها يُتاح للمعترضين إبداء آرائهم وبناءً عليها يُقرر عرضه لقراءة ثانية والتصويت عليه أم لا، ولكن ما جرى إن القانون سُحب من جدول أعمال الجلسة بطريقة مخالفة للنظام الداخلي، مضيفاً إنه لاحظ "تخاذل" من بعض النواب وعدم ثبات من قبل رئاسة المجلس.
وأضاف: "سأطعن بقرار مجلس النواب القاضي برفع الجلسة وعدم المضي بقراءة مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية"، مؤكدا أن "تشريع مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية لا رجعة فيه وسنقف بوجه من يحاول عرقلة التصويت عليه".
إلى ذلك، حمّل النائب عن الإطار التنسيقي، فراس المسلماوي، النائب الثاني لرئيس البرلمان شاخوان عبد الله، مسؤولية تعثر قراءة قانون الأحوال الشخصية خلال جلسة الأمس.
وقال المسلماوي، إن "النائب الثاني لمجلس النواب شاخوان عبد الله خالف النظام الداخلي والسياقات القانونية في طريقة رفع الجلسة"، لافتاً إلى أن "قانون الاحوال الشخصية تم إدراجه في جدول الأعمال والطريقة لسحب هذا القانون وفق السياقات القانونية تكون عبر عرضه للتصويت أو أن يتم تقديم طلب من صاحب المقترح لغرض سحبه ولكن هذا لم يحصل".
وأضاف، أن "رفع الجلسة تصرُّف مخالف للسياقات القانونية علما أن بعض النواب سيتجهون إلى المحكمة الاتحادية لتقديم شكوى حول ما شهدته جلسة اليوم"، مشيراً إلى أن "النائب الثاني لرئيس البرلمان صرح بأن قانون الأحوال الشخصية سيتم إدراجه في أقرب جلسة قادمة".
وتابع: "في حال عدم إدراج القانون بالجلسات اللاحقة ستتم مقاطعة جلسات البرلمان"، داعياً إلى "إدراج القانون ضمن جدول أعمال جلسة مجلس النواب القادمة".
وقبل عقد الجلسة بيوم، كشف عضو اللجنة القانونية النيابية، رائد المالكي، عن مزايا تعديل قانون الأحوال الشخصية، فيما أكد أن هذا التعديل يمثل تطبيقا لأحكام الدستور، وتلبيةً لحاجة المجتمع ورغبة المرجعيات الدينية.
وقال المالكي في بيان، إن "مقترح القانون موافق ومطابق للدستور وتنفيذا لأحكام المادة 41 من الدستور التي تنص على أن (العراقيين أحرار في الالتزام بأحوالهم الشخصية، حسب دياناتهم او مذاهبهم او معتقداتهم او اختياراتهم، وينظم ذلك بقانون)"، مبينا أن "المقترح يعطي الحرية للعراقي بأن يختار تطبيق أحكام قانون الأحوال الشخصية النافذ عليه (قانون 188 لسنة 1959) او يختار أحكام (المدونة الشرعية في مسائل الأحوال الشخصية) التي سيتم وضعها والموافقة عليها من مجلس النواب".
وأضاف، إن "أحكام المدونة الشرعية ستتضمن بابَين أحدهما للفقه الجعفري، والآخر للفقه السني يتم وضعها من قبل المجلسين العلميين في ديواني الوقفين الشيعي والسني بالتنسيق مع مجلس الدولة. ووفقا للمشهور من أحكام الفقهين الشيعي والسني"، مؤكدا أن "مقترح القانون يحافظ على وحدة السلطة القضائية ولا يخلق ازدواجا في المحاكم، وسيكون هناك فقط أحكام القانون 188 وأحكام المدونة، والمحاكم الحالية تطبقهما حسب ما يختاره الشخص عند إبرام عقد زواجه".
وتابع: "مقترح القانون يحقق مطالب المرجعيات الدينية منذ زمن المرجع الأعلى في زمانه السيد محسن الحكيم ولغاية اليوم بضرورة عدم فرض أحكام القانون الوضعي على المسلمين في العراق ومنح المكلف حق اختيار أحكام دينه ومذهبه في أحواله الشخصية"، مشيرا الى أن "الحديث عن أن هذا القانون سيقسم الأُسرة العراقية كلام غير دقيق ومخالف للواقع، فما الذي حفظه القانون الحالي للأسرة مع ما نراه اليوم من كثرة الطلاق ومشاكل ما بعد الزواج ومشاكل القانون الحالي".
وأكد، أن "مقترح القانون قابل للنقاش نيابيا بعد القراءة الأولى ووفقا للنظام الداخلي، وبعد قراءته سيتم التواصل مع مختلف الفعاليات الاجتماعية والدينية والأخذ بالملاحظات والمقترحات، وهو لا يمثل رأي جهة حزبية ولا دينية خاصة ويحظى بدعم وتأييد الكتل البرلمانية واغلب شرائح المجتمع ".
وختم النائب قائلا، إننا "نلتمس من جميع وكلاء ومعتمدي المرجعيات الدينية وخطباء المنبر وأئمة الجمعة والجماعة، وممثلي الكتل النيابية، وسائر الفعاليات الاكاديمية والمهنية والاجتماعية توضيح هذه الأمور بشأن مقترح القانون كونه يمثل تطبيقا لأحكام الدستور، وتلبية لحاجة المجتمع ورغبة المرجعيات الدينية".
وحول المعترضين على تشريع القانون، أعلن الحزب الشيوعي رفضه إدراج مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية على جدول أعمال جلسة البرلمان، وقال، في بيان صحافي، إن مسودة التعديل المقدمة تتضمن مواد تتعارض مع الدستور، وبالأخص المادة 14 التي تضمن مساواة العراقيين أمام القانون دون تمييز.
وكتبت النائبة آلاء طالباني، في منصة "إكس"، إن "التعديل سيولّد انفلاتاً كبيراً في القانون وستتحول قضايا الأحوال الشخصية إلى خارج المحاكم الرسمية".
وسبق لقوى سياسية أن تقدمت بطلب تشريع قانون جديد يتيح للمواطنين اللجوء إلى رجال الدين الشيعة والسُّنة للتقاضي في شؤون الزواج والطلاق والميراث، لكن معارضة مجتمعية أحبطت تلك المحاولات.
وكان رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية الراحل السيد عبد العزيز الحكيم قد ألغى قانون الأحوال المدنية لسنة 1957، حين تسلم رئاسة مجلس الحكم نهاية عام 2003، قبل أن يعيد الحاكم الأميركي المدني بول بريمر العمل به سنة 2004.
كما أوضح النائب عن تحالف تقدم لقمان الرشيدي، أن الخلافات تركزت على تعديل قانون الأحوال الشخصية وتعديل قانون العفو العام، مشيراً إلى أن قانون الأحوال الشخصية يحتوي على العديد من النقاط الخلافية بين الكتل السياسية والمذاهب والقوميات.
وأضاف الرشيدي، أن الجلسة لن تعقد إلا بعد سحب قانون الأحوال الشخصية من جدول الأعمال.
من جهتها، أعلنت النائب نور نافع، جمع أكثر من 25 توقيعاً من أعضاء مجلس النواب لرفع فقرة تعديل قانون الأحوال الشخصية من جدول أعمال المجلس.
وأوضحت نافع، أن الاعتراض الرئيسي يتمحور حول المادة الثانية من القانون التي تتعلق بالميراث وعقود الزواج خارج المحكمة وفقاً للطوائف والمذاهب.
وأضافت، أنها قامت بتقديم طلب إلى رئيس المجلس لسحب القانون من جدول أعمال الجلسة.
ورداً على سحب القانون من جدول الأعمال، نشر السيد رشيد الحسيني تغريدة على صفحته في موقع "أكس" قال فيها: "بعد المطالبة الحثيثة بإعادة النظر في فقرات قانون الأحوال الشخصية المجحف والبعيد عن ضوابط الدين الإسلامي لاحظنا بارقة من في تعديل فقرات هذا القانون بما يتلاءم مع الشريعة الإسلامية وقوانينها السماوية وفي هذا الشأن نشد على يد كل من يسعى الى إعادة صياغة فقراته بشكل متوافق مع الشريعة الإسلامية وذلك لضمان حقوق المؤمنين الذين تعرّضوا للظلم بسببه على مدار سنين طويلة ومع شديد الأسف طرق أسماعنا وجود بعض من باع ضميره وهويته الوطنية والمذهبية في سبيل إرضاء بعض الجهات والسفارات لإبقاء هذا القانون على حاله على الرغم من أنه مجحف لشريحة كبيرة متضررة منهم".