ملايين البطاقات غير مستلمة.. المفوضية متورطة بانتخابات الإقليم رغم اعتذارها.. وعزوف شعبي عن الانتخابات المقبلة
انفوبلس..
منذ أكثر من 30 عاماً تجري الانتخابات في إقليم كردستان بإشراف داخلي دون تدخل السلطة الاتحادية بشكل شبه تام، ولكن اليوم انقلبت الأوضاع رأساً على عقب مع تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية في الإقليم الشمالي الذي طلبت رئاسته من المفوضية العليا المستقلة للانتخابات الإشراف على انتخابات برلمانه المقبلة بعد مخاض سياسي عسير، الأمر الذي ردت عليه المفوضية بالترحيب ولكن بشرط وجود فاصل زمني يبلغ 6 أشهر بين انتخابات مجالس المحافظات وانتخابات برلمان كردستان.
وفي كتاب رسمي صادر بتاريخ 10 تموز من العام الحالي، طالبت رئاسة إقليم كردستان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بالإشراف على انتخابات برلمان كوردستان المزمع إجراؤها في 18 تشرين الثاني المقبل.
وحسب بيان صادر من ديوان رئاسة إقليم كردستان، أشار الى أنه، حسب الأمر الإقليمي رقم (90) الصادر في (26 آذار 2023)، تقرر إجراء انتخابات برلمان إقليم كردستان بتاريخ (18 تشرين الثاني 2023)، لذلك طالبت رئاسة إقليم كردستان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بالعراق إبداء استعدادها للإشراف على الانتخابات في موعدها المحدد، أو إجراءها مع انتخابات مجالس محافظات العراق في (18 كانون الأول 2023).
وكان المتحدث باسم رئاسة إقليم كردستان، دلشاد شهاب، قد أعلن في (26 آذار 2023)، أن رئاسة إقليم كردستان، حددت يوم 18 من شهر تشرين الثاني المقبل موعداً لإجراء انتخابات برلمان كردستان.
وقال دلشاد شهاب، في مؤتمر صحفي "نطالب جميع القوى السياسية بمراعاة المصلحة العامة وحل كل المشاكل التي تتعلق بالمفوضية العليا المستقلة للانتخابات والاستفتاء في إقليم كوردستان وغيرها لإنجاح الانتخابات".
في (30 أيار 2023)، قال مدير دائرة الأحزاب والمنظمات الدولية بالمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، هيمان تحسين، إنه "يمكن للمفوضية إجراء انتخابات برلمان إقليم كردستان، في حال قامت حكومة الإقليم بطلب ذلك من المفوضية، شريطةأان لا تتزامن العملية مع انتخابات مجالس المحافظات العراقية المقرر إجراؤها في 18 كانون الأول 2023".
في وقت سابق، قضت المحكمة الاتحادية بـ "عدم دستورية" قانون استمرار الدورة الخامسة لبرلمان كردستان رقم 12 سنة 2022 الصادر عن برلمان كردستان في جلسته الاعتيادية رقم 11 في (9 تشرين الأول 2022)، واعتبار مدة الدورة الخامسة للبرلمان "منتهية بانتهاء المدة القانونية المحددة لها" في (6 تشرين الثاني 2022).
واعتبرت المحكمة الاتحادية كل ما صدر عن برلمان إقليم كردستان بعد تلك المدة القانونية "باطلة من الناحية الدستورية". كما ردّت المحكمة في الفقرة الثانية من قرارها، دعوى المدعين "بخصوص المدعى عليه الثاني رئيس إقليم كردستان، إضافة لوظيفته"، لـ "عدم توجه الخصومة".
المفوضية توافق ولكن بشروط
ومع إعلان مفوضية الانتخابات استعدادها للإشراف على انتخابات الإقليم ونيتها عقد اجتماعات مشتركة مع رئاسته، قالت المتحدثة باسم المفوضية جمانة الغلاي: "في لقاء جرى بين رئيس وأعضاء مجلس المفوضين مع رئاسة إقليم كردستان، أبدت المفوضية العليا للانتخابات استعدادها التام للتعاون مع الإقليم في إجراء برلمان إقليم كردستان".
وأضافت، أن "رئيس مجلس المفوضين تحدث بأن المفوضية تحتاج من ستة الى سبعة أشهر لإجراء الانتخابات بعد تحديد موعد إجرائها"، مبينة أن "رئيس مجلس المفوضين طلب من رئاسة إقليم كردستان توجيه كتاب رسمي للتعاون مع الإقليم لإجراء الانتخابات".
وتابعت المتحدثة باسم المفوضية أنه "في لقاء رئيس وأعضاء مجلس المفوضين مع اللجنة القانونية لمجلس النواب العراقي، تحدثوا عن استعداد المفوضية للتعامل مع الإقليم، لكن المفوضية تعمل الآن على إجراء انتخابات مجالس المحافظات وهذا يتعارض فنياً مع هذا العمل".
ولفتت الغلاي إلى أن "كتاب طُلِب إقليم كردستان وصل إلى المفوضية العليا للانتخابات، ومجلس المفوضين سيعقد اجتماعات عدة لمناقشته مع رئيس الإدارة الانتخابية والموظفين المختصين في هذا الجانب، لكن مبدئياً الاستعداد موجود لدى المفوضية للتعامل مع إقليم كردستان لإجراء انتخابات برلمانه".
موعد انتخابات غير مناسب
مصدر مسؤول في رئاسة كردستان -اشترط عدم ذكر اسمه لأنه غير مخوّل بالتصريح- أكد أن الموعد المُحدد لانتخابات الإقليم نهاية العام الجاري سيُلغى بعد قرار المحكمة الاتحادية.
وقال المصدر، إن الموعد الجديد سيُحدد بالتنسيق بين رئاسة الإقليم والبرلمان العراقي أو مفوضية الانتخابات العراقية، متوقعا في ذات الوقت أن يكون الموعد الجديد بداية العام المقبل.
من جانبه، يقول شيروان زرار المتحدث الرسمي باسم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في كردستان العراق، إن المفوضية ستنتظر موقف وقرار رئيس الإقليم الذي من صلاحياته حصرا تحديد موعد إجراء الانتخابات خلال 15 يوما بعد قرار المحكمة، ويُقرر هل سيكون الإشراف على الانتخابات من قبل المفوضية الاتحادية لوحدها أو بالتعاون مع مفوضية كردستان.
ويُشير زرار إلى أن مفوضية كردستان ستُعلن عن موقفها من الإشراف على انتخابات الإقليم إلى جانب المفوضية الاتحادية، بعد معرفة موقف وقرار رئيس الإقليم.
وعن موقف المفوضية الاتحادية من الإشراف على انتخابات كردستان أو إجرائها مع انتخابات مجالس المحافظات المحلية نهاية العام الجاري، أكدت المفوضية أن إجراء انتخابات الإقليم مع انتخابات مجالس المحافظات غير ممكن من الناحية الفنية، وذلك خلال استضافتها من قبل اللجنة القانونية في إحدى جلسات مجلس النواب العراقي.
أزمة شرعية في الإقليم
الصحفي المختص بالشأن الكردي سامان نوح يرى أن ما حصل يكشف حجم أزمة شرعية المؤسسات ودستوريتها في كردستان، والمشاكل القانونية والسياسية المتراكمة في الإقليم.
ويؤكد نوح أن الإقليم بوصفه كيانا سياسيا دستوريا يتراجع حجمه وتأثيره وحتى دوره في العمل داخل كردستان، ما يسمح للحكومة الاتحادية بالتدخل بشكل أكبر في إدارة بعض مفاصل العمل الداخلي.
وأضاف نوح أنه غير واضح مَن القوى التي ستستفيد انتخابيا من قرار المحكمة الاتحادية، مضيفا أن "إجراء الانتخابات بالقانون السابق وبعدد المقاعد المحددة سابقا، يصب في مصلحة الحزب الديمقراطي، في حين أن إشراف مفوضية العراق على الانتخابات سيصب في مصلحة الاتحاد الوطني، كون عدد الناخبين مختلفة في قوائم المفوضيتين".
ووفق نوح، فإن الحزبين كلاهما متضرران من ناحية تراجع دورهما السياسي في العراق وحتى الإداري داخل كردستان، كما أن كيان الإقليم وصورته وسيادته على قراراته ومؤسساته، تضررت بشكل كبير.
المفوضية تصدر قرارها النهائي
في إعلان حسم الجدل المتواصل منذ أسابيع حول احتمالات عقد الانتخابات العامة في إقليم كردستان العراق بموعدها المحدد سابقا، في 18 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، من عدمها، أكدت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، عدم إمكانية تنظيم تلك الانتخابات خلال العام الجاري.
وصدر بيان عن مكتب رئيس مجلس المفوضين عمر أحمد محمد، ردا على خطاب سابق موجه للمفوضية من قبل رئاسة إقليم كردستان، طالبها بتنظيم انتخابات الإقليم في موعدها أو بالتزامن مع انتخابات مجالس المحافظات العراقية في 18 كانون الأول/ ديسمبر المقبل.
وكان أبرز ما ورد في بيان المفوضية: "نود إعلامكم أن مجلس المفوضين قد أصدر قراره بتاريخ 18 تموز/ يوليو، المتضمن اقتراح موعد لإجراء انتخابات برلمان إقليم كردستان العراق في 18 شباط/ فبراير 2024، أو أبعد من ذلك التاريخ".
وبرر البيان قراره بـ"تزامن مقترح الموعد المقدّم من قبل رئاسة إقليم كردستان مع إجراء انتخابات مجالس المحافظات 2023، وتعذر إجراء العمليتين الانتخابيتين في آن واحد أو بفاصل زمني قريب، وذلك لخصوصية كل منهما إضافة إلى الأسباب الأخرى التي تتعلق بالجانب الفني والإجرائي".
وتابع: "قرار المفوضية جاء لتنظيم إدارة عملية انتخابية ناجحة من الجوانب كافة، وتراعي المعايير الدولية لضمان سلامتها ونزاهتها وجودتها".
عزوف شعبي عن تحديث السجلات
وبالحديث عن مفوضية الانتخابات وازدحام جدول أعمالها خلال الفترة المقبلة، تظهر أزمة أخرى على مستوى الشعب العراقي ككل، وهي أزمة العزوف عن الانتخابات وعدم تحديث المواطنين لبياناتهم الانتخابية لدى المفوضية.
ووفق تصريحات المفوضية فإن هناك أكثر من 11 مليون ناخب ليست لديه البطاقة المعتمدة بالاقتراع أو لم يستلمها من أصل نحو 27 مليون عراقي يسمح لهم بالاقتراع.
وذكر بيان للمفوضية في شهر حزيران الماضي أنها "شرعت بالعمل استعداداً لإجراء انتخابات مجالس المحافظات والمزمع إجراؤها في (20/ 12/ 2023) كموعد أولي، وهناك ضرورة لتحديد الموعد النهائي، وتوفير التخصيصات المالية اللازمة لإجرائها".
وأضاف البيان، أن "عدد الناخبين الكلي حالياً أكثر من (27) مليوناً، بينما عدد المسجلين بايومتريا أكثر من (17) مليوناً وغير المسجلين أكثر من (9) ملايين، وعدد البطاقات الموزعة (15) مليوناً وغير الموزعة زاد عن مليوني بطاقة".
وكانت آخر انتخابات تشريعية جرت في 2021 قد شهدت مشاركة ضعيفة بنحو 10 ملايين ناخب من أصل أكثر من 25 مليونا (بنسبة 44%) حسب إحصائية المفوضية.