ملفات فساد بعشرات المليارات.. تسريب صوتي لناصر الغنّام يهز الأنبار ويضيف مسماراً بالنعش السياسي للحلبوسي
انفوبلس..
في إحدى مجموعات تطبيق الواتساب تحدّث قائد عمليات الأنبار السابق الفريق الركن ناصر الغنّام بتسجيلات صوتية مخاطباً أحد أعضاء مجلس النواب عن محافظة الأنبار عن العديد من ملفات الفساد في المحافظة، وذلك بعد دخوله في مشادة ونقاش حاد داخل تلك المجموعة تم تسريبه بواسطة أحد الأعضاء إلى وسائل الإعلام، الأمر الذي دفع لجنة الشهداء النيابية إلى إصدار بيان لمتابعة المعلومات الواردة في التسجيلات الصوتية.
وفي مستهل حديثه تناول الغنّام فترة قيادته لعمليات الأنبار وكمية الضغوط التي تعرض لها والتي انتهت بنقله هو ولجنته من المحافظة، وقال الغنّام: "اللجنة المشكلة برئاسته وعضوية ضابط مخابرات وضابط استخبارات وضابط أمن وطني تم نقل جميع أعضائها خارج المحافظة بعد كشفها ملف فساد خطير".
وأضاف الغنّام، إن "مؤسسة الشهداء ودائرة التقاعد كانتا تتعرضان للسرقة شهرياً بمبالغ بالمليارات". مؤكداً، إن "لديه معلومات حول أحد ضباط الشرطة في الأنبار لديه 4 أفراد من عائلته مزوّرين، متسائلاً عن سبب سكوت ممثلي المحافظة عن حجم الفساد الموجود فيها خصوصاً بعد ادعاءاتهم المستمرة بكونهم ضد الإرهابيين والمزورين".
وتابع، إن الالتزام بالضوابط والأوامر العسكرية هو الشيء الوحيد الذي يمنعه من كشف ما بجعبته، متوعداً جميع المتورطين بـ"اقتراب اليوم الذي سينكشف فيه كل شيء".
ولفت إلى، أن لديه ملفات مخزية، وجميع الأمور الخاطئة وملفات الفساد التي كانت تحدث في الأنبار موثّقة بالأدلة خلال فترة قيادته لعمليات المحافظة، مشيراً إلى حالة حدثت أمامه لموظف في دائرة التقاعد حاول ابتزاز امرأة أنبارية بشرفها ليكمل لها معاملتها.
وأشار إلى أنه كتب تقريراً قبل عام ونصف حول أكثر 9 آلاف معاملة مزورة من أصل 20 ألف معاملة مدققة، لافتاً إلى وجود 32 ألف معاملة أخرى قد تم نقله من منصبه قبل أن يتمكن من تدقيقها، (ويُعتقد -بحسب مصدر مطلّع" أن أغلبها مزوّرة، لذلك تم نقل الغنّام بسرعة).
وتساءل الغنّام ـ في التسجيلات المسرّبة ـ حول الجهة التي كانت تذهب إليها الأموال المسروقة من دائرة التقاعد ومؤسسة الشهداء، وعن سبب سكوت ممثلي المحافظة عن الفساد في تلك الدوائر. مؤكداً، إن أبسط مواطن في محافظة الأنبار على علم كامل بكل السرقات الموجودة فيها.
يشار إلى أنه وخلال الأشهر الأخير تمكنت هيئة النزاهة من الإطاحة بالعديد من رؤوس الفساد في دائرة تقاعد الأنبار في حملة كبيرة هزّت الأوساط السياسية والشعبية نتج عنها القبض على عدة شخصيات وإعادة عشرات المليارات لخزينة الدولة، وكان آخر تلك العمليات هي القبض على مدير مكتب تحقيق الهيئة في محافظة الأنبار علي عبيد ماطر المرعاوي إثر اعترافات مدير تقاعد الأنبار السابق والذي تم القبض عليه مطلع الشهر الحالي.
وأفادت دائرة التحقيقات الهيئة، وبمعرض حديثها عن تفاصيل العمليَّة التي تمت وفق مذكرة قضائيَّـة صادرة عن محكمة تحقيق مكافحة جنايات الفساد المركزية، أن ملاكاتها نفذت أمر القبض بحق مدير مكتب تحقيق الهيئة في محافظة الأنبار؛ بتهمة التواطؤ مع المتهم الأول الذي كان يشغل مدير تقاعد المحافظة.
وأشارت إلى، أن اعترافات أدلى بها مدير تقاعد الأنبار السابق، بعد تنفيذ أمر قبض صادر بحقه، قد قادت إلى اتهام مدير مكتب الهيئة بالتواطؤ معه؛ من أجل التغاضي عن مجموعة من التهم المنسوبة إلى المتهم الأول خلال مدة عمله.
وأضافت الدائرة، أن التحقيقات الأوليَّـة أثبتت تواطؤ مدير مكتب تحقيق الهيئة في الأنبار مع مدير تقاعد المحافظة السابق؛ من أجل ترويج معاملات التقاعد الوهميَّـة والمزورة، والاستحواذ على مبالغها بغض النظر عن الخروقات المقترفة، والتستر على جرائمه مقابل رشى "مبالغ ماليَّـة" كان يسلمها إليه في بيته.
مصادر سياسية كشفت أن رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، وبسلطته الكبيرة المفروضة على محافظة الأنبار، يُعد هو المتورط الأول بملفات الفساد في المحافظة وعلى رأسها ملف أراضي الوفاء وملف دائرة التقاعد.
وبعد انتشار تسريبات الغنّام، أصدرت لجنة الشهداء النيابية، بياناً بشأن ملفات الفساد بدائرة الشهداء في محافظة الأنبار.
وذكرت اللجنة، أنه "لا يخفى على الجميع حجم الضرر الذي وقع على عوائل الشهداء والمصابين جراء العمليات الإرهابية والأخطاء العسكرية والعمليات الحربية حيث شُرِّعت قوانين لإنصاف هذه الشرائح، وشُكِّلت لجان تعويض للمتلكات والأشخاص تنظر بطلبات المتضررين وتم تعويض الكثير منهم، لكن في الآونة الأخيرة وخصوصاً بعد عمليات التحرير للمحافظات التي استولت عليها عصابات داعش، اخترقت هذه اللجان من بعض أصحاب النفوس المريضة المدعومة من الإرهابين وبعض السياسيين الفاسدين بإضافة أعداد كبيرة إلى ملفات الشهداء والمصابين".
وأضافت، "هي ملفات اثبتت للجميع أنها ملفات مزوّرة وهذا تجاوز صريح على دماء وتضحيات هذه الشرائح التي قدمت أرواحها ودماءها من أجل الوطن، وليس من العدالة ولا الإنصاف أن يتساوى الضحايا مع الإرهابيين أو القتلى جراء جرائم جنائية وغير ذلك، وليس بالبعيد ما قامت به محكمة استئناف الانبار التي أوقفت أكثر من (22000) اضبارة تحت التدقيق من ملفات المصابين والقتلى الموجودة في لجان التعويض الفرعية في محافظة الانبار على وجه الخصوص لوجود شائبة الفساد الإداري والمالي وكشفت نسب عالية من هذه الملفات بأنها مزوّرة وتندرج ضمن جرائم الفساد الإداري والمالي، إضافة الى ما قدّمه الغانمي من ملفات للنزاهة بشأن موضوع اعتبار بعض الإرهابيين شهداء وشمولهم بامتيازات الشهداء، وقد تم التحقيق مع مديري شهداء وتقاعد الانبار ومع مسؤولين آخرين وإحالة بعض الموظفين المتهمين في تسريب الأرقام السرية للباركود الخاص بملفات الشهداء والمصابين المحالة لهيئة التقاعد".
وأشارت إلى، أن "الدوائر الأمنية المختصة كشفت عن عمليات تزوير واسعة في محافظات الأنبار ونينوى وديالى وصلاح الدين، حيث إن عملية التزوير شملت الآلاف من المعاملات المروَّجة، التي يقوم بترويجها معقِّبون وضعاف نفوس وعصابات، كلهم متخصصون. وقد بيّن في وقتها قائد عمليات الأنبار اللواء الركن ناصر الغنّام، إلى جزء مهم من عملية النصب والاحتيال، وأكد أنه "تم إيقاف صرف الرواتب لأكثر من 4593 معاملة بالأنبار في وقت سابق، إضافة إلى إبطال القرارات الصادرة عن آلاف المعاملات التي اكتشفتها مؤسسة الشهداء من الإرهابيين والمتلاعبين والمزوّرين في الأنبار".
ولفتت إلى أن "الدائرة بصدد محاسبة المقصرين وتضمينهم المبالغ المالية التي تسببوا بإنفاقها بدون وجه حق".