من الضرائب إلى سكك الحديد.. سرقة قرن جديدة تحاصر وزارة النقل وهذه المرة بـ10 أضعاف السرقة الأولى
انفوبلس..
خلال حديث رئيس هيئة النزاهة القاضي حيدر حنون بمؤتمره الذي عقده أمس الأربعاء، في أربيل لكشف تفاصيل جديدة عن "سرقة القرن"، تطرق للحدث عن ملف آخر لا يقل خطورة عن القضية محور الحديث، حيث بيّن أن سكك حديد العراق تم بيعها مقابل 18 مليار دولار، الأمر الذي أكده النائب ياسر الحسيني بأكثر من مناسبة، فماذا نعرف عن هذا الملف؟ وما علاقة نور زهير؟
القاضي حيدر حنون قال في معرض حديثه: هنالك ملف آخر يتعلق بسرقة سكك الحديد، والخسائر تُقدر بـ 18 مليار دولار، ومدير الشركة المتعاقدة اسمه مثنى مهدي عطية، يقال إنه تابع لنور زهير لكن لسنا متأكدين، في هذه القضية بيعت سكك العراق بالكامل، كأنها انقلاب على العراق لنعود ونسير بالعربة، وقدمناها أيضاً للقاضي ضياء لفتة، وعلى خطورتها لم نرَ أي شيء حولها.
وعقب مؤتمر حنون، صرّح النائب ياسر الحسيني بأنه "توجد ملفات خلال فترة هذه الحكومة فيها أطراف مشاركة بالحكومة وغير مشاركة، ورئيس الوزراء ومستشاروه ومكتبه والوزارات لها يد في هذه الملفات، أحيانا يد مباشرة ويد غاضة النظر عما يحدث، مثل ملف الشركة العامة للسكك، والملفات الأخطر هي التعاقدات على رهن خيرات مؤسسات اقتصادية للآخرين".
وأكد إن "عقد السكك ليس كما ذكر حيدر حنون 18 مليار دولار بل هي 22.5 مليار دولار وقابلة للزيادة ووفق المعطيات ووفق العقد الموجود، قد تصل إلى قرابة 40 مليار دولار وهذه أرقام واقعية وفق بنود العقد الموجودة"، مشيراً إلى إن "هناك وزراء إذا دخلوا قبة البرلمان سيخرجون مجرد مواطنين، فقط 4 أو 5 وزراء أحسنوا الأداء ولديّ ما يثبت هذا".
وقبل المؤتمر بيوم واحد، كشف نائب رئيس لجنة الاقتصاد والصناعة النيابية ياسر الحسيني، عن تفاصيل صفقة الفساد التي تعادل 10 أضعاف سرقة القرن، لافتا إلى المضي بجمع تواقيع لاستجواب وزير النقل.
وقال الحسيني، إن "ملف فساد خط للسكك الحديدية يربط جنوب البلاد بشمالها، يمثل 10 اضعاف سرقة القرن، والمتمثل بتعاقد الشركة العامة للسكك الحديدية مع ثلاث شركات تضامنية وهي شركات دايو كورية والنحالة والمها لصيانة وتأهيل السكك الحديدية القديمة وليست سكك كهربائية أو سكك حديثة"، مبينا ان "هذا العقد من بدايته الى نهايته هو فساد كبير".
وأضاف، إن "هذا العقد يرهن النفط العراقي، وبعكسه فإنه يتضمن إلزاما قانونيا لتسديد مبلغ العقد والبالغ 22 مليار دولار ونصف المليار".
وبين، إنه "سيكون هناك تضمين حقيقي لهذا المبلغ، ولا يزال العقد ساري المفعول"، متوقعا أن "تنتهي الدورة النيابية وتنتهي دور هذه الحكومة وتتم مقاضاة العراق بالمحافل الدولية وتغريمه مبلغ العقد".
وذكر، إن "مجلس النواب ماض بجمع تواقيع واستجواب وزير النقل"، لافتا إلى أن "هذه القنوات المتاحة لدينا لإجراء دورنا الرقابي على الحكومة".
وفي لقاء متلفز، قال الحسيني إن "هذه الشركات مرتبطة بعقود كبيرة وخطيرة مع الشركة العامة لموانئ العراق"، مشيرا إلى أن "هذه الشركات تنتمي إلى كروب سرقة القرن، وتابعة لثلاث جهات سياسية".
وأضاف، إن "الكلفة الإجمالية للعقد تمت المصادقة عليها من الشركة العامة لسكك الحديد ووزير النقل ومدير الشؤون القانونية في الوزارة".
وأشار إلى، أن "هناك 3 شركات ائتلافية تشارك في تنفيذ المشروع، وهي شركة النحالة، شركة دايو الكورية، وشركة المها، وإن إحدى الشركات تابعة للمتهم الرئيس بسرقة القرن نور زهير".
وأكد الحسيني، إن "وزارة النقل حصلت على موافقة رئيس الوزراء لإضافة مشاريع الشركة العامة لسكك الحديد ضمن الخطة الاستثمارية لعام 2024، بقيمة 4 تريليونات دينار عراقي وتمت إحالة المشروع إلى وزارة التخطيط، وحصل على الموافقة لاستكمال الإجراءات المالية من موازنة 2024".
وأوضح، إن "قانون الشركات يسمح بالتعاقد مع القطاع الخاص"، مشيرًا إلى أن "الشركات استغلت هذا البند لتبرم عقدا يتيح للشريك الخاص تولي المشروع لمدة 37 سنة".
وبين رئيس كتلة الآمال أنهم "تفننوا بصياغة العقد، بحيث يحدد قيمته بـ 22 مليار دولار ونصف بضمانة أن يسدد من النفط العراقي، وبضمانة وزارة النقل الشركة العامة لسكك الحديد أن توفر لهم الضمانة السيادية وتسديد النفط".
وتابع أن "هذا العقد يتضمن تسليم النفط بأسعار أقل من السعر الرسمي، مما سيحقق للشركات أرباحاً إضافية تقارب 10 مليارات دولار".
وأردف أن "العقد يلزم الدولة العراقية بدفع المبلغ، حتى لو لم يتم تنفيذ المشروع أو فسخ العقد قضائيا"، ذاكرا أن "العقد يشترط تسديد تكاليفه من النفط العراقي، بضمان سيادي من وزارة النقل".
وزاد أن "العمل المتوقع تنفيذه بموجب هذا العقد يتضمن 700 كيلومتر من السكك الحديدية، مع توفير مئة مقطورة وسيارات خدمية بقيمة لا تتجاوز 4 تريليون دينار".
ونوه على أن "مجلس الوزراء استجاب للمخاوف المتعلقة بالعقد، وأقال المدير العام للسكك الحديد يونس خالد، ونقله إلى منصب مستشار، فيما تم تعيين شخص آخر لتولي الإدارة، وهو المعروف بتوقيع العقد نفسه وتجهيزه للجنة التحليل ودراسة الجدوى".
تصريح الحسيني أشعل الرأي العام في العراق، وسط تساؤلات وانتقادات كبيرة للحكومة العراقية وخصوصاً الجهات الرقابية؛ إذ إن العقد فيه مخالفات قانونية ومغالاة كبيرة، بحسب مراقبين.
الغريب أن وزارة النقل العراقية حتى الآن تلتزم الصمت حيال اتهامات الفساد التي تلاحق العقد المتمثل بإنشاء خط للسكك الحديدية يربط جنوب البلاد بشمالها، وكذلك يصل بين محافظة كربلاء ومنفذ عرعر على الحدود مع المملكة العربية السعودية.
إلى ذلك، قال الباحث بالشأن السياسي، عصام الفيلي، إنه "من المفروض يكون هناك موقف للجنة النزاهة الاتحادية واللجنة القانونية والادعاء واستدعاء فوري للتحقيق بمثل هذه القضايا المال العام خصوصاً وأن النائب ياسر الحسيني هو نائب رئيس لجنة الاقتصاد والصناعة".
وأضاف أن "الكثير من ملفات الفساد غالبا ما تكتشف بالصدفة أو عبر تصريحات إعلامية وعليه يجب أن يكون هناك المزيد من الجدية في هذا الإطار".
وأشار إلى أن "الحالة العامة أصبحت كلما نخرج من ملف فساد نقع بملف آخر وهو ما يعني أن جذور الفساد متغلغلة بجميع أركان الدولة العراقية منذ العام 2003 وحتى الآن".
وأوضح أن "التخادم بين الفاسدين بمختلف انتماءاتهم العرقية والحزبية لا يظهر إلا في حالة الاختلاف فيما بينهم".
وبين الفيلي، أن "مشكلة العراق تكمن في عدم تدقيق العقود المبرمة والتوجه إلى التعاقد مع الشركات المغمورة وغير المعروفة؛ وذلك من أجل تمرير الصفقات".
وزاد أن "منظومة الفساد في العراق لا يوجد نظيرها في كل دول العالم وأن البلاد أمام سرقات قرون وليست سرقة قرن".
وذكر أن "العراق أمام أزمة كبيرة تنذر بتدخل دولي خصوصاً وأن المجتمع الدولي تأكد من أن الفساد بدأ يخلق دكتاتوريات سياسية تقدر على انحراف الرأي العام وإجهاض التجربة الديمقراطية والقضاء على الآليات الانتخابية التي تجري في البلاد، من خلال مافيات الفساد".
ودعا الفيلي "لجنة النزاهة والقضاء العراقي والادعاء العام للتحقيق في العقد وإيقاف الهدر في المال العام".
كما تحدث الخبير الاقتصادي، نبيل المرسومي، حول عقد السكك الحديدية، وقال إن "العقد إذا كان قيمته أكثر من 22 مليار دولار فإن هناك مشكلة كبيرة وتساؤلات عديدة خصوصاً وأن المدير العام في العراق لا يحق له توقيع عقد بهذه القيمة".
وأضاف أن "المدير العام لا يحق له توقيع عقد بأكثر من 250 مليون دولار، فإذا تم توقيع العقد فيكف يتم تسديد المبلغ".
وأوضح أن "قيمة العقد غير مقبولة وليست منطقية"، لافتاً إلى أن "قيمة الكلفة الأولى لمشروع الفاو الكبير بأرصفتها الخمسة وأجزائها التفصيلية لم تتجاوز الـ 3.5 مليارات دولار".
واختتم المرسومي قوله، إن "هناك خطأ ولغطاً في عقد السكك الحديدية لأن الرقم غير منطقي وغير معقول ولا يمكن تفسيره اقتصادياً".
أما الباحث والمراقب السياسي، غالب الدعمي، فقد أكد أن "ما ذكره النائب ياسر الحسيني دقيق وصحيح وأن المبلغ فيه مبالغة كبيرة"، مبيناً أنها "فضيحة من فضائح القرن".
وأضاف أن "تكلفة عقد سكة الحديد المبرم لا تتجاوز الـ 12 مليار دولار، إلا أنهم أضافوا للعقد 10 مليارات دولار".