هاكان فيدان في بغداد وعبد الغني بأنقرة.. ترتيبات جديدة لزيارة أردوغان "المترددة" وهذه الملفات "المطروحة"
انفوبلس/ تقرير
من المقرر أن يجري وزير الخارجية التركي هاكان فيدان وهو صاحب لقب "حلّال العُقد" بالنسبة لأردوغان، زيارة رسمية إلى العاصمة بغداد، اليوم الثلاثاء 22 آب/ أغسطس 2023، لبحث عدة ملفات مشتركة و"عالقة" بين البلدين، في المقابل وصل وزير النفط العراقي حيان عبد الغني، إلى العاصمة التركية أنقرة، لإجراء محادثات بشأن استئناف صادرات نفط أقليم كردستان.
ووفق بيان للمتحدث باسم وزارة الخارجية أحمد الصحاف ورد لـ"انفوبلس"، فإن "وزير الخارجية التركي يصل اليوم الى بغداد في زيارة رسمية تستغرق يومين، يلتقي خلالها الرئاسات الثلاث، ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجيَّة فؤاد حسين".
ويأتي هذا الإعلان في ظل تضارب الأنباء بشأن زيارة كشفت عنها بغداد نهاية الشهر الماضي، للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى العراق، حيث في 25 يوليو/ تموز الماضي، كشف بيان للحكومة العراقية، عن زيارة مرتقبة لأردوغان إلى العاصمة بغداد، قال إنها "لعقد مباحثات"، مع المسؤولين العراقيين، دون كشف أي تفاصيل عنها وعن موعدها الرسمي.
فيما أثار تأخرها جدلاً وأنباء متضاربة بشأن إلغائها أو تأجيلها، في وقت لم يصدر عن الجهات الحكومية الرسمية بالعراق أي موقف حتى الآن.
وبحسب مراقبين فإن زيارة الوزير التركي تعزز احتمالات تأجيل الزيارة المقررة لحين الاتفاق على الملفات المشتركة بين البلدين. كما قال مسؤول في وزارة الخارجية، إن زيارة فيدان ستمهد للزيارة المقررة للرئيس التركي، مضيفا: "من المفترض التوصل لتفاهمات قبيل الزيارة المقررة لأردوغان". وأضاف المسؤول طالبا عدم الكشف عن اسمه، أن "زيارة أردوغان ستكون ضمن جولة جديدة له بالمنطقة تشمل عدة دول، لكن حتى الآن لا يعلم التاريخ الجديد لها".
وأشار المسؤول إلى أن فيدان سيبحث ملف الأمن المتعلق بالحدود المشتركة وحزب العمال الكردستاني، على وجه التحديد، إلى جانب ملف المياه والتبادل التجاري بين البلدين". مبينا، أن "استئناف تصدير النفط العراقي من حقول إقليم كردستان عبر ميناء جيهان التركي، سيكون المتصدر إلى جانب الملف الأمني بالمباحثات التي سيجريها وزير الخارجية التركي". وقال، إن الملف المتفق عليه بشكل كامل بين بغداد وأنقرة هو مشروع طريق التنمية الرابط بين البصرة والخليج العربي والأراضي التركية، ويسعى البلدان إلى المضي بخطوة إنشائه سريعا.
وأعلن مستشار رئيس الحكومة العراقية فرهاد علاء الدين أنّ فيدان سيُجري محادثات مع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وعدد من المسؤولين العراقيين الكبار، كما سيزور أربيل لإجراء محادثات مع قادة إقليم كردستان شبه المستقل.
يشار الى أن هاكان فيدان سياسي تركي وضابط سابق في القوات المسلحة ينتمي لحزب العدالة والتنمية الحاكم وأكاديمي متخصص في العلاقات الدولية وقاد جهاز الاستخبارات التركية، ويُعد أحد الرجال المقرّبين من الرئيس التركي أردوغان الذي أسند إليه قيادة الدبلوماسية التركية في الحكومة التي تشكلت بعد انتخابات 28 أيار/ مايو 2023.
وتترقب الأوساط السياسية والحكومية في العراق، لنتائج هذه الزيارة بسبب كثرة الملفات العالقة بين البلدين.
*وزير النفط العراقي حيان عبد الغني في أنقرة
في المقابل، وصل نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون الطاقة وزير النفط حيان عبد الغني، أمس الاثنين 21 آب/ أغسطس 2023، إلى أنقرة، لإجراء محادثات بشأن استئناف صادرات النفط الخام.
والتقى عبد الغني، اليوم الثلاثاء، وزير الطاقة والموارد الطبيعية في الجمهورية التركية ألب أرسلان بيرقدار. وذكر بيان مقتضب صادر عن وزارة النفط، أنه جرى خلال اللقاء بحث العلاقات الثنائية في قطاع النفط والطاقة وسبل تعزيز مجالات التعاون المشترك.
وذكر بيان للسفارة العراقية في انقرة ورد لـ"انفوبلٍس"، أن الزيارة "لإجراء مباحثات تتعلق بتطوير العلاقات الثنائيَّة، وتوسيع آفاق التعاون في مجال النفط والغاز والطاقة، علاوة على بحث ملف استئناف الصادرات النفطيَّة العراقيَّة عبر ميناء جيهان التركيّ".
وأشار البيان إلى أن الوزير عبد الغني سيلتقي وزير الطاقة والموارد الطبيعيَّة التركيّ فاتح دونماز، وعدداً من المسؤولين الأتراك لتأكيد حرص العراق على بناء جسور من الثقة والتعاون وصولاً إلى اتفاق حول استئناف عمليَّة تصدير النفط العراقيّ عبر شركة تسويق النفط "سومو" حصراً.
*الصادرات العراقية إلى تركيا
وتتواصل المساعي التركية للحصول من جديد على نفط كردستان العراق، إذ تسعى أنقرة إلى إحراز تقدّم كبير في المفاوضات مع بغداد، لعودة الإمدادات النفطية التي انقطعت قبل 5 أشهر.
وتوقفت صادرات نفط كردستان العراق باتجاه ميناء جيهان التركي في 25 مارس/ آذار 2023، وذلك بعد صدور حكم من غرفة التجارة الدولية في فرنسا، إثر دعوى حرّكتها بغداد اتّهمت فيها أنقرة بالحصول على النفط الخام دون موافقتها.
وتسبَّب قرار التحكيم الدولي بقطع نحو 400 ألف برميل يوميًا من إمدادات النفط الخام من المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة إقليم كردستان، بالإضافة إلى 70 ألف برميل يوميًا كانت الحكومة الفيدرالية في العراق تسوّقها، وفق ما رصدته "انفوبلس".
ولم تحرز المحادثات بشأن عودة نفط كردستان العراق من خلال خطوط الأنابيب أيّ تقدّم حاسم، إذ تتمسك بغداد بالحصول على 1.47 مليار دولار تعويضًا عن خرق تركيا لصفقة خط الأنابيب الثنائية، بينما ما زالت الأمور المتعلقة بالمدفوعات غامضة، في ظل تحريك العراق قضية تحكيم ثانية.
ورأى خبراء في الشأن الاقتصادي، أن العراق ليس في موقف الضعف بشأن إيقاف تصدير النفط مجدداً عبر خط جيهان التركي، داعين ألا يقدّم التنازلات الكبيرة، باعتبار تركيا هي الطرف الأكثر تضررا من ذلك.
وقال الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي في تدوينة بعنوان "هل يحتاج العراق حاليا إعادة تصدير نفطه عبر تركيا"، قال إنه "بعد التزام العراق بقيود أوبك بلس انخفضت حصته الإنتاجية من 4.650 مليون برميل يوميا الى 4.220 مليون برميل يصدّر منها حاليا 3.444 مليون برميل يوميا ويستهلك داخليا 780 ألف برميل يوميا. ومن الممكن أن ترتفع الصادرات النفطية العرقية الى مستوى الصادرات النفطية المقدَّرة في موازنة 2023 والتي تبلغ 4.5 مليون برميل وهذا يعني أن إعادة تصدير نفط كردستان عبر ميناء جيهان التركي سيتطلب تخفيض صادرات العراق النفطية عبر البحر الى نحو 4 ملايين برميل يوميا ومن ثم لن يحصل العراق على أي زيادة في إيراداته النفطية. كما أن العراق بعد توقيع مشروع خط أنابيب تحت سطح البحر بقيمة 417 مليون دولار الذي سيؤدي إلى زيادة السعة التصديرية جنوبا بمقدار نصف مليون برميل يوميًا في العام المقبل".
وأضاف، "هذا يعني تقليص الحاجة الى إعادة العمل بخط الأنبوب العراقي – التركي مما يلحق الضرر بالجانب التركي الذي سيفقد رسوم المرور التي تزيد عن مليار دولار سنوياً ويقوض مساعي تركيا التي تسعى الى أن تكون ممرا آمنا وموثوقا به لخطوط أنابيب النفط والغاز خاصة وأن تركيا من الموقّعين على اتفاقية لائحة الطاقة التي يشكل موضوع أنابيب النفط والغاز أهم مكوناتها والتحكيم بشأنها. وعلى ذلك فالعراق ليس في موقف الضعف في هذا الموضوع وعليه ألا يقدّم التنازلات الكبيرة لأن تركيا هي الطرف الأكثر تضررا من إيقاف تصدير النفط العراقي عبرها".
*شروط تركية "تعجيزية" لاستئناف تصدير نفط كردستان
كما شخّص الخبير الاقتصادي، شروط تركيا لإعادة تصدير النفط العراقي، فيما أكد أن أنقرة تطالب بإيقاف مقاصة بغداد وطهران.
وقال المرسومي في تدوينة تابعتها "انفوبلس"، إن "تركيا وضعت ستة شروط لإعادة تصدير النفط العراقي"، لافتاً الى أن "الشرط الأول تمثل بإيقاف تطبيق اتفاق المقاصة بين النفط العراقي والغاز الإيراني؛ لأن تركيا وكردستان لديهما اتفاق بشأن النفط ولمدة 50 عاماً".
وأشار الى، أن "الشرط الثاني يتمحور حول دفع تعويضات مقابل استئناف صادرات نفط الإقليم، أما الثالث فيدور حول سحب الدعوى الثانية من قبل بغداد في محكمة التحكيم الدولية عن التعويضات للمدة 2018 – 2022".
وبيّن، أن "الشرط الرابع يتمثل بالاستمرار بإعطاء تركيا خصما مقداره 13 دولاراً عن سعر كل برميل نفط خام مصدّر من الإقليم"، مردفاً بالقول: "أنقرة تطالب أيضا بالاستمرار بدفع أجور نقل الى شركة بوتاش التركية مقدارها 7 دولارات لكل برميل نفط خام مصدّر عبر ميناء جيهان التركي". وأتم حديثه، قائلاً: "الشرط الأخير الذي تطالب به أنقرة يدور حول تحمل العراق تكلفة إصلاح خط الأنبوب العراقي – التركي".
وفي مارس/ آذار الماضي أجرى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، زيارة رسمية إلى العاصمة التركية أنقرة على رأس وفد وزاري وأمني كبير، بحث خلالها عدة ملفات أبرزها الأمن والحدود والمياه والطاقة وتوسيع نطاق التجارة بين البلدين.
وبالتزامن مع هذه الزيارات فإن العراق يشهد أزمة جفاف غير مسبوقة، بسبب تراجع مستويات المياه، نتيجة السياسة المائية لتركيا، من خلال بناء سدود وتحويل مجاري أنهار فرعية ومنع دخولها إلى العراق.
*أكثر من 15 مليار دولار حجم التبادل التجاري بين العراق وتركيا
وبلغ حجم التبادل التجاري بين العراق وتركيا أكثر من 15 مليار دولار خلال العام الماضي 2022 حسب موقع trade map الذي يوفر خريطة التجارة للدول للصادرات والواردات والطلب الدولي والأسواق البديلة والأسواق التنافسية.
وذكر الموقع في إحصائية اطلعت عليها "انفوبلس"، أن "التبادل التجاري بين العراق وتركيا بلغ 15.172.268 دولارا، وكانت أبرز المستوردات الأحجار الكريمة والوقود المعدني"، مشيرا الى أن "العراق استورد من تركيا خلال العام الماضي 101 مادة من السلع بقيمة بلغت 13.744.082 دولارا".
وبيّن، أن "استيرادات العراق شملت الأحجار الكريمة والمعادن الثمينة بقيمة 1.719 مليار دولار، تليها البلاستيك ومصنوعاتها بقيمة مالية بلغت 682 مليون دولار، تليها الحبوب والدقيق 667.5 مليون دولار، تليها الدهون والزيوت بقيمة بلغت 662 مليون دولار، واللحوم الصالحة للأكل بقيمة بلغت 650 مليون دولار".
واستوردت تركيا من العراق بقيمة 1.428.186 دولارا، شملت الوقود المعدني والزيوت بمقدار 822 مليون دولار، تليها النحاس ومصنوعاته بقيمة 72 مليون دولار، تليها عجائن من الخشب أو من مواد ليفية سليلوزية أخرى الورق المُستعاد (النفايات والخردة) بقيمة 67 مليون دولار، تليها الألمنيوم ومصنوعاته بقيمة 32 مليون دولار، وفقا للموقع.