هل عاد رافع الرفاعي إلى بغداد؟.. تعرّف على سيرة "مفتي العراق" ومواقفه الداعمة لبطش الإرهاب الداعشي
انفوبلس..
بالحديث عن قانون العفو العام ومحاولات تعديله تعود للذاكرة وبعض منصات وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي العديد من الأسماء المطلوبة للقضاء العراقي والتي كان لها باع طويل في تصدر الأحداث المفصلية فضلا عن كونها محفورة بذاكرة العراقيين بسبب مواقفها التي يعاني منها الشعب العراقي حتى يومنا هذا، ولعل أبرز تلك الأسماء هو مفتي العراق قبل سيطرة عصابات داعش على محافظات غربي البلاد رافع العاني الرفاعي.
ومع انتشار أنباء عودته إلى العراق، تنشر "انفوبلس" سيرة ومواقف الرفاعي الذي يُعد أحد أبرز الأصوات التي دعمت الإرهاب منذ أن كان بذرة غُرست في ساحات الاحتجاج حتى هزيمته على يد القوات العراقية وتحرير أراضي العراق من دنسه.
الكاتب والمدوّن منهل عبد الأمير المرشدي، كتب مقالاً عن عودة الرفاعي جاء فيه: "أخيرا وليس أخرا ومن دون سابق إنذار او تهيئة او تمهيد وهكذا في مسلسل الصدف الصادمة والمفاجئات المباغتة تم الإعلان عن عودة المطلوب للقضاء والهارب من العدالة الشيخ رافع العاني الرفاعي الى بغداد بعد غيابه سنين عديدة إثر هروبه الى عمّان بعد تزعمه الخطاب التحريضي ضد العملية السياسية في العراق وفتواه الشهيرة بوجوب قتل منتسبي الجيش العراقي والقوات الأمنية حيث تعالى صوته بين صفوف المتظاهرين في ساحات الاعتصام الداعشية يدعو الى القتل والدمار والخراب متفاخرا باعتباره ربيب العصابات الإرهابية المتطرفة. داعيا جِهاراً نهاراً الى الفتنة الطائفية من على المنصات التي أنجبت لنا الدواعش الأنجاس في الفلوجة والأنبار وتكريت والموصل".
وأضاف المرشدي: "رافع العاني الذي يجمع بين زندقة البعث الهدّام وحقد الفكر الوهابي الضال والذي أفصح من على المنصات بكل ما يختزنُ من عداء وضغينة وحقد ولؤم ضد العملية السياسية في العراق عموما وعلى أبناء الوسط والجنوب على وجه خاص حيث وصفهم بالمجوس والذيول والعملاء فكان يمثل حلقة متقدمة من حلقات التآمر على وحدة العراق والعمالة للدوائر المخابراتية التي عملت على تفتيت البنيان المجتمعي وضرب الوحدة الوطنية في الصميم".
وتابع: "لا أدري تحت أي مسمى سيعود هذا الإرهابي وسط زغاريد الترحيب في بغداد بشارع الكيلاني وأي إهانة لدماء الشهداء واستهانة بكرامة المجاهدين وذوي الضحايا الذين قضوا على منحر الدفاع عن الأرض والعرض في مواجهة دولة الخرافة وأزلام البعث المقبور؟ لا أدري هل أدمنَ ساسة العراق المناط بهم مسؤولية الحفاظ على الدولة وبناء كيانها واحترام ثوابتها وإقامة دولة القانون على الجميع، هل أدمنوا الذل والإذلال والاحتقار؟ وهل جفّ الجبين ومات هرمون الحياء؟، بالأمس رافع العيساوي وقبله الجنابي وقبله وبعده ولا نعلم من ذا الذي سيكون مرحَّباً به غداً المجرم طارق الهاشمي أو ربما (المجاهدة جداً) رغد صدام؟ لست أدري هل سنستمر هكذا نتجرع الآهات ونستقبل الصدمات من دون أن نجد إجابة لهذا الهوان يا أرباب دولة الهوان؟.
الرفاعي منذ 2014
في مطلع العام الذي اجتاحت في داعش أراضي العراق، وتحديداً في الثامن من شهر كانون الثاني/ يناير 2014، دعا الرفاعي أهالي الانبار إلى "الدفاع عن النفس" ضد الجيش العراقي، في أول موقف تحريضي رافق بداية وجود عصابات داعش.
وقال الرفاعي في بيان، إن "الجيش الذي كان على مر هذه السنين رمزا للبطولة والبسالة والتمسك بالمبادئ، أصبح اليوم متجردا عن كل هذه المبادئ والمعاني السامية، وبدلا من أن يكون حارسا للوطن وأرضه وشعبه، أصبح حاكما للحاكم الجائر، وأصبح يضم بين دفّتيه مليشيات نتنة تمثل يدا ضاربة على العراقيين".
وتابع الرفاعي، "في هذه الايام إذ يتجمع أفراد هذا الجيش المليشياوي بعُدّته وعديده، لضرب العراقيين من أبناء محافظة الأنبار، بأوامر صادرة من حاكم جائر طائفي مقيت حاقد، بذراع هي أوهن من خيط العنكبوت، يظهر لنا مدى هذا التحول المخزي لهذا النفر الذي انقلبت موازينه وضاعت قيادته".
وأضاف مخاطبا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي آنذاك، أن "التذرع بوجود "داعش" وما شاكلها في مدن محافظة الأنبار، وعلى رأسها الرمادي والفلوجة أكذوبة مفضوحة، وأن هذا التنظيم أصبح شأنه معروفا لدى القاصي والداني، وأنه صنيعة إيرانية، زُجَّ بها ابتداءً في سوريا، لا لمحاربة طاغية الشام وأعوانه، إنما لتشتيت صفوف الثائرين على الظلم والظالمين، فهل سمعتم مرة أن داعش حاربت جيش بشار الأسد، وهل سمعتم يوما أن معركة دارت بين داعش والمليشيات التابعة لإيران".
ونادى الرفاعي عشائر العراق قائلا، "يا أبناء عشائر العراق الأحرار هذا يومكم للتخلص من الذلة والمهانة، التي أوقع العراقيين في شراكها نوري المالكي وأزلامه، إرضاءً لرغبات أسيادهم وحرصا منه على هذا الكرسي المقيت".
وطالب الرفاعي العشائر بسحب أبنائهم مما أسماه بـ"جيش الظالمين" في إشارة للجيش العراقي.
وخلال فترة حدوث جريمة سبايكر، اعتبر الرفاعي ما يجري عبارة عن "ثورة عشائرية مسلحة هدفها إسقاط المالكي"، معتبرا أن من قاتل الجيش من المدن الشمالية هم "ثوار العشائر" الذين تعرضوا للقمع في اعتصاماتهم ومظاهراتهم السلمية.
وعند سؤاله عن الجهة التي سيطرت على المدن الشمالية في العراق وهل هم مقاتلي داعش، قال الرفاعي متسائلا: "هل كل من يعترض على ديكتاتور أو يعترض على أميركا ينتمي لدولة العراق والشام؟"، مضيفاً أن المجموعات المنضوية تحت لواء هذا التنظيم لا تعدو أكثر من مجرد "ثلل قليلة".
وفي الشهر ذاته من حزيران/ يونيو، هاجم الرفاعي، المرجع الأعلى آية الله العظمى السيد علي السيستاني بسبب فتوى الجهاد الكفائي التي صدرت لإنقاذ العراق من الإرهاب.
وقال الرفاعي في لقاء له عبر قناة "الحدث" السعودية: "أسأل السيستاني أين فتواه حينما احتلت القوات الأمريكية العراق.. دعوة القتال هذه طائفية، ولن نرضى بأن يكون العراق حديقة خلفية لإيران".
بعدها بمدة بسيطة هرب الرفاعي من العراق إلى الأردن ثم توجه إلى مصر، واستمر من هناك ببث سمومه الطائفية وتحريضه ضد أبناء الشعب العراقي والقوات المسلحة والحشد الشعبي، وطالب أثناء حضوره في الأزهر أبناء السُنة بعدم مقاتلة داعش.
وقال الرفاعي: "الحكومة طالبت أهالي الأنبار بقتال الإرهاب، لماذا أحارب إرهاب داعش؟ كي يسيطر على العراق الحرس الثوري الإيراني الذي يقود العمليات الآن في العراق؟".
وباعتراف واضح لكونه ومن معه يقفون بجبهة واحدة مع الإرهاب رغم محاولة التبرؤ منه، قال الرفاعي: "هل المطلوب طرد داعش كي تأتي المليشيات لتغتصب أعراضنا؟ نحن خرجنا ضد الدولة وإذا أرادت الدولة أن يقف العراقيون صفا واحدا عليها أن تقيم العدل.. الذي يتحدث عن الذبح فليتحدث عن الذبح والحرق عند المليشيات، لماذا نتحدث بوجه واحد؟ لا صلة لنا بتنظيم الدولة الإسلامية، ولكن لسنا أغبياء إلى حد فتح جبهة داخلية كي تذبحنا المليشيات".
وفي عام 2015، أصدر رئيس جماعة علماء (السُنة) في العراق الشيخ خالد الملا، بياناً دانَ فيه خطاب الرفاعي وطالب حكومة كردستان العراق باتخاذ إجراءات عاجلة وفاعلة لإيقاف التصريحات المحرِّضة والطائفية التي تصدر عن بعض الجهات المتطرفة والداعمة للإرهاب؛ وعلى رأسهم ما يسمى بـ «مفتي الديار العراقية» رافع الرفاعي، وأن تصريحاته ضد الجيش وقوات الحشد الشعبي ووصفهم بنعوت طائفية، "لا تليق ولا ترتقي لمستوى فكر شيخ وعالم من المفترض أن يكون داعية للوطنية والوحدة".
قال الملا في بيانه: إن "رافع الرفاعي تهجم على أبناء الجيش العراقي وأبناء العشائر والحشد الشعبي ووصفهم بنعوت طائفية لا تليق ولا ترتقي لمستوى فكر شيخ وعالم من المفترض أن يكون داعية للوطنية والوحدة"؛ مشددا على أن "أبناءنا الذين يقاتلون داعش والإرهاب إنما يدافعون عن كل أراضي العراق ومقدساته ويحمون حضارتنا وإرثنا من براثن الدواعش الذين لم يتأخروا في تخريب وجرف وهدم بعض من أهم ما تركته الأمم السابقة".
وطالب الملا، الجهات الرسمية والحكومية والعلماء بـ "اتخاذ إجراءات عاجلة وفاعلة لإيقاف مثل هكذا تصرفات التي تزيد من الشحن الطائفي وتؤثر سلباً على وحدة وتماسك الشعب العراقي وتستخف بالإنجازات التي يحققها أبناء هذا الشعب في التصدي للإرهاب".
وفي تموز من عام 2015، بدأت تلوح في الأفق ملامح لأزمة دبلوماسية بين مصر والعراق، حيث أعلن سفير العراق بالقاهرة، ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية، السفير ضياء الدباس، أعلن أن الدكتور رافع طه الرفاعي لا يتولى منصب مفتى الجمهورية العراقية، وشدد على أنه شخص هارب من العراق ومعادٍ للعملية السياسية وهو أحد دُعاة الفتنة والإرهاب.
وأكد الدباس في بيان رسمي له أن "الرافعي شخص مُدّعٍ"، على حد تعبيره، مضيفا أنه "لا يوجد لدينا منصب مفتي الجمهورية في العراق، وأن الرافعي هارب من العراق، ومعادٍ للعملية السياسية".
وأشار الدباس في البيان الصادر عنه، أنه "رغم تأكيدات السفارة العراقية بالقاهرة للخارجية المصرية، وللأزهر بأن هذا الشخص مدّعٍ، إلا أنه التقى شيخ الأزهر في وقت سابق"، معرباً عن "استغرابه من هذا الأمر".
وكان شيخ الأزهر أحمد الطيب، قد التقى في تلك الفترة رافع الرفاعي، بصفته "مفتي الديار العراقية"، لبحث آخر المستجدات على الساحة العراقية، وجهود الأزهر في التقليل من معاناة الشعب العراقي.
وأكد الطيب بيان للأزهر، "دعمه الكامل للجهود كافة التي من شأنها إيقاف نزيف الدم العراقي، وإنهاء حالة الانقسام التي يعيشها العراق، ورأب الصدع بين كل مكوناته، وتوحيد الجهود من أجل العودة بالعراق إلى مكانه الرائد في محيطه العربي والدولي".
وبعد اختفائه لمدة تزيد على الـ7 سنوات، وذلك بعد انحسار عصابات داعش وتمكن القوات الأمنية والحشد الشعبي من تحرير أراضي البلاد والانتصار على الإرهاب، عاد اسم الرفاعي هذه الأيام ليتردد على المسامع بالتزامن مع الحديث عن قانون العفو العام ومحاولات تعديله واللغط السياسي الدائر في أروقة السلطات الثلاث بخصوصه، الأمر الذي من شأن تفاصيله أن تتضح خلال الفترة المقبلة.