هل يحل مركز البيانات الوطني أزمة الروتين والبيروقراطية في العراق؟.. السوداني افتتحه والحديث عن الحوكمة الإلكترونية مستمر
انفوبلس/..
في 20 آب الماضي، افتتح رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، مركز البيانات الوطني في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، "ضمن خطوات مشروع الحكومة الإلكترونية".
*عن الافتتاح
المكتب الإعلامي للسوداني ذكر في بيان، أن "رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، افتتح مركز البيانات الوطني في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، ضمن خطوات مشروع الحكومة الإلكترونية".
وأضاف، أن "رئيس مجلس الوزراء اطلع على مراحل إنجاز المرحلة الأولى للمركز، باستخدام الشاشات الذكية، ومجسّمات تجسّد مراحل نصب منشأة السحابة الوطنية، وكذلك في ما يخص التحوّل الرقمي، ومنها برنامج إلغاء معاملة (صحّة الصدور)".
*إنهاء البيروقراطية
وأوضح، أن "السوداني تابع عمل النافذة الواحدة لتقديم الخدمات الإلكترونية البالغة 299 خدمة، حالياً، التي تحمل اسم (بوابة أور الإلكترونية)، واطلع على خارطة التحوّل الرقمي، ومركز التدريب الدولي، حيث جرى عرض محاكاة حقيقية لإحدى مـعاملات دوائر الكُتاب العدول، والاطلاع على النظام الإلكتروني لتتبع اتصالات المواطنين عبر الخدمة الإرشادية، والاستخدام الفعلي لمنصّـة غرامة المركبات إلكترونياً، مثالاً لإحدى خدمات البوابة".
*مكافحة الفساد
وأشار السوداني، بحسب البيان إلى "ضرورة اطلاع وسائل الإعلام على هذه الخدمات؛ من أجل التوعية والتثقيف"، مبيّناً أن "هذا المشروع سيدعم برنامج الحكومة في مكافحة الفساد المالي والإداري، الذي يُعد تحدياً خطيراً لكل مشاريع التنمية والإعمار والخدمات"، حاثّاً على "أهمية أن تكون هذه الخطوات أوسع وأشمل، مثمناً كل الجهود التي بُذلت لإنجاز هذا المشروع".
وأوضح البيان أن "رئيس مجلس الوزراء، التقى بالخبراء الدوليين الذين يمثلون الجهات الداعمة للمشروع، وهي البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة والبنك الدولي ومركز الخدمات الرقمية في بريطانيا GDS، وبرنامج الغذاء العالمي والوكالة الإنمائية للتعاون الدولي، ومؤسسة الشؤون الخارجية الكندية ومنظمة IMMAP، واستمع إلى عرض موجز عن خارطة طريق التحول الرقمي الشامل في العراق".
وأشار إلى أن "السوداني ترأس اجتماعاً للفريق الاستشاري للّجنة الحكومة الإلكترونية، أكد خلاله أهمية تجميع البيانات بما يُيسّر تقديم الخدمة للمواطن ومعالجة ملفات الفقر والبطاقة التموينية، والعمل على اختزال الوقت".
وأكد أن "التداول الإلكتروني للأموال، يمكن من خلاله معالجة مشاكل سعر الصرف، وتدارك الاختلافات، ومعالجة مشاكل أخرى عديدة تصب في خدمة المواطن كهدف نهائي"، مبيناً "استعداد الحكومة لتهيئة كل المتطلبات المالية أو على صعيد القرارات والإجراءات المواكبة للتحول الرقمي".
*توجه قديم
لم يكن الحديث عن الحوكمة الإلكترونية وليد الحكومة الجديدة، بل مستمر منذ سنوات عديدة، وسط فشل متعاقب في تطبيق هذا الأمر.
يستكمل العراق في المؤسسات الحكومية، مشروع الحوكمة والأتمتة، عبر إطلاق منصات إلكترونية وربط دوائر الدولة ببرامج مركزية، هدفها الحد من البيروقراطية الإدارية والحد من الفساد، لتعزيز مفاهيم الشفافية والسلامة الرقابية. لكن العمل فعلياً يسير بإيقاع بطيء.
وحديثاً، وقّع العراق في يوليو/ تموز 2022، مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، مذكرة تفاهم لتعزيز الخدمات الرقمية وبناء القدرات في مجال الحوكمة الإلكترونية، ركزت على تسخير وزيادة استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتحديث العمليات والأنظمة الحكومية وتحسين الخدمات للمواطنين وتعزيز الاقتصاد الرقمي.
وفي أغسطس/ آب 2022، دعا البنك الدولي، الحكومة العراقية إلى إسراع الخطى في هذا المشروع، وإغلاق ذلك الملف بشكل كامل بنهاية العام الحالي 2023.
ووفقاً للأمانة العامة لمجلس الوزراء، استطاعت الحكومة العراقية عبر مشروعها التنفيذي من رفع أكثر من 75 ألف وثيقة إلكترونية وجعلها متداولة أمام المستخدمين لتلك المواقع.
وكانت الحكومة قد أطلقت في مايو/ أيار 2021، بوابة إلكترونية تسمى "بوابة أور للخدمات الحكومية"، يشرف عليها مركز البيانات الوطني في الأمانة العامة لمجلس الوزراء.
وهي موقع إلكتروني يتيح وصول المواطنين إلى الخدمات الإلكترونية التي تقدمها وزارات الدولة والدوائر غير المرتبطة بوزارة، عبر نافذة واحدة، وتُعَد من العناصر الأساسية في مشروع الحوكمة الإلكترونية.
وأطلقت بغداد، عام 2014، مشروعاً تحت اسم "حكومة المواطن الإلكترونية"، بالتعاون مع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية USAID، في أول إعلان عن عزم العراق على التوجه نحو الحكومة الإلكترونية، لكن المشروع تعثر مرات عدة ولم يكتمل.
*حاجة إلى الوقت
المتحدث باسم الأمانة العامة لمجلس الوزراء، حيدر مجيد، يؤكد، أن "التحول الرقمي الشامل يحتاج وقتاً غير محدد، وأيضاً أموالاً وإسناداً"، مردفاً: "هناك مذكرات تفاهم مع منظمات دولية تتعلق بدورات تدريبية للموظفين في كل وزارة".
ويوضح أن "سير إجراءات الوثائق الإلكترونية يتم على ثلاث مراحل. الأولى، إدارتها، والثانية الربط مع الهيئات المستقلة، والثالثة الربط بدوائر المحافظات".
ويشير مجيد إلى أن "بوابة أور تقدم أكثر من 230 خدمة للمواطنين عبر أبواب مختلفة تُعنى بالبنى التحتية والسكن والوظائف العامة والقطاعات المصرفية والتعليم ودوائر السفر والجنسية وغيرها".
ويصف ما تم إنجازه حتى الآن بأنه "تقدّم كبيراً" في مجال الوثائق الإلكترونية.
وتطلق مؤسسات الدولة بين الحين والآخر منصات إلكترونية بغرض تقديم الخدمات، مثل "سلامات"، التابع لوزارة الصحة، ويُعنى بتسلّم نتيجة الفحصPCR إلكترونياً. وكذلك برنامج "راقبني" الذي أُنجز بالتنسيق مع ملاكات وزارة التجارة، ويُعنى بتسلم مقترحات وشكاوى المواطنين بشأن السلة الغذائية.
وفي 19 من أبريل/ نيسان الماضي، أعلنت دائرة مركز البيانات الوطني في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، عن انطلاق المرحلة الأولى من منصة "غرامة" التي ستمكن المواطن من الاستعلام عن تفاصيل المخالفات المرورية المسجلة على مركبته أو على إحدى مركبات أفراد أسرته والحصول على النتائج من خلال رسالة نصيةSMS عبر هاتفه النقال.
وبمجرد الاطلاع على إحصاءات تتعلق بعدد مستخدمي الإنترنت في العراق، مقارنة بنسبة الأمية الرقمية خصوصاً بين الشباب، يمكن استقراء صعوبة الوصول بالنسبة للمواطنين البالغين كافة للخدمات الحكومية.
وبحسب موقع "داتا ريبورتال"، فإن عدد مستخدمي الإنترنت، حتى يناير 2022 وصل إلى 20.58 مليوناً، ما يعادل نصف سكان العراق تقريباً، الذي قُدّر في يناير 2022، بـ41.67 مليوناً، 56.8% منهم في الفئة العمرية (18-64)، أي ممن يُتوقع أنهم قد يحتاجون للوصول إلى خدمات حكومية.
أما معدل الأمية الإلكترونية، فيقدر بين الشباب (15 عاماً -24 عاماً) بـ60% وفق منظمة "اليونيسف" التابعة للأمم المتحدة (يوليو 2022).
*ضعيفة جداً
يقول رئيس مركز مؤسسة النهرين لدعم الشفافية، محمد الربيعي، إن "غالبية الوزارات لاسيما التي لها تماس مباشر بالمواطن، مثل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية وهيئتي الضرائب والتقاعد العامة والعديد من المؤسسات الأخرى، لا تزال ضعيفة جداً من ناحية الأتمتة".
ويضيف الربيعي: "بعض المؤسسات يتم تقديم الطلبات فيها إلكترونيا، لكن إنجاز المعاملات لا يتم إلا عن طريق المراجعة الحضورية، أي إن عملية الحوكمة غير مكتملة لدى تلك المؤسسات".
وتفتقد جميع مؤسسات الدولة تقريبا - وفقا للعديد من المواطنين- إلى عملية الدفع الإلكتروني للمعاملات التي تتطلب رسوما مالية، ما يُجبر المراجعين على الذهاب للدفع بشكل شخصي.
ويبين الربيعي: "الأتمتة بشكلها المعروف دوليا هي دفع الفواتير إلكترونيا، وعدم أتمتة دفع الفواتير سببه فقد الدولة قاعدة بيانات وإحصائيات دقيقة للأموال وعدد المستخدمين".