هل يستحق شعار الصدريين الجديد "التيار الوطني الشيعي" إثارة الجدل؟ وبماذا يختلف عن شعار "الوطنية الشيعية" الذي طرحه الحكيم مسبقا؟
انفوبلس/..
التيار الوطني الشيعي، هو آخر ما طرحه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وتسبب بإثارة الجدل، وسط ترجيحات بأن يكون بوابة العودة إلى العملية السياسية التي قاطعها منذ نحو سنتين، لكن ما الذي اختلف في هذا الطرح عما طرحه زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم سابقاً بشعار "الوطنية الشيعية"؟
وقرر الصدر تغيير اسم (التيار الصدري)، التابع له إلى (التيار الوطني الشيعي)، في الأسبوع الماضي.
ونشرت مواقع مقربة من “الصدر”، يوم الخميس الماضي، وثيقة تحمل الاسم الجديد (التيار الوطني الشيعي)، مطبوعًا باللون الأسود، وتحته الاسم نفسه بخط “الصدر” وتوقيعه وختمه الرسمي.
وكان “مقتدى الصدر” قد قرر في 29 آب/ أغسطس عام 2022، سحب نواب (الكتلة الصدرية) السياسية من البرلمان، وأعلن رسميًا عن اعتزاله العمل السياسي، احتجاجًا على عدم تشكيله الحكومة.
وبعدها قرر “الصدر” الانسحاب من العملية السياسية وعدم المشاركة في أية انتخابات مقبلة حتى لا يشترك مع الساسة “الفاسدين”، على حد تعبيره.
*أسباب هذا الإعلان
كشف قيادي بارز في التيار الصدري، عن أسباب إعلان زعيم التيار مقتدى الصدر تغيير اسم تياره الى "التيار الوطني الشيعي".
وقال القيادي، الذي رفض الكشف عن اسمه، أن "إعلان الصدر تغيير اسم التيار الصدري الى (التيار الوطني الشيعي)، جزء من حراك العودة القريبة للمشهد السياسي، والتي أصبحت قريبة جداً، فهو يريد من هذا التيار بناء قاعدة شعبية أوسع له، بعد كسبه تعاطف الناس بعد إعلان انسحابه من العملية السياسية من خارج التيار الصدري".
وأضاف القيادي الصدري، إن "الصدر يريد من هذه التسمية تشكيل أغلبية شيعية على المستوى السياسي وكذلك الشعبي، وهذا باب لمقدمة السعي من جديد نحو حكومة الأغلبية الوطنية، فهذا التيار قد يشمل جهات شيعية غير صدرية تنضوي تحت هذا العنوان باعتباره عنوانا أوسع ولا يقتصر على الصدريين فقط".
*لن يُغيّر في المعادلة
وتباينت آراء الشارع العراقي مع ما ضجّت به منصات التواصل الاجتماعي بعنوان جديد لـ (التيار الصدري) وسط تحليلات على أنه بداية العودة للمشهد السياسي العراقي في الانتخابات المقبلة.
ويرى المختص في الشؤون السياسية، صلاح الموسوي، أن اختيار تسمية التيار الوطني الشيعي لا يعني تغيير شيء في المعادلة ما دامت التسمية محصورة ضمن الإطار الشيعي.
وذكر الموسوي، إن "تسمية الصدر بهذا الشأن ربما هي إشارة إلى أن هناك شخصيات شيعية غير وطنية، وهي ربما تكون الجهات الحاكمة في الوقت الحالي، وهذه الجهات لا يسعى بالضرورة الى إبعادها من النظام العام، وإنما يطرح نفسه أنه هو الوطني بينهم، لأنه جزء من هذه المنظومة بشكل أو بآخر".
وتابع، إن "خطوة الصدر الحالية هي شبيهة بخطوة طرح موضوع تشكيل الاغلبية الوطنية مع حزب تقدم بزعامة محمد الحلبوسي، والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني خلال الانتخابات الماضية".
*دلالة واضحة للعودة
ويقول رئيس المركز الإقليمي للدراسات، علي الصاحب، إن "المراقب للمشهد السياسي يلاحظ أن تحركات التيار الصدري في الآونة الأخيرة دلالة واضحة على رغبته في العودة الى المعترك السياسي، لكنه يبحث هذه المرة عن آلية وأدوات جديدة يستطيع من خلالها تشكيل حكومة الاغلبية السياسية والتي اسمها هذه المرة الاغلبية الوطنية".
ويضيف، "رغم أن التكهن في خطوات الصدر او حتى ما يفكر به ليست باليسيرة، لكن هناك تلميحات باتت قوية وربما إجراءات من داخل هيكلية التيار تؤشر الى أن العودة قريبة وممكنة، ولاسيما أن الصدر يحاول انغماس تياره داخل المجتمع العراقي، ورفع كل القيود ما بين مفاصل التيار والمجتمع، أي ما معناه أنه يريد إسناد جماهيري يتعدى حدود التيار وجمهوره العقائدي".
*استعداد لخوض الانتخابات المقبلة
بينما أشار السياسي، عبدالله الربيعي، إلى أن: “عودة (التيار الصدري) إلى المشهد السياسي لم تكن مفاجئة بل متوقعة وإعلان اسم تياره الجديد هي سياسة دأب عليها (التيار) في تغيير عناوين قوائمه استعدادًا لخوض غمار الانتخابات المقبلة، ولكن يبقى الأمر رهن التوقعات لأن الكلمة الفصل في نهاية المطاف لزعيمه في تحديد بوصلة (التيار) في المرحلة القادمة”.
وأضاف، أن: “(التيار الوطني الشيعي) قد يتغيّر لأن جمهور (التيار) لا يختصر على مكّون محدد، ولكن يبقى القرار لقيادة (التيار) في نهاية المطاف”، لافتًا إلى أننا: “أمام حراك واضح لـ (التيار الصدري) من خلال زعيمه ستكون الصورة أكثر وضوحًا حول استراتيجيته في الأيام القادمة من خلال بياناته أو لقاءاته المباشرة”.
ولم يُعلق أحد من أعضاء (التيار الصدري)؛ بعد حول ماهية (التيار) الجديد، وما إذا يعني الدخول للعملية السياسية، أم إنه سينحصر بعودة عمل القواعد الجماهيرية التي تتبع “الصدر”.
من جانبه، يبين الكاتب والباحث في الشأن السياسي ماهر علي الجودة، أن “العنوان الذي خطه الصدر للتيار الصدري الجديد هو التيار الوطني الشيعي لابعاد اسم عائلة الصدر عن الجانب السياسي”.
ويلفت إلى أن “لقب التيار الصدري يحمل إرث واسم عائلة الصدر ولربما اراد ان يبعد هذا العنوان عن سجالات الجانب السياسي ويعطي رمزية لجهة مهمة في العملية السياسية ولشريحة كبيرة من الشعب العراقي”، مضيفا أنه “بالتأكيد لربما هذه التسمية هي الضوء الأخضر للعودة إلى الساحة السياسية من جديد”.
ويستطرد أن “الصدر يحاول أن يجمع وحدة الاغلبية أو من يشكلون الاغلبية في العراق تحت هذا الاطار وهذا العنوان، ليقودوا العملية بنجاح وليرفع الاخفاقات الماضية”.
*بماذا يختلف عن شعار الحكيم؟
في 4 4 شباط 2023، قدم عمار الحكيم، رئيس تيار الحكمة، مشروع "الوطنية الشيعية"، الذي يهدف إلى تعزيز وحدة الشيعة في العراق.
وفي ضوء مستجدات الإعلان عن التيار الوطني الشيعي للصدر، يرى المحللون أن هذا المشروع يسلك نفس الاتجاه الذي وضعه الحكيم في مشروع الوطنية الشيعية، خاصة فيما يتعلق بتعزيز الوحدة الشيعية والتركيز على القضايا الوطنية كضرورة لتحقيق التقدم والاستقرار.
وقد استغلت بعض الجهات الإعلان عن التيار الوطني الشيعي لتسويقه على أنه الخصم المنتظر للقوى الشيعية الأخرى في العراق كجزء من منهجية الترويج السلبي والمغرض، في البلاد.
ومع الإعلان عن التيار الوطني الشيعي، يعود مشروع الوطنية الشيعية إلى الواجهة ويثير الجدل من جديد.
يرى التحليل المختلف أن مشروع الوطنية الشيعية الذي أسسه عمار الحكيم كان الرائد في تعزيز التعددية في العراق مع الحفاظ على الهوية الشيعية، نظرًا لأن الشيعة يشكلون الغالبية السكانية في البلاد، ويعتبر هذا الزخم الشيعي أساسًا للنظام السياسي العراقي، ولا يمكن أن تستقر أي معادلة سياسية دون احترام هذا الواقع.
على العكس من ما يروجه البعض من دعاية فتنوية، يكون إعلان التيار الوطني الشيعي مدعاة لتوحيد الصف الشيعي، برؤية واحدة للمستقبل.
من المهم أن نفهم أن مشروع الوطنية الشيعية، لا يقتصر على الشؤون الشيعية فحسب، بل يشمل القضايا الوطنية الأخرى التي تهم جميع المكونات العراقية، في تحقيق التنمية والاستقرار الشامل في العراق، وتعزيز العدالة الاجتماعية، ومحاربة الفساد، وتعزيز العلاقات الدولية.
من المبكر الحكم على نجاح أو فشل مشروع الوطنية الشيعية لدى كل من الحكيم والصدر، فالتحديات التي تواجه العراق لا تزال كبيرة، والمسار السياسي معقد. ومع ذلك، فإن توحيد الصف الشيعي وتعاون قادتهم يمكن أن يلعب دورًا مهمًا في بناء مستقبل أفضل للعراق وتحقيق الاستقرار والازدهار.