واشنطن تضغط لبيع قمحها إلى العراق.. مع اقتراب تحقيق الاكتفاء الذاتي مرة أخرى السياسة تنشغل والأراضي تشتعل!
انفوبلس..
كلما حقق العراق تقدماً في مضمار معين، برزات جهات عدة لتعطيله وإرجاعه خطوة إلى الوراء مرة عبر الضغوط الكبيرة ومرة أخرى عبر افتعال الأزمات ومرة ثالثة عبر استغلال الحاجة، وفي الآونة الأخيرة تبرز الولايات المتحدة الأمريكية، وكعادتها المعهودة، بالتدخل والضغط لتحقيق أكبر مكسب يمكن الحصول عليه من هذه البلاد.
قبل عامين استبشر العراقيون خيراً بعد تحقيق بلادهم الاكتفاء الذاتي من محصول القمح، وأعلن عدم حاجته إلى الاستيراد مرة أخرى، وبدأ التفكير بإعداد الخطط لتصدير الفائض وإنعاش القطاع الزراعي واعتبارها خطوة أولى إضافته كمصدر دخل كبير لرفد اقتصاد الدولة، ولكن شأنه شأن العديد من الإيجابيات التي يحرزها العراق، جوبه بحروب مباشرة وغير مباشرة، فكان التحدي الأول تركياً، حيث خفّضت أنقرة حصة العراق المائية ما تسبب بإرباك قطاع الزراعة وخروج العراق من مظلة الكتفاء الذاتي من القمح في العام التالي 2022، رغم عدم مشروعية الأفعال التركية وصمت العالم والأمم المتحدة وعلى رأسهم امريكا.
انزعاج أمريكي
خلال شهر آذار/مارس من العام الحالي، كشف وزير الزراعة عباس أن الحاجة السنوية للعراق من القمح تبلغ نحو 5 ملايين طن، وتتوقع الوزارة موسم حصاد يؤمّن أكثر من 4 ملايين طن، ما يعني حاجة العراق إلى استيراد 600 ألف إلى مليون طن في 2023 لتأمين الحاجة.
لكن مع اقتراب موسم الحصاد بدأ الحديث عن وجود احتمالات قائمة بأن يتمكن العراق من الاكتفاء ذاتياً ولن يحتاج إلى استيراد القمح من الخارج، وهذا ما أزعج السفيرة الأمريكية في بغداد اليانا روماناوسكي وبلادها، حيث أعلنت، صباح اليوم الخميس، عن توفر قمح أمريكي ومنتجات زراعية أخرى قريباً في العراق، بعد زيارة لوزير التجارة اثير الغريري الى واشنطن، وما سينتج عنها من اجتماعات مع مسؤولين أمريكيين.
وكتبت رومانوسكي، على حسابها في تويتر: "يزور وزير التجارة العراقي أثير سلمان الغريري العاصمة واشنطن على رأس وفد تجاري يركز على القمح الأمريكي".
وأوضحت، أنه "ستؤدي هذه الاجتماعات مع اعضاء اتحاد القمح والمصدرين والمسؤولين في حكومة الولايات المتحدة إلى توافر قمح أمريكي عالي الجودة ومنتجات زراعية أخرى قريباً في العراق".
شرارة الحرائق
تلك التصريحات جاءت بالتزامن مع اندلاع شرارة الحرائق في حقول الحنطة في أغلب المحافظات العراقية بمشهد يعيد إلى الأذهان ما تعرضت له حقول المزارعين نتيجة هذه الحوادث خلال الأعوام الماضية.
وتبرز تساؤلات عن أسباب عودة الحرائق والجهات التي تقف خلفها، إلا أنها تؤكد وجود أطراف لا تريد وصول العراق إلى مرحلة الاكتفاء العراقي من الحنطة، واستمرار الحاجة إلى الاستيراد، لاسيما بعد إعلان وزارة الزراعة إمكانية الوصول إلى هذه المرحلة هذا العام.
وشهد موسم الحصاد الحالي منذ تدشينه في بداية نيسان الماضي، حرائق عديدة طالت عشرات الدونمات في محافظات النجف وميسان وصلاح الدين والديوانية والمثنى، مع احتمال تسجيل حوادث أخرى في بقية المحافظات التي لم تباشر عمليات الحصاد حتى الآن.
واطلقت مديرية الدفاع المدني في وزارة الداخلية حملة (كلنا دفاع مدني) لحماية محصولي الحنطة والشعير من حوادث الحرائق في عموم المحافظات.
وقال مدير العلاقات والإعلام في المديرية العميد جودت عبد الرحمن: إنَّ المديرية اطلقت بالتزامن مع موسم حصاد محصولي الحنطة والشعير حملة (كلنا دفاع مدني) لحمايتها من حوادث الحرائق في عموم المحافظات.
وبين أنَّ الحملة تضمنت خطة متكاملة مرنة وسريعة تنفذ ضمن ثلاثة محاور، الأول توعوي إرشادي من خلال توزيع البوسترات بين الفلاحين تركز على ارشادات الدفاع المدني في إجراءات الوقاية والسلامة، فضلاً عن إقامة الندوات لتوعية أصحاب الحقول على كيفية الحفاظ عليها من حوادث الحرائق واستخدام طرق السلامة المفروض توفرها خلال استخدام آلات الحصاد.
وتابع أنَّ المحور الثاني للحملة، يتضمن نشر فرق الإطفاء في المساحات الشاسعة المخصصة لزراعة محصولي الحنطة والشعير بداية في المحافظات الجنوبية كونها بدأت بعملية الحصاد، وبعد ذلك ستنتقل إلى محافظات الوسط ومن ثم إلى الشمال التي تعد آخر المحافظات في عملية الحصاد.
ويعدّ العام 2020 أحد أكثر الأعوام فتكاً بمحاصيل القمح والشعير، فضربت فيها الحرائق 16 محافظة، وبلغت الحرائق 164 حادثاً خلال الفترة من 21 نيسان وحتى 22 أيار من العام المذكور، وشملت احتراق نحو 102 ألف دونم من المحاصيل الزراعية، أما في العام 2019 فأعلن عن احتراق نحو 53 ألف دونم من محاصيل القمح والشعير، كما شهد العام الماضي عدداً من هذه الحوادث أيضاً.
وأشار عبد الرحمن إلى قيام فرق الدفاع المدني بالكشف عن إجراءات الوقاية والسلامة المتخذة في المخازن والسايلوات المخصصة لمحصولي الحنطة والشعير لضمان توفير متطلبات وإجراءات الوقاية والسلامة وتجنب حوادث الحرائق.
وأضاف أنَّ فرق المديرية تعمل على مدار الساعة لتلافي حوادث الحرائق التي تسبب إتلاف وتضرر المحصولين، لاسيما وأنَّ مساحة الخطة الزراعية للموسم الحالي تبلغ ثمانية ملايين دونم وفق ما أعلنت عنه وزارة الزراعة.
وأسهم الجفاف وقلة الموارد المائية، إلى تقليل العراق مساحاته الزراعية إلى حد كبير، ومنها محصول القمح، كما أدت الحرب الروسية ـ الأوكرانية إلى ارتفاع أسعاره في الأسواق العالمية، مما يتطلب اتخاذ اجراءات حكومية عاجلة لحماية مزارع الحنطة.
من جانبه، قال المتحدث الرسمي لوزارة الزراعة محمد الخزاعي: إنَّ الوزارة باشرت منذ انطلاق موسم حصاد الحنطة والشعير اتخاذ إجراءات للحفاظ على تلك المحاصيل من التعرض لحوادث الحريق منها إرشاد الفلاحين للحذر عند حرق الأرض بعد إنهاء عملية الحصاد استعداداً لزراعتها للموسم الصيفي.
ولفت إلى أنَّ العراق سيتمكن لأول مرة من تحقيق الاكتفاء الذاتي من محصولي الحنطة والشعير، حيث نتوقع أن تتراوح الكميات المسوقة من أربعة ملايين و500 ألف طن إلى خمسة ملايين طن بعد زراعة أكثر من ثمانية ملايين و500 ألف دونم.
وأشار الخزاعي إلى أنَّ الوزارة تقدم الدعم اللازم لانسيابية عملية التسويق وتسلم الفلاحين مبالغهم المالية بشكل مباشر دون تأخيرها بحسب توجيهات رئيس الوزراء.