وزير الكهرباء يوجه بالتحقيق في قضية تواطؤ مسؤولين مع أصحاب المولدات ومراقبة الإطفاءات أول الشهر وآخره
انفوبلس/..
يتكرر الحديث عن أزمة الكهرباء المستمرة مع نهاية كل شهر، حين يصبح حديث الشارع والحدث الشائع الذي يتصدر مواقع التواصل الاجتماعي، هو تسعيرة المولدات الأهلية، هذه المشكلة الأزلية لم تفلح الحكومات منذ عقود على حلها بإيجاد حل جذري لملف الطاقة الكهربائية.
وفي هذا الصدد، ومع الحديث عن وجود تواطؤ بين بعض المسؤولين في وزارة الكهرباء وأصحاب المولدات، وجه وزير الكهرباء زياد علي فاضل، اليوم الأحد، بالتحقيق بقضية تواطؤ بعض مسؤولي الوزارة مع أصحاب المولدات.
وذكر بيان للوزارة، أن “الوزير خلال اجتماعه بمسؤولي قطاع التوزيع في بغداد، دعا الى مراقبة إطفاءات أول الشهر وآخره بشكل صارم، وعدم التهاون مع أي حالة تواطؤ بين مسؤولي الوزارة وأصحاب المولدات".
وتأتي هذه الخطوة في إطار جهود الحكومة العراقية لمكافحة الفساد وضمان توفير الكهرباء بشكل دائم وفعال للمواطنين، وقد تم تسجيل حالات تواطؤ بين مسؤولي الوزارة وأصحاب المولدات، مما أدى إلى تعطيل عملية توزيع الكهرباء بشكل سلس وفعّال.
السوداني حذر سابقاً
وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قد أعرب في وقت سابق، عن اعتقاده بأن “الأنباء متواترة” حول توقيتات إطفاء الكهرباء الوطنية مع موعد التسديد لأصحاب المولدات في بغداد، ملوحاً بشبهة “تواطئ”، ومطالباً بتحقيق مع نهاية الشهر الحالي للتدقيق في شكاوى “متتابعة” تتلقاها مكاتب الحكومة.
ووجه السوداني، في نيسان 2024، بكشف مواقع الخلل ومحاسبة المتورطين بقطع الكهرباء بداية كل شهر، بعد شكاوى وشبهات عن "تواطؤ" مع اصحاب المولدات، مشدداً على "ضرورة الوقوف على أسباب الظاهرة التي يشتكي منها المواطنون، المتمثلة بقطع التيار الكهربائي في بداية ونهاية كل شهر، وذلك بتوضيح مواقع الخلل ومحاسبة الأشخاص الذين يقفون خلفها، ووجّه بتقديم تقرير شهري عن ساعات التجهيز في بداية الشهر وفي نهايته".
كما وجّه رئيس مجلس الوزراء بـ"التعامل مع شكاوى المواطنين خلال 24 ساعة، ومنح صلاحيات لمسؤولي الفروع في المناطق؛ لتمكينهم من التعاطي مع الشكاوى ومعالجتها بشكل سريع".
أبرز عقبة في ملف الكهرباء
لعل أبرز عقبة تواجه الحكومة في ملف إصلاح الكهرباء وتجهيزها، هي التواطؤ الحاصل بين الجهات الرسمية وأصحاب المولدات الأهلية من أجل استمرار الأزمة ودفع العراقيين اشتراكات تصل إلى 15 دولارا للأمبير الواحد، والتي وجه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني وزارة الكهرباء بالتحقيق فيها.
وقال السوداني خلال زيارته مركز السيطرة الوطني للكهرباء ببغداد في 24 نيسان 2023، إنه "على الوزارة فتح تحقيق في ظاهرة تراجع ساعات تجهيز الطاقة مع بداية ونهاية كلّ شهر في ظل اتهامات بالفساد من مواطنين لموظفين في مركز السيطرة".
التوجيهات التي أصدرها السوداني، تضمنت "توضيح مواقع الخلل ومحاسبة الأشخاص الذين يقفون خلفها، مع تقديم تقرير شهري عن ساعات التجهيز في بداية الشهر ونهايته".
السوداني شدد على "التعامل مع شكاوى المواطنين خلال 24 ساعة، ومنح صلاحيات لمسؤولي الفروع في المناطق؛ لتمكينهم من التعاطي معها ومعالجتها بشكل سريع".
ومركز السيطرة هو المسؤول عن توزيع حصص إنتاج التيار الكهربائي للعاصمة بغداد والمحافظات، ونقل التوجيهات في حال حدوث انفصال أو عارض فني أو تجاوزِ على حصص الطاقة.
تزامُن الانقطاع مع موعد الأجور
وقال السوداني أثناء الزيارة، إنّ "الانقطاع يحدث مع استحقاق قسط المولدات، مطالبًا المسؤولين في المركز بتقديم إجابات واضحة حول تزامن الانقطاع مع موعد دفع الأجور الشهرية للمولدات الأهلية".
وعلى ضوء ذلك، أصدر محافظ بغداد محمد جابر العطا، توجيها في 25 أبريل 2023 إلى جميع الوحدات الإدارية "بالمتابعة الجدية لأصحاب المولدات الأهلية والحكومية، حسب التعليمات الجديدة لرئيس الوزراء، واتخاذ أقصى الإجراءات القانونية اللازمة ضد مخالفي ضوابط التشغيل".
وبحسب البيان، فإن محافظ بغداد وجّه أيضا بـ"متابعة ساعات تجهيز الطاقة الكهربائية في نهاية وبداية كل شهر وتزويد المحافظة بتقرير مفصل عن ذلك، إضافة إلى إجراء جرد مفصل عن أعداد المولدات الحكومية والأهلية الموجودة في مناطقهم، وطبيعة عملها، وتحديد من تُوفر لهم حصص وقود من عدمها".
وأكد العطا، "تشكيل فرق تفتيشية مشتركة بين المحافظة والوحدات الإدارية، مهمتها تنفيذ زيارات مفاجئة إلى المناطق ورصد عمل المولدات ورفع تقرير شهري مفصل عن نتائج الإجراءات المتخذة، فضلاً على محاسبة المقصرين".
مافيات سياسية
وعن معاناة العراقيين من أزمة الكهرباء، يؤكد مواطنون من بغداد أن "التواطؤ واضح بين مالكي المولدات الأهلية وبين المسؤولين الحكوميين سواء في دوائر وزارة الكهرباء أو محافظة بغداد، وهذا يلمسه كل عراقي بشكل يومي".
وأوضح مواطنون، أن "الكهرباء عندما تكون مستقرة ولا تشهد أي انقطاع، يتكرر الأمر نفسه قبل نهاية كل شهر بخمسة أيام أو يومين، وذلك بقطع التيار الكهربائي قبل موعد سداد الاشتراك مع المولدات الأهلية".
وهو ما يدفع الأخير إلى التشغيل ساعة أو ساعتين فقط، ثم يطالب المواطنين بدفع 15 إلى 20 ألف دينار (13 دولارا) للأمبير الواحد، وبذلك يحصل على مبالغ ضخمة لأن المشتركين بالمئات وبعضها بالآلاف، مع بيع حصة الوقود الشهرية المخصصة له كونه لم يستخدمها.
ولفت مواطنون، إلى أن "الجهات الرسمية في محافظة بغداد لا ترد على أي شكوى تقدم إليها ضد أصحاب المولدات، إضافة إلى أن الأجهزة الأمنية سواء الأمن الوطني أو غيره متهمة بالحصول على رشاوي مالية شهرية من هؤلاء مقابل عدم التعرض لهم أو تنفيذ أي توجيه يصدر بحقهم".
وأشاروا إلى أن "الكثير من أصحاب المولدات عبارة عن مافيات متحالفة مع قوى سياسية تورّد إليها الوقود، فهم يرفضون حتى نقل الاشتراك من مولد إلى آخر في المنطقة ذاتها، وبالتالي يرغم المواطن على البقاء معهم وعدم التفكير بإلغاء اشتراكه، لأنه لن يجد مكانا لدى الآخرين".
وبيّن، أن "المواطنين مضطرون لدفع نحو 65 دولارا عن 5 أمبيرات بالحد الأدنى شهريا في موسم الشتاء والربيع رغم أنه لا يستفيد من المولد الأهلي سوى ساعة أو ساعتين، لأنه إذا قرر إلغاء الاشتراك فإنه لا يأمن بقاء التيار الكهربائي الوطني (الحكومي) مستمرا دون انقطاع خلال فصل الصيف، وبالتالي يكون أكبر الخاسرين".
إحصاءات بالأرقام وعائدات بالمليارات
وفي إحصائية رسمية أعدَّتها وزارة التخطيط العراقية خلال شهر آذار 2023، كشفت فيها أن العدد الإجمالي للمولدات الأهلية في عموم البلاد ما عدا إقليم كردستان بلغت 48533 مولدا، في حين سجل عدد العاملين الكلي في هذا القطاع 44640 عاملا.
وأشار بيان وزارة التخطيط إلى، أن "قيمة الأجور الممنوحة للعاملين في المولدات بلغت 200,648 مليون دينار (143 ألف دولار)، فيما بلغ عدد المستفيدين الكلي 6,700,665 مشتركا، أما عدد الأمبيرات المجهزة خلال الشهر الواحد فوصلت إلى 25,875,722 أمبير".
ولفت البيان إلى، أن "إجمالي الإيرادات المتحققة بلغت 3,479 مليار دينار عراقي (نحو 2.7 مليون دولار)، توزعت داخل فترة الذروة بمقدار 2,105 مليار دينار، أما خارجها فقد وصلت إلى 1,374 مليار دينار".
المنتجات النفطية تعدُّها ذراعاً سانداً
وفي السياق ذاته، قال مدير عام شركة توزيع المنتجات النفطية في العراق، حسين طالب، إن "المولدات الأهلية تُعد ذراعا ساندا إلى وزارة الكهرباء، وكميات الطاقة التي تنتجها تلك المولدات في المحافظات كافة تعادل 8 آلاف ميغا واط".
وأضاف طالب خلال بيان رسمي في 25 أيلول 2022 أن "وزارة النفط زودت أصحاب المولدات الأهلية بالوقود هذا الصيف بسعر 250 دينار للتر الواحد (6 لترات مقابل الدولار الواحد) كدعم للمواطن لمدة ثلاثة أشهر، رغم أن سعر اللتر الواحد يصل إلى ألف دينار (76 سنتا أميركيا)، ويجهز بالأيام العادية بشكل مدعوم بسعر 400 دينار (30 سنتا)".
وأشار طالب إلى، "وجود متابعة حثيثة ورقابة على أصحاب المولدات الأهلية رغم أن التفتيش والمتابعة من واجب الحكومات المحلية في المحافظات ولاسيما بما يتعلق في متابعة التزامهم بتسعيرة الأمبير وساعات تجهيز الكهرباء للمواطن حسب انقطاع ساعات الطاقة الكهربائية الوطنية".