وسط محاولات إثارة نعرات قومية.. أيام حاسمة لتحديد أوضاع كركوك مع تأزم وضعها السياسي واحتدام الصراع على منصب المحافظ
انفوبلس..
عشية إعلان نتائج الانتخابات، جرت حادثة اعتداء على شاب كردي في كركوك أثناء احتفاله بفوز مرشحه في انتخابات مجالس المحافظات، ما أثار العديد من النعرات القومية في المحافظة بين العرب والكرد، وسط جو سياسي متأزم قبيل تشكيل الحكومة المحلية.
نائب رئيس مجلس النواب العراقي، شاخوان عبد الله، أدان حادثة الاعتداء على الشاب الكردي، ودعا الجهات الأمنية إلى "ملاحقة المعتدين بأسرع وقت وتقديمهم للقضاء وتطبيق القانون، من أجل الحفاظ على السلم المجتمعي والاستقرار في كركوك".
وقال نائب رئيس مجلس النواب العراقي، إنهم "تواصلوا مع قيادة عمليات كركوك ووعد قائد العمليات بالعمل الجاد للكشف عن هويات الفاعلين لینالوا جزاءهم العادل".
وتناقلت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، الثلاثاء الماضي، مقطع فيديو يُظهر تعرُّض شاب كردي للضرب والإهانة على يد بعض الشباب، بسبب احتفاله بنتائج الانتخابات.
وقال عبد الله في بيانه: "للأسف الشديد تابعنا وبقلق الفيديو الذي تم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي (..) وبعد التحقق ثبُت بأن الموقع أمام مبنى محافظة كركوك".
وأضاف: "نحن على يقين بأن العرب الشرفاء من أصل المدينة براء من هذه الأفعال غير المقبولة والمرفوضة". مؤكّداً، إن "هؤلاء الذين قاموا بالاعتداء هم غرباء وجاءوا إلى المحافظة وهم يحملون أفكارا بعثية وشوفينية ومن بقايا تنظيم داعش الإرهابي ودخلوا إلى المدينة في السنوات الأخيرة".
الأجواء الملتهبة في المحافظة تنذر بصراع كبير على منصب المحافظ بين القوى الكردية الطامحة لنيله، والمحافظ الحالي راكان الجبوري المتمسك بالبقاء بمنصبه، فضلا عن أهمية ودور المكون التركماني في المحافظة.
تفاهمات سياسية
القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني، شيرزاد صمد، أكد أن الجبهة التركمانية ستكون بيضة القبان بين العرب والكرد، فيما أشار الى أن المرحلة المقبلة في كركوك تحتاج إلى تفاهمات لإدارة المحافظة.
وقال صمد، إن "الكتل والمكونات لا تستطيع أن تنفرد بالأغلبية المطلقة في محافظة كركوك". مبينا، إن "لغة التصعيد في كركوك يجب أن تنتهي، وأن يعرف كل مكون حجمه".
وأضاف، إن "تشكيل الحكومة المحلية في كركوك مرتبط بالتفاهمات والاتفاقات بين الكتل السياسية في بغداد وأربيل أيضا، ومرتبط بالوضع هناك".
وأشار القيادي في "اليكتي" إلى، أن "المكون التركماني، وتحديدا الجبهة التركمانية، ستكون بيضة القبان بين العرب والكرد، وهم الآن يفاوضون على منصب رئيس مجلس المحافظة أو منصب نائب المحافظ بهدف التحالف مع أي من المكونَين".
نتائج كركوك
وبحسب النتائج الأولية لانتخابات مجالس المحافظات في محافظة كركوك التي أعلنتها المفوضية، الثلاثاء الماضي، فقد حصل "كركوك قوتنا وإرداتنا" على 139.373 صوتاً، والتحالف العربي 98.174 صوتاً، وجبهة تركمان العراق الموحد 72.281 صوتاً، والقيادة 59.430، والحزب الديمقراطي الكردستاني 46.749، والعروبة 46.065، وحراك الجيل الجديد 24.620، وكركوكنا 21.114، ومعالم كركوك 6.655، وأمير بطرس 1.493، وحركة بابليون 1.301، وإسماعيل يحيى 726، وحمورابي 516، والحزب الاشتراكي الديمقراطي الكردستاني 377، والتحالف المدني 288، وحزب الثقة 245، وكرم رامز 235 صوتاً.
خصوصية المحافظة
وتبعد كركوك 298 كيلومترا إلى الشمال من بغداد، ويبلغ عدد سكان المحافظة قرابة 1.6 مليون نسمة، وفق آخر الإحصاءات الرسمية، وتضم مزيجاً سكانياً من مختلف المكونات العراقية، ومن بينها الأقليات.
وتتسم كركوك بخصوصية من بين المحافظات العراقية، إذ تُعد من المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل وفق المادة 140 من الدستور المُقَر عام 2005، فضلا عن أنها تضم 6 حقول نفطية عملاقة تُقدر احتياطاتها بنحو 13 مليار برميل.
فيما سيطرت القوات الكردية (البيشمركة) منذ الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 على مركز مدينة كركوك، إلا أن علميات فرض القانون -التي شنتها حكومة رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي أكتوبر/ تشرين الأول 2017 بعد الاستفتاء على انفصال إقليم كردستان عن العراق- حولت السيطرة الأمنية في المحافظة لقوات الجيش العراقي مع انسحاب قوات البيشمركة من مركز المدينة.
ونص قانون الانتخابات الجديد المعدل على ألا يتجاوز موعد عقد الانتخابات المحلية في المحافظات غير المنتظمة في إقليم يوم 20 ديسمبر/ كانون الأول، وهو ما ينطبق على محافظة كركوك.
انتخابات وحيدة
وكان العراق قد شهد منذ عام 2003 إجراء 3 انتخابات محلية في العراق، كانت الأولى عام 2005، تلتها انتخابات عام 2009، ثم انتخابات عام 2013، غير أن محافظة كركوك لم تشهد إلا دورة انتخابية واحدة، وهي تلك التي عُقدت عام 2005، ومن ثم شاركت في الانتخابات التي أُجريت قبل يومين.
يذكر أن قانون الانتخابات الجديد نص -في المادة 15 (ثانيا- أ)- على أن تتكون مجالس المحافظات من 12 مقعدا، يضاف لها مقعد واحد لكل 200 ألف نسمة، للمحافظات التي يزيد تعداد سكانها على مليون نسمة، وفق إحصائيات العام 2019، ومن ثم يكون عدد أعضاء مجلس محافظة كركوك المقبل 15 مقعدا، نسبةً لعدد سكانها البالغ 1.6 مليون نسمة.
كما أفرد القانون مادة خاصة تتعلق بانتخابات كركوك، وتنص على أن تعمل مفوضية الانتخابات على تدقيق سجل الناخبين بالتنسيق مع وزارات الداخلية والصحة والعدل والتخطيط والتجارة، شريطة اعتماد سجل الناخبين في كركوك على التعداد السكاني لعام 1957، وضمان حق التصويت للمرحَّلين من المحافظة الذين تجاوزوا إجراءات لجنة تقصي الحقائق فيما يتعلق بالمادة 140 من الدستور للمناطق المتنازع عليها.
حظوظ الكرد بمنصب المحافظ
شبكة بي ان ان كشفت في تقرير نشرته في يوم الاقتراع عن التغييرات المتوقعة لانتخابات مجالس المحافظات، مؤكدة أنها ستؤدي إلى "تغييرات كبيرة ومهمة" في المحافظات العراقية وخصوصا محافظة كركوك المتنازع عليها بين حكومة بغداد واربيل.
وقالت الشبكة، إن الأحزاب الكردية في المحافظة والتي تتوقع الفوز بأغلبية كبيرة، لن تحصل على منصب محافظ كركوك نتيجة لتغير "الأهواء السياسية" الحالية، بحسب وصفها. مشددةً على أن "أحزاب التحالف الوطني، الحزب الديمقراطي وحركة الجيل الجديد الكردية حاولت إقصاء المحافظ الحالي راكان الجبوري، الأمر الذي فشلت بتحقيقه نظراً لعدم قدرتها على التوحد في المواقف وتقديم مرشح موحد داخل المحافظة".
وتابعت، "فشل تلك الأحزاب بتوحيد موقفها من الجبوري والخروج بمرشح جديد لتولي منصب محافظ كركوك سيؤدي الى إبقائه في منصبه الحالي". مضيفةً "التعديلات التي أُجريت على قانون الانتخابات أدت أيضا الى إفقاد الأحزاب الكردية جزءاً كبيراً من نفوذها داخل المحافظة".
وأشارت الشبكة أيضا، الى أن الانتخابات الحالية تمثل "التحدي الأكبر" أمام حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، خصوصا مع مساعي "الأحزاب المنضوية تحت الإطار التنسيقي" تعزيز سلطتها على المحافظات عقب انسحاب التيار الصدري من العملية السياسية ومقاطعته الانتخابات.