12عاما على هزيمة الاحتلال.. صفقة "شمس الحرية" شاهد على دور المقاومة ضد الاحتلال البريطاني قبل الأمريكي في العراق
انفوبلس/..
قصة دامية أُسدل الستار عنها في مثل هذا اليوم قبل 12عاما، في اليوم الأخير من العام 2011 غادر آخر جنود الاحتلال، المدن العراقية، بعد صراع مستمر بدأ باحتلال العراق عام 2003 حيث الترويع والتعذيب وهتك الحرمات، وانتهى بأكوام من الخردة تركتها القوات الأمريكية خلّفها وهي تنسحب من آخر قاعدة لها في العراق بعد هزيمتها على يد المقاومة الإسلامية.
منذ العام 2003 لغاية العام 2011، شهد العراق تسعة أعوام من الاحتلال، شارك خلالها في الجيش الأميركي أكثر من مليون أمريكي كما قال الرئيس الأمريكي حينها باراك أوباما، وأكثر من نصف مليون من المتعاقدين وأفراد الشركات الأمنية.
المحللون العسكريون والسياسيون الأمريكيون بدأوا عملية تقييم لتلك المغامرة العسكرية التي تكبدت خلالها الولايات المتحدة (5000) قتيلا و(33) ألف جريح حسب الأرقام الرسمية وأنفقت حوالي تريليون دولار، في حين يؤكد محللون أنها تجاوزت تلك الأرقام بكثير.
حيث ذكر المحللون أن الانسحاب الأمريكي جاء نتيجة الضربات التي توجهها المقاومة، حيث إنهم يهاجمون القوات الأمريكية ويقتلون الجنود ويحرقون الدبابات.
فيما قال البروفيسور آندرو باكيفتش أستاذ العلاقات الدولية والتاريخ بجامعة بوسطن: "لم تحقق الولايات المتحدة نصرا عسكريا ولم تنجز أهدافا استراتيجية من حرب كلفتها آلاف القتلى والجرحى وخلفت مئات الآلاف من القتلى والجرحى العراقيين".
وأضاف باكيفتش، "إن التراث الكارثي للحرب الأميركية في العراق يتخطى الخسائر المالية والخسائر في الأرواح حيث إنه أظهر للعالم افتقار القيادة السياسية الأمريكية للقدرة على ضبط النفس ونزوعها إلى استخدام القوة كأداة في السياسة الدولية. وبغض النظر عما يمكن تحقيقه أو لا يمكن إنجازه، اندفعت الولايات المتحدة في شن الحرب وكأنها أصبحت وسيلة عادية من وسائل العلاقات الدولية سيتقبلها الشعب الأمريكي بدون أي معارضة".
وأشار محللون عسكريون إلى أن ما يُعانيه الجيش الاميركي من ارتفاع نسبة الانتحار في صفوف قواته في فترة الاحتلال، يرجع إلى عدة أسباب منها "تواصل الضربات الموجعة للمقاومة الإسلامية في العراق ضد قوات الاحتلال في العديد من المدن، وعدم وجود مكان آمن لهذه القوات في العراق، فعلى الرغم من تمركز هذه القوات في الثكنات العسكرية المحصنة، التي تعتبر بالنسبة لهم ملاذاً آمناً، إلا أن سقوط قذائف المقاومة على معسكراتهم يجعل الجندي الأمريكي في حالة قلق مستمر وبالتالي انهياره، وبعض هؤلاء الجنود الرافضين للحرب يشعرون بالذنب بسبب الظلم والقتل الذي تمارسه قواتهم تجاه الأبرياء من العراقيين، مما يجعلهم يتهربون من الحياة بـالانتحار".
وأضاف، هؤلاء المحللون "أن الحل الأمثل لخلاص الجيش الاميركي من الخسائر اليومية وحالات الانتحار لأفراد جيشهم في العراق هو الانسحاب الكامل من البلاد لإنقاذ هذه القوات من القتل أو الانتحار أو الجنون".
المقاومة تؤكد هزيمة الاحتلال
أما المقاومة الإسلامية فأكدت في بياناتها هزيمة هذه القوات ومن أول مرحلة للانسحاب حيث قالت، "نحن في كتائب حزب الله في الوقت الذي نعتبر أن ما حصل هو الصفحة الأولى من صفحات الهزيمة في مسيرة الاحتلال، فإننا في الوقت نفسه نجدد العهد بأننا لم ولن نلقي البندقية حتى خروج آخر امريكي دخل العراق ضمن المشروع الامريكي ".
وأضاف البيان الصادر في 20-8-2010، "نقول إن ما استطاع الاحتلال نقله من جنوده تحت جنح الظلام ولم يعلن عنهم إلا بعد وصولهم الى قواعد خارج العراق سوف لن يضمن فرصةً كهذه لمن بقي من عناصره داخل العراق، وما عمليه الهروب تلك وبهذا الأسلوب إلا إشارةً واضحة الى المأزق الذي يعاني منه الاحتلال من عمليات أبناء كتائب حزب الله".
يذكر أن قوات الاحتلال أشارت الى دور المقاومة الإسلامية كتائب حزب الله وعلى لسان قادتها في استهداف قواتهم ودكّ قواعدهم حيث قال قائد قوات الاحتلال في العراق الجنرال أوديرنو للصحفيين في مؤتمر صحفي 13-7-2010، إن كتائب حزب الله لا تزال تشكل تهديداً أكثر خطورة على القواعد الأمريكية لأنها زادت من هجماتها الخطرة بالقذائف الصاروخية على القواعد العسكرية الامريكية في الاسابيع الماضية. مؤكداً بقوله "رفعنا مستوى الاستنفار الأمني في بعض قواعدنا لتزايد تهديدها من قبل كتائب حزب الله".
وأضاف أوديرنو، "إن كتائب حزب الله تشكل الآن تهديدا أكثر خطورة على القوات الامريكية من تنظيم القاعدة لأنها باستهدافها القواعد الأمريكية تسعى إلى ممارسة الضغط على البنية السياسية في العراق" بحسب تعبيره.
البريطانيون سبقوهم بالهزائم
لم تكن القوات الامريكية وحدها مَن تلقت الضربات والهزائم أمام المقاومة العراقية، فقبلها كانت القوات البريطانية على موعد من العديد من الهزائم، وأبرزها عملية "شمس الحرية" التي نمرُّ اليوم بذكراها، العملية التي أسهمت بتحرير الشيخ "قيس الخزعلي" من سجون المحتل الأمريكي مع العديد من المقاومين الذين بلغ عددهم أكثر من 500 من سجون الاحتلال، حينما تم أسر المستشار البريطاني بيتر مور وحراسه الشخصيين الأربعة من مبنى وزارة المالية.
وسجلت هذه العملية نصراً تاريخياً حققته المقاومة الإسلامية من إرغام الاحتلال الامريكي والبريطاني، ليأتي صاغرا في تنفيذ مطالب المقاومة، وإطلاق سراح الأسرى بعد أن تم التبادل بين الطرفين بوساطة الحكومة العراقية
وأشرف الشيخ قيس الخزعلي على عملية شمس الحرية وتنفيذها من داخل سجون الاحتلال، وعلى إثرها تم تحرير 500 مقاوم عراقي بمقدمتهم النائب الحالي حسن سالم، وأبو آلاء الولائي، وآخرهم الشيخ الخزعلي الذي أتم مهمة تحرير جميع الأسرى ثم خرج.
مثل هذه العمليات النوعية، تؤكد على قيادة حكيمة في أدق العمليات العسكرية والسياسية لدى المقاوم العراقي الذي شهر سلاحه في مقاومة المحتل منذ أول لحظة دخوله الى الأراضي العراقية.
وبهذا تعتبر المقاومة العراقية قد أخضعت أقوى جيش في العالم للتفاوض بعملية نوعية في العراق بأسر المستشار البريطاني بيتر مور وجنوده ولم تستطع جميع التقنيات والتكنولوجيا والأقمار الصناعية وأنظمة المخابرات الدولية والاستخبارات من تخليصه من أيدي أبطال المقاومة.
وكانت عصائب أهل الحق قد اختطفت في 2007 خبير المعلومات البريطاني "بيتر مور" وحرّاسه الأربعة في العراق، مشيرة إلى أنها "ستحتفظ بالرهينة البريطاني الخامس حتى تلبّي القوات الاميركية مطالبها المتمثلة بالإفراج عن عدد من قياداتها".
ونقل بيان عن نائب الامين العام للعصائب ـ حينها ـ أكرم الكعبي في 2011 قوله، إن "الاحتلال الاميركي لم يكفِ عن مراوغته ومماطلته في تسليمنا أسرانا المجاهدين في سجونه، لذا فإننا نعلن عدم تسليمهم الرهينة البريطاني الن مكمينميني وسنبقى نحتفظ به حتى تُلبّى مطالبنا".
وبعد مرور 12 عاما على خروج الاحتلال من المدن العراقية، منهزماً أمام ضربات المقاومة، أكدت حركة عصائب أهل الحق، اليوم الأحد، أن بطولات وتضحيات المقاومة أجبرت المحتل على الانسحاب من العراق.
وذكر بيان للحركة، أنه "في مثل هذا اليوم من عام 2011، حقّق العراقيون انتصاراً عظيماً على قوات الاحتلال الأمريكي التي جثمت على أرض بلادنا الجريحة لأكثر من ثماني سنوات، فقد أثمرت بطولات وتضحيات المقاومة الإسلامية العراقية التي تصدّت بسلاحها للوجود الغاصب وأجبرته على الرضوخ للقرار العراقي الوطني، بالانسحاب التام دون أن تبقى له قاعدة عسكرية تُدنّس أرضنا الطاهرة، ودون أن يحصل عسكري أمريكي واحد على حصانة دبلوماسية تحميه من المحاسبة وفق القانون العراقي النافذ، فكان هذا اليوم العظيم هو يوم السيادة والتحرير والاستقلال الفعلي لبلدنا الحبيب، الذي سطّر فيه العراقيون أكبر انتصار في التاريخ الحديث مضافاً إلى ثورة العشرين المجيدة".
وأضاف، "ومع الأسف الشديد، لم ينَل هذا اليوم العظيم حقّه من الاحتفاء والتكريم، والسبب الواضح لدينا في التقليل من أهمية هذا اليوم هو التعتيم الإعلامي والصراعات السياسية المحتدمة آنذاك بسبب رفض بعض الجهات المتخاذلة والمتآمرة لخروج قوات الاحتلال".
وتابع البيان، "وفي هذه الذكرى الوطنية العزيزة، نستذكر بكل فخر واعتزاز أصحاب الفضل في تحقيق السيادة العراقية التي نسعى لإكمالها والحفاظ عليها، وهم شهداء المقاومة الإسلامية الأبرار الذين وهبوا دماءهم الزكية وأرواحهم الطاهرة في مواجهة أعتى قوة عسكرية على وجه المعمورة وأذاقوها الويلات طوال ثماني سنوات من المقاومة التي اعترف بها العدو قبل الصديق، ووثّقتها تصريحات قادة الاحتلال الغاشم في أكثر من موضع ومناسبة".
وأشارت الحركة بحسب البيان إلى، أنه "وبهذه المناسبة العظيمة -يوم السيادة- الذي نراه عيداً وطنياً للعراقيين، نتقدم للمرجعيات الدينية الشريفة التي دعمت المقاومة بالسر والعلن بوافر الشكر والتقدير والامتنان، كما نبارك للعراقيين جميعاً ولكل الأحرار والشرفاء ممن ناصر المقاومة الشريفة ودعمها، وخصوصاً إخوتنا في الجمهورية الإسلامية الإيرانية وحزب الله في لبنان الذين كان لهم دور متميز في تقديم الدعم والمشورة والإسناد".
وتابع، "وعهداً منا لدماء شهدائنا الأبرار ولأبناء شعبنا العراقي العزيز، بالمضي في حماية السيادة العراقية، وإجبار المحتل الذي عاد تحت ستار مكافحة الإرهاب بعد استيلاء زمر داعش التكفيرية المدعومة منه ليتواجد على أرضنا من جديد، وما زال يراوغ في الانسحاب برغم قرار مجلس النواب الممثل الشرعي للعراقيين والذي صدر منذ ثلاث سنوات، ونحن في الوقت الذي نُحيّي فيه ضربات رجال المقاومة الإسلامية التي تدكّ قواعد الاحتلال، فإننا ندعو أبناء شعبنا الى التعاون والتكاتف مع المطالب العادلة لعودة السيادة الكاملة، كما نؤكد أن على الحكومة العراقية وضع جدول زمني محدد ولفترة قصيرة يتحقق فيها الانسحاب التام من جديد واستعادة السيادة الكاملة للعراق والعراقيين".