أردوغان يشير لمبادرة عراقية لترطيب العلاقات مع سوريا.. هل تنجح بغداد بفك الأزمة المستعصية؟
الرئيس التركي لا يمانع وينتظر الأسد
أردوغان يشير لمبادرة عراقية لترطيب العلاقات مع سوريا.. هل تنجح بغداد بفك الأزمة المستعصية؟
انفوبلس/..
لعبَت بغداد في الفترة الأخيرة أدواراً بارزة على الساحة السياسية الدولية وأسهمت بتطبيع علاقات عدة دول كانت متنافرة، ليبرز اسم العاصمة العراقية مجدداً في ملف أكثر تعقيدا من الملفات السابقة يتمثل بتطبيع للعلاقة بين سوريا وتركيا، فهل تنجح دار السلام بإحلال السلام بين هاتين الدولتين؟
*اردوغان يعلنها
يوم أمس، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن بلاده تنتظر اتخاذ الرئيس السوري بشار الأسد خطوة لتحسين العلاقات معها، حتى تستجيب “بالشكل المناسب”.
وقال الرئيس التركي في هذا الخصوص: “وصلنا الآن إلى مرحلة بحيث إنه بمجرد اتخاذ بشار الأسد خطوة لتحسين العلاقات مع تركيا، سوف نبادر بالاستجابة بشكل مناسب”.
وأوضح، إنه لدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مقاربة بشأن اللقاء بين أردوغان والأسد، كما أن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لديه مقاربة أيضا.
وأضاف: ”نتحدث هنا عن الوساطة فما المانع منها مع جارتنا؟”.
وتابع: ”سنوجه دعوتنا إلى الأسد وقد تكون في أي لحظة، ونأمل أن نعيد العلاقات التركية-السورية إلى ما كانت عليه في الماضي”.
*اجتماع قريب في بغداد
وفقا لمصدر حكومي عراقي، قال مطلع يونيو/ حزيران، إن هناك مساعي في بغداد لـ"تذويب الخلافات بين دمشق وأنقرة ومحاولة إعادة العلاقات إلى سابق عهدها أثمرت عن اجتماع سيجمعهما في العاصمة العراقية قريبا".
وأشار إلى أن "وجود ترحيب كبير من قبل دمشق وأنقرة بوساطة بغداد"، مضيفة أن رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني وفريقه الحكومي "توصلوا خلال الفترة الماضية إلى نتائج إيجابية بهذه الوساطة عبر اتصالات ولقاءات ثنائية غير معلنة".
وتحدث السوداني بنفسه عن ذات القضية على قناة "خبر تورك" التركية، مطلع حزيران.
وشكلت تصريحاته آنذاك "نقلة نوعية بعد أن نجحت حكومته في تحقيق توافق سياسي بين السعودية وإيران مطلع العام الماضي، وكادت أن تحقق ذات الشيء بين إيران والأردن ومصر، لولا تعثر المحادثات بين البلدان الثلاثة"، كما يشير فراس إلياس، أستاذ "الاستراتيجية والأمن الوطني" في جامعة الموصل.
وفيما يتعلق بمسار "الدستورية السورية" فقد طالب مندوبا النظام السوري وإيران لدى الأمم المتحدة، الأربعاء، بعقد اجتماعاتها مجددا في بغداد.
*ماذا وراء بروز اسم بغداد؟
وترتبط بغداد بعلاقات طيبة مع النظام السوري وكذلك مع تركيا.
ويعتقد المحلل السياسي العراقي، هيثم الهيتي، أن "شكل العاصمة العراقية المستقبلي بين سوريا ولبنان وإيران والولايات المتحدة الأميركية سيشابه إلى حد كبير الدور الذي لعبته سلطة عُمان في عملية التوافق بين دول الخليج وإيران".
ويضيف، أن "سلطنة عمان كانت مركزا تفاوضيا بين جميع الخصوم، والآن تأخذ بغداد دورا مشابها في الشرق الأوسط".
وفقا لأستاذ "الاستراتيجية والأمن الوطني" في جامعة الموصل، فراس إلياس تدرك حكومة السوداني أهمية النجاح في تحقيق المسعى السياسي الإقليمي (الوساطة)، لاسيما وأن رئيسها يطمح لتحقيق ولاية ثانية العام المقبل.
ومن خلال تقديم نفسه "كصانع للسلام الإقليمي" يمكن أن يعطي ذلك للسوداني "دفعة قوية لتحقيق نوع من الدعم الخارجي له"، حسب إلياس.
وسيؤدي التقارب السوري التركي بشكل أو بآخر إلى "إعادة تهذيب الدور التركي، وبالشكل الذي يجعله أكثر توافقا مع الدور الإيراني في الساحة السورية"، بحسب حديث إلياس.
*العاصفة بعد الهدوء
ورغم أن النتائج لا تزال "صفرية" في العلن على خط بناء الحوار بين أنقرة ودمشق تشهد الأيام الحالية حراكا على صعيد التصريحات وتبادل الأهداف والرؤى.
وفي حال انخرطت بغداد في العملية المستمرة منذ بداية عام 2022 ستكون الطرف الوسيط الثالث من نوعه، بعد روسيا وإيران.
لكن على الطرف المقابل وفيما يتعلق بـ"اللجنة الدستورية السورية" تشير تعليقات لأعضاء معارضين فيها إلى حالة من التمسك بانعقاد اجتماعات المسار في جنيف.
ويعتبر حسن الحريري عضو "الهيئة المصغرة" في اللجنة الدستورية أن تأكيد النظام على ضرورة استئناف اللجنة في بغداد بمثابة "مناورة"، ومحاولة لإظهار أنهم منسجمين مع العملية الدستورية ومتوافقين معها بالإيجاب.
*أسباب سير بغداد على طريق الوساطة
ومن جانب آخر يشير الأكاديمي العراقي إلياس إلى أن رئيس الحكومة العراقية السوداني "يدرك أهمية سحب ورقة النظام السوري من جانبها الأمني إلى الجانب السياسي، عبر البدء بمسار سياسي يعيد إنتاج تصور جديد للأخير".
ولن يكتسب الانفتاح السعودي، وكذلك العربي على نظام بشار الأسد دفعة أقوى، "إذا بقيت تركيا خارج معادلة الانفتاح"، بحسب إلياس.
ويقول في سياق حديثه عن أسباب سير بغداد على طريق الوساطة إن "استمرار التوتر بين (أنقرة ودمشق)، وتحديدا على مستوى الحل السياسي للأزمة السورية، قد يمثل عقدة سياسية تقف عائقا أمام أي مبادرة سياسية للتوافق بين النظام السوري وتركيا والدول العربية".
*سوابق تقاربية متعثرة
وسبق أن اجتمع وزراء خارجية كل من روسيا وتركيا وإيران وسوريا في موسكو ضمن "الصيغة الرباعية" في مايو/ أيار 2023، بعد سلسلة لقاءات بين رؤساء استخبارات الدول ووزراء الدفاع، لكن ورغم هذه الجهود، فإن مساعي تركيا تعثرت بتصريح الأسد أن "هدف أردوغان هو شرعنة وجود الاحتلال التركي في سوريا".