أصحاب الرواتب العليا ترفضه.. حراك شعبي لتعديل سُلّم الرواتب وجهود عكسية لإفشاله
انفوبلس..
يُعد تعديل سلّم الرواتب من أبرز الملفات التي تعمل عليها حكومة السوداني لارتباطه الوثيق بحياة الناس اليومية، المشروع الذي قوبل بموجة تفاؤل شعبية واصطدم بمحاولات رفض من قبل شريحة ذوي الرواتب العليا، لكونه يعمل على ردم الفجوة بين الشرائح الدنيا والعليا من حيث الرواتب عبر زيادة الأول وخفض الثاني.
سبق طرِح مشروع القانون العديد من التظاهرات الشعبية والضغط الإعلامي لإقراره وتمريره في مجلسي الوزراء والنواب. ويسلّط موقع "INFOPLUS" الضوء على كواليس تُطرح لأول مرّة بشأن هذا القانون، حصل عليها من مصادر خاصة.
بدأت القضية حين قابل وفد من تنسيقية التظاهرات المطالبة بتعديل سلم الرواتب، الأمين العام لمجلس الوزراء حميد الغزي، حيث قام الغزي بتشكيل لجنة بالأمر الديواني 24 برئاسة مديرة الدائرة القانونية بوزارة التخطيط هناء إسماعيل وعضوية مجلس الخدمة الاتحادي ووزارة المالية ووزارات أخرى لدراسة جدول رواتب موظفي الدولة.
وبعد أن أكملت اللجنة أعمالها تم تقديم الجدول مع التوصيات على رئيس الوزراء محمد شياع السوادني والذي اطلع عليها وأضاف بعض التعديلات ثم أعادها إلى اللجنة التي أكملتها ووصل القانون لمرحلة النضج.
حينها أصبح القانون موضوع الشارع والإعلام وهنا بدأت تدخلات اللجان النيابية، حيث طلبت اللجنة المالية عقد اجتماع مع اللجنة 24 وأبدت بعض الملاحظات، منها عدم المساس بمخصصات الرئاسات الثلاثة والدرجات الخاصة.
ثم عكفت اللجنة المالية على تعديل مسودة القانون، وبعد إكمالها طلبت أيضاً اللجنة القانونية عقد اجتماع مع لجنة 24 وتم الاجتماع وأيضاً تم التأكيد على عدم المساس بمخصصات الرئاسات الثلاثة، وأضافت اللجنة تعديلاتها هي الأخرى ثم أكملتها وهي الآن بصدد التوقيع عليها وإرسالها إلى مجلس الوزراء للتصويت.
وجاء ضمن الملاحظات الأخيرة إلغاء المخصصات كافة التي تُمنح بخلاف قانون موظفي الدولة رقم 25 لسنة 2008 وستشمل المهنية في وزارة التربية وغيرها من المخصصات وتم بالمقابل رفع الرواتب الأسمية كافة من العاشرة إلى الأولى.
تنسيقية التظاهرات كشفت لـ"INFOPLUS" قيامها بعقد لقاء مع حميد الغزي في مدينة الحنانة بالنجف الأشرف، كما أقامت 8 تظاهرات كبيرة والتحشيد لتظاهرات أخرى والعمل على توفير ضغط إعلامي في مواقع التواصل وأيضا التواصل مع النواب والمعنيين والشخصيات الفاعلة في الساحة لجعل القضية أكثر شعبية وتعريف الناس بحقوقهم وإزالة اللبس الذي يحصل، كما وعدت التنسيقية بتظاهرة كبرى ستنطلق في بغداد مطلع شهر أيار/ مايو المقبل ستجعل العاصمة "تغلي على صفيح من نار".
تفاصيل القانون
معين الكاظمي عضو اللجنة المالية كشف أنّ سلّم الرواتب الجديد "هو مقترح تعمل عليه لجنة مكلّفة من أمانة مجلس الوزراء، وتضم أعضاء ممثلين عن وزارة المالية والتخطيط وديوان الرقابة المالية ومجلس الخدمة الاتحادي".
اللجنة أنجزت، بحسب الكاظمي جدول مقترح لتعديل سلّم الرواتب "من شأنه إنصاف الدرجات الدنيا - من الدرجة الـ 10 إلى الخامسة - بشكل أفضل من السابق". مبينا، أنّ "تعديل سلم الرواتب لم يُنجز بشكل نهائي ويحتاج إلى مصادقة من مجلس الوزراء ليأخذ طريقه إلى البرلمان".
ويؤكّد الكاظمي، أنّ "الهدف من تعديل سلم الرواتب هو تحقيق العدالة الاجتماعية، وتخفيف الفرق الشاسع في الرواتب بين موظفي الدولة، مع الأخذ بنظر الاعتبار الخطورة والتخصص".
وينص السلم الجديد الذي تقترحه اللجنة الحكومية على تعديل الراتب الاسمي لموظفي الدرجة العاشرة من 170 إلى 425 ألف دينار، كما يشير عضو اللجنة المالية، وفق معادلة موحدة لتغيير مجمل رواتب الموظفين.
الكاظمي بيّن أيضاً، أنّ السلم الجديد يشمل "إلغاء الامتيازات المقررة سابقاً وإقرارها من جديد، بحيث يكون للوزير صلاحية منح مخصصات 30% من الراتب الاسمي تُضاف على الراتب، ولمجلس الوزراء صلاحية إضافة 50% إلى الراتب".
وسبق أن أكّدت اللجنة المالية في مجلس النواب، أنّ رواتب الدرجات الدنيا ستزداد وفقا للسلّم الجديد "بنسبة 150 بالمئة"، فيما أشارت إلى أنّ القانون الجديد سيمنح مخصصات50% لجميع الموظفين.
بدوره، يوضح المختص في الشأن الاقتصادي منار العبيدي أنّ السلم الجديد "يشمل تعديلات على الرواتب الدنيا ورفعها، وإلغاء بعض المخصصات التي كانت موجودة".
ويرى العبيدي، أنّ "الهدف من التعديل هو إيجاد توازن في ملف الرواتب في القطاع العام، ما سيسبب ارتفاعا في فاتورة الرواتب خاصة مع حملة التعيينات الجديدة التي تضمنتها الموازنة".
ويضيف العبيدي، أنّ "نسبة الرواتب تقريباً ستشكل 30% من مجمل المصرفات التشغيلية البالغة قيمتها 150 ترليون دينار، أي أن مجمل الرواتب خلال السنة ستبلغ 50 ترليون في حال أقرّت الموازنة بشكلها الحالي".
عقبات تعديل سُلّم الرواتب
واصطدمت توجهات الحكومة والبرلمان بالتعديل على السلّم بالرفض والقبول كعادة أي قرار جديد او قانون بالنظر لرفض بعض الوزارات خفض الرواتب.
وبالحديث عن تعديل سلم الرواتب يقول عضو مجلس النواب حسين علي، إن "العقبة الرئيسية التي تُعيق إكمال تعديل سلم الرواتب الجديد هي عدم الوصول إلى اتفاق بشأن تخفيض رواتب بعض الوزارات التي تتسم بالارتفاع". مشيرا إلى، أن "هنالك بوادر واضحة من مجلس الوزراء واللجنة المالية النيابية لتمرير القرار".
ويتابع، إن "التعديل الجديد للقرار سيعمل على إنصاف جميع الرواتب المنخفضة لبعض الوزارات عبر الزيادة التي سيتم التصويت عليها تحت قبّة البرلمان"، لافتا إلى، أن "الفترة المقبلة ستشهد إكمال التعديل من اللجنة المالية والحكومة".
وبشأن دور الكتل السياسية في التعديل الجديد، يبين عضو مجلس النواب: إن "رؤساء الكتل السياسية في البرلمان اتجهوا إلى ضرورة التعديل على سلّم الرواتب لما فيه من أهمية مُلحّة لفئات كبيرة من المجتمع".
اتفاق مبدئي
وفي غضون ذلك يقول عضو اللجنة المالية النيابية مضر الكروي، إن "اللجنة المالية النيابية ناقشت بشكل موسّع تعديل سلّم الرواتب لمؤسسات الدولة العراقية وجرى التوافق على 4 نقاط محددة أبرزها الحد الأدنى للرواتب عند 425 ألف دينار للموظفين من الدرجة العاشرة مع منح مخصصات تحسين معيشة تصل إلى 50%".
وأضاف، إن "هنالك اجتماعات أخرى ستجري خلال الفترة المقبلة من أجل حسم كل النقاط". لافتا إلى، أنه "تم طرح تعديل سلم الرواتب على مجلس الوزراء للمصادقة عليه وسيتم خلال أسابيع من الآن".
إلى ذلك يقول عضو مجلس النواب أسعد البزوني، إن "هنالك دعما برلمانيا للتعديل على سلم الرواتب لما فيه من فسحة اقتصادية كبيرة لشريحة واسعة من المجتمع العراقي". مشيرا إلى، أن "الإشارة إلى مجلس الوزراء من أجل الشروع في إكمال تعديل القرار وإرساله إلى مجلس النواب".
ويتابع، إن "رئاسة مجلس الوزراء ماضية في إكمال قرار تعديل سلم الرواتب خلال الفترة المقبلة". لافتا إلى، أن "هنالك خطوات عملية جادة من مجلس النواب بشأن تعديل سلم الرواتب الجديد وسيتم ترجمتها على أرض الواقع".