أمر إداري يُسقط الكهل الأول من الكهلان الثلاث! "شيب الرأس" يجعل العلوي محافظا "سابقا" لبغداد

انفوبلس/ تقارير
أبعَد رأس العلّاق بعد أن وَضعهُ الأخير على كتفه، لا كتف للمواساة بعد اليوم، لقد سقط الكهل الأول من الكُهلان الثلاث، عبد المطلب العلوي ليس محافظ بغداد بعد الآن، القيسي يحيله إلى التقاعد لبلوغه السن، لا يمكن أن يحدث هذا! تعترض دولة القانون بشدة، ياسر المالكي ينتصر بعد مخاض عسير، فهل انتهى عهد شيوخ الدعوة؟
الإطاحة بالعلوي
في وقت سابق من اليوم الأحد، أصدر مجلس محافظة بغداد أمرًا إداريًا يقضي بإحالة المحافظ عبد المطلب علي يوسف العلوي، إلى التقاعد، بعد بلوغه السن القانونية.
عقب ذلك، تم تكليف النائب الأول لمحافظ بغداد علي زيدان بمهام إدارة المحافظة وكالة لحين تسمية محافظ جديد.
بعدها، أعلن المجلس عن فتح باب الترشح لمنصب محافظ بغداد بدءًا من اليوم الأحد الموافق، ولغاية نهاية الدوام الرسمي ليوم غد الاثنين.
والعلوي كان يعمل سابقا مستشارا لرئيس مجلس الوزراء لشؤون الإدارة والسياسات العامة، وكان قد حصل على 7629 صوتا في انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة، والمقعد الثاني ضمن مقاعد ائتلاف دولة القانون التسعة في مجلس محافظة بغداد.
وانتخب مجلس محافظة بغداد، في الخامس من شهر شباط من العام 2024، العلوي، محافظاً للعاصمة.
ائتلاف دولة القانون يعترض
بعد القرار آنف الذكر، أبدى ائتلاف دولة القانون، اعتراضه على ما حدث، وعلّق على الأمر الإداري الخاص بإحالة محافظ بغداد عبد المطلب العلوي التابع له إلى التقاعد من قبل رئيس مجلس المحافظة عمار القيسي.
وقال عضو الائتلاف عبد الرحمن الجزائري في تصريح صحفي تابعته شبكة انفوبلس، إن "قرار إحالة محافظ بغداد عبد المطلب العلوي، إلى التقاعد إجراء غير قانوني، وهو أكيد تصرف شخصي وهو بسبب بعض الصراعات السياسية".
العلوي يرد رسميا ويرفض إحالته إلى التقاعد
بعد اعتراض دولة القانون بقليل، رفض العلوي قرار إحالته إلى التقاعد الصادر عن مجلس محافظة بغداد، قائلا إنّ القرار يخالف قانون المحافظات 21 لسنة 2018.
وقال العلوي في رد رسمي ورد لشبكة انفوبلس، إنّ قانون المحافظات غير المنتظمة المعدل "لم يحدد سنًا معينًا لإحالة المحافظ على التقاعد، فضلاً عن أن آلية تعيين المحافظ تكون عن طريق الانتخاب من مجلس المحافظة، كما أنّ من أهم أركان القرار الإداري هو ركن الاختصاص والذي يعد من النظام العام".
وأضاف، أنّ أمر الإحالة على التقاعد "يعد مشوبًا بعيب عدم الاختصاص لصدوره من جهة غير مختصة قانونًا"، مشددًا أنّ "القرارات المعيبة بعيب الاختصاص تعد بحكم المعدومة ولا ترتب أي أثر، كما أنّ القانون اشترط في المادة 25 عدة شروط فيمن يرشح لمنصب المحافظ، فضلًا عن الشروط المطلوب توافرها في عضو مجلس المحافظة والمنصوص عليها في المادة 5 من القانون، والتي لم تحدد سنًا قانونيًا للترشيح فيمن يرشح لمنصب المحافظ، كما أنّ قانون التقاعد الموحد رقم 9 لسنة 2014 المعدل نص في المادة 14/ أولاً منه على (يحال إلى التقاعد الموظف المعين بمرسوم جمهوري أو بأمر من مجلس الوزراء أو رئيس مجلس الوزراء أو هيئة رئاسة مجلس النواب بالكيفية التي تم تعيينه فيها)".
واعتبر المحافظ، أمر مجلس محافظة بغداد "دون سند قانوني، بالنظر إلى أنّ قرار تعيينه جرى "بمرسوم جمهوري صدر بتوقيع رئيس الجهورية".
كيف تمت الإطاحة به؟
يزعم الجزائري، أنه "لا يوجد أي اتفاق سياسي على إقالة العلوي، فالقرار غير قانوني، وهناك استثناءات لبعض المسؤولين من عمر التقاعد" وفق قوله.
وبيّن عضو ائتلاف دولة القانون، إن "محافظ بغداد عبد المطلب العلوي سيقدم طعناً لدى الجهات القضائية المتخصصة بشأن قرار إحالته الى التقاعد، وحتى في حال مضى قرار التقاعد، فمنصب محافظ بغداد سيبقى من حصة ائتلاف دولة القانون".
وأشار إلى أن "ائتلاف دولة القانون سيكون لديه مرشح جاهز لهذا المنصب، الذي هو استحقاق له وفق كل الاتفاقات السياسية داخل الإطار التنسيقي ومع باقي الشركاء السياسيين".
خلافات مع ياسر المالكي
ينتمي المحافظ عبد المطلب العلوي إلى حزب الدعوة، وكان مرشحاً مفضلاً لرئيس الحزب نوري المالكي منذ إعلان نتائج الانتخابات المحلية ببغداد، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وتفيد تقارير صحفية، أن ياسر صخيل، وهو صهر المالكي، شارك سابقاً في حملة لإقالة محافظ بغداد وتحشيد أعضاء مجلس المحافظة ضده.
وما يعزز هذه الإفادة، هو كبح نوري المالكي في عام 2024 لتمرد جناح داخل حزبه الدعوة كان يخطط لإقالة محافظ بغداد.
وتداولت في التاريخ المذكور، مجموعات "واتساب" تسجيلاً صوتياً بدا أنه للمالكي، يخاطب فيه أعضاء ائتلاف دولة القانون في مجلس بغداد، قائلاً: "بلغني أنكم تشتركون مع الإخوة الآخرين في اجتماع تتداولون فيه تغيير محافظ بغداد.. هذا ليس قرارنا، ولم يصدر التوجيه منا".
ولم ينفِ أو يؤكد حزب الدعوة صحة التسجيل، ورغم أن مراقبين طرحوا فرضية أن "طرفاً ما عالج صوت المالكي بالذكاء الاصطناعي"، فإن مصادر ذكرت حينها أن "المالكي نفسه اضطر إلى تسريبه لإحراج جناح في الحزب كان يريد إطاحة المحافظ".
وكان أكثر من 15 عضواً في مجلس محافظة بغداد قد جمعوا تواقيع لإحالة العلوي إلى التقاعد بعد بلوغه السن القانونية.
وعن طبيعة خلاف ياسر المالكي مع العلوي، فتفيد المصادر أن "ياسر يعارض سياسة حزب الدعوة في إقصاء محمد الحلبوسي (رئيس البرلمان المقال)، وحاول الضغط على حزبه في مجلس محافظة بغداد"، لكن المالكي أوقف الحملة حينها.
هل انتهى عهد شيوخ الدعوة؟
بعد إحالة العلوي إلى التقاعد، برزت العديد من التساؤلات، لعلّ أبرزها: هل انتهى عهد شيوخ حزب الدعوة؟ وهل بدأ نفوذ الحزب على المناصب بالانحسار؟
تواصلت انفوبلس مع باحثين للشأن السياسي، وتفاوتت آراؤهم وإجاباتهم حيال تلك الأسئلة، فمنهم من يرى أن الحزب تعرض لضربة بالفعل بإحالة العلوي إلى التقاعد وفقد واحدا من أهم المناصب الإدارية، بينما يقلل البعض من أهمية ما حدث ويرون أن حزب الدعوة لن يضحي بسهولة في هذا المنصب.
وقال هؤلاء، إن العلوي ليس الشخصية الوحيدة في حزب الدعوة، بل هو واحد من بين العديد من القيادات والشخصيات المؤثرة في الحزب وبالتالي فإن إحالته إلى التقاعد لن تؤثر بشكل كبير على نفوذ الحزب.
وأضافوا، إنه "قد تكون هناك شخصيات أخرى تدعم الحزب في موقع المحافظ، فمن الممكن أن يتم تعيين شخصية أخرى من حزب الدعوة أو متحالفة معه في منصب محافظ بغداد، مما يعني استمرار نفوذ الحزب بالمحافظة".
وأشاروا إلى أن "التأثير السياسي لا يقتصر على منصب المحافظ، فحزب الدعوة له تأثير كبير في مختلف جوانب الحياة السياسية بالعراق".
بالمقابل، يرى محللون آخرون، أن "التقليل من أهمية إحالة العلوي إلى التقاعد يكمن باعتقاد دولة القانون أنهم سيرشحون شخصية بديلة له تابعة لهم أيضا، وهذا قد لا يحدث هذه المرة، كون المعطيات تغيرت ولم ينجح حزب الدعوة من طرح شخصية ناجحة وغير جدلية لهذا المنصب طوال الفترة الماضية".
تذكير
أخيرا وليس أخرا، لابد من التذكير ما فعله رئيس مجلس النواب محمود المشهداني قبل نحو أسبوعين، إذ وجّه مخاطبة إلى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، لإحالة رؤساء الهيئات والمحافظين الذين تجاوزوا السن القانوني، الى التقاعد.
وأظهرت وثيقة اطلعت عليها شبكة انفوبلس، مخاطبة المشهداني للسوداني ومن مبدأ فصل السلطات، لاتخاذ القرارات اللازمة لإحالة المسؤولين الذين تجاوزت أعمارهم السن القانونية البالغة 60 عاما الى التقاعد.
وخلال الأشهر الماضية، جرى الكثير من الحديث والنقاشات حول سبب تأخير إحالة بعض المسؤولين الى التقاعد، ولاسيما محافظ بغداد (السابق) عبد المطلب العلوي، ورئيس هيئة الحشد فالح الفياض، ومحافظ البنك المركزي علي العلاق، في حين يحظر قانون التقاعد بقاء أحد في منصبه بعد الـ60 عاما.
وأخيراً، تضع شبكة انفوبلس بين أيديكم أدناه آخر تقرير لها على كُهلان الهيئات المستقلة والذي يحمل عنوان "المشهداني يستنجد بالسوداني للتخلص من كهلان الهيئات المستقلة.. يد الفياض على رأسه ورأس العلّاق على كتف العلوي!".
للانتقال إلى التقرير اضغط هنا