أمير قطر في العراق.. انفوبلس تنشر أبرز التفاصيل المعلنة عن الزيارة وأسبابها "الخفية"
انفوبلس/ تقرير
وصل أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى العاصمة العراقية بغداد، اليوم الخميس 15 حزيران/ يونيو 2023، في زيارة ذات أبعاد سياسية واقتصادية مهمة وتلبيةً لدعوة من رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، وذلك حسبما أعلنت الحكومة العراقية.
وتمثل الزيارة أهمية كبيرة في "مرحلة مفصلية" من عمر حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، على حد تعبير المتحدث باسم وزارة الخارجية أحمد الصحاف.
وقال المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء في بيان ورد لـ"انفوبلس"، ان "السوداني استقبل أمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في صالة الشرف الكبرى بمطار بغداد الدولي"، مبينا، "سيترأس رئيس مجلس الوزراء وأمير قطر وفدي البلدين، في مباحثات موسّعة بشأن الملفات المشتركة، والتوقيع على مذكرات تفاهم في عدد من المجالات والقطاعات".
أجرى رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، عصر اليوم الخميس، مراسم استقبال رسمي لأمير دولة قطر، سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أقيمت في القصر الحكومي وسط العاصمة بغداد. وشهدت المراسم الرسمية عزف النشيدين الوطنيين للعراق وقطر، واستعراض حرس الشرف.
وتُعد هذه الزيارة الثانية لأمير قطر إلى العراق والتي قد تستمر لساعات فقط، بعد مشاركته في أعمال مؤتمر قمة بغداد، في نهاية شهر آب 2021.
وأعلن الديوان الأميري القطري سابقاً، أن "أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني سيتوجه (الخميس) إلى العراق في زيارة رسمية يبحث خلالها تعزيز علاقات البلدين وجملة من القضايا محل الاهتمام المشترك تلبيةً لدعوة من رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني".
وأضاف البيان، أن الأمير سيبحث مع رئيس الوزراء العراقي تعزيز العلاقات الأخوية بين البلدين، كما سيناقش الشيخ تميم والسوداني القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، طبقاً للبيان.
ورُفِعت أعلام قطرية على طول طريق مطار بغداد الدولي غربي العاصمة بغداد، إلى جانب عبارات ترحيب في مناطق عدة من العاصمة العراقية.
وفي السياق ذاته، أكد المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي، أن زيارة أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني إلى بغداد ستتضمن مباحثات حول طريق التنمية.
وقال العوادي، إن "زيارة أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني المقررة إلى بغداد، تمثل بادرة إيجابية وفعّالة ستُسهم في دفع العلاقات العراقية- القطرية إلى الأمام كثيرا". لافتا إلى، أن "رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يريد أن يعطي لهذه العلاقات دفعة قوية وهو ذات التوجه من أمير قطر". مشيرا إلى، أن "زيارة أمير قطر ستؤسِّس لعلاقات أكبر وأوسع وأشمل".
وأكد، إن "أحد الملفات التي ستُبحث خلال زيارة أمير قطر هو مشروع طريق التنمية والاستعدادات التي أبدتها المؤسسات القطرية". لافتا إلى، أن "مشاركة قطر في المشروع ستكون فعّالة من ناحية الدعم والاستثمار، وهي إحدى النقاط التي ستُناقَش".
وأضاف العوادي، إن "هناك رغبة كبيرة من العراق وقطر في تعزيز التعاون في مجال الاستثمار والطاقة، بما في ذلك الاستثمار في الصناعات التحويلية والبتروكيماوية، والتعاون في مجال الموانئ والربط البحري وفتح خطوط ملاحية".
وستشهد الزيارة أيضًا مناقشة فتح ملحقيات تجارية بين بغداد والدوحة، وأخرى لتفعيل التعاون في مجالات الموانئ والربط البحري عبر خطوط ملاحية بين البلدين.
وسبق أن أكد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، في لقاء مع رجال أعمال قطريين، استعداد الحكومة لـ "تأسيس شراكات بنّاءة في مجال الاستثمار".
كما أكد أن العراق يضم فرصاً اقتصادية متاحة خاصة في مجال الطاقة المتجددة، والاستثمار الأمثل للغاز المصاحب والبتروكيمياويات.
كما كشفت مصادر حكومية، أن "أمير قطر سيفتح موضوع مد أنبوب الغاز القطري إلى تركيا ثم إلى أوروبا عبر العراق بزيارته اليوم الخميس". مبينة، أن "السوداني خالف النصوص الدستورية العراقية من خلال عدم تبليغ رئيس الجمهورية بالزيارة إلا بعد أيام قليلة، علماً أن الأخير ثبّت موعد زيارة الرئاسة إلى إيطاليا قبل إخباره بزيارة حمد بن تميم".
"تفعيل الدور العراقي في المنطقة"
فيما اعتبر مقرر لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي عامر الفايز، أن زيارة أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، إلى بغداد "استمرار لحراك العراق نحو تقوية علاقاته بمختلف دول المنطقة والعالم"، وفقا لقوله.
وأضاف، أن ذلك "يؤكد عودة العراق لدوره الفاعل في المنطقة والعالم، ويؤكد أن العراق يحظى بدعم إقليمي كبير من أشقائه، مما يساعده في تجاوز الكثير من أزماته، خصوصا الاقتصادية، من خلال دعوة الشركات الكبرى للعمل فيه".
أما رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري فاعتبر، أن الزيارة "تؤسِّس لجانب دبلوماسي مهم، وثقل هذه الزيارة سوف يرتكز على الجانب الاقتصادي، خصوصاً أن الدوحة أبدت في الآونة الأخيرة رغبتها بأن تكون لها مساحة استثمارية في مجال استخراج الغاز".
وأوضح الشمري، أن "ملفات المنطقة، ستكون مطروحة خلال زيارة أمير قطر إلى بغداد، خصوصاً أن هذه الملفات شائكة، كما سيتم بحث دور العراق وقطر في تقريب وجهات النظر وعقد مصالحات بين الأطراف الإقليمية، ولهذا، ستكون الزيارة هي زيارة دعم للعراق وشعبه، وهذا مهم، لكن الأهم أن يستثمر صنّاع القرار العراقي زيارة كبيرة بهذا المستوى".
وتأتي زيارة أمير قطر عقب جولة أجراها لعدد من الدول في آسيا الوسطى، وشملت أوزبكستان، وقيرغيزستان، وكازاخستان، وجمهورية طاجيكستان.
*لماذا يزور أمير قطر العراق
هذه التطورات في العلاقات مع قطر في وقت يسعى فيه العراق، إلى زيادة أنشطة البحث والتنقيب عن النفط والغاز في كل مناطق الامتيازات البرية والبحرية.
ويأتي ذلك وسط مساعٍ من العراق لزيادة إنتاج النفط إلى 8 ملايين برميل يومياً بحلول 2027، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز.
وفي 15 مايو/ ايار 2023، أكد وزير النفط العراقي، إحسان عبد الجبار إسماعيل، أهمية البدء بأعمال المسح الزلزالي من أجل التنقيب عن النفط والغاز للرقعة البحرية في الخليج العربي.
وتُعد الرقعة أول تجربة ونشاط فعلي في موقع بالمياه الإقليمية في الخليج العربي بجزأيها البرّي والبحري، إذ تشير التوقعات والدراسات إلى أنها تضم تراكيب هيدروكربونية (بإشارة لوجود النفط والغاز).
فيما قال مدير عام شركة الاستكشافات النفطية علي جاسم، إن "خطط العراق تهدف إلى تعظيم الاحتياطي الوطني للثروة الهيدروكربونية واستثمارها، من خلال تعزيز الجهد الوطني، والعمل المشترك مع الشركات العالمية الرصينة، في تحويل التوقعات إلى احتياطيات فعلية تُضاف إلى الإنتاج الوطني".
وستكون هذه الخطط العراقية للتنقيب عن النفط والغاز، فرصة مهمة لقطر لضخ استثمارات بهذا الجانب التي تمتلك خبرة واسعة فيه.
وضمن أحدث الاستثمارات القطرية في العراق، وافقت شركة "قطر للطاقة"، في أبريل/ نيسان 2023، على الحصول على حصة قدرها 25% من مشروع غاز في العراق تُقدر تكلفته الاستثمارية بنحو 10 مليارات دولار، وفق بيانات وكالة "بلومبيرغ" الاقتصادية الأمريكية.
وذكرت الوكالة، أن المشروع المتكامل لتنمية الغاز بالعراق سيجري تنفيذه عبر تحالف، يضم شركة "توتال" الفرنسية، التي ستمتلك 45% من المشروع، فيما تمتلك شركة نفط البصرة حصة قدرها 25%.
والمشروع يسمح للشركاء بقيادة "توتال" ببناء أربعة مشاريع للنفط والغاز والطاقة المتجددة في جنوب العراق على مدى 25 عاماً.
وتعد الصفقة مهمة للعراق خاصة، ولاسيما بعد أن قلصت شركات إكسون موبيل وشيل وBP عملياتها في العراق بالسنوات الأخيرة.
*ماذا تستفيد قطر؟
يقول تحليل للخبير سيمون واتكينز، نشره موقع "Oil Price" المتخصص بأخبار الطاقة في فبراير الماضي، إن "مشروع توتال ينقسم إلى مشاريع لضخ ماء البحر في الحقول النفطية العراقية ومشاريع استكشاف ومشاريع نقل، وأيضاً مشاريع غاز".
وأضاف التحليل، إن "الخيار الأفضل بالنسبة لقطر في هذه المجموعة من المشاريع هو مشروع الغاز، نظراً لخبرتها في هذا المجال ودورها كأكبر مصدِّر للغاز الطبيعي المسال في العالم".
وتعتبر قطر من بين أكبر الدول المصدرة للغاز في العالم بطاقة إنتاج تصل إلى 77 مليون طن سنوياً، كما أنها تستطيع إنتاج المزيد إذا لزم الأمر.
ويقول الموقع الدولي، إن الدوحة لديها خطط لزيادة ذلك إلى 126 مليون طن سنوياً بحلول عام 2027، وبانضمام قطر إلى مشاريع الغاز العراقية فإنها ستكون قادرة على تعويض نسبة كبيرة من إمدادات الغاز الروسية.
وأضاف، إنه حينما فرضت العقوبات على الطاقة الروسية، تم استخدام إمدادات قطر للغاز الطبيعي المسال لسد جزء كبير من الفجوة في التجهيز.
وفي وقت سابق، كشف المدير التنفيذي لوكالة قطر لتنمية وترويج الصادرات في بنك قطر للتنمية حمد مجيغير، نمو الصادرات القطرية للقطاع الخاص إلى العراق خلال العام الماضي بنسبة 18 بالمئة.
وبحسب غرفة قطر، سجل التبادل التجاري بين قطر والعراق نمواً كبيراً خلال السنوات الأخيرة، خصوصاً بعد تدشين الخط الملاحي بين البلدين في أبريل 2018، حيث ساهم ذلك في نمو التبادل التجاري بنسبة 28% في العام 2018، ليصل إلى نحو 472 مليون ريال قطري (نحو 129.7 مليون دولار).
كما قفز التبادل التجاري في العام التالي (2019) لنحو 710 ملايين ريال (195 مليون دولار) بنمو قدره 50% مقارنة بالعام الذي سبقه.