أميركا تدرس إدراج مقايضة النفط مقابل الغاز ضمن العقوبات أيضا.. ما إمكانية ذلك؟.. إليك الآراء القانونية بالتفصيل
انفوبلس/ تقارير
بعد فشلها بالاستمرار في العبث بكهرباء العراق ومواصلة هيمنتها على قطاع الطاقة في البلاد، ذهبت الولايات المتحدة الأميركية للتخطيط بدرج اتفاق العراق وإيران بمقايضة النفط مقابل الغاز ضمن العقوبات أيضا، رغم التأكيدات النيابية بأن هذا الاتفاق سيستمر لشهرين فقط أي لغاية انتهاء أزمة نقص الغاز.
*مسؤولون أميركيون: اتفاق المقايضة ينتهك العقوبات الأميركية
وبهذا الشأن، حذّر مسؤولون أميركيون من أن الاتفاق الأخير بين العراق وإيران بشأن مقايضة النفط بالغاز، سيمثل انتهاكاً للعقوبات الأميركية المفروضة على إيران.
وقال مسؤول في الخارجية الأميركية وآخرون سابقون لوكالة "رويترز"، إن مقايضة الغاز الطبيعي الإيراني مقابل النفط العراقي، وفق الاتفاق الذي أعلنه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني قبل أيام؛ ستمثل انتهاكاً للعقوبات الأميركية المفروضة على طهران، ما لم تصدر الولايات المتحدة استثناءً يسمح بذلك.
*لا إعفاء أميركيا
وفي السياق، أشار رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، إلى أنَّ واشنطن لم تمنح حتى الآن بغداد إعفاءً لدفع 11 مليار دولار لطهران، وهو ما أدى إلى إبقاء هذه الأموال عالقة في حسابات الشركات الإيرانية بالمصرف العراقي للتجارة، المملوك للدولة.
*مسؤولون عراقيون: الاتفاق لا يمثل انتهاكاً للعقوبات الأميركية على طهران
ودافع مسؤولون عراقيون عن الاتفاق، مؤكدين أنه لا يمثل انتهاكاً للعقوبات الأميركية على طهران، وأنه سيعمل على تخفيف أزمة الكهرباء المتفاقمة في العراق.
لكن المسؤولين الأميركيين السابقين، قالوا إن المقايضة ستتعارض على الأرجح مع العقوبات الأميركية.
وقال ريتشارد جولدبرج من مركز "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" للأبحاث، إن "إجراء هذا النوع من المقايضات مع إيران سيكون انتهاكاً للعقوبات الأميركية ما لم يصدر استثناء من الأمن القومي أميركي".
وأضاف جولدبرج، الذي عمل ضمن طاقم مجلس الأمن القومي في إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب: "سيكون هذا محظوراً بموجب قانون حرية إيران ومكافحة انتشار الأسلحة النووية، الذي يحظر أي معاملات متعلقة بالطاقة مع إيران".
وذكر مسؤول بوزارة الخارجية الأميركية أن الوزير أنتوني بلينكن أصدر استثناءً في 21 مارس لمدة 120 يوماً؛ يسمح للعراق بأن يدفع لإيران نظير واردات الكهرباء فقط، لا نظير الغاز الطبيعي المستخدم في توليد الكهرباء في العراق.
وأضاف المسؤول طالباً عدم نشر هويته: أنه "استثناءً مارس 2023 الذي منحه وزير الخارجية يُسمح للعراق بشراء الكهرباء من إيران. ولا شيء آخر".
*تعريف فضفاض
وتدور تكهنات باحتمال تعديل الاستثناء ليسمح بالمقايضة، وهي مسألة رفض المسؤول مناقشتها.
وقال المسؤول في الخارجية الأميركية: "لسنا في موقف يسمح باستعراض أي قرارات مستقبلية متعلقة بالاستثناء. لا تعليق لدينا في هذا الوقت فيما يخص التقارير المتعلقة بترتيبات المقايضة بين العراق وإيران".
ولم ترد السفارة العراقية في واشنطن حتى الآن على طلب للتعليق.
وقال مسؤولون أميركيون سابقون إن وزارة الخزانة، التي تشرف على أغلب العقوبات الأميركية المفروضة على إيران، تضع تعريفاً فضفاضاً لمصطلح "معاملة" ربما يشمل عمليات المقايضة.
وقال مسؤول كبير سابق بوزارة الخزانة طلب عدم نشر هويته: "المهم هنا هو ما إذا كانت المعاملة مؤثرة. ولا يهم إن كانت ستجري بعُملة أو بأخرى أو إن... كانت مقايضة".
وأضاف المسؤول السابق أن ذلك ربما يوفر "مساحة كافية للمناورة... حتى تتغاضى الولايات المتحدة الأمر، لكنه قرار سياسي، لا مسألة قانونية".
وأردف: "من زاوية قانونية بحتة، هي (المقايضة) تنتهك العقوبات الأميركية بكل تأكيد".
السلطاني: اتفاق المقايضة يستمر لشهرين فقط
بدورها، كشفت عضو لجنة الطاقة النيابية سهيلة السلطاني، عن مدة مقايضة توريد الغاز الإيراني الى العراق مقابل النفط الأسود ، فيما أكدت أن هنالك العديد من الأمور الإيجابية التي ستعود على الاقتصاد العراقي من هذه المقايضة.
وقالت السلطاني، إن "مدة العقد المعلنة هي شهرين، أي لغاية انتهاء أزمة نقص الغاز بوقت الذروة لتشغيل منظومة الطاقة في المحطات العراقية"، مشيرة إلى أن "المضي بالمقايضة مع إيران هي أفضل الحلول للخروج من أزمة الكهرباء في هذه الفترة، بالنظر الى العقوبات المفروضة على إيران".
وتابعت، إن "المقايضة ستكون بمثابة كسر الهيمنة الأمريكية وإنهاء الابتزاز في ملف الطاقة للعراق"، لافتة إلى أن "الاتفاق سيعزز من التبادر التجاري والاقتصادي بين البلدين".
وأوضحت السلطاني: إن "هذه الخطوة ستعمل على إنهاء أزمة الكهرباء وانهيارها الذي يتجدد مع بداية كل موسم صيفي يدخله البلد". مضيفة، إن "هنالك العديد من الأمور الايجابية التي ستعود على الاقتصاد العراقي من هذه المقايضة".
*التميمي: المقايضة قانونية ولا يحق لأميركا التدخل بها
إلى ذلك، أكد الخبير القانوني علي التميمي، أن اتفاق العراق وإيران يعدّ مقايضة، فيما أشار الى أن الولايات المتحدة ملزمة بمساعدة البلاد في الازمات.
وقال التميمي، إن "العقوبات الأميركية على إيران عقوبات مالية بحتة، ولا يحق للأخيرة أن تستلم الأموال أو أن تصدر نفط او بضاعة وتستلم بدلا عنها الدولار".
وأضاف، كما أنه "لا يجوز لإيران وفق العقوبات الاقتصادية الأميركية أن تستلم أموالاً من الخارج بالدولار عن طريق التحويل أو أي طريقة أخرى".
وأوضح، أن "الأمر مع العراق مختلف وتسمى (مقايضة عينيّة) ضمن القانون المدني العراقي من المادة 579 -600 رقم 40 لسنة 1951".
ولفت التميمي الى أن "النفط العراقي الذي سيذهب الى إيران سيستقر فيها وسيتم استخدامه داخليًا والعراق في نفس الوقت استلم بضاعة وهذا لا يعد خرقًا للعقوبات الأميركية"، مضيفا "أميركا ملزمة بمساعدة العراق اقتصادية بموجب اتفاقية 2008 الاستراتيجية للتعاون بين العراق وامريكا، والمادة 27 نصت على مساعدة العراق وقت الازمات ولا توجد ازمة أكثر من ملف الكهرباء".
وأشار الخبير القانوني الى أن "هذه الاتفاقية مودعة في الأمم المتحدة ضمن ميثاق 102 "، مشيرا الى أن" حديث الأمريكان سياسي وليس قانوني".
وبين التميمي أن "الولايات المتحدة تريد من العراق الاعتماد عليها وألا يجد حلاً لأزمة الكهرباء "، مؤكدا أن "العراق يمتلك السيادة على أرضه ونفطه وفق المادة 1-2-3 ضمن ميثاق الأمم المتحدة".
وتابع، " كما يوجد قرار لمجلس الأمن في فترة الحصار الاقتصادي الدولي برقم 986 سنة 1995 يسمح للعراق بمقايضة نفطه مقابل الغذاء والدواء".