إعادة قراءة لجريمة "سبايكر" ودور داعش والعشائر بتصفية ضحايا المجزرة ثأراً لصدام حسين.. تعرف على علاقة سبعاوي ورغد بما حصل
في الذكرى العاشرة لمجزرة تكريت
انفوبلس/..
في الذكرى العاشرة لمجزرة تكريت التي استُشهد فيها حوالي 2500 بين طلاب عُزّل من كلية القوة الجوية في "قاعدة سبايكر العسكرية" أو جنود جُدد في مركز التدريب، وتم إعدامهم بطرق بشعة وبغيضة.
العدد الكُلي للشهداء أكثر من ٢٥٠٠ شهيد تقريباً، أما الـ(١٧٠٠) فهم جنود جُدد في مركز التدريب أما طلاب القوة الجوية فعددهم (١٥٧) طالباً، وعملية أسر الجنود ونقلهم الى القصور الرئاسية، فقد قامت بها مجاميع من عشائر تكريت، حيث كانت عصابات داعش الإرهابي حينها لم تدخل بعد الى تكريت في يوم أسر الجنود، فقد وعدت هذه العشائر، الجنود بأنهم سينقلونهم الى أهاليهم، ولذلك لم تُبدِ مقاومة من أي جندي، قبل أن تحاصرهم في منطقة القصور الرئاسية وتنفذ فيهم عمليات إعدام بأبشع الطرق.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن أبرز العشائر التي نفذت العملية، هي عشيرة البو ناصر فخذ "البيجات" (عشيرة صدام حسين) بقيادة أحد أبناء عمومة صدام وهو ابن مزاحم عبد الله الحمود، وعشيرة البو ناصر فخذ "البو خطّاب" (عشيرة سبعاوي وبرزان ووطبان) بقيادة إبراهيم بن سبعاوي، بالإضافة الى قسم من عشيرة البو ناصر فخذ "البو خطاب" (أقارب عبد حمود) بقيادة فارس ابن أخ عبد حمود، وقسم كبير من عشيرة البو عجيل شارك في تنفيذ العملية الغادرة، بالإضافة الى أفراد متفرقة من عشائر أخرى تسكن تكريت والعوجة.
وتم خداع الجنود الضحايا من قبل هذه العشائر، بأنهم سيقومون بحمايتهم وإعادتهم الى أهاليهم، لذلك أبدى الجنود ثقتهم بهم ولم يبدوا أي مقاومة ضدهم حتى تمكنوا منهم ونقلهم الى القصور الرئاسية يوم ٢٠١٤/٦/١١ الساعة الثانية ظهراً.
وتشير مصادر الى أنه "في يوم 11/06/2014 اجتمعت أغلب عشائر تكريت في مجمع "القصور الرئاسية" وعلى رأسهم عشيرة (صدام حسين) ليتباحثوا في مصير "الجنود" وقد اختلفت آراء العشائر فيما بينها حول ما يفعلون بهذا العدد الكبير من الجنود. وكانت المباحثات تتمحور حول ثلاثة خيارات، حيث اقترحت بعض العشائر، المساومة بهم مع الحكومة مقابل إطلاق سراح أبنائها السجناء وبعض رموز البعث، فيما اقترح البعض الآخر إطلاق سراحهم مقابل أموال وفدية، وأن إعدامهم لا فائدة منه، فيما اقترح البعض الآخر ايضاً الذي ضم عشيرة البو عجيل والبو ناصر بأفخاذها (البيجات والبو خطاب والبو مسلط) وهم من كانت لهم قوة القرار باعتبارهم عشيرة صدام وعبد حمود و برزان وسبعاوي ووطبان، فقالوا إن "هؤلاء ثأر صدام حسين ولن نقبل إلا بقتلهم جميعاً وشرط في قصور صدام"، فاستقر الرأي أخيراً بالموافقة على مقترح عشيرة صدام حسين (البوناصر بكل أفخاذها من بيجات وآل خطاب وآل مسلط وآل غفور) .
توزيعهم على العشائر
بدأت المجزرة وعمليات الإعدام يوم 11/06/2014 ليلاً بعد الانتهاء من تشاور العشائر بينهم واتخاذ القرار بإعدامهم جميعاً، حيث كانت الإعدامات على وجبات متعددة.
ووصلت عناصر من داعش الى تكريت قادمة من الموصل صبيحة يوم 12/06/2014، بعد أن انتهت من سيطرتها على الموصل فأصدرت عفواً من الخليفة عن المتبقين من الجنود "السُنة" وإطلاق سراحهم شرط "التوبة" فبدأت عمليات فصل الجنود السنة عن الشيعة وإطلاق سراحهم عن طريق المحكمة الشرعية التي نصبتها عصابات داعش.
الجنود الشيعة تم توزيعهم على العشائر وعلى الأشخاص المارة وعلى "بيوت العوجة" ليقوموا بإعدامهم وإثبات ولائهم "للدولة الإسلامية، وهناك عشائر لم تكن حاضرة في القصور الرئاسية عند وصول الجنود المغدورين لها وقت الاجتماع ولكن ما إن سمعوا بوجود "جنود أسرى" في القصور توجهوا إليها فوراً ليشاركوا في عمليات "الإعدام" والثأر لصدام وهذا بحسب اعترافات المتهمين.
ومن خلال اعترافات بعض المنفذين للجريمة (المقطوعة والممسوحة من الإعلام) فإن "العوائل" كانت تأتي الى القصور فيأخذ كل نفر منهم جندي او اثنين لقتلهم وخاصة الأطفال والنساء حيث إنهم قتلوا الكثير من الجنود، والنساء كانت تشجّع أبناءها وإخوتها على قتلهم.
أثناء تنفيذ الاعدامات، هناك ما يقارب ٤٠٠ جندي تمكنوا من الهرب من القصور الرئاسية فتوجهوا الى الأحياء السكنية، ظنّاً منهم بأن البيوت في هذه الاحياء ستجيرهم وتحميهم، لكن جرى العكس، فخرج لهم أبناء تلك المناطق من أسطح البيوت فقتلتهم في الشوارع وبعضهم قُتل في الطرق ولم ينجدهم أي شخص من عشائر تكريت.
داعش غطاء لـ عشائر تكريت
وبدأت عصابات داعش مشوارها في تنفيذ حملات الإبادة، بتنفيذه لمجزرة نزلاء سجن بادوش المروعة في 10/06/2014، ومع أنَّ التنظيمَ الإرهابي قام لاحقا بتنفيذ مجازر وحشية أخرى في العراق وسوريا وليبيا ووسط وغرب إفريقيا والساحل ولا يزال يقوم بها حتى اللحظة إلا أنه أعطى غطاءً لمرتكبي مجزرة سبايكر من أبناء عشائر تكريت وفلول البعث؛ لذا كانت جريمة سبايكر علامة فارقة في سجله الدموي الطويل.
ففي الوقت الذي تبنّى داعش مرتكبي الجريمة، ومشاركته لهم في إبادة أكثر من 2000 ضحية من طلبة القاعدة العسكرية المعروفة او الجنود الآخرين، صفّى بدم بارد أيضا عشرات من منتسبي أجهزة الشرطة والجيش في مناطق أخرى من المحافظات الغربية.
ربما تكون جريمة سبايكر، أول إبادة جماعية في التاريخ يتم تصويرُها من زوايا متعددة مع حرص واضح على تسجيل الكلمات الأخيرة للضحايا واستغاثاتهم اليائسة إمعاناً في التشفي، وأعادت هذه المجزرة إلى الأذهان الجرائم الوحشية التي قامت بها حثالاتُ البعث الصدامي، فالأيادي التي قامت بهذه الجريمة البشعة هي أيادٍ بعثية وإن اتخذت مسميات أخرى أو أعلنت انتماءها إلى داعش.
سبعاوي.. الاسم الأبرز
وعلى الرغم من محاولة مجرمي البعث وعشائر تكريت إلقاء التهمة على تنظيم داعش الإرهابي، وأن السبب الوحيد لهذه المجزرة هو داعش، لكن عندما نراجع الأحداث، نجد أنّ الاسم الأبرز في كارثة سبايكر هو (إبراهيم سبعاوي)، فضلاً عن شقيقه (عمر سبعاوي) وآخرين من أقاربه.
و"سبعاوي إبراهيم التكريتي" الأخ الأكبر وغير الشقيق لصدام حسين، الذي كان رئيس جهاز الأمن الداخلي لصدام خلال حرب الخليج، كان يُعدّ من أقارب صدام الموالين له حتى النهاية، وحُكم عليه بالإعدام لارتكابه جرائم عديدة، ولقد مات في سجنه بسبب السرطان عام 2013!
أطلق سبعاوي إبراهيم على نجله اسم "إبراهيم" تخليداً لذكرى والده، وقد تعلّم إبراهيم (الابن) دروس القتل والجريمة بشكل جيد في مدرسة والده وعمه.
في الصور التي نشرها تنظيم داعش في الأيام الأولى لجريمة سبايكر، لم يُعرف إبراهيم السبعاوي، لكن في الفيلم الذي أطلقته داعش بعدها بقليل ، كان واضحا أن ابن شقيق صدام كان قائداً للمجزرة! وقد أعلن انضمامه إلى كيان داعش!
رغد صدام تُشرف على المجزرة
وفي مقابلة عبر فضائية عربية، ذكرت رغد بنت المقبور صدام حسين، وفي إجابة منها حول إن كان قد تم نقل جثمان صدام حسين إلى مكان آخر قبل دخول جماعة "داعش" الإرهابية للعراق، اكتفت بالإجابة: "هو آمن في أرض الله الواسعة إلى ما يشاء الله في مكان أمين جدا، دون تفاصيل"، في تلميح بمعرفتها بمكان جثته بعد نقلها خلال سقوط مدينة تكريت.
وكانت اعترافات إرهابيين، قد أشارت الى وجود رغد صدام حسين في تكريت، اثناء تنفيذ مجزرة سبايكر، حيث أظهرت اعترافات الارهابي محمد شاكر حسين علوان العجيلي، أحد منفذي عمليات الاعدام الجماعي التي ارتكبتها عصابات "داعش" الإرهابية ضد طلبة سبايكر، مسؤولية المجرمة المطلوبة للعدالة "رغد صدام" عن تنفيذها بالقصور الرئاسية.
وفيما أكد أن سقوط محافظة صلاح الدين ومناطقها تم بمساعدة خلايا نائمة من بعض السكان المرتبطين بالتنظيم الوحشي، لفت إلى أن التنظيم الأكثر إجراماً في العالم يتلقى مساعدات متنوعة من أطراف خليجية وتركية بطرق مختلفة.
وخلال مؤتمر صحفي عقدته مديرية استخبارات ومكافحة الارهاب في البصرة، أقرّ العجيلي بأن رغد بنت الطاغية المقبور التي تحمل الاسم الحركي "السيدة" أشرفت على عمليات الاعدام الجماعي في موقع القصور الرئاسية انتقاماً من الشعب العراقي على تنفيذ القصاص العادل بالمجرم صدام، مشيرا الى أنه ومجموعته المكونة من 4 اشخاص التي يقودها المجرم عدنان البتي اقتادت مجموعة من سيارات الحمل نوع كيا بعد أن عمدوا الى تحميلها بمئات من طلبة القاعدة الى منطقة القصور الرئاسية فيما قامت مجاميع أخرى باقتياد طلبة وجنود آخرين الى تلك المنطقة التي شهدت أكبر جريمة ضد الإنسانية عرفها العصر.