إعفاء قوات البيشمركة من الرسوم الجمركية الخاصة بالمبيعات العسكرية.. جدل حول طبيعة الإعفاءات التي قد تكون بوابة لتسهيل إغراق الشارع العراقي بالأسلحة
رغم امتلاكها فائض أسلحة متراكم
انفوبلس/..
وافق المجلس الوزاري للأمن الوطني على إعفاء قوات البيشمركة في كردستان، من الرسوم الجمركية الخاصة بالمبيعات العسكرية، أسوةً بوزارتي الدفاع والداخلية وجهاز مكافحة الإرهاب، على أن يكون تسليح هذه القوات من خلال وزارة الدفاع في الحكومة الاتحادية.
فيما عدّت وزارة البيشمركة، قرار المجلس الوزاري للأمن الوطني، بإعفاء قوات البيشمركة من الرسوم الكمركية الخاصة بالمبيعات العسكرية "إنجازاً مهماً" جاء بعد "تفهم كبير" أبداه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لحل المشاكل بين بغداد وأربيل.
وقال الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، اللواء يحيى رسول في بيان، إن "رئيس مجلس الوزراء، القائد العام للقوات المسلحة، محمد شياع السوداني، ترأس مساء الأربعاء، اجتماعاً للمجلس الوزاري للأمن الوطني، جرت خلاله مناقشة مستجدات الأوضاع الأمنية في عموم العراق، وبحث القضايا المطروحة على جدول الأعمال، التي من شأنها تعزيز الأمن والاستقرار، والوقوف على أهم متطلبات إنجاح العمل الأمني والاستخباري لمختلف قطعاتنا الأمنية".
وأشار إلى، أن "الاجتماع شهد إقرار (استراتيجية الأمن الوطني 2024 - 2028)، التي أُعدّت على وفق المعايير المعتمدة، لتكون متكاملة ومتماشية مع البرنامج الحكومي، والتوصية إلى مجلس الوزراء للمصادقة عليها".
وأضاف البيان، أن "المجلس الوزاري وناقش الخطط المُعَدَّة لتأمين المشاريع الاقتصادية الاستراتيجية والتنموية التي تنفذ في العاصمة بغداد وباقي المحافظات، وتوفير الحماية لها وللعاملين فيها، لما تشكله من أهمية بالغة لدى الحكومة ونهجها في تحقيق التنمية المستدامة، والنهوض بالواقع الاقتصادي للبلد".
وتابع البيان: "كما وافق المجلس على إعفاء قوات حرس إقليم كردستان العراق، من الرسوم الكمركية الخاصة بالمبيعات العسكرية أسوةً بوزارتي الدفاع والداخلية وجهاز مكافحة الإرهاب".
تعاقدات مخالفة وفائض أسلحة لدى البيشمركة
يشار الى أن الإعفاءات الجمركية التي منحها المجلس، لقوات حرس إقليم كردستان العراق، من الرسوم الكمركية الخاصة بالمبيعات العسكرية مشروطة بأن يكون تسليح فيها من خلال وزارة الدفاع في الحكومة الاتحادية.
وعقدت البيشمركة، صفقات تسليح كثيرة في السنوات السابقة، مع أطراف دولية في مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية، وكانت غالبية هذه التعاقدات هي هبات من قبل أمريكا والتحالف الدولي، ولديها كميات متراكمة من الأسلحة، تضاهي جيوش في المنطقة على مستوى التسليح.
وكانت لجنة الأمن والدفاع النيابية، قد أكدت في وقت سابق، أن تسليح واشنطن لقوات البيشمركة من دون الرجوع إلى بغداد لا يعتبر خرقا للدستور.
ويأتي هذا بعدما قدمت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الامريكي في تشرين الثاني 2014، مشروع قانون يمنح الرئيس الامريكي السلطة لتزويد قوات البيشمركة بالأسلحة الثقيلة، مباشرة ودون العودة إلى بغداد.
إعادة النظر بالإعفاءات الجمركية
يشار الى ان الإعفاءات الكمركية التي يتم منحها لجهات معينة، تساهم في انتشار بيع مواد في السوق غير مشمولة بإجراءات الجمارك، وبذلك تعمل بعض الجهات على استغلال هذه الإعفاءات في تحقيق أرباح واستغلال لها.
وفي مطلع العام 2023، اقترحت هيئة النزاهة إعادة النظر بالإعفاءات الجمركية، وذكرت في بيان لها، أن "دائرة الوقاية في الهيئة اقترحت، في تقريرها عن الزيارات التي قام بها فريقها الميداني إلى وزارة الصناعة والمعادن/ المُديريَّة العامَّة للتنمية الصناعيَّة والهيئتين العامَّتين للجمارك والضرائب في وزارة الماليَّة وهيئة المنافذ الحدوديَّة، للاطلاع على آلية منح الإعفاءات الجمركيَّة لمعامل الحدادة والنجارة، اقترحت تقليص الإعفاءات وحصرها بالقطاع الحكومي، مع منح إعفاءات محدَّدة للقطاع الخاص لإدخال خطوط إنتاجيَّة وموادّ أوليَّة ونصف مُصنَّعة، مُشيرةً إلى، أنَّ "تعدُّد قوانين الإعفاءات التي تصل إلى (10) سنوات للمُستثمرين والصناعيّين والمُستوردين، والتي بلغت نسبتها للأعوام (2019-2021) على التوالي (16% ,12%,20%)، حرم خزينة الدولة من مبالغ كبيرة".
وأضاف البيان، أن "الدائرة، في تقريرها المُرسلة نسخةٌ منه إلى مكتب رئيس مجلس الوزراء والأمانة العامة لمجلس الوزراء ووزارتي الصناعة والمعادن والماليَّة، أوصت بتأليف لجان في وزارة الصناعة؛ لتدقيق كتب الإخراج الجمركيّ التي تمَّ بموجبها منح الإعفاء للمشاريع وتدقيق المواد المُثبتة وكميَّاتها وأنواعها، بعد أن تمَّ رصد عدم دقة الكشوفات الموقعية التي تجريها لجان المديريَّة العامَّة للتنمية الصناعيَّة، إضافةً إلى ضعف مُتابعتها للمشاريع الصناعيَّـة التي تمَّ منحها إجازات تأسيس، فضلاً عن ضعف الدور الفني المُختص بطبيعة نشاط المشروع".
تبتلع 90% من واردات الجمارك
وكان مجلس الوزراء قد قرر في آب 2023، إيقاف الإعفاءات الجمركية للسلع والبضائع المستوردة باسم الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة اعتباراً من بداية العام المقبل.
وذكر المجلس، أنه قرر "إقرار توصية المجلس الوزاري للاقتصاد رقم (230200 ق) بشأن تأجيل استيفاء الرسوم الجمركية، للسلع والبضائع المستوردة باسم الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة، والموافقة على تمديد العمل بقرار مجلس الوزراء رقم (23035) لسنة 2023 لغاية 31 كانون الأول 2023، ويكون هذا التمديد هو الأخير".
مصدر مطلع ذكر لـ"انفوبلس"، أن الإعفاءات والاستثناءات الجمركية الممنوحة لجهات وفئات مختلفة تبتلع - برفقة الفساد - أكثر من 90% من واردات الهيئة العامة للجمارك، وأن قرار إيقافها لو تم تطبيقه بشكل رصين فإنه سيرفد ميزانية الدولة بمبالغ طائلة شهرياً.
مخالفات رغم تسهيل الإعفاء الجمركي
وكان رئيس الهيئة الوطنية للاستثمار حيدر مكية، قد كشف في آذار 2023، عن إجراءات بحق المستثمرين لضبط أسعار الوحدات السكنية بعد رصد مخالفات لبنود العقد المبرمة بين المستثمر والمواطن، رغم التسهيلات التي يتمتع بها المستثمر واهم هذه التسهيلات هو الإعفاء الجمركي للمواد الإنشائية.
وتشهد العاصمة بغداد ارتفاعا غير مسبوق بالأسعار الوحدات السكنية في المجمعات الاستثمارية، إذ لا يقل سعر المتر المربع الواحد عن 1000 دولار سواء كان شقة أو داراً، على الرغم من التسهيلات الممنوحة للمستثمرين.
وقال مكية: إن "قانون الاستثمار والإجراءات الحكومية تمنح المستثمرين تسهيلات عدة أبرزها الإعفاء الجمركي للمواد الإنشائية، ومجانية الأرض، فضلاً عن القروض الميسرة الكبيرة من المصارف وفقاً لقوانين الاستثمار النافذة.
وأضاف، إن "هذه الامتيازات لا تنسجم مع حجم الخدمات والمبالغ المستوفاة من المواطنين"، مؤكداً أن "إجراءات جديدة سيشهدها الملف الاستثماري لتطبيق القوانين وتنفيذ بنود العقد بين المستثمر والمواطن بعيداً عن الارتفاع الحاصل في بعض المشاريع وفقاً لكثرة الإقبال على الوحدات السكنية من منطلق العرض والطلب".