إغلاق معبر فيشخابور - سيماليكا.. ضربة ثلاثية الأبعاد لأمريكا وقسد و"بككا"
انفوبلس/..
شكّل قرار إغلاق معبر فيشخابور - سيماليكا، ضربة موجعة للولايات المتحدة الأمريكية، وقوات سوريا الديمقراطية "قسد" وحزب العمال الكردستاني "PKK"، وفي هذه التقرير نستعرض أبرز الارتدادات السلبية على هذه الأطراف الثلاث.
وقبل نحو أسبوع، أغلقت إدارة معبر "فيشخابور" بإقليم كردستان العراق، المعبر أمام حركة المسافرين والبضائع والمواد التجارية حتى إشعار آخر.
*تأثُّر أمريكي
تتأثر الولايات المتحدة، كثيراً من قرار إغلاق معبر فيشخابور - سيماليكا، لكون القوات الأمريكية تسلك هذا الطريق أثناء سرقتها النفط السوري وتهريبه إلى داخل قواعدها في العراق، أو عندما يحدث العكس، في وقت تفيد فيه مصادر سياسية مطلعة بوجود ضغط أمريكي شديد لإعادة افتتاحه.
وذكرت مصادر محلية في ريف محافظة الحسكة، أن قوات "البيشمركة" التابعة لحكومة إقليم شمال العراق، "أغلقت الخميس 11 أيار/ مايو، وحتى إشعار آخر، كل من بوابة فيشخابور الحدودية (يقابلها معبر سيمالكا النهري غير الشرعي في الجهة السورية من نهر دجلة)، بالإضافة إلى معبر الوليد البرّي غير الشرعي".
وقالت المصادر، إن "إغلاق المعبرين اللا شرعيين الذين يستخدمهما جنود وضباط الجيش الأمريكي في سرقة النفط السوري وتهريبه إلى الأسواق الإقليمية إلى جانب إدخال وإخراج قوافله ووفوده الأمنية المتسلّلة من وإلى شرقي سوريا، جاء دون ذكر أي من الأسباب".
لكن، مصادر كردية سوريّة أخرى، بيّنت أن قرار إقليم كردستان العراق بإغلاق المعبر جاء بعد منع قوات "قسد" الموالية للجيش الأمريكي دخول وفد من الأحزاب والشخصيات الكردية المعارضة لها (أحزاب المجلس الكردي) العضو في الائتلاف السوري المعارض، إلى الإقليم كانوا مدعوّين للمشاركة في افتتاح متحف بارزاني الوطني في عاصمة الإقليم أربيل.
*وساطة أمريكية
وكشفت المصادر السوريّة، أن "الجيش الأمريكي بدأ وساطة بين الطرفين الكرديين لإعادة افتتاح المعبرين المذكورين وذلك بعد ساعات من صدور إغلاقهما والذي يضرّ كثيرا بمصلحة الجيش الأمريكي في هذا الجانب".
من جهته؛ قال المتحدث الإقليمي لوزارة الخارجية الأميركية، سامويل وربيرغ، إنه "من الصعب الغوص في التفاصيل الدقيقة للمحادثات الدبلوماسية، معرباً عن تطلّعه إلى إعادة فتح معبر فيشخابور - سيمالكا في أقرب وقت ممكن".
وأشار وربيرغ إلى أن قلقهم يتصاعد بشكل متزايد بشأن الآثار السلبية لإغلاق الحدود، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن محور اهتمامهم يظل دوماً مرتكزاً على التخفيف من معاناة الشعب السوري، والحفاظ على الاستقرار في المناطق التي تم تحريرها من قبضة "داعش"، وفق زعمه.
ولطالما استخدمت ما تسمى بقوات "التحالف الدولي" المزعوم بقيادة الجيش الأمريكي، معبر سيمالكا لنقل القوافل العسكرية وصهاريج النفط والقمح المسروقَيْن من شرقي سوريا، قبل أن يتم إعادة افتتاح معبر الوليد البرّي غير الشرعي مع إقليم شمال العراق من قبل الجيش الأمريكي.
*قسد في ورطة
وضع قرار إغلاق معبر فيشخابور، الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، في ورطة كبيرة، إذ يرى مراقبون أنه "سيخلق أزمات عدة تضع الإدارة الذاتية في حرج، منها غلاء السلع الأساسية، الأمر الذي سيرافقه تزايد الضغوط المجتمعية والنفسية".
ويُقدَّم نحو 85% من الدعم للإدارة الذاتية عبر معبر سيمالكا/ فيشخابور، ومنها: "رواتب الموظفين والمواد والمعدات اللوجستية، أما الـ15 بالمئة المتبقية مرتبطة بالأمم المتحدة تتم عبر معابر الحكومة السورية، أي مطار قامشلي الدولي".
وتؤكد مصادر مطلعة، أن آثار القرار "بدأت تظهر الآن ولو بشكل طفيف".
والإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا؛ هي منطقة سوريّة تمتدّ في شمال وشرق سوريا أُنشئَ فيها حكم ذاتي بحكم الأمر الواقع. تسيطر على المنطقة قوات سوريا الديمقراطية "قسد" والمعروفة بأنها مدعومة من قبل الولايات المتحدة.
يشمل حكم "الإدارة الذاتية" أجزاءً من محافظات الحسكة، الرقة، حلب ودير الزور. تُعدّ هذه المنطقة متعددة الأعراق وموطناً لأعداد كبيرة من السكان العرب والكرد والسريان والآشوريين، مع مجموعات أصغر من التركمان والأرمن والشيشان والإيزيديين.
*الإدارة الذاتية تتحمل المسؤولية
بدوره، حمّل "المجلس الوطني الكردي" في سوريا "الإدارة الذاتية" مسؤولية إغلاق معبر سيمالكا (فيشخابور)، فيما وطالب "التحالف الدولي" بالضغط على "الإدارة" لإعادة فتح المعبر.
وقال "المجلس الوطني"، في بيان، إن "الإدارة الذاتية" التابعة لحزب "الاتحاد الديمقراطي" منعت المدعوّين من قيادات المجلس الوطني الكردي من العبور إلى إقليم كردستان العراق "تلبيةً لدعوة من الرئيس مسعود بارزاني لحضور مراسيم افتتاح المتحف الوطني للبارزاني".
واتهم، "الإدارة الذاتية" بـ"استغلال المعبر وفرض أجنداتها السياسية والتضييق على حركة المواطنين وقيادات المجلس الوطني، وفرْض نوع من الإقامة الجبرية عليهم ومنعهم من العبور من خلاله لكردستان العراق والدول الأخرى، منذ ما يقارب السنة"، بهدف "النيل من مواقف المجلس وسياسته".
وحذر البيان في الوقت ذاته من تبعات الإغلاق، وقال إنه "سينعكس سلباً على حياة الناس، ويضاعف من أعبائهم، وخاصة في المجالات الإنسانية، لاسيما أن المعبر يُعتبر الشريان الوحيد لاستمرار الحياة في المنطقة".
وطالب المجلس في ختام بيانه القوى السياسية والمجتمعية و"التحالف الدولي" بالضغط على "الإدارة الذاتية" لإيقاف "الانتهاكات"، و"فتح المعبر أمام الجميع وإدارته من قبل موظفين مدنيين مهنيين بعيداً عن الأجندات السياسية، والعمل بما يخدم أبناء المنطقة جميعا".
*حزب العمال على خط التأثر
لم يكن حزب العمال الكردستاني بعيداً عن ارتدادات قرار إغلاق معبر فيشخابور، طالما كان يلجأ إليه لتنفيذ عمليات تمرير لمواد ممنوعة وأيضاً أنشطة تجارية مختلفة، بل حتى أنه كان يستخدمه لممارسة إرهاباً متعدد الاتجاهات ضد المدنيين وحرّاس المعبر.
في نهاية عام 2021، أغلقت حكومة إقليم كردستان معبر سيمالكا بعد قيام عناصر محسوبين على حزب "العمال الكردستاني" بمهاجمة حراس أمن بالمعبر.
وأعلنت حكومة الإقليم معبر سيمالكا (فيشخابور)؛ وذلك بعد قيام عناصر ينتمون لما يسمى "الشبيبة الثورية" بمهاجمة المعبر من جانب إقليم كردستان العراق بعد عبورهم الجسر الرابط بين الطرفين على نهر دجلة بأقصى شمال شرق سوريا.
واتهمت إدارة المعبر "الشبيبة الثورية" التي تُعرف كردياً بـ"جوانن شورشكر"، وتتبع لـ"العمال الكردستاني" بالتسبب بوقوع إصابات في صفوف قوات أمنية وقوات حرس الحدود وإلحاق أضرار بسيارتهم.
وقال مسؤول أمني رفيع في مدينة دهوك، إن مسلحين يتبعون حزب "العمال الكردستاني" دخلوا المعبر بسيارات رباعية الدفع مدجّجين بالأسلحة قادمين من الأراضي السورية، وقاموا بالاعتداء على موظفين وعناصر أمن بالضرب وإطلاق النار بالمعبر ورمي قنابل صوتية وأخرى متفجرة".
ولفت المسؤول ذاته، الذي فضّل عدم كشف اسمه، إلى أن "الحادث وقع بعد رفض الموظفين تمرير بضائع غير مصرّح بها عبر المعبر وظهر أنها كانت لصالح مسلّحي حزب العمال الكردستاني، مؤكداً أن الهجوم أسفر أيضا عن خسائر مادية كبيرة بالمعبر الحدودي الذي تُديره حكومة إقليم كردستان العراق".
وفي وقتها، أصدر وزير الداخلية في حكومة إقليم كردستان ريبر أحمد، بياناً أكد فيه أن "حزب العمال الكردستاني يتسبب بمشاكل في معبر فيشخابور، وعناصره يحاولون خرق الحدود بشكل غير قانوني".
*إغلاقات متكررة
يُذكر أن قوات "البيشمركة" العراقية الكردية أغلقت معبر فيشخابور الحدودي المقابل لمعبر سيمالكا النهري غير الشرعي مع سوريا عدة مرات سابقاً، على إثر التطورات والخلافات التي تحدث بين الأحزاب الكردية العراقية والسورية خلال السنوات الماضية.
وفيشخابور النهري (أو سيمالكا كما يسمى من الجانب السوري)، هو معبر حدودي بين محافظة دهوك شمالي العراق، ومحافظة الحسكة شرقي سوريا، وهو عبارة عن جسر عائم على نهر دجلة تم فتحه عام 2013م، بعد "اجتماع هولير" الذي جمع بين أحزاب كردية سورية وأخرى عراقية لتتم من خلاله المبادلات التجارية ونقل المرضى بغية العلاج في إقليم كردستان.